الإجراءات المستجدة للكشف عن مصير محمد بصير
مداخلة الأستاذ عتيق بوعزة، نقيب هيئة المحامين ببني ملال، تحت عنوان:”الإجراءات المستجدة المتخذة من قبل عائلة آل البصير للكشف عن مصير سيدي محمد بصير.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
السيد والي جهة تادلة أزيلال وعامل إقليم بني ملال
السيد عامل إقليم أزيلال
السادة العلماء
السادة الأساتذة والأكاديميين
السادة آل البصير
سلام الله على الجميع ورحمته تعالى وبركاته
الواقع أنني أجد نفسي محرجا أمامكم لا لشيء إلا لكوني أجد نفسي لا أقوى على الكلام أمام هذه المجموعة أو أن أجلس أمامها وأنا لست في مستوى يمكن أن يقدم في هذا الموضوع بشكل خاص، لأن موقفي كان يدور فقط حول مداخلة تتعلق بالترتيببات والإجراءات التي يمكن أن نقوم بها أو ما قمنا به لحد الآن في هذا الملف المتعلق بسيدي محمد بصير.
أرجو منكم أن تعذروني أولا لأنني لم أخبر بهذا إلا البارحة وبواسطة مولاي اسماعيل، وكم كنت أتمنى لو أخبرت قبل ذلك لكنت قد هيأت نفسي أكثر، أولا نفسانيا، وثانيا تحضيرما يمكن أن يقال عن الزاوية وآل البصير بشكل خاص.
وما يمكن أن أقوله بهذا الصدد أنني أحمل إليكم رسالة من آل البصير مفادها أنني كلفت مع صفوة من المحامين المغاربة والإسبان بأن نتولى الدفاع عن هذا الملف وعن تحضير كل مايمت بصلة لهذه القضية التي طالت ووصلت اليوم إلى حوالي واحد وأربعين سنة ولم نصل فيها إلى جديد يذكر.
هذا الإنسان الذي قيل عنه اختفى ولم تشم له رائحة ولا طعم ولا ذوق لجدير أن نقوم بكل مايستحق أن نقوم به في هذا المجال.
حضرات السادة كلفت مع صفوة من رجال القانون مغاربة وإسبان من قبل زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير للدفاع عن هذا الملف، ولكن من أجل أن أعد هذا الملف وأهيئه وجدته ليس بالملف الهين والبسيط ولا بالملف الذي يمكن أن يعرض أمام أي قضاء يمكن أن يبث فيه بسرعة، بل الأمر يتعدى ذلك، تعلمون أننا حينما نتعاون مع الإسبان الملف يحتاج إلى إجراءات كثيرة، والقضاء الإسباني يختلف عن المغربي، فلو كان الأمر كان يتعلق بفرنسا لكان الأمر أقل حذرا من حيث الاجراءات.
لكننا استعنا أيضا بصفوة من المجموعة التي تعلم هذا القانون الإجرائي أمام القضاء الإسباني، و معي مجموعة من الأساتذة المغاربة الذين لهم تكوين ودراسة بإسبانيا وإلمام بالقضايا هناك.
طبعا حينما اتصلت بهؤلاء الزملاء أريد أن ألج إلى هذا الملف، كيف يمكن أن نلج؟ بدأت بالتحضير لمختلف الوثائق المعربة وغير معربة وشهادات تتعلق ببعض الأشخاص الذين عايشوه وعاصروه أو من الأشخاص الذين دافعوا عن الوطن آنذاك
طبعا نحن سنسائل القضاء الإسباني ليكشف لنا عن المسؤول عن هذا الملف و كل شيء مستور فيه دون أن يكون هناك لغط سياسي أو غير سياسي سواء من خصوم القضية الوطنية أو غيرهم، ولنعلم بأن هناك لوبيات حتى في القضاء خارج المغرب، وهناك مجموعات تقوم ببعض الأعمال التي قد تدفع إلى الاتجاه المعاكس ونحن نخشى أن نقع في المحظور.
لذلك إعداد هذا الملف يتطلب جهدا استثنائيا ونوعا من الدراسة، لأنه حينما يختلط القانون الدولي بالقوانين الخاصة، لابد أن تكون جرأة في المواجهة وجرأة في التحدي ومساءلة القضاء الإسباني، وأيضا هل يقتصر الأمر بالتوجه إلى القضاء الإسباني أم يمكن التوجه إلى المنظمات الحقوقية والدولية لنعرف مصير هذا الشخص المجهول، لأن أي سؤال ينبغي أن يكون له جواب كيفما كانت القضية، لأننا نريد أن نعلم الحقيقة القضائية، لأن الحقيقة الواقعية يمكن أن نعلمها، ولكن الحقيقة القضائية يجب أن نعلمها سواء إن كان هذا الشخص انتقل إلى عفو الله كما صرح بذلك رئيس المخابرات الإسباني في ندوة سابقة، والذي أخبر على أن هذا الشهيد انتقل إلى عفو الله أو تمت تصفيته، ولكن في أي مكان وأين هو؟ وهل يمكن استرجاع رفاته ليدفن مع أهله وذويه، أو أن تبقى هذه المعادلة ناقصة من الأس الأول إلى الثاني وتلك معادلة يصعب حلها.
طبعا عندما كلفت أن أبحث في هذا الملف، كان علي أولا أن أعرف من هو هذا الإنسان؟ ماهو مركزه؟ ماهي ثقافته؟ماهو تكوينه؟ ولحسن الحظ ورغم قصر الزمن ولساعات فقط وبقراءتي في بعض الكتب التي سلمها إلي مولاي اسماعيل وجدت هذا الإنسان البطل القوي في دينه وأخلاقه ومعاملته.
هذا الرجل انتقل من هنا –أي من الزاوية- وبعدما تابع دراسته في بعض المدارس المغربية، انتقل إلى الشرق العربي، أعتقد في سنة 1964م،انتقل إلى مصر ثم إلى سوريا ثم إلى لبنان.
تعلمون أنه في سنة 1964م كان المد الثوري والشيوعي والناصري والوحدوي هو السائد كما هو معرف في الإيديولوجيا في الستينيات، هذا الإنسان أشبع بالفكر الوحدوي يريد أن يحقق وحدة وطنه وأن يكون له مركز قدم في هذا الوطن.
ينتمي إلى زاوية، وهي من أكبر الزوايا وأعرقها ورجل تتلمذ في ظل مايسمى بالطعم الإسلامي رائحة ونكهة وعبقا، وتعلمون أن من تربى في مثل هذه الزوايا ككل أصحاب المسؤوليات والمقاومين الكبار في بلدنا فأغلبهم من خريجي الزوايا ومن خريجي مدارس التعليم العتيق، والفضل يرجع إلى كل الأشخاص الذين لهم السبق في ذلك.
طبعا قلت لكم حينما وصلت إلى هذه المرحلة، وجدت على أن هذا الإنسان كان يؤمن بالقيم الدينية والروحية، نتيجة لتفاعل الأحداث التي عرفتها الستينيات – عام النكسة التي هزت الوجدان والمد الناصري الوحدوي والمد الشيوعي- إلى أن عاد سن 1967م حيث بدأ الكل يبشر بالعودة إلى الدين الإسلامي والوحدة الإسلامية والتيارات الإسلامية، وهذا الإنسان الذي جاء بعد ذلك إلى المغرب، حيث أخذ من جوهر الإسلام النقي الرامي إلى تحرير الإنسان وتحقيق كرامته والذوذ عن الوطن والمواطن في كل مكوناته وأطيافه.
طبعا كما قلت لكم في هذا الموضوع حينما سئلت في هذا الملف قلت بأن هذا الإنسان الذي عاد إلى المغرب في أواخر 1966م،وباشر حياته السياسية مع ثلة من الشباب الصحراوي بمدينتي السمارة والعيون حيث كان يدعو إلى مناهضة الاستعمار الإسباني وأسس تنظيما سريا كان يعرف بالحركة الوطنية لتحرير الصحراء كانت تؤمن بالكفاح المسلح وبوحدة التراب الوطني.
هذه المفاهيم تشربها هذا الإنسان في ذلك الزمان، وهذا الإنسان الذي قام بكل هذا ماذا حدث له بعد ذلك؟ هذا البطل قام بانتفاضة شعبية بالعيون يوم 17يونيو 1970م والتي شهدت أحداثا دامية نتيجة للبربرة التي تعامل بها الإسبان ضد كل المواطنين آنذاك، فاعتقل على إثر ذلك، وبعد خمسة عشرة يوما أخبر الجميع بأنه قد فر وبعد ذلك انقطع خبره، حقيقة إن هذا الإنسان اشتغل كذلك بالصحافة وأسس جريدتين الأولى تدعى الشموع والثانية بالأساس.
في الحقيقة أكبرت هذا الإنسان ولي عظيم الشرف أن أدافع عنه، وهو شخص اجتمع فيه عزة النسب وعراقة الأصول وحينما يجتمع هذان الوصفان –ثقوا بي- لابد أن نصل إلى نتيجة ونحن أمام شخصية من هذا المستوى.
أحب أن أقول للإخوة الحضور إن هذا الرجل أو هذا الفارس الذي لازال لم يترجل الذي لم يضع سيفه إلى آخر لحظة دفاعا عن الوطن وعن وحدته وكرامته ووحدته الوطنية بما في ذلك الشق الصحراوي.
وتمنيت لو كان متسع من الوقت لتحدثت عن الصحراء بشكل أوضح وحدثتكم عن الدراسات التي كتبها بعض الرحالة المغاربة والأجانب كالألمان والفرنسيين وخاصة من كان يستعمل الأرض الجزائرية آنذاك كتبوا الكثير عن الصحراء وأتوا بأشياء كثيرة أنا شخصيا أعترض عليها…
أتعهد أمامكم أنني سأواصل مع زملائي الانكباب على مواصلة الوقوف إلى جنب عائل آل البصير أمام القضاء الإسباني سواء من حيث الإثبات أو من حيث الدلائل في هذه القضية رفعا للبس والالتباس الذي قد يحاط بهذا الملف.
طبعا هيئة الدفاع تلتزم أمامكم كذلك بأن تعلن مستقبلا أمامكم وفي ندوة صحفية عن المراحل التي قطعتها هذه القضية أمام القضاء الإسباني واسمحوا لي هذا بعض ما يمكن أن يقال لأن المداخلة حددت لي في عشر دقائق.
أخيرا أقول لهذا البطل المجاهد : سلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.