الزاوية التاغية بابن أحمد: تاريخ وتعريف

بقلم د. الجيلالي كريم

أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.

شكلت الزاوية التاغية منارة قرآن وعلم وفكر في منطقة الشاوية العليا لأزيد من مائتي سنة، وظلت طيلة هذه المدة تشتغل في صمت، فخرجت الآلاف من التلاميذ والفقهاء والعلماء،

إلا أنه على الرغم من العطاء المتميز لهذه المؤسسة العلمية الرائدة، فإنها لم تنل حظها كما يجب من لدن الباحثين، ولذلك ارتأيت أن أساهم بهذه المداخلة البسيطة1، من أجل التعريف بهذه الزاوية وبمؤسسها، والحديث عن بعض جوانبها التاريخية من جهة، ومن جهة ثانية للفت الانتباه إلى هذه المؤسسة القرآنية العتيدة، ونفض الغبار عن تاريخها المنسي، وذلك قصد رد الاعتبار لمؤسسة رصعت تاريخ منطقة الشاوية العليا، وكانت واسطة عقدها طيلة قرنين من الزمن من خلال أدوارها التعليمية والتثقيفية والإشعاعية.
إن المنطقة التي عليها الزاوية اليوم كانت بقعة مهجورة تغطيها المستنقعات والأعشاب الطفيلية، وتقيم بها طائفة منبوذة من مرضى الجذام، يتسولون نهاراً بالقرى المجاورة، ويأوون إليها ليلاً، ولذلك أطلق العامة على تلك المنطقة اسم “بئر المجذام”. فلما أراد الله إحياءها أرسل إليها فقيها ورعا فرّ بدينه وعلمه وطلبته إليها، فنصب فيها خيمته، وأسس فيها مدرسته القرآنية، وبنى عليها مسجده، وجلس فيها منقطعاً للعبادة، متفرغاً للعلم والإقراء، فالتحق به الطلبة والمحبون والمريدون من مختلف القبائل. ثم أحاطت به على مرِّ السنين مساكن الأبناء والأحفاد والأتباع، فتكونت قرية صغيرة أطلق عليها “الزاوية”، لتفرغ أهلها للعلم والعبادة، فمن هو مؤسس هذه الزاوية؟ وما أصله وما نسبه؟ وما هي الأدوار الإشعاعية التي اضطلعت بها هذه المؤسسة الدينية منذ تأسيسها؟

أولا: الفقيه المؤسس: الاسم والأصل والنسب
هو الفقيه سيدي أحمد التاغي بن مسعود، أصله من قبيلة أولاد عبد الله (أولاد عبو) القاطنة في قرية “ِزيوْ” على بعد ثلاثة أميال تقريباً شمال مدينة ابن أحمد، في الطريق إلى الكَارة وقبيلة المذاكرة.
اسمه الأصلي أحمد، ثم لقب بالتاغي تيمناً بأحد أعمام جده أحمد بن عبد الله (عبو)، الذي كان من حفاظ القرآن الكريم المتقنين للقراءات السبع، وكان يدعى التاغي، وهو جد قبيلة أولاد بن التاغي المجاورة حاليا لحاضرة ابن أحمد2.
يرجع نسبه الأعلى إلى الإمام علي بن أبي طالب. أما نسبه القريب فيرجع إلى جده الأكبر بالجنوب المغربي سيدي أحمد بن علي الدرعي3، دفين قرية أولاد الحاج (قصر الباشا) بضواحي زاكورة، فهو إذن: أحمد التاغي بن مسعود، بن أحمد بن عبد الله (عبدو، أو عبو كما ينطقه العامة)، بن العايدي بن الشرقي، بن محمد بن أحمد بن علي الدرعي. وينحدر هذا الأخير من ذرية مولاي عبد السلام بن مشيش حسب ما وجدناه في الرسالة الموجهة من لدن شرفاء عين أم الربيع بالراشيدية إلى شرفاء حمداوة، المؤرخة في 29 رجب عام 1344هـ/ 1925م، وكذا في اللفيف الشرعي الموثق بالمحكمة الشرعية بالدار البيضاء، المؤرخ في 1394هـ/ 1974م، وهو الوثيقة التي سلمها نقيب الشرفاء الأدارسة بالدار البيضاء السيد الشريف صالح بن عبد الله إلى أحد أحفاد الشيخ التاغي، وهو السيد محمد بن أحمد بن محمد بن الطاهر بن الحاج التاغي4.
وهذا يعني أن الشيخ سيدي أحمد التاغي شريف النسب، لأنه لا يختلف اثنان في شرف جده مولاي عبد السلام بن مشيش، كما أن سلسلة نسبه معلومة ومشهورة5، وقد وقفنا بالفعل على سلسلة النسب الشريف للشيخ المؤسس كاملة في مخطوطة بالزاوية تتحدث عن شجرة قبائل حمداوة التي ينتمي إليها الفقيه الحاج التاغي6، هذا إلى جانب اللفيف المذكور آنفا الذي يبين بدوره النسب الكامل لشيخ الزاوية التاغية، وكلاهما يوصل نسبه إلى علي بن أبي طالب مرورا بمولاي عبد السلام بن مشيش.
هذا عن أصل ونسب الشيخ أحمد التاغي، أما عن تاريخ ولادته، فإننا لا نتوفر على معطيات مدققة في هذا الباب، لكن القرائن التاريخية تؤكد أنه ولد في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وهو ما يتفق أيضا مع الرواية الشفوية التي تشير إلى أن ميلاده كان حوالي سنة 1190هـ/ 1776م. لكن المؤكد أن ذلك كان بقبيلة أولاد عَبُّو في قرية “ِزيوْ”، وهي القرية نفسها التي نشأ فيها مع أسرته التي يعولها أب فلاح بسيط، وحفظ القرآن الكريم برواية الإمام ورش في كُتّابها، قبل أن يشد الرحال إلى عدد من الزوايا والمدارس القرآنية بالمنطقة، والتي تخرج منها متقنا للقراءات السبع المشاهير، وبعض المتون في الفقه واللغة7.
لما اشتد عوده العلمي، أرسله والده إلى فاس لإتمام الأخذ بجامعة القرويين أوائل القرن الثالث عشر الهجري، وهناك التقى بشيخه أبي حامد سيدي محمد العربي بن المعطي من ذرية سيدي مَحمد الشرقي الشهير ببوعبيد الشرقي شيخ زاوية أبي الجعد، والذي كان يستوطن فاس آنذاك إجبارا من السلطان المولى سليمان، فكان لهذا الشيخ دور كبير في توجيه وتربية الشيخ سيدي أحمد التاغي. حيث أخذ عنه العلم والتصوف، وبقى ملازماً له إلى أن عاد معه إلى أبي الجعد بعد أن أذن له السلطان بذلك8.

ثانيا: تأسيس الزاوية
بعد رجوعهما إلى أبي الجعد عام 1223هـ/ 1809م، أمر الشيخ محمد العربي بن المعطي تلميذه ومريده الشيخ التاغي بأن يعود إلى مسقط رأسه ويؤسس زاويته الخاصة، فأسسها في المكان الذي هي فيه الآن9، وربما كان هذا التوجيه السبب الرئيس الذي جعل بعض الباحثين يعتبرون الزاوية التاغية فرعا من فروع الزاوية الشرقاوية10، وهو استنتاج يبدو منطقيا على الأقل في مرحلة التأسيس، نظرا للإشارة السالفة، وللروابط القوية التي كانت تجمع الشيخين محمد العربي وتلميذه الحاج التاغي، حيث كان هذا الأخير على اتصال دائم بشيخه الشرقاوي، دائم التعهد له بالزيارة والاستشارة، بل أكدت المصادر أن الشيخ محمد العربي الشرقاوي أرسل ابنه بنداود (ت 1309هـ/ 1892م) للدراسة في الزاوية التاغية لما كان صغيرا11، ومعلوم أن هذا الابن هو الذي خلف والده على رأس الزاوية الشرقاوية من بعده، وهي إشارة قوية على متانة العلاقة بين الزاويتين وبين شيوخهما12.
ومهما يكن، فقد أسس الشيخ أحمد التاغي زاويته في المكان المسمى “بئر المجذام” على بعد ميلين جنوب قصبة ابن أحمد، في نقطة التقاء عدة قبائل هي: أولاد شبانة في الغرب (ميلس)، وقبيلتا بني يمان، والخزازرة في الشرق، وقبيلتا الحراكتة وبني إبراهيم في الجنوب، وقبيلة أولاد زهرة الحمداوية في الشمال (عين الضربان)، على سفح وادي الحيمر. وأخذ يدرس فيها القرآن والعلوم الشرعية لمجموعة من الشباب، وجلهم كانوا ممن حفظوا القرآن الكريم بقراءة الإمام ورش، ثم وفدوا إليه لتلقي القراءات السبع المشاهير، فظل يرعاهم ويعلمهم ويربيهم مسترشدا في ذلك بشيخه الشرقاوي إلى أن توفي هذا الأخير سنة 1234هـ/ 1819م، وحينها استقر بزاويته ولم يغادرها مطلقا إلاّ لأداء فريضة الحج. فظهر فضله، واتسع ذكره، وقُصِد بالولاية والصلاح والعلم والتقوى.
ويظهر مما سبق أن الزاوية التاغية تأسست في الفترة ما بين عام 1223هـ/ 1809م، وعام 1234هـ/ 1819م، أي ما بين رجوع الشيخين سيدي محمد العربي وتلميذه الشيخ أحمد التاغي من فاس إلى أبي الجعد، وبين سنة وفاة الشيخ الشرقاوي، وهو ما أكدته أيضا الكتابات الكولونيالية الفرنسية، حيث أشارت إلى أن تأسيس الزاوية التاغية كان سنة 1233هـ/ 1818م13.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقيه سيدي أحمد التاغي بن مسعود الحمداوي قبل أن يبني زاويته كان في بداية أمره يدرّس طلبته هؤلاء في قرية “زيو” بأولاد عبو، قبيلته الأولى، شمال ابن أحمد في الطريق إلى الكَارة بحوالي ثلاثة أميال، ولكن الأقارب والأهل والقبائل المجاورة ضجروا من تصرفات الطلبة وعدم انضباطهم. كما تضايقوا من إنفاق الفقيه لماله ومكاسبه على طلبته دون أرحامه وأقاربه14، فاضطر للرحيل إلى ناحية دكالة، ولكن مشاكل الطلبة ومشاكساتهم للأهالي اضطرته مرة أخرى لمغادرة تلك البقعة15، حيث توجه ناحية زعير، وتحديدا بمنطقة كَرو حيث كان يدرر الصبيان في كتاب هناك، إلا أنه لم يكن يشعر بالأمان التام في تلك المناطق نظرا للتهديدات المستمرة التي كان يتعرض لها16، فترك زعير وعاد إلى مسقط رأسه، وهناك اشترى أرضاً في منطقة بين قبيلتي حمداوة والمذاكرة في المكان المسمى عين الخميس، فأسس بها مزرعته ومدرسته القرآنية، وعكف على العبادة والتدريس. وحينها اقتنع أهله وأرحامه والقبائل المجاورة بسلامة نهجه وصواب إنفاقه ماله على طلبة القرآن. فأخذوا يصلونه ويعينونه، وأطلقوا عليه لقب “طايع الله”، وعلى الأرض التي يقيم بها “أرض طاع الله”17، ومازالت هذه البقعة لحد الآن تسمّى “طاع الله”، وقد آلت بالوراثة إلى بعض أحفاد الشيخ من ورثة الحاج العربي القاضي. كما أن هذا اللقب هو الأصل التاريخي لأسرة آل مطيع من ذرية محمد بن الحاج المهدي أحد أحفاد الشيخ الحاج أحمد التاغي18.
ولكن مقام الشيخ وطلبته لم يطل كذلك في بلدة طاع الله بين المذاكرة وحمداوة سوى خمس أو ست سنوات، إذ ما لبث الأهالي أن تضايقوا من جديد بمشاكسات الطلبة وشغبهم، فاضطر الفقيه للانتقال إلى بئر المجذام19، وهناك بنى مسجده ومدرسته القرآنية، وبضع غرف لسكن طلبته، واستقبال زواره وضيوفه. ثم جاوره في المقام الجديد محبوه ومريدوه من القبائل المجاورة وبعض الخريجين من تلامذته الذين أخذوا يساهمون معه في التدريس واستصلاح الأرض وتجفيف المستنقعات.
اختفت الأمراض والأوبئة، وتحولت البقعة إلى بيتٍ من بيوت الله، واشتهر أمرها، فقصدها طلابُ القراءات السبع وعلوم القرآن والفقه والعربية من كل البقاع، وتخرّج منها آلاف الرجال الذين انبثوا في القرى والمدائن والقبائل للإقراء والدعوة والإرشاد والإمامة والتدريس، واقتنعت القبائل المجاورة بأهمية هذا المركز العلمي، فحرص الناس على دعمه وتشجيعه وحمايته من غارات حروب السيبة والتقاتل القبلي التي كانت سائدة وقتذاك.
بعد تأسيس الزاوية ووفاة الشيخ الشرقاوي، ذاع صيت الفقيه أحمد التاغي في الآفاق، وشدت إليه الرحال باعتباره خليفة ووارثا لسر شيخه سيدي محمد العربي، فأصبح هو المعلم والإمام والقاضي والأمين في الأسرار والودائع، لاسيما وأنه كان مشتهرا قبل ذلك بالعبادة والزهد والإنفاق على الطلبة والعلم، وبورعه الشديد، وبعده عن مواطن الشبهة. وتكاثر أتباعه، وتنوعت أصولهم وأصنافهم، ويكفي أن نذكر هنا أن من بين الذين تتلمذوا على يديه الفقيه العربي بن داوود الشرقاوي، صاحب كتاب الفتح الوهبي في مناقب الشيخ العربي، والفقيه الصالح مولاي الطاهر القاسمي صاحب زاوية القواسم بدكالة، وسيدي بنداوود ابن سيدي محمد العربي الشرقاوي وخليفته من بعده، والسلطان المولى عبد الرحمن أخذ عنه بأبي الجعد في فترات متقطعة حين كان يرافق عمه المولى سليمان إلى هناك.
وإلى جانب هؤلاء وغيرهم، تذكر الروايات أن الشيخ سيدي أحمد التاغي لم يكن يقتصر على تدريس الإنس، بل تواتر لدى معاصريه، وكل الأجيال التي أتت بعده إلى الآن، أنه كان يخصص قسطاً من وقته لتدريس الجنِّ القرآن الكريم، في غير أوقات تدريس طلبته، وروى العامة والخاصة عن ذلك الكرامات والمشاهدات التي يضيق بذكرها المجال20.
قضى هذا الشيح حياته مجاهداً بالقرآن الكريم دراسة وتعليماً، علماً وعملاً، ملتزماً بسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، متبعاً غير مبتدع، سلفي العقيدة والعبادة، مكسبه فلاحة الأرض، وريع أرضه قسمة بينه وبين طلبته القراء، بعيداً عن الأضواء ومجالس الرياء. صوّاماً بالنهار قوّاماً باللّيل، محاولاً ستر كراماته وولايته خشية إحباط العمل والتورط في السمعة، إلى أن توفاه الله تعالى إليه حوالي سنة 1275هـ/ 1858م21.

ثالثا: خلفاء الزاوية
بعد وفاة الشيخ المؤسس سيدي أحمد التاغي، تولى ابنه البكر الحاج المعطي مهمة القيام بتدريس القراءات السبع وعلوم القرآن والفقه، والإشراف على إدارة الزاوية، والإنفاق على الطلبة22. فقام أولا بتشييد ضريح والده، ثم عمل على توسيع الزاوية ومدرستها القرآنية، حيث بنى بيوتا صغيرة حول المسجد اتخذها قاعات للدراسة23، إلاَّ أنه اضطر حوالي سنة 1281هـ/ 1864م إلى أن يهجر الزاوية فراراً من القائد أحمد بن الفكاك وأخيه الخليفة زريويل بن الفكاك اللذين اشتهرا بتسلطهما الكبير في المنطقة، واختبأ لدى قبيلة أولاد سعيد عند الحاج الحفيان، وهناك زوج ابنه إدريس من الفقيهة حافظة القرآن الحاجة غَنّوُ بنت الحاج الحفيان24.
عندما عُزل القائد ابن الفكاك سنة 1283هـ/ 1866م رجع الحاج المعطي إلى الزاوية. لكن سرعان ما اختفى من جديد بعدما توجه للحج، إذ لم يعد من الديار المقدسة، ولم يعرف أحد مصيره، وكان ذلك قبيل سنة 1296هـ/ 1878م لأنها السنة التي جدد فيها السلطان المولى الحسن الأول ظهير التوقير والاحترام وسلمه لأبناء الحاج المعطي (أحفاد الحاج أحمد التاغي) بعد التأكد من عدم رجوعه، وهذا الظهير مؤرخ في 21 محرم عام 1296هـ25. وهذا يعني أن اختفاءه كان قبل هذه السنة، وقد تواترت الأخبار وتناقلت بين أبناء الأسرة التاغية أنه توفي في مصر وبها دفن. في حين وجدنا في ملفات الأرشيف الفرنسي أن الحاج المعطي توفي في سوسة بتونس بعدما كان قافلا من الحج26.
ومهما يكن، فبعد رجوع الحجيج، والتأكد من ضياع الحاج المعطي، تكفل ابنه البكر الحاج إدريس بالزاوية تدريساً وإدارةً وإنفاقاً على الطلبة، وإليه يرجع الفضل في تطوير مرافق الزاوية، فهو من بنى القبة المجاورة للمسجد حالياً، وشقَّ إلى الزاوية عينين للماء. إحداهما جرها إلى جوار المسجد والمدرسة القرآنية للوضوء والشرب وسقي المزرعة الموقوفة على الطلبة من قبل جده المؤسس، أطلق عليها العامة العين المالحة. والثانية أطلقوا عليها العين الحلوة، جرت إلى مزارع الأسرة بعيداً عن الزاوية، وعن المساكن، للسّقي وشرب الساكنة والقبائل المجاورة27.
وفضلا عن تطوير المرافق، اهتم الحاج إدريس بتطوير الدراسة بالزاوية وتكوين علماء من أبنائها، فأرسل بعثة علمية إلى جامعة القرويين بفاس مكونة من ابنه الفقيه الحاج الصغير، وأربعة من أبناء أعمامه هم الفقيه أبوشعيب بن محمد، والفقيه محمد بن الجيلالي، والفقيه العربي بن محمد، والفقيه محمد بن محمد. وبعد أن تخرج هؤلاء الشباب رجعوا إلى زاويتهم وتصدوا للتدريس بها، فكانوا يدرسون اللغة العربية، والفقه والفرائض، والتوحيد والسيرة والمنطق والتفسير والقراءات، وقواعد التجويد. كما أصبح يزور هذه الزاوية لإلقاء المحاضرات وإقامة الندوات العلمية أساتذة كرام من القرويين، من أمثال الفقيه زويتن السلاوي، والعلاّمة النوازلي الشيخ المهدي الوزاني28.
ثم التحق بها للتدريس أيضاً بعض علماء القبائل المجاورة الذين تخرجوا منها، ومازالت أصداؤهم تتردد بالمنطقة مثل الفقيه السيد أبوشعيب المزمزي من قبيلة المزامزة ما بين ابن أحمد وسطات والذي كان يلقب بأبي شعيب الدكالي الشاوية، والفقيه السيد أبوشعيب الإبراهيمي من قبيلة بني إبراهيم، والفقيه الولي الصالح دفين الزاوية سيدي الحاج إبراهيم الأمغاري، كما التحق بها في زمن المؤسس أحمد التاغي الولي الصالح سيدي شعيب الركراكي، من ذرية الركراكيين السبعة الذين يروى أنهم وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم عند بعثته. وهو دفين مقبرة الزاوية، وضريحه معروف هناك.
وتحوّلت الزاوية بذلك في عهد الحاج إدريس إلى نادٍ علمي تعقد فيه المجالس العلمية، والمذاكرات الفقهية، وكانت تلقى بها ست حصص علمية في اليوم فضلا عن تحفيظ وتدريس القرآن. أما عن العلوم التي كانت تدرس فيها فهي: العربية والفقه، والسيرة النبوية، والفرائض والتوحيد والمنطق، وكان يتم التركيز على مجموعة من المتون أهمها: ألفية ابن مالك، ومقدمة ابن آجروم، ومختصر خليل، ومتن ابن عاشر، وتحفة ابن عاصم، وموطأ مالك، وصحيح البخاري، وشرح بناني في المنطق وغيرها29. وبذلك أصبحت ذات شهرة علمية بين القبائل المغربية، وأخذت تتفرع عنها مدارس أخرى وزوايا يؤسسها بعض خريجيها، أهمها زاوية مولاي الطاهر القاسمي في دكالة.
بعد وفاة الحاج إدريس يوم الجمعة 22 رمضان 1308هـ الموافق لفاتح مايو 1891م -كما هو مدون على ضريحه- سارت الدراسة في الزاوية على ما تركها عليه تحت إشراف ابنه البكر السيد الحاج الكبير، فقام بها خير قيام إدارة وتدريساً وإنفاقاً على الطلبة والمدرسين. إلاّ أنّ الهجمة الاستعمارية على البلاد التي استفحل أمرها في بداية القرن العشرين الميلادي، وتعرض الدار البيضاء للهجوم الفرنسي سنة 1325هـ/ 1907م، كان له الوقع الأكبر في تراجع مكانة الزاوية، حيث هزمت قبائل مزاب وحمداوة، وسقط الشهداء والجرحى في كل قبيلة ومن كل بيت. وكان ممن استشهد: الفقيه الحاج الصغير بن الحاج إدريس30.
وبعد احتلال ابن أحمد، تعرض أهل الزاوية بصفتها مركز إشعاع ديني وعلمي إلى الاضطهاد والنفي والتهجير، ومصادرة الأموال والممتلكات. وحاول الفرنسيون إلغاء الدراسة بها، ومصادرة أوقافها ومكاسبها في التوقير والاحترام والإعفاء من الكلف المخزنية التي أضفتها الدولة العلوية عليها منذ سنة 1250هـ/ 1834م على يد السلطان المولى عبدالرحمن بن هشام ومَن بعده، وجعلتها بذلك حرما آمنا لا يعتقل من التجأ إليه. فتصدى لهم عميد الزاوية حينئذ السيد الكبير بن الحاج إدريس بضراوة، واستدعى قبائل أولاد عبو وأولاد زهرة، وبني إبراهيم والخزازرة، وأولاد ريمة وأولاد امحمد والأحلاف وغيرهم31، فضربوا سوراً حول الزاوية للدفاع عنها. واشتبك هو بدوره في معركة بالأيدي والعصي مع الحاكم الفرنسي “المراقب المدني”، كما أصيب برصاصة في رجله32.
يبدو أن ما فعله الحاج الكبير والقبائل المجاورة لم يكن كافيا للحفاظ على الزاوية، فاضطر السيد الكبير إلى حيلة ينقذ بها الزاوية والتدريس بها، ففر إلى الدار البيضاء وأعلن لنفسه الحماية الإنجليزية، ثم تدخلت السفارة الإنجليزية محتجة على ما يفعله الفرنسيون بهذا الحرم العلمي، فتم الاتفاق على أن يعاد للزاوية احترامها وتوقيرها وحريتها في تدريس القرآن والفقه وعلوم القرآن والعربية،  وعلى أن تبقى حرماً آمناً لا يعتقل من التجأ إليها33.
هكذا استطاع هذا الحفيد أن ينقذ زاويته، وأن يواصل عمل جده في خدمة الدين، وعمل والده الحاج إدريس في إرسال البعثات من خريجي الزاوية وأبناء الأسرة إلى جامعتي القرويين بفاس وابن يوسف بمراكش، ليؤطر بهم -فيما بعد- حركة الدعوة والتدريس والإمامة والقضاء والعدالة في الشاوية العليا كلها، وليكون بعضهم نواة للحركة الوطنية ثم نواة لحركة المقاومة المسلحة في هذه الناحية من الوطن34.
وبعد وفاته لم يخلفه أحد من أقاربه في الإشراف على الزاوية لسببين: أولهما أنه لم يعقب ذكوراً، وثانيهما نزوح أغلبهم إلى الدار البيضاء طلباً للرزق أو فراراً من إرهاب الفرنسيين، فتقلص دور الزاوية وتراجعت الدراسة فيها، ودب الخراب إلى مرافقها ومساكنها ولم يبقَ فيها إلاّ تدريس القرآن الكريم برواية الإمام ورش وحدها، وبطريقة بدائية لبضعة طلبة فقراء مستضعفين لا يكاد سكان الزاوية ينفقون عليهم إلاّ بعسر ومشقة35.
وأما الفقهاء الذين كانوا يدرسون بها القرآن بعد الحاج الكبير بن الحاج إدريس فأشهرهم: الفقيه محمد بن الحاج بن العباس المعروف ببلحاج، وإليه يرجع الفضل مع ثلة من المحسنين في بناء المسجد الأعظم بابن أحمد، وهو أول خطيب يصعد منبر هذا المسجد، توفي عام 1363هـ/ 1941م. ثم الفقيه السيد الجيلالي بلكانة من قبائل احمر باليوسفية الذي خرَّج الآلاف من الطلبة المتوفى عام 1373هـ/ 1954م، ثم تلميذه الفقيه الحاج إدريس سراج الذي خلفه على رأس الطلبة قبل أن يغادره الزاوية سنة 1966م، وللإشارة فهذا الفقيه ما يزال على قيد الحياة بسيدي حجاج. وبعده أشرف على الطلبة الفقيه السيد الحاج إدريس بن الفقيه بلحاج إلى عام 1967م، ثم السيد أبو شعيب المقدمي الذي استقدمه السيد الحاج التاغي بن المعطي الذي استلم عمادة الزاوية باعتباره أحد أحفاد الشيخ المؤسس، واستلم هذا الفقيه مقاليد تدريس الطلبة من سنة 1967م إلى سنة 1973م.
وفي سنة 1973م حاول عبد الكريم بن محمد مطيع الحمداوي إحياءها وتطويرها، فأسس بها فصلاً دراسياً بنهجٍ حديث، وعين بها مدرساً هو المرحوم السيد العربي بن الشيخ المختار بن الحاج العربي القاضي، من أحفاد الفقيه المؤسس، كما أنشأ فيها مكتبة إسلامية تضم كتب التفسير والفقه والأصول، والعقيدة والحديث والفكر الإسلامي، واللغة العربية، إلاّ أن اعتقاله أواخر سنة 1975م كان من نتائجه مهاجمة الزاوية وإغلاق الفصل الدراسي الذي كان بها، وطرد الطلبة وإلغاء الدراسة36.
بعد سنوات سعى أحد أحفاد المؤسس وهو الحاج التاغي بن المعطي لإحياء هذه المؤسسة العلمية الرائدة، ففتحت المدرسة القرآنية من جديد، وأمَّها بعض الفقهاء نذكر منهم على التوالي: الفقيه أحمد السرغيني الذي كان يقرأ بورش وحمزة، والفقيه محمد اليوسفي، والفقيه محمد العوني الدكالي أحد قراء حمزة، ثم السيد التاغي بن صالح بن ميلود، والسيد الحاج المهدي خطيب ابن الفقيه بلحاج.
لم يقنع الحاج التاغي بن المعطي المشرف آنذاك على الزاوية بعطائها التعليمي، فتوجه إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قصد السماح بإعادة تنظيم الدراسة بها كما كانت من قبل، وترميم فصولها، فتم ذلك، وخصصت الوزارة منحاً لطلبتها، ومساعدات عينية لهم من مواد غذائية وأفرشة وأغطية. ولكن الدراسة بها ظلت على قراءة الإمام ورش فقط37.
وبعد وفاة الحاج التاغي بن الحاج المعطي، أشرف على الزاوية كل من شيخ القبيلة الحاج المختار بن الحاج العربي القاضي الذي توفى في موسم الحج سنة 2000م، والفقيه السيد الحاج المهدي خطيب ابن الفقيه بلحاج.
ومنذ سنة 1993م أضحت الزاوية التاغية تحت إشراف جمعية الوعظ والإرشاد بمدينة ابن أحمد إلى سنة 2003م، وخلال هذه السنوات العشر استقدمت الجمعية عددا من الفقهاء للزاوية، وهم: الفقيه مولاي الصديق المغاري الأمزميزي من 1993م إلى 1995م، ثم الفقيه إدريس الجناتي أحد القراء بالعشر الذي غادر الزاوية في السنة نفسها التي قدم فيها على الزاوية عام 1995م، ثم الفقيه عمر الخياري التاكزيرتي الذي أشرف على الإقراء في الزاوية من 1996م إلى 1998م، وآخرهم الفقيهان عبد العزيز فارح الذي التحق بالزاوية سنة 1998م، ومازال إلى اليوم بها يحفظ القرآن للصبية ويؤم مسجد الزاوية، ثم الفقيه الحاج خالد المولوع السباعي، المدير والمشرف الحالي على الزاوية. وهناك فقهاء آخرون قدموا إلى الزاوية في هذه الفترة لكنهم لم يلبثوا فيها إلا أشهرا قليلة، وهم الفقيه الحاج سعيد السوسي، والفقيه إبراهيم الوراق، والفقيه الحاج عبد الله الشياظمي، والفقيه العفاري38.
وفضلا عن استقدام هؤلاء الفقهاء، قامت الجمعية بإصلاح المدرسة القرآنية، وزودتها بشبكتي الماء والكهرباء، كما جهزتها بالأسرة والأغطية، ورفعت من المستوى المعيشي للطلبة، وأطرت عملها بوضع قانون داخلي نظمت من خلاله الهيكلة الإدارية للمؤسسة.
وبعد عشر سنوات من إشراف الجمعية على الزاوية، تحول الإشراف عليها إلى يد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وما زال ذلك إلى الآن، حيث عرفت الزاوية تغييرات جذرية، سواء على مستوى العمارة، أم على مستوى التنظيم الدراسي.

رابعا: علاقة الزاوية التاغية بالمخزن العلوي
كان للزاوية التاغية علاقات متميزة مع السلاطين العلويين منذ تأسيسها إلى اليوم، وذلك بسبب توجهها العلمي المحض، وعدم خوضها في النزاعات والسياسيات، وقد بدأت هذه العلاقة مع الشيخ المؤسس الفقيه سيدي أحمد التاغي، حيث كان أول لقاء له مع السلطان المولى سليمان، وابن أخيه سيدي عبد الرحمان بن هشام بحاضرة أبي الجعد لما كان عند شيخه هناك، وخلال هذا اللقاء توطدت العلاقة بين الحاج التاغي وسيدي عبد الرحمن على وجه الخصوص حتى قبل أن يصبح سلطانا، إذ يقال إنه تأثر به لعلمه وتقواه وصلاحه، بل يؤثر أنه أخذ عنه، وأنه هو من أعانه على بناء المسجد وبيوت الطلبة، وحفر البئر التي ما تزال إلى اليوم39، وقد تأكدت هذه العلاقة عند ارتداء المولى عبد الرحمن لباس السلطنة، حيث بادر إلى إرسال ظهير التوقير والإحترام وإسقاط الكلف المخزنية والوظائف السلطانية إلى الشيخ سيدي أحمد التاغي، ثم ما لبث أن أرسل ظهيرا آخر أكد فيه على ما سبق، وأشاد بعمل الفقيه، والظهيران معا في حوزة أحفاد المؤسس، وبين أيدينا نسخة منهما، وتاريخ أولهما هو 14 جمادى الأولى عام 1250هـ، أما الثاني فمؤرخ في 15 ذي القعدة عام 1268هـ، ويقال إن السلطان أرفق هذا الأخير بإعانة مالية أخرى استعملها الفقيه في ترميم مسجده وإصلاحه والانفاق على طلبته.
ومنذ ذلك التاريخ، بقى الشيخ الحاج أحمد التاغي محط احترام السلاطين العلويين الذين عاصروه، وبقيت أسرته وزاويته محل المبرة والإكرام، والتوقير والاحترام من لدن السلاطين الذين تولوا بعد وفاة المولى سليمان. وكان كلما بويع لأحدهم بادر بإرسال ظهائر تجديد التوقير والمبرة للفقيه وذريته، المشرفين على الزاوية.
وهكذا توالى صدور الظهائر السلطانية من زمن المولى عبد الرحمن إلى زمن المولى محمد الخامس، إذ بمجرد وفاة الشيخ المؤسس بادر سيدي محمد بن عبد الرحمن – وهو ما يزال وليا للعهد- بإرسال ظهير مجدد للظهائر السالفة ومؤكدا على ما فيها، إلى أولاد الشيخ وذريته، ثم عضده بظهير آخر حينما اعتلى عرش والده أكد فيه على ضرورة توقير الزاوية واحترامها بعد شيخها، وهي إشارة على استمرار الروابط القوية بين الزاوية والسلطة العلوية آنذاك40.
بعد وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن، جدد السلطان المولى الحسن الأول لحفدة الحاج التاغي الحمداوي ما كان بأيديهم من الظهائر، حيث أصدر لهم ظهيرا في 21 محرم الحرام عام 1296هـ، ثم ما لبث أن عززه بظهير آخر بعد عامين فقط خص به شيخ الزاوية آنذاك الفقيه الحاج إدريس بن الحاج المعطي، يوصي فيه عماله بأن يكونوا على بال من هذا السيد، وأن يستوصوا به خيرا، ويراعوا جانبه، وهو مؤرخ في 25 شوال الأبرك لعام 1298هـ، وهو الظهير الذي جدده السلطان نفسه للشيخ نفسه بعد ست سنوات أيضا، حيث أصدره في 25 شوال الأبرك لعام 1304هـ، وهو ما يدل على العلاقات المتينة التي كانت بين الزاوية والمخزن العلوي41.
لم تقف هذه العلاقات القوية بين الزاوية وسلاطين الدولة العلوية عند هذا الحد، وإنما استمرت مع باقي السلاطين والملوك الذين جاؤوا بعد المولى الحسن الأول، حيث أصدر السلطان المولى عبد العزيز بدوره ظهيرا للتوقير والاحترام في حق أحفاد المؤسس المشرفين على الزاوية، وذلك في 17 ذي الحجة عام 1313هـ42، كما أصدر الملك المجاهد سيدي محمد الخامس ظهيرا مماثلا لأحفاد الشيخ سيدي أحمد التاغي في 29 محرم الحرام لعام 1372هـ، وهو الظهير الذي تم تسجيله بالوزارة الكبرى في 11 صفر الخير من السنة الهجرية نفسها، الموافق 31 أكتوبر 1952م43.
وهكذا يظهر أن زاوية سيدي الحاج أحمد التاغي كانت باستمرار تسير تحت مظلة المبرة والإكرام العلوية، وذلك بسبب التقارب الكبير الذي ميز العلاقات بين شيخها سيدي أحمد التاغي وخلفائه من جهة، وبين السلاطين والملوك العلويين من جهة أخرى، وهي العلاقة التي سمحت اليوم لأحفاد الشيخ المؤسس بأن يسلموا مقاليد تسيير هذه المؤسسة إلى السلطة العلوية الشريفة عن طريق وزارتها في الأوقاف والشؤون الإسلامية.

—————-

الهوامش:

*أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.
1 – نشر هذا المقال بمجلة أمل للتاريخ والثقافة والمجتمع، ضمن العدد 38 الخاص بقضايا في حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي (2012م).
2 – يقال إن شيخه الحاج العربي الشرقاوي هو من أطلق عليه هذا اللقب تيمنا بالمقرئ التاغي المذكور، وهناك رواية أخرى تقول إنه لُقب في بداية الأمر بالتقي، ثم حرفت إلى التغي، ومنها إلى التاغي، لكن الرواية الأولى تبقى الأقرب إلى الصواب، نظرا لتوفر كل مؤشراتها، وحيثياتها التاريخية.
3 – الشيخ سيدي أحمد بن علي داوود الحاجي الدرعي المعروف بـ”جبار المنكسرين”، صوفي صالح، وإمام رباني شهير، أخذ عن الشيخ أبي القاسم الغازي السجلماسي، ولد عام 901هـ/1495م، وتوفي عام 998هـ/1589م. وقبره مشهور بالزيارة بخميس ترناتة شمال زاكورة إزاء قصر أولاد الحاج.ترجمته عند: محمد المكي بن موسى الناصري، الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعة، تحقيق محمد الحبيب النوحي، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، 1989م، مرقون بكلية الآداب بالرباط، ج 1، ص 12-13./ محمد بن أحمد الحضيكَي، طبقات الحضيكي، تقديم وتحقيق أحمد بومزكَو، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1427هـ/ 2006م، ج 1، ص 69-70. (ترجمة رقم 65)./ أحمد بن أبي القاسم الصومعي، المعزى في مناقب أبي يعزى، تحقيق علي الجاوي، د. د. ع بالرباط، 1989م، ص 269./ أحمد بن خالد الناصري، طلعة المشتري في النسب الجعفري، المطبعة الجعفرية بفاس، ج 1، ص 130.
4 – لدينا نسختان مصورتان من الوثيقتين معا: الرسالة واللفيف.
5 – تطرقت مجموعة من المصادر إلى نسب مولاي عبد السلام بن مشيش، وحققت شرفه، انظر على سبيل المثال: حصن السلام في أخبار أولاد مولاي عبد السلام للطاهر اللهيوي، وديوان الأشراف للشبيهي (مخطوط بالرباط، رقم ك 1453)، شذر الذهب للتهامي بن رحمون (مخطوط بالرباط، رقم د 1485)، والروضة المقصودة لسليمان الحوات.
6 – لدينا نسخة منها.
7 – عن مكان ولادته وتعليمه راجع: محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، مجلة دعوة الحق، السنة السادسة، العدد الأول، جمادى الأولى 1382هـ/ أكتوبر 1962م، ص 22./ عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، طرابلس، ليبيا، 2000م، ص 28. ثم راجع أيضا:

-Etienne Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, Revue archives Berbères, Tome 3, 1918, p 239-240.

8 – معلوم أن الزاوية الشرقاوية تعرضت في زمن الشيخ سيدي محمد العربي إلى التنكيل والتخريب من لدن المخزن العلوي بسبب وشاية كاذبة تدعي خروج الشيخ وأتباعه عن السنة والجماعة، وفسخهم لعقد البيعة التي تربطهم بالسلطة المركزية، وذلك على يد السلطانين سيدي محمد بن عبد الله، والمولى سليمان، فبعد أن خرب السلطان الأول زاوية أبي الجعد، أنقل شيخها وأهله إلى مراكش، فأعاده المولى هشام إلى أبي الجعد، ثم جاء المولى سليمان فأنقله إلى فاس، قبل أن تتضح الأمور ويصفح عنه، ليعود إلى زاويته بجعيدان مكرما معززا عام 1223هـ/1808م. راجع: أحمد بوكاري، الزاوية الشرقاوية، مطبعة النجاح الجديدة، 1409هـ/1989م، ج1، ص 112-113./ ج2، ص151 وما بعدها. ثم الرسالة المخطوطة ضمن الكناشة رقم ك 1264 بالخزانة العامة بالرباط، ص 361-365.
9 – ذكرت المصادر أن الشيخ التاغي أسس زاويته بأمر من شيخه محمد العربي الشرقاوي. راجع: العربي بن داوود الشرقاوي، الفتح الوهبي في مناقب الشيخ العربي، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم ك 2312، ص 194. وراجع أيضا: محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.
10 – أحمد بوكاري، الزاوية الشرقاوية، م س، ج 2، ص 36. وراجع أيضا: حفيظ الحسين، الزاوية التاغية (ابن أحمد)، ظروف التأسيس دراسة دينية اجتماعية، بحث لنيل الإجازة في التاريخ، مرقون، كلية الآداب بمراكش، 1989م، ص 1-3، 29.
11 – العربي بن داوود الشرقاوي، الفتح الوهبي…، م س، ص 287.
102 – تذكر الروايات أن الشيخين سيدي محمد العربي والحاج أحمد التاغي كانا يعاملان بعضهما بمنتهى الاحترام والتوقير، لاسيما من جهة الحاج التاغي لشيخه، إذ يروى أنه لم يكن يدخل على شيخه إلاَّ متوضئاً،  بل لا يدخل أبي الجعد إلاّ متوضئاً. وإذا أراد أن يقضي حاجته خرج من أبي الجعد ثم عاد إليها متوضئاً. وبقي هذا حاله معه إلى أن التحق شيخه بالرفيق الأعلى.

13 – Etien Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, op cit, p 240.

14 – محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.
15 – تذكر بعض الروايات أن مغادرة الشيخ لدكالة كانت بسبب ارتكاب أحد الطلبة الدكاليين لجريمة في المسجد الذي كان يدرس به هناك، وتشير الرواية نفسها إلى أن ذلك هو السبب أيضا الذي جعل الفقيه الحاج التاغي يرفض بعد ذلك استقبال الطلبة الدكاليين لما فعله بَلَدِيُّهم، ولكثرة شغبهم وعدم انضباطهم، وكان الاستثناء الذي حاد عن هذه القاعدة هو الفقيه الورع الصالح مولاي الطاهر القاسمي، ولذلك حكاية مشهورة. راجع ذلك عند: محمد فاضيلي، الزاوية التاغية وأدوارها الإشعاعية في منطقة الشاوية العليا، بحث لنيل الإجازة في الدراسات الإسلامية، مرقون بكلية الآداب الجديدة، السنة الجامعية 2005-2006م، ص 36.
16 – عن مكوثه بزعير، والتهديدات التي كان يتعرض لها هناك، وسبب مفارقته لتلك المنطقة، راجع: حفيظ الحسين، الزاوية التاغية (ابن أحمد)، م س، ص 14.
17 – محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.
18 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 18.
19 – أشارت المصادر إلى أن انتقال الشيخ من عين الخميس إلى عين الضربان (المكان الحالي للزاوية) لم يكن بسبب الخلاف بين طلبته وأهله من أولاد عبو فحسب، وإنما كان السبب المباشر لرحيله عن تلك المنطقة هو الحرب الأهلية التي كانت قد نشبت بين امزاب والمذاكرة، حيث تصدى إلى قبائل المذاكرة المنتصرة لما أرادوا إحراق مزارع امزاب، لكن بعد فشله في ذلك، وعدم تقدير قبيلة المذاكرة لشفاعته، رحل عنهم إلى عين الضربان. انظر:

-Etien Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, op cit, p 240.

20 – راجع أمثلة لتلك الكرامات عند: عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 32. وانظر أيضا: محمد فاضيلي، الزاوية التاغية وأدوارها الإشعاعية في منطقة الشاوية العليا، م س، ص 35.
21 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 39-40.
22 – محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.

23 -Etien Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, op cit, p 240.

24 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 19.
25 – لدينا نسخة منه.

26 -Etien Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, op cit, p 240.

27 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 20-21.
28 – محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22./ عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 21.
29 – محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22-23.
30 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 23.
31 – للإشارة فقد كانت للزاوية التاغية علاقات متميزة مع القبائل المجاورة لها، ونذكر في هذا الصدد أن الشيخ المؤسس سيدي أحمد التاغي كان متزوجا من قبيلة أولاد امَحمد، وتحديدا من فخذة أولاد حمامة، وهذه الزوجة هي السيدة للاة فاطمة المحمدية، وهذا هو السبب الذي جعل أولاد وأحفاد الحاج التاغي يعتبرون أولاد امَحمد أخوالهم.
32 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 23.
33 – المرجع نفسه، ص 24.
34 – لقد خرجت الزاوية التاغية المئات من العلماء والفقهاء والدعاة والوطنيين، ويكفي أن نذكر هنا الفقيه محمد الحمداوي أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وغيره كثير، إذ لم نذكر في هذا المقال من هؤلاء إلا النزر القليل.
35 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 25.
36 – عبد الكريم مطيع، الشيخ أحمد التاغي الحمداوي وزاويته القرآنية، م س، ص 25.
37 – المرجع والصفحة نفسهما.
38 – اعتمدنا في هذه المعطيات على الرواية الشفوية، وعلى أرشيف جمعية الوعظ والإرشاد بابن أحمد باعتبارها الجمعية التي كانت مكلفة بتسيير الزاوية.
39 – هذا متواتر لدى أحفاد الشيخ التاغي، راجع أيضا:
– محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.

– Etien Mège, Notes sur les Mzabs et les Achaches, op cit, p 240.

40 – الظهيران معا ذكرهما ابن الزاوية وخريجها الفقيه محمد الحمداوي. راجع: محمد الحمداوي، من الحلقات المفقودة في تاريخ المساجد المغربية، م س، ص 22.
41 – هذه الظهائر هي بيد أحفاد المؤسس، ولدينا نسخ مصورة منها.
42 – لدينا نسخة منه.
43 – لدينا نسخة منه.

مقالات مماثلة

2 Comments

  1. بارك الله فيك يأخي على مجهوداتك كما انني ادعوا الله ان يجعل عملك في ميزان حسناتك يوم القيامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *