رسالة للشيخ محمد المصطفى بصير رحمه الله إلى فقراء إيطاليا
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته ومن تبعهم إلى يوم الدين.
من العبد الضعيف الفقير إلى مولاه العلي القدير، خادم سادتنا وأهل مودتنا وأحبابنا في الله ورسوله الفقراء بزاوية والده الشيخ سيدي إبراهيم، محمد المصطفى الله وليه وكافيه.
إلى سادتنا الفقراء بإيطاليا بدون استثناء أو تخصيص، كثر الله العدد وزاد في المدد، وقوانا وإياكم في جانب طاعة الله ورسوله وخدمة أوليائه وأحبابه، آمين، ذكورا وإناثا شيبا وشبابا، وعلى رأس الجميع من اختارته عناية الله في الأزل بأن يكون مقدم تلك الزمرة من عباده الصالحين في تلك الأرض التي فيها عمل العاملين مضاعف وجزاءهم موفور العطاء من الله الكريم، كما جاء على لسان نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:” إن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا، يعملون مثل عملكم … قيل يا رسول الله: أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: “بل أجر خمسين منكم، لأنَكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعوانا”.
فضيلة المقدم سيدي عُمَر عَمَّرَ الله بك الزمان والمكان، ورزقنا وإياك حسن الخلق ليسهل علينا وعليكم معاشرة القوم بالمحبة والود والصفاء والإيخاء والعمل بإخلاص لوجه الله الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، على جمعكم حين أنتم مجتمعين على ذكر الله، وعليكم فرادى حيث كل واحد منكم متوجها في عزلته وسره بسيره إلى الله الذي لا تخفى عليه خافية من خلقه، والسر عنده كالعلانية والعلانية كالسر، والقرب منه بدون مسافة والبعد عنه بدون مسافة، فلا قرب في وصل ولا بعد في فصل، فمن شاء فليصل ومن شاء فليفصل. الكل منه وفيه وبه وإليه، واعلموا علمني الله وإياكم أننا معه في جميع الأحوال، وهو كذلك معنا فلا يحجبنا عنه شيء سوى الوهم وحجاب النفس.
وقد أخبرني مقدم طائفتكم وأثلج صدري بما أنتم عليه من الاجتماع على الله والمدارسة لكتابه وحديث رسوله وكلام العارفين، “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
الرزق رزقان حسي ومعنوي، وأهل الحس يقفون مع المحسوسات، وأهل المعاني يغرفون من بحر المعارف كلما حسوا حسوة ازداد عطشهم وزاد شغفهم وحبهم وسعيهم الحثيث وسيرهم الدءوب نحو رضا مولاهم الأكبر.
فالقناعة من الاستزادة من فضل الله حرمان، ولو كان هناك قانع من أهل هذا الفن لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء على لسانه في القرآن “وقل رب زدني علما”.
التأمل المعبر عنه بالفكرة، فإن التفكر في خلق الله وفي مخلوقاته المتحركة به والساكنة به والناطقة به والصامتة به والنافعة به والضارة بقدرته هو مُخُّ العبادة ولبُّها، لأن تفكر ساعة يعادل عبادة أربعين أو سبعين سنة، كما جاء بذلك الأثر. وللجوارح أي لكل جارحة عمل خاص بها، وعمل القلب الحضور مع الله في الخمرة أي الذكر وبالفكرة.
ومعنى سلوك القلب أي توجهه نحو الله تعالى في الحركات والسكنات وفي جميع الحالات، والله تعالى أعلم بالصواب”، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب”.
وتحياتي الحارة إلى جميع الفقراء والفقيرات ولا تنس أخي سيدي عمر أن تفسح لهن مكانا بينكم، ولكن ليكن ذلك وفق الشريعة، يجلسن خلف الرجال في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن.
زادكم الله خير المدد وزاد في العدد وحفظكم وحفظ أعمالنا وأعمالكم من نزغات الشيطان، والسلام على الجميع ورحمة الله وبركاته،
والسلام
3 شعبان 1415هـ
موافق 4/1/1995م