الزاوية البصيرية تعرض فيلما وثائقيا حول الفقيد محمد بصير “بصيري” بالرباط وتوجه رسائل إلى من يهمهم الأمر
نظمت زاوية الطريقة البصيرية ذات الأصول الصحراوية الكائن مقرها ببني عياط إقليم أزيلال ، أمسية رمضانية عرضت خلاها فيلما وثائقيا حول الفقيد محمد بصير”بصيري” بعنوان : “انتفاضة بصيري، الصحراء 70″، من إخراج الدكتور رحال بوبريك ، وذلك يوم الجمعة 11 رمضان 1437هـ الموافق ل 17 يونيو 2016م، ابتداء من الساعة التاسعة والنصف ليلا، بقاعة مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين الكائنة الرباط ، إلى جانب ندوة صحفية حول الفقيد محمد بصير وحول الفيلم الوثائقي ، و أمداح نبوية من أداء فرقة المنشد تيسا ومجموعته.
ويأتي هذا النشاط تتويجا للندوة العلمية الدولية المنظمة بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط إقليم أزيلال تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يومي 18 و19 شعبان 1437هـ موافق 25-26 ماي 2016م ، إحياء للذكرى السادسة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير ضد الاستعمار الإسباني بالعيون يوم 17 يونيه 1970م .
وتضمن برنامج هذه الأمسية مواد غنية ، تمثلت في عرض فيلم وثائقي حول الفقيد محمد بصير بعنوان:”انتفاضة بصيري، الصحراء 70″ ، تلته ندوة صحفية حول الفقيد محمد بصير وحول الفيلم الوثائقي ، بالإضافة إلى أمداح نبوية من أداء فرقة المنشد تيسا ومجموعته. والتي تميزت بحضور شيخ الزاوية البصيرية مولاي إسماعيل بصير، و الدكتورعبد المغيث بصير رئيس المجلس العلمي المحلي لبرشيد ، و ذ.رحال بوبريك رئيس مركز الدراسات الصحراوية بالرباط و مخرج الفيلم الوثائقي حول الزعيم محمد بصيري ، وشيخ الطريقة المريدية بالسينغال الشيخ لمباركي ،و عدد من أقارب الفقيد بصيري، إلى جانب ،و ممثلي وسائل الإعلام و الطالبات و االطلبة الجامعيين.
وبهذه المناسبة أكد الدكتور عبد المغيث بصير في تصريح صحفي خص به جريدة أزيلال أون لاين أن هذه الأمسية تأتي في إطار تخليد الزاوية البصيرية للذكرى السادسة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير ضد الاستعمار الإسباني بالعيون يوم 17 يونيه 1970م ، وهي كلها أمل أن يتجاوب العالم والمهتمون بحقوق الإنسان عموما وبالاختفاء القسري خصوصا بقضيته التي طال أمدها الزاوية البصيرية تسائل المجتمع الدولي والاسباني على الخصوص بقول الحقيقة في هذا الملف وعندما نعرض هذا الفيلم الوثائقي حوله و الموثق برسائله وشهادات من عاصروه وبشهادات بعض أعضاء حركته وهو بالصحراء هو التاريخ الحقيقي للزعيم محمد بصيري لا ما يروجه أعداء وحدتنا الترابية حوله كونه زعيما روحيا لتكوين كيان انفصالي في جنوب المغرب ، مضيفا أن ” هذا باطل ولا يستند إلى دليل” ، مطالبا من يقول العكس بعرض أدلته ، لكون الزاوية حسب تصريحه تتوفر على أرشيف خاص بالزعيم محمد بصيري.
وأضاف عبد المغيث بصير ، أن الزاوية البصيرية تريد من هذا الفيلم الوثائقي أن توثق تاريخ الزعيم محمد بصيري وحياته التي قيل عنها الكثير وروج عنها الكثير من الأمور غير الصحيحة ، والتي قال أن جبهة البوليساريو روجته زورا وبهتانا لتقول للعالم بأن محمد بصير هو زعيمها الروحي الذي نظر لها تماشيا مع أطروحتها الانفصالية ، حيث كذب كل هذه الادعاءات ، مشددا على أن العمل الذي قامت به الزاوية اليوم يأتي من أجل تصحيح هذا التاريخ اعتمادا على وثائق صحيحة.
وأوضح عبد المغيث بصير ، أن محمد بصير “بصيري” كان مقاوما مغربيا تزعم الحركة الطلائعية للمقاومة في الصحراء من أجل طرد الاستعمار الإسباني ، مردفا أن هذا الفيلم الوثائقي سيساعد الزاوية البصيرية في التعريف بقضية قريبها محمد بصير ، مشددا على أن الزاوية ستدافع وستبقى تدافع عن هذه القضية إلى أن تعترف إسبانيا بالحقيقة حول الاختفاء القسري لمحمد بصيري الذي طال أمده .
وبخصوص مستجدات ملف محمد بصيري ، قال الدكتور عبد المغيث بصير إن الزاوية تستعين بالكثير من أصدقائها في البرلمانات الأوربية ، والتي تطوع الكثير من أفرادها لتكون بجانب الزاوية البصيرية من أجل الدفاع عن هذه القضية.
وأبرز ذات المتحدث أن الزاوية البصيرية لها أصدقاء كثيرون في مختلف دول المعمور ، وتربطها علاقات وطيدة بمختلف الطرق والزوايا الصوفية بالعالم وعلى وجه الخصوص بإفريقيا ، مما يؤهلها أن تقوم بدور مهم في الدبلوماسية الموازية من أجل التأثير الإيجابي لصالح قضيتنا الوطنية الأولى .
و أضاف عبد المغيث بصير في جوابه على أسئلة الصحافيين أن عائلة آل بصير سعيا منها للكشف عن مصير ابنها محمد بصيري قامت سنة 2010 بتكليف محاميين إسبانيين برفع دعوى قضائية ضد دولة إسبانيا أمام القضاء الإسباني لمسؤوليتها المباشرة عن اختفائه القسري ، إلا أنهم فوجؤوا بمنع المحاميين من رفع الدعوى بتبريرات واهية في ضرب صارخ لأبسط حقوق الانسان التي تتبجح بها هذه الدولة ، بل أكثر من ذلك منع عبد المغيث بصير و أخوه مولاي إسماعيل بصير من الحصول على تأشيرة شنغن لدى المصالح القنصلية الإسبانية لدخول أراضي إسبانيا للترافع من أجل قضية قريبهم ،
وفي ختام مداخلته وجه عبد المغيث بصير نداء إلى البوليساريو بالكف عن استعمال تاريخ بصير النضالي ضد الإستعمار الإسباني، و توظيفه في تبرير قيام البوليساريو بإطلاق مشروعها الانفصالي ضد المغرب.
ومن جهته أوضح الدكتور رحال بوبريك في تصريح للجريدة ، أن هذا الفيلم الوثائقي يدور حول حركة “الزملة” وخصوصا انتفاضة الزملة الحركة الطليعية لتحرير الصحراء التي أسسها المناضل محمد بصيري خلال 1970 بالصحراء ، وهو يروي عن هذه المحطة المهمة من تاريخ الصحراء المعاصر سواء قبل جيش التحرير وبعد إجهاض جيش التحرير سنة 1958 ، مضيفا أن هذه الحركة تبر عن وعي سياسي خصوصا من طرف الشباب ، وأنه حين قدم بصيري من بني عياط بعد رحلته من مصر ودمشق وعودته إلى الدار البيضاء ، التقى بشباب غاضب ومتذمر من الواقع الاستعماري الاسباني ، فقاد هذه الحركة التي انطلقت يوم 17 يونيو 1970 بمظاهرة كبيرة ضد الاستعمار الاسباني تعرضت للقمع واختطاف بصيري ورفاقه الذين أطلق سراحهم بعد بضعة أشهر من السجن والتعذيب والمنفى ، فيما ظل محمد بصيري لحد الآن مفقودا .
فيلم “انتفاضة بصيري، الصحراء 70” حسب مخرجه يسائل هذه المرحلة ، ويسائل كذلك كل الأحداث السياسية التي عرفتها الصحراء منذ 1958 إلى 1970 من خلال وثائق عبارة عن رسائل بصيري لعائلته وشهادات صحراويين الذين كانوا مع معه في الحركة والتنظيم بالعيون وشهادة رفيقه وهو آخر من رآه قبل اختفائه القسري ، بالإضافة إلى حوار مع ثلاثة باحثين إسبان لهم دراية بالأرشيف الاسباني واطلعوا على ملف بصيري.
وأكد بوبريك ، أن هذا الفيلم الوثائقي حول محمد بصيري يمكننا من فهم تاريخ الصحراء الذي يفرض علينا العودة إلى هذه المحطات التي خاض فيها الصحراويون من الشمال ومن الجنوب معركة التحرير من أجل عودة الصحراء إلى الوطن الأم ، مشددا على أن الرسالة التي يسعى هذا الفيلم بعثها لمن يهمهم الأمر هي حفظ الذاكرة أولا ، ذاكرة المرحلة ورجالاتها والتوثيق لها بشهادات الذين عايشوا المرحلة ، لأنه إن لم ” نسجل شهادات هؤلاء اليوم إذا لن نجدهم ” ، و أن هذا الفيلم الذي تبلغ مدته الزمنية 52 دقيقة يروم تسليط الضوء على الماضي لفهم الحاضر واستشراف المستقبل وكمحاولة أولى ، ” أتمنى أن تتلوها محاولات مخرجين آخرين لمحاولة تدوين والتوثيق لهذه المرحلة” يضيف مخرج الفيلم.
وجوابا على تبني جبهة البوليساريو لنضال محمد بصيري ، قال رحال بوبريك : “إنمحمد بصيري اختطف سنة 1970 وحركته ظهرت أواخر الستينات وانتهت في السبعينات بعد قمع مظاهرات ” الزملة ” واعتقال رفاقه ومنهم من فر إلى المنافي سواء في الغرب أو موريتانيا ، وجبهة البوليساريو تأسست سنة 1973 وهناك فارق زمني مهم ، و جبهة البوليساريو منذ تأسيسها حاولت أن تستحود وتقوم بتملك هذا التاريخ النضالي لحركة بصيري أمام غياب أو صمت أو تجاهل أو حتى محاولة طمس هذا التاريخ من ناحية السلطات المغربية ، ويجب أن نكون صريحين لأن الجزء الذي ساهم في نجاح جبهة البولساريو لاستحوادها على صورة بصيري هو تنكر الجهات الرسمية المغربية وسكوتها إلى حد محاربتها لذاكرة محمد بصيري ولم تنتبه إلى هذا إلا في سنة 2008 عندما نظمت ندوة علمية بالعيون وسمح لعائلة بصيري بالحديث عن قضيته في ظل عهد الانفتاح و الحرية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وكان الأمر متأخر لكنه لم يفت الأوان كما يقول الفرنسيون c’est jamais trop tard .
وأشار بوبريك أثناء تقديم فيلمه الوثائقي ، إلى أن النسخة التي عرضت اليوم ليست نهائية،و أنها ستخضع لاحقا لمزيد من التنقيحات التقنية و ترجمة التصريحات من الحسانية الى العربية ،منبها الى نقطة اساسية تتعلق باحتمال اختفاء تاريخ المنطقة بعد وفاة من كانوا شاهدين على تطوراته،و يورد في هذا السياق الوضع الصحي لسيد احمد رحال،احد افراد مجموعة بصيري،الذي لولا الحصول على تصريحاته سنة 2011 لكان قد تعذر ذلك الآن.