مداخلة وليد المغربي من فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله وحده والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .

الأخوة الحضور السادة العلماء جميع الأخوة الموجودون مع حفظ ألقابهم
السلام عليكم مرة اخرى
جئت من فلسطين من أرض القدس الشريف وأرض المرابطين جئت أحمل معاناة شعب صامد مكابر شعب مسلم يحتاج ان تدعو الله له ونحن انشاء الله صابرين
جئت إلى المغرب البلد الذي حباه المولى عز وجل بكل خير المغرب الذي حباه الله الطبيعة والجمال هذا الجمال وهذه الطبيعة التي يندر وجودها في بلاد اخرى
ومن هنا ينبع الصفاء في نفوسكم ومن هنا انتم رجال تصوف ورجال الله حباكم الله بسلطان جليل حفظه الله من نسل خير الخلق والمرسلين صلى الله عليه وسلم ليكون حاميا للوطن راعيا له ومساند لكم لانه من رجال الله ويعرف بحق رجال الله جئت باسم رجال الركيبات المتواجدين في ارض فلسطين والاردن مجددا العهد لمولاي اسماعيل ولاتبرك بالوجود معكم واتشرف بالإستماع معكم
ان زاوية سيدي ابراهيم البصير بيت لكل فقير إلى الله مدرسة يتعلم فيها كل طالب نجيب شيدت لتكون لله
بالنسبة لي عندما دخلتها اول مرة شعرت بروح في مكان وشعرت بسكينة بالنفس كنت في ريعان الشباب في 19 من عمري لم أكن متدينا وعندما رات عيناي ما فيها طلبة يتلون كتاب الله فقراء لادعوى لهم إلا ذكر الله عز وجل شعرت ان  ما فات من حياتي كان باطلا وشعرت اني خلقت في تلك اللحظه وشعرت اني فقدت جزء من روحي واخذتني الايام   وميعة الشباب تنسي كنت اقطع في صلاتي فجائني رحمه الله مولاي مصطفى في المنام وقال بدارجة المغربية :(ومن بعد  معاك انتا واش مغتصليش ) من بعدها ومنذ ذلك الوقت منذ 25 عام ا لتزمت والحمدلله بصلاتي ومهما تحدثت عن الزاوية ومن فيها فليس الحديث مثل النظر فلولا اني في ارض الرباط لرحلت وجلست فيها للمات ولكني اقول اللهم انفعني ببركة اهلها ورجالها انه لشرف لي ان اقف اليوم بينكم ولقد حاولت جاهدا ان افي الموضوع حقه في البحث والدرس ولكني وجدت نفسي اخوض في بحر واسع من العلم والمعرفة كيف لا والحديث عن التصوف واهله مجال لايسع المرء إلى ان يقف وقفة اجلال واكبار لرجال الصوفية والحق اقول ان المغرب كان ولا يزال المهد الذي نمت وترعرت فيه حركات التصوف على مر العصور حتى أصبحت علم يمتاز به المغرب عن سواه  ابدا حديثي عن التصوف بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يوشك الأمم ان تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ، قال: بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قال قائل: يا رسول الله و ما الوهن، قال: حب الدنيا وكراهية الموت”، ولنتأمل حب الدنيا وما نقيض حب الدنيا سوى الزهد فيها سوى التصوف تناول الكثيرون موضوع التصوف بالبحث والدرس فلا نكاد نجد مرجعا او عالم من علماء الإسلام إلا وقد تطرق للتصوف كعلم من علوم الدين وفرع شامخ من فروعها قال أبو الفتح البستي:

 

تنازع الناس في الصوفي واختلفوا     وظنه البعض مشتق من الصوفي
ولست امنح هذا الاسم غير فتى       صفا فصوفي حتى سمي الصوفي
ومع الإختلاف في التسمية واصلها وكثرة الاجتهادات في موضوعها

وجدت ان خير الكلام ما قاله الصوفي علي الهجويري رحمه الله (ان اشتقاق هذا الاسم لا يصح من مقتدى اللغة في أي معنى لان هذا الاسم أي الصوفية اعظم من ان يكون له جنس ليشتق منه ) فالتصوف علم وعمل علم ومعرفة للخالق عز وجل وعمل لحسن العبادة والتفاني في الطاعة والترفع عن الملذات والزهد في الدنيا والإقبال على الاخرة)
ورجال التصوف انتم مناراة تقصد فالناظر لاحوال المسلمين على مر العصور يجد طائفة المتصوفين سباقة لعمل الخير وان اجرهم إلا على الله يقول الشيخ زكريا الانصاري عن التوصف وبدايته: “هو علم يقصد لإصلاح القلوب وافرادها لله تعالى عما سواه تعرف به احوال تزكية النفوس وتصفية الاخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الابدية”
مصدقا لقوله عز وجل  مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم: (وانك لعلى خلق عظيم)   فكم من ملمة كانت ستودي بالمسلمين لولا يسر الله لهذه الفئة فطنة وحكمة لحلها:

اديرت كؤوس للمنايا عليهمُ فأغفو    عن الدنيا كإغفائه السكر
همومهم جوالة  بمعسكر به  اهل      ود الله كالأنجم الزهر

يقول الإمام القشيري: “إن المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا صحابته ثم اختلف الناس وتباينت المراتب وكثرت الفرق وكلٌ يدعي الافضلية فانفرد هذا النفرمن  خواص أهل السنة المراعون انفسهم مع الله سبحانه وتعالى الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هذا الإسم لهؤلاء الأكابر).
يقول السهر وردي:

صافاهم فصفو له فقلوبهم          في نورها المشكاة والمصباح
وتمتعوا فالوقت طاب بقربهم      راق الشراب وراقت الأقداح
ياصاح ليس على المحب ملامة     ان لاح في افق الصباح صباح  
فتشبهو ان لم   تكونو   مثلهم         ان التشبه  بالكرام     فلاح

وللصوفية اشعار تبدو كالاحاجي والالغاز لا يفهم معانيها إلاالعارفين في امور الصوفية وفي قصائدهم مشاهد صوفيه تظل النفس فيها ماخوذة في الجمال ال الاهي وتجلياته في الموجودات فتحب الله في كل شيء كما تحب كل شيء من اجل الله يقول احمد البدوي:

اله ضاع عمري في غرور         وفي لهو وفي لعب يطول
اله غافر الزلات  يامن               تعالى ماله ابدا مثيل
اله انت للإحسان اهل             ومنـــك  الجود والفضل الجزيل
اله بات قلبي في هموم           وحالي لايسر به خليل
اله تب وجد وارحم عبيد من     الأوزار مدمعه يــسيل
اله ثوب جسمي دنسته             ذنوب حملها ابد ثقيل  
اله يا ـسمــيع  اجب دعائي     ب طه من تــسير له الحمول
فصلي عليه ربي كل وقت           صلاة لاتحول ولا تزول

وعلى امتداد العالم  الاسلامي نجد التصوف ورجاله منتشرين في مشارق الارض ومغاربها من اندونيسيا شرقا مرورا بالهند وباكستان مرورا بالعراق وافغانستان مرورا بالجزيرة العربية وبلاد الشام مرورا ببلاد المغرب العربي حتى المغرب وللتصوف في المغرب نكهة خاصةومعنى لايغيب عن ذوي الفطنة  فلو احصينا الزوايا والمقامات في المغرب لكانت تعادل ما يتواجد في العالم الاسلامي ان لم تزد عنه وفي المغرب تجد الصوفي مثقفا متعلما بحر في الدين متواضع للخالق.
فهذه الزوايا فيها العلم والمعرفة وتهذيب النفس وترويض لها وفي بدايتها كان علم التصوف مشرقيا صرفا حتى قام القطب الرباني مولاي عبدالسلام بن  مشيش وتلامذته من بعده بلإبداع في علم التصوف واطفى عليه واسسه وانشا ه مقومات فغدى علم مغربي بحق
ولماذا؟ المغرب؟ اكرر لماذا المغرب؟
اذ كان التصوف حب في الله وبرسول الأمين وطاعة وإخلاص فإن الأولى أن يطاع من انتمى لرسول الله من سلالته الطاهرة فكان السلاطين احفاد الدوحة الشريفة راعين للمسلمين متخلقين بخلق جدهم عليه الصلاة وأجل التبريك واطيب السلام فما احوجنا اليوم لصفاء الروح ونقاء العقيدة المستمدة من رسالة الحبيب صلى الله عليه وسلم تعاليم الاسلام السمح كيف لا؟ كيف لا؟ وتاريخنا اليوم يشهد عراك لا نهاية له فمن مدع لدين ومن مفسر لدين حسب اهوائه ومن رويبضة يطل علينا بفسافس الامور وبفتاوى
كثرت وقلت لا تحمل في طياتها سوى الجهل والوهن يقول الامام مالك
-رحمه الله- :(من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق)
فأين اصحاب العلم واين اصحاب الدين واين دعاة الوحدة اين انتم يارجال التصوف ان الأمل فيكم يارجال الله وحملة لواء الدين فيكم يا من زهدوا في الدنيا فيكم يامن كنتم ولازلتم تجمعون القلوب وعلى محبة الله فقراء لله اغنياء بعزة نفوسكم فانفروا وابسطوا شعاع الامل في النفوس
قبل ايام فجعنا في مراكش وقبلها وقبلها الكثير ممن يحاول الضالون المضلون تلفيقه للإسلام والدين منهم براء
ونحن إذ نستذكر المآسي نستذكر ايضا ماض  علينا ان نعيده بترسيخ الدين
في النفوس والحض على تقوى الله وطاعته  والدور   كل الدور لكم انتم
يارجال الله فقد كانت الصوفية عصمة للنفوس من الإنحراف وتوحيد لهمم تحت راية السلطان راية امير المؤمنين راعي هذا البلد العظيم من شماله لجنوبه من طنجة إلى القويرة ولو كره الكافرون
اطال الله عمره وسدد إلى الخير خطاه وبارك مسعاه جعلكم الله ذخرا
وسندا للدين اللهم امين والسلام عليكم.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *