معنى كلمة “طريقة”

كثيرون هم الذين يسمعون كلمة “طريقة” التي تطلق اصطلاحا على جماعة من جماعات أهل الطرق الصوفية المعروفة في العالم الإسلامي، فيتسرعون في الحكم

ونسبة جميع الطرق الصوفية إلى البدع والضلال والدجل والخرافة والخروج عن الدين، دون أن يعرفوا منهج هذه الطرق الصوفية في التربية والسلوك وتزكية النفس ومدى اعتمادها على العلم الشرعي الرصين، ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن تاريخ هذه الطرق الصوفية وما قدمته للإسلام والمسلمين عبر التاريخ، فماذا تعني كلمة “طريقة” إذن؟  
الجواب، الطريقة في اللغة هي السيرة، وطريقة الرجل مذهبه، يقال: مازال فلان على طريقة واحدة أي على حال واحدة، وفلان حسن الطريقة والطريقة الحال، يقال هو على طريقة حسنة وطريقة سيئة وقوله تعالى: (وألو استقاموا على الطريقة)، أراد لو استقاموا على طريقة الهدى، والعرب تقول للرجل الفاضل، هذا طريقة قومه وإنما تأويله، هذا الذي يبتغي أن يجعله قومه قدوة ويسلكوا طريقته، وفي الاصطلاح: الطريقة كل جماعة صوفية تسمى باسم شيخها، كما هو حال غالبية الطرق الصوفية المنتشرة في العالم الإسلامي.
هذا وإن المعيار السليم لمعرفة تشرع أصحاب طريقة ما من عدمه، يتجلى في أن أغلب الطرق السليمة في منهجها تهتم بتزكية النفس ومراقبة الله، ذلك أن كلمة الطريقة تساوي كلمة المنهج، والمراد بهذه الكلمة أو تلك، النهج الذي يسلك فيه المربي أو المرشد إخوانه وتلامذته بتزكية النفس وتطهرها من أوضارها التي سماها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “ظاهر الإثم وباطنه”، ولا يتجاوز هذا النهج على الأعم والأغلب أورادا ووظائف من الأذكار يأخذ بها المريد نفسه ويداوم عليها، وذلك باعتبار أهمية ذكر الله في تثبيت الإيمان وتحصيل الدرجات العلى، وأيضا بمصاحبة شيخه المربي زمانا محددا للانتفاع بصحبته،  ومقياس مشروعية هذا النهج أو عدم مشروعيته هو ميزان الشريعة الإسلامية، فمهما كان هذا النهج أو هذه الطريقة منضبطة بأحكام الشريعة الإسلامية المأخوذة من القرآن والسنة، فهي طريقة مشروعة وصحيحة، ومهما كانت شاردة عن ضوابط الشريعة فهي غير مشروعة وغير صحيحة.
والتزام المسلم بنهج تربوي لتزكية النفس لاشك أنه سير على طريقة السلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين، فقد كانوا قدوة لهذه الأمة في ذلك.
وللشيخ المربي مواصفات وشروط محددة حددها أهل العلم، نختصرها في قولنا: الشيخ المربي هو العالم العامل التقي الورع الصالح الرباني المتخلق المأذون في طريقته من قبل شيخه السابق، صاحب السند في طريقته، ولعلنا نعود في بحث لاحق إلى بيان مصطلح الشيخ المربي كما حدده الراسخون في العلم.

والحمد لله رب العالمين.

د.عبد المغيث بصير

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *