كلمة ندوة الموسم الدراسي 2012- 2013 للمدرسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين سيدنا محمد الذي لا نبي بعده، وعلى أله وأصحابه الكرام ومن دخل حزبه.
وبعد، أيها الحضور الكريم:
إنه يوم عظيم هذا الذي نجتمع فيه مع ثلة من السادة الأساتذة العلماء الذين نقدر فيهم قدومهم المبارك واستجابتهم لدعوتنا للمشاركة في هذه الندوة العلمية المنظمة بمناسبة افتتاح الموسم الدراسي 2012/2013 لمدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق. تحت موضوع “الزاوية المغربية ودورها في التربية والتعليم”.
أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع مكونات المؤسسة من إداريين وأساتذة وطلبة العلم بالمدرسة أرحب بالسادة العلماء والأساتذة الكرام والحضور المبارك قائلا لهم أهلا وسهلا ومرحبا
لو تعلمِ الدار من قد زارها فرحت وقبلت موضع الآثار والقدم
أيها الأخوة الكرام
دأبت هذه المدرسة التي كلفنا الله بالإشراف عليها في تكريس هذا التقليد الحميد منذ السنة الماضية على المشي قدما في افتتاح موسمها العلمي بندوة علمية تستقدم لها الراسخين في العلم ليفيدوا طلبتها ويشجعوهم على استقبال عامهم الجديد بكل نشاط وإقدام وحيوية متجددة . وما كان لنا أن نجعله سنة متبعة لو لم نجن ثماره الطيبة في السنة الماضية.
إن الذين يرصدون تاريخ الزاوية المغربية، ويتدارسون عملها وتطوره، يتبينون أن للزاوية فضلا كبيرا على تاريخ الحضارة الإسلامية ببلادنا، وأن لها منة عظيمة على الناس سواء من جانبها الديني والعلمي أو جانبها الاجتماعي والسلوكي.
أيها السادة الحضور
إن الزواية المغربية مؤسسة دينية واجتماعية وعلمية تبلورت أنشطتها وخصوصياتها منذ استقرار الإسلام في هذه الربوع إلى الآن، وتعد مركزا من مراكز التربية الصوفية السنية، ومعهدا لتزكية النفوس وتطهيرها بالحقائق الإحسانية، لذلك كان الشيوخ والقادة المتصوفين يتنافسون في بناء الزوايا وتشييدها لأجل أداء وظيفتها الاجتماعية من إيواء الغرباء وإطعامهم وإقامة الواجبات الدينية من صلاة وصدقة وذكر وتلاوة قرآن وتعليم وتعلم وغير ذلك.
فالزاوية في الأصل مركز للتعليم والتربية، ونحن في ربوع هذه المدرسة العامرة التابعة للطريقة البصيرية والمحتضنة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يسعدنا غاية السعادة أن يكون من محاور هذه الندوة التحدث عن التعليم العتيق الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب المغاربة، ويتسم بانتشاره الواسع في صفوف المواطنين والمواطنات، ولم يكن لتكون له هاته المكانة لولا خصوصية منهجيته وملاءمته للظروف الاقتصادية والاجتماعية .
أيها الحضور الكريم إذا استحضرنا خطاب أمير المؤمنين مساء يوم الاثنين 20 غشت 2012 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب والذي قال فيه: “يتعين الانكباب الجاد على هذه المنظومة التربوية التي تسائلنا اليوم إذ لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمنصف القائم على المساواة إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا، وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجدوى والجاذبية وملائم للحياة التي تنتظرهم”. انتهى كلام جلالة الملك.
وقال فيه جلالته حفظه الله وأيده “إن المنظومة التربوية في البلاد ينبغي أن تهدف إلى تطوير ملكات الشباب واستثمار طاقاتهم الإبداعية وتنمية شخصياتهم للنهوض بواجبات المواطنة في مناخ من الكرامة وتكافؤ الفرص.
إذا تدبرنا خطابَ أمير المؤمنين النابعَ من قلب والد محب لأبناء شعبه يَرسمُ لهم الطريقَ الصحيحَ وعيا منه – حفظه الله- بأن هذه الفئة َتنتظرها مهمة ليست بالسهلة ولا بالهينة، والتي تتجلى في الإمامة والخطابة والتربية والتعليم وغيرها… من الوظائف ذاتِ المسؤولية الكبرى، ومعنى ذلك أن طالب التعليم العتيق بحول الله سيتبوأ مكانة كبيرة وسيطوق بأمانة عظيمة وسيتحمل مسؤولية جسيمة ألا وهي أن يقرب الناس إلى الله، وأن يُفتيهم في أمر دينهم، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويجمع كلمتهم، ويزرع فيهم روح التشبث بالثوابت المغربية التي رسمها السلف الصالح من ملوك وصلحاءَ وعلماءَ عاملين. هذه الثوابت المتمثلة في: إمارة المؤمنين، ومذهب الإمام مالكِِ- رحمه الله-، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني.
هذه المهمة الجليلة التي ينبغي أن يؤديها بأسلوب لين وبالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمرنا الله عز وجل في قوله: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)
وفي الأخير لا يسعنا في هذا الجمع المبارك إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يطيل في عمر مولانا أميرِ المؤمنين وأن يرزقه قوة روحية وجسدية وأن يُعينه على ما قلده به، وأن يجعل على يديه ما فيه خير المغرب والمغاربة، أن يجعلنا وإياكم من العلماء العاملين الصادقين المخلصين. آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.