شيوخ زاوية آل البصير: إسهام متجدد في بناء قيم الوحدة والتوحد
بقلم د. الجيلالي كريم
أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.
لا شك أن الزوايا والطرق الصوفية لعبت دورا مهما في تاريخ المغرب، ولاشك أيضا أنها كانت عنصرا مهما في خلق اللُّحمة والوحدة بين مختلف فئاته المجتمعية على امتداد القرون الماضية،
ولطالما كانت السندَ الأساسَ للسلطة المركزية في تثبيت الأمن والاستقرار في عدد من جهات البلاد، بل لا يختلف اثنان في كون هذه المؤسسات كانت تمثل الملاذَ الأولَ لفئات عريضة من المجتمع في الأوقات العصيبة التي مرَّ منها المغرب، والحارسَ الأمينَ لترابه كلما برزت نَعَراتُ التفرقة والانقسام داخليا، أو طمعَ فيه الطامعون خارجا، حتى إن الأوربيين أطلقوا على الفترة التي بين السعديين والعلويين “عصر الزوايا الحاكمة”، إذ شمّر أرباب الزوايا عن ساعد الجهاد لدفع المستعمر الإسباني والبرتغالي عن البلاد بعدما كشَّر عن أنيابه لينقضَّ عليها مستغلا ما آلت إليه الأوضاع بعد وفاة أحمد المنصور بسبب تنازع أبنائه على الملك، وهكذا قامت إمارة الزاوية الدلائية بتادلة ومكناس وفاس والنواحي، وإمارة الشيخ العياشي بسلا، وإمارة أبي حسون السملالي بسوس ونواحيها، وأولاد الخضر غيلان في الشمال، فقام كلٌّ في مكانه بحفظ الاستقرار ومجاهدة المستعمر، إلى أن ظهرت دولة العلويين الشريفة كدولة موحدة، فاسْتَلَمَت مقاليد الحكم، وانخرط الجميع تحت لوائها تحقيقا للأمن وترسيخا للوحدة.
ولذلك يمكن القول1 إن رجال التصوف ساهموا بشكل كبير في بناء تاريخ المغرب، وملأوا في كثير من الأحيان تلك الثقوبَ التي كانت تنجم عن غياب رقابة السلطة المركزية، أو ضعف شوكتها بسبب الإكراهات الداخلية والخارجية، وربما كان هذا الدورُ الرائد لمؤسسة الزوايا سببا في ظهور تلك النظرية الانقسامية التي أفرزتها السوسيولوجيا الكولونيالية، والتي جعلت بِنْية المجتمع المغربي مبنيةً على ثالوث المخزن والزوايا والقبائل.
وإذا كان التاريخ يشهد لمثل هؤلاء الرجال من أرباب الزوايا بما قاموا به في سبيل وحدة هذه البلاد عقديا وترابيا، فإنه يحتفظ لزاوية آل البصير ولشيوخها بمثل هذا وزيادة، فهذه الزاوية ليست بِدْعا من سابقاتها، وهؤلاء الشيوخ ليسوا أقل حبًّا لبلدهم من غيرهم، كيف لا وقد توارثوا قيم التسامح والوحدة أبا عن جد وكابرا عن كابر، فآل البصير ينحدرون من الشرفاء الركيبات2، ونحن نعلم ما لهذه القبائل من دور مهم في حفظ الوحدة المغربية، لاسيما زمن المرينيين3، وكيف لا أيضا ونَسَبُهم يرتفع إلى قطب المغرب مولاي عبد السلام بن مشيش الذي جسَّد رؤيتَه الوحدوية في تربيته الروحية للشيخ أبي الحسن الشاذلي، الذي أخرج هذه الرؤية من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، فأبدع طفرة التوحد في المشهد الصوفي المغربي نحلة وأصولا، حتى إن معظم الطرق الصوفية المغربية التي جاءت بعد الشاذلية أعلنت تشبثها بهذه الطريقة، واعتمدت منهجها الصوفي4، بل إن أغلب أولياء ومتصوفة القرون الموالية – إن لم نقل كلهم- ينتهي سندهم الروحي إلى الشاذلي، أو إلى غيره من الشيوخ الذين اعتنقوا نحلته الصوفية5. وبلغ التوحد الصوفي ذروته مع هذا الشيخ، حتى قيل: “إن الطريقة الشاذلية نسخت سائر الطرق كما نسخت الملة المحمدية سائر الملل”6.
وهذا الموقف يجسد -ولا شك- التوجه الوحدوي الذي تبناه الشاذلي الرامي إلى نبذ التعصبات المذهبية، والمنطلِق من المنظومة الإسلامية كإطار لوحدة الأمة الإسلامية، ولذلك نجده لا يدعو إلى طريقة أو مذهب بعينه سدا لذريعة التفريق والتفييء والتعصب المذهبي والطائفي، بل حرص على ألا تكون الحَميّة إلا لبيضة الإسلام.
وإذا، فالرؤية الوحدوية وقيم التوحد ليست بالشيء الجديد على شيوخ زاوية آل البصير، وإنما رضع هؤلاء لِبانَها، وارتشفوا قِيَمَها خلفًا عن سلف، وترجمها كل واحد منهم بالفعل على أرض الواقع، فإبراهيم البصير الجد الذي تلقَّبتْ الأسرة بِلقبه كان صيتُه يضرب الآفاق في سوس والصحراء، وبلاد شنقيط والسودان الغربي، وكان كل رؤساء القبائل “يقدرونه قدرَه، ويُحْضِرُونَهُ مجامعهم، فنفعهم كثيرا في إحقاق الحق وإزهاق الباطل بكشفه العجيب”7. كما كانت جميع القبائل السوسية والصحراوية تخدمه8، خاصة قبائل تكنة، التي “يرجع له الفضل في إخماد الحروب وإطفاء النائرات بينها”9. وكذلك كان أبوه الفقير قاسم المدعو كيسوم الذي عُرِف بزهده وصلاحه وكثرة سياحته، حيث كان يقوم سنويا بالسياحة في كل أرجاء الصحراء لتفقد تلاميذه وأتباعه، والسعي في أعمال الخير، ومن ثَمَّ لم يكن “يُعرف عند أهل الصحراء ووادي نون إلا أنه رجل يسعى في الصلح وإطفاء النائرات، والبث في النوازل والمنازعات، وترك الخلافات والمناوشات”10.
وهذا يعني أن الشيخ إبراهيم البصير الجد تلقى تلك القيم التأليفية الوحدوية من أبيه، وحرص على تطبيقها في كل أرض تُؤْويه، وهو ما تجسد بالفعل عند دخوله إلى سوس التي كانت شهرتُه قد سبقته إليها نظرا لصيته الذائع في ربوع الصحراء، إذ قامت منازعات ومشادات بين أرباب القبائل فيمن يكون له شرفُ استقباله في قبيلته، لكن نزوعه الوحدوي وكياستَه احْتَوت الأمر، حيث أسس زاويته في الأخصاص باعتبارها مكانا وسطا بين القبائل السوسية11، فكان لهذه المعلمة الدينية أثرُها البارز في خلق اللحمة بين القبائل، خصوصا وأنها ” صارت ملجأ الخائفين، ومكانا للمقاضاة، إذ أن أغلب القبائل كانت تهرع إليها لفض المنازعات، والبث في الخصومات، لأن الحرب في هذه القبائل كانت لا تضع أوزارها، لكن بفضل هذا الشيخ حلت الأخوةُ مكانَ العداوة بينهم”12.
ولم تقف إسهامات هذه العشيرة عند هذا الرجل ووالده، بل زادت واتسعت مع أبنائه وأحفاده. وقد اشتهر من بعده على الخصوص ابنه مبارك البصير الذي خلفه على رأس زاويته، “… فكان له مقامُ والدِه من قوة روحانية، ومحبةِ الناس له واعتقادِهم فيه، وكانت له هالةٌ كبرى واسعةً جدا في كل سوس وفي الصحراء”13. واشتهر أيضا بسعيه في الصلح بين المتقاتلين، وأصحاب الثأر وأرباب النزاع، حتى “… عرف عند العامة أن من يردُّه خائبا في شفاعة يصاب عن قريب”14، فكانت هذه السلطة الربانية سببا في انصياع العامة والخاصة له في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. ونظرا لمكانته الكبيرة بين القبائل، وتعبيرا من هذه الأخيرة عن رضاها وخضوعها لطاعته، تَمَّ عقدُ اتفاقية من قِبَل أعيان الأفخاذ المجاورة للزاوية البصيرية خاصة أيت علي، يشهدون فيها بتحكيم زاوية الشيخ مبارك البصير في جميع أمورهم الدينية والدنيوية15، فكان لذلك دور كبير في فض الكثير من النزاعات بين القبائل، وفي إخماد العديد من الفتن والقلائل، مما خلق جوا من التعايش والتوحد والسلم، وقضى على مظاهر التفرقة والتشرذم والظلم.
وقد خلف هذا الشيخ ولدين، وهما محمد البصير16، الذي كان له فضل كبير في تدعيم مكانة آل البصير ونشر قيمهم الوحدوية، سواء في سوس أم الصحراء أم في جنوبها أم في حوض السنغال، أما ثانيهما فهو إبراهيم البصير مؤسس زاوية بني عياط، الذي نقل هذه المبادئ إلى باقي ربوع المغرب.
فأما محمد البصير فهو أشهر من أن يُعَرَّف به في الصحراء وسوس وتادلة وموريتانيا، حيث كانت “كل القبائل تخدمه وتقدره حقَّ قدره”17، حتى تلك التي عادت عشيرتَه منذ سنوات طويلة، فصار يتحرك في الصحاري والقبائل كيفما شاء دون أن يعترض سبيله أحد18. فكان هذا سببا آخر في ذيوع صيت هذا الشيخ في آفاق الصحراء، مما جعل أخباره تسبقه إلى أراضي موريتانيا والسنغال ومالي، هذه المناطق التي “جابها طولا وعرضا زائرا للصالحين والعلماء العاملين، فكثر أتباعه وتلاميذه، وأضحى ينتقل في جمع غفير، منهم الراكب ومنهم الماشي على الأقدام، فحالفه التوفيق وصادفه النجاح في الدعوة إلى الله”19، إلى درجة أن أهل القبائل التي كان يصِلُ إليها لم يكونوا يأذَنُون له بتوديعهم “لاحترامهم الشديد له ومحبتهم البالغة لجنابه”20، وفي كل تلك السياحات كان يُرْشِد الناسَ إلى الخير، ويصالح بين المتنازعين، ويغرِس بذور المحبة والتآخي، رغبةً منه في تكريس قيم الوحدة والتعاون والتعايش السلمي.
وأما الابن الثاني، إبراهيم البصير مؤسس زاوية بني عياط بتادلة، فلم يكن أقل شأنا من أخيه محمد البصير، بل فاقت شهرته جميع أبناء هذا الفخذ، ولذلك نعتبره بحق واسطة العقد في هذه العشيرة الطيبة، لا جرم وأنه بفضل هذا الشيخ اتسعت شهرة آل البصير، وانتشرت مبادئهم وقيمهم الوحدوية في اتجاهي الشمال والجنوب والشرق والغرب. ولعل هذا ما جعل المؤرخ محمد المختار السوسي يقول: “إنه إن كان لكل آل البصير شفوفٌ في أعصارهم فإن له [إبراهيم البصير] عليهم شفوفا كبيرا بما تأتى له من شهرة كبيرة، متسعةِ الهالة، مستفيضةِ الأحاديث، فياضةِ الأخلاق والكرم “21.
فبالإضافة إلى سوس والصحراء وجنوب الصحراء، ذاع صيت هذا الشيخ في كل من مراكش والرحامنة، وبني مسكين، والشاوية، والزيدانية، وتادلة، وبني ملال، وبني عياط، وغيرها من المناطق المغربية، وفي كل هذه المناطق لم يَحِدْ إبراهيم البصير عن عادة أسلافه، إذ عُرِف بسعيه الحثيث في حل المشاكل الاجتماعية للقبائل والأفراد، فكان بدوره “يدعو المتخاصمين للصلح فيما بينهم، ويأمر برد المظالم والتبعات، والتسامح والتناصح”22، حتى اشتهر بين الناس بعادة “المصالحة بين المتقاتلين”23.
وتشير المصادر إلى أن إبراهيم البصير نزل ببني عياط، فوجد طبول الحرب تدق في جميع قبائلها “لأن الحرب لم تكن تهدأ بينهم”24. وما من يوم يمر ” حتى تسمعَ أخبار القتل والسلب والنهب والغدر بما لا يوصف، فَقَدِم عليهم الشيخ إبراهيم البصير … وساقه القدرُ إليهم ليكون درعا واقيا لهم من شر بعضهم البعض، فسعى في الصلح بينهم، حتى صار الجميع يحتمي به عند اشتداد الملمات”25.
ولعل أخطر الحروب التي عمل إبراهيم البصير على إخمادها، تلك التي كانت بين القبائل العياطية وبين قائدها البشير البوهالي، حيث قاسى كثيرا في المصالحة بينهم26، فكان “كلما نشبت حرب بينهما يذهب ببقرة من عنده، فيجري بالصلح، لا يفتر عن ذلك حتى هدأت الأحوال”27.
ويبدو من سيرة هذا الشيخ أنه سخر كل ما في الزاوية للمصالحة بين القبائل وإحلال السلم والاستقرار بالمنطقة، ذلك أن أغلب القبائل هناك كانت تتناحر فيما بينها. وتحتفظ المصادر بالكثير من أخباره في هذا الباب، من ذلك صلحه بين القبيلتين الجبليتين آيت بوجمعة وآيت آشوا، بعدما “… كانت تدور بينهما حرب ضروس من شهور”28. ومن ذلك أيضا ما ذكره صاحب الاغتباط عن صلحه بين قبيلتي آيت أملول وآيت بغلى29.
وعلاوة على الصلح بين القبائل، كان إبراهيم البصير يفعل الأمرَ نفسَه مع الأفراد، فكان يصالح بين المتخاصمين في النزاعات الثنائية حول “… بعض العقارات، أو حول مشاكل تتعلق بالزواج والطلاق، وتوزيع التركات “30.
والحاصل أن زاوية آل البصير بتادلة لعبت دورا متميزا في استتباب الأمن والاستقرار في مناطق نفوذها، فسدَّت بذلك الثغرات التي تركها غياب السيادة المخزنية “… وقد لاح هذا العمل جيدا خاصة خلال فترة السيبا “31، حيث عمل أربابها على إخماد الفتن والحروب لعدة سنوات “… إلى أن استتب الأمن وعم السلام بينهم فرادى وجماعات “32.
وبناء عليه، عَزَت المصادر الهدوء السائد اليوم بالمنطقة وما جاورها إلى المبادرات الإصلاحية التي اتخذتها الزاوية، وإلى البعد الوحدوي الذي أسَّسَت له رؤية شيوخ آل البصير، وجعلت الذِّهنيةَ المحليةَ أكثر وعيا به، خاصة في عهد مؤسسها إبراهيم البصير33. لكن في الوقت نفسه تشير الروايات إلى أن ذلك لم يكن سهلا بالنسبة له، وإنما “كابد فيه من المشاق والصعاب، ما يهُدُّ الجبالَ الرواسي”34.
ومن جهة أخرى كان الشيخ إبراهيم البصير من الرعايا الأوفياء للأسرة العلوية، وظل كذلك حتى بعد أن بدا عجزُ ملوكها عن مقاومة الاستعمار وفرض الحماية، حيث كان ” … يدعو إلى السمع والطاعة للسلطان، ونبذ الفُرْقَة، وعدم طاعة أصحاب الرياسات الوهمية الذين فرقوا الأمة قددا “35.
وكان يدعو أتباعه الذين انخرطوا في سلك الوظائف الحكومية زمن الاستعمار إلى رفض كل القرارات التي تمس وحدة البلاد، أو تصدرها الحكومة الفرنسية دون إشراك السلطان، نقول هذا استنادا لما ذكره مؤلف الاغتباط من أن قواد تادلة وأيت عتاب وبني مسكين لجأوا إليه في زاويته يستشيرونه في أمرهم لما “… شدَّدَت عليهم فرنسا الخناق ليكونوا مساعدين لها في إقرار الظهير البربري”36، فأجابهم بقوله: “قولوا لهم إن كان الظهير الذي بأيدينا من عند السلطان فنحن رعاياه، يَعْزِل أو يَتْرُك، وإن كان من عندكم، فليس لنا ظهير منكم”37. وأكد محمد المصطفى أن الجميع امتثل لأمره، حتى إن الفرنسيين “عزلوهم جميعا وعيَّنُوا مكانهم من هم طِيعة لهم، يحركونهم كيف شاؤوا ومتى شاؤوا”38.
ولاشك أن حب هذا الشيخ لبلده وتشبثه بملوكه العلويين الشرعيين، لم يكن وليد الظروف الاستعمارية، وإنما هو استمرار لحب أبدي ورثه عن أجداده، ولعلاقة ولائية كتب عقدها وأعطى بيعتها في شبابه لما كان في زاوية أبيه في الأخصاص بسوس، حيث كان “… يقوم بزيارات خاصة إلى حضرة السلاطين … أو تجمعه بهم اللقاءات المفاجئة”39. من ذلك لقاؤه بالسلطان مولاي الحسن الأول سنة 1303هـ /1884م في بونعمان بسوس عندما كان عائدا من زيارته للجنوب المغربي، حيث تؤكد المصادر والروايات أنه لم يكن يبغي من خلال لقائه هذا غير “رضا السلطان ودعوة صالحة منه يرزقه الله بها رضاه الأكبر”40. حتى إنه زهد في أُعطِيَّة السلطان المادية لغيره من الطلبة “… مكتفيا بزيارته له والدعاء منه”41.
وتكررت لقاءات إبراهيم البصير بالسلاطين العلويين خاصة أثناء زياراتهم للمناطق الجنوبية أو نزولهم بمدينة مراكش، حيث كان شيخه ماء العينين يدعوه لمرافقته في كل مرة يريد فيها لقاء السلطان العلوي، إلى حد أنه “… كان كلما أراد أن يدخل على السلطان المولى عبد العزيز يُحْضِرُه معه، فيقف حين يتحدث الشيخ والسلطان “42. بل يبدو أنه كان من خاصة الشيخ حتى إنه كان يبعثه واسطة بينه وبين السلطان43. وهذا ما مَكَّنَه من الإطلاع على الكثير من أخبار البلاد وأسرارها، إلى درجة أن بعض القواد الكبار كانوا يلجأون إليه لإطلاعهم على ما يدور بين الشيخ والسلطان، فكان يردهم حفظا للعهد وكتمانا للسر44.
ويعني هذا مما يعنيه، ولاشك، أن سيدي إبراهيم البصير، كان من خدام ملوك الدولة العلوية الشريفة كشيخه ماء العينين، ومن دعاة الوحدة الترابية لوطنهم، ولذلك ظلت علاقة زاويته بالشرفاء العلويين منذ تأسيسها حتى يومنا هذا “علاقة ولاء وطاعة “45. ولا أدلَّ على ذلك من الظهائر الملكية الشريفة التي أنعم بها ملوك الدولة على هذه الزاوية العامرة46.
وبعد موته، تبنى ابنه الشيخ الحاج عبد الله بصير النهجَ نفسَه، إذ على الرغم من معاصرة مشْيَخَتِه للوجود الفرنسي بالمغرب، أجمعت المصادر أنه كان من الوطنيين الكبار الذين تشبثوا بوحدة مغربهم، وبتمسكهم بأهذاب العرش العلوي المجيد، فقد كان على خلاف كبير مع حكومة الاستعمار، الأمر الذي عرضه “…لعدة مضايقات من طرف السلطات الفرنسية”47، حتى إنها “… حاولت في كثير من الأحيان اغتياله بعدما فضح عددا من الخونة الذين كانوا يتعاونون مع المستعمرين”48. ولمَّا لم تستطع قتلَه، ضيَّقت عليه الخناق، “… فلم يعد يتحرك إلا برخص محدودة زمانيا ومكانيا”49. لكن ذلك لم يثْنِه عن عزمه الأكيد في الدفاع عن وطنه، “… وما انتفاضة خريبكة ووادي زم (اسماعلة وبني خيران، وأولاد إبراهيم)، إلا دليل قاطع على صدق وطنيته، فجل من ثار ذلك اليوم هم من تلامذته الذين تلقنوا الورد الدرقاوي على يده الشريفة، حتى استرخصوا الأنفس والمهج، لأن الذكر الصادق النابع من صميم القلب يجعل صاحبه يسترخص كل شيء”50.
ومثلما تجسدت الوطنية في أتباعه، يظهر أنه كان من الخدام المخلصين للعرش العلوي مثل أبيه وأسلافه، وفي هذا الصدد يروى أنه بعد رجوع السلطان محمد الخامس بعد المنفى وجلوسه على عرشه من جديد، قام الشيخ الحاج عبد الله بزيارته في قصره وهو يترأس وفدا كبيرا من شيوخ القبائل الصحراوية لتجديد البيعة51، وكانت الهدية التي قدمها الشيخ إلى جلالته هي ” نعامة أنثى” لعلمه المسبق بوجود “نعامة ذكر” بالقصر الملكي52.
ونظرا لتوجهه الوطني هذا، ولمواقفه المعادية لسلطات الاستعمار، حُكِمَ عليه بالسجن مرتين، “… فَسُجِن بَدَلَه في الأولى حفيدُ عمه المصطفى بن اليسع بن محمد البصير، وفي الثانية أخوه وخليفَتُه من بعده محمد الحبيب”53.
وبعد وفاة هذا الشيخ المناظل، تولى من بعده أخوه سيدي محمد الحبيب، فسلك سبيل والده في الدعوة إلى الله تعالى، إذ بمجرد توليه المشيخة أخذ يسيح مع الفقراء في جميع الجهات، “… فساح وجال في ربوع المغرب، داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، في سمْتِ عالم رباني، وزُهْدِ ناسِكٍ متعبد”54، ثم جاء من بعده أخوه الشيخ سيدي محمد المصطفى بصير الذي فتح للطريقة كل باب، وذلل أمامها جميع الصعاب، وجاوز بشهرتها خارج التراب، فتقاطر عليه المريدون من الفِجاج والشِّعاب، وأخذ عنه العجم والأعراب، وأصبحت الزاوية في عهده ملتقى كل الأجناس والأقطاب، حيث يؤمها الناس في المواسم والملتقيات من كل جهات المغرب، بل ومن خارجه، ويظهر الجميع – رغم اختلاف ألسنتهم وألوانهم- على قلب رجل واحد، وهذه طبعا أرقى درجات الوحدة والتوحد55.
وها هي الزاوية البصيرية اليوم في عهد شيخها الجديد مولاي إسماعيل بن سيدي محمد المصطفى بصير، لم تعد مكتفية بالبحث عن زرع قيم التسامح والوحدة والتآخي داخل المغرب وحسب، وإنما رفعت عقيرتها عاليا لتنشد تحقيق هذه القيم السامية على مستوى الأمة العربية والإسلامية جمعاء56.
ثم إن هذه القيم الوحدوية لم تكن حِكْرا على شيوخ آل البصير الذين تصدروا للمشيخة في الزوايا البصيرية، بل اشتهر بها آل البصير قاطبة، وعلى رأسهم المناضل محمد بصير ابن سيدي الحاج إبراهيم الذي تبدو وطنيته من خلال الوثائق المتوفرة مغربيةً صادقةً، فهو قد وُلِد في زاوية أبيه ببني عياط، ودرس بالرباط ثم مراكش ثم الدار البيضاء، ثم رحل إلى المشرق، وبعد عودته من هناك استقر بالدار البيضاء، فآلمه الوضع الذي كانت البلاد ما تزال عليه، إذ كان المستعمر الإسباني لا يزال جاثما على قطعة غالية من أرض المغرب وهي الصحراء، مما أوحى له بتأسيس جريدتي “الشموع” و”الأساس” اللتان كان ينشر فيهما مقالاتٍ حول الثقافةِ المغربية الصحراوية، وتاريخِ الصحراء ومغربِيَّتِها، لكن يبدو أن تلك المقالات لم تشْف غليلَه، أو ربما اتضح له أنها لن تحقق المراد، فقرر الالتحاق بالصحراء وإعلان الجهاد لتحريرها قصد استكمال الوحدة الترابية المغربية، فأسس الحركة الوطنية لتحرير الصحراء، وهي التنظيم الذي أطر الشباب الصحراوي، وهيأه للقيام بتلك الثورة المباركة التي أقَضَّت مضجع المستعمر في يونيو 1970، والتي كانت في الوقت نفسه سببا في اختفاء هذا المناضلِ الفذِّ الذي ضحى بحياته من أجل وحدة هذا الوطن الغالي57.
ثم إن أعداء وحدتنا الترابية استغلوا سمعة هذا الوطني الصادق بعد اختفائه، فادَّعوا ما ادَّعوا، لكن الوثائق والحقائق التاريخية كذَّبتْ مزاعمَهم، وما تلك الوثائق المتعلقة به، والرسائل التي كان يرسلها إلى إخوته وذويه بالمغرب، ويصف فيها المغرب غير ما مرّة بالوطن الأم58، والتي ما زالت بخزانة الزاوية، إلا دليل قاطع على أن محمد بصير لم يكن في يوم من الأيام انفصاليا لأن تربيته تربية وطنية، وقيَمَه قيمٌ وحدويةٌ توحدية.
وهكذا يظهر أن شيوخ زاوية آل البصير لم تكن قيمُ الوحدة تتلخص عندهم فقط في زرع بذور الأخوة بين الأفراد والجماعات والتوسط في النزاعات، وإنما أيضا في بناء واستقرار وحدة هذا الوطن، ولذلك لم يستوطنوا في منطقة معينة، ولم تمنعهم عصبية قبلية، أو نزعة عرقية من السياحة في كل ربوعه، فهم الفخذ الوحيد من بين قبائل الركيبات الذي دخل سوس59، وأقام الزوايا على امتداد التراب المغربي60، وتلك إشارة يفهم منها اللبيبُ أنهم كانوا ولا زالوا يعتبرون المغرب من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه بلدا واحِدًا موحَّدا، وأن تربتَه موطنٌ لكل المغاربة يعيشون فوقها ويتعايشون كإخوة يجمعهم حب هذا الوطن الأبي الأمين، وفي الوقت نفسه يضع هذا الحبُّ على عاتقهم مسؤوليةَ الحفاظ على وحدَتِه الترابيةِ والدينيةِ والسياسيةِ من كل غادر أو خصم مبين.
———————–
الهوامش:
* أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.
1 – نشر هذا المقال ضمن أعمال الندوة الدولية التي نظمتها الطريقة الشاذلية الدرقاوية البصيرية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يومي 16 و17 يونيو 2010م، عن دار أبي رقراق بالرباط، 2011م. ونشر أيضا بصحيفة ساحة الحرية، العدد 127، يوليوز 2010.
2 – للتوسع في أصل ونسب آل البصير. راجع: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، مرقون، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، 2005م، ص 26-32.
3 – أحمد الوارث، الزاوية الرقيبية: محاولة رصد إسهام أسرة شريفة في خدمة الوحدة المغربية، ضمن: المكونات الثقافية للصحراء المغربية، منشورات رابطة أدباء المغرب، الطبعة الأولى 2001، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص107-119.
4 – راجع: عبد المجيد الصغير، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين 18/19م، دار الآفاق الجديدة، ط 2، 1415هـ/ 1994م، ص 28، 35./ وراجع أيضا: التهامي الوزاني، الزاوية، العرائش، د ت. ص 144.
5 – محمد المهدي الفاسي، تحفة أهل الصديقية بأسانيد الطائفة الجزولية والزروقية، م خ ع بالرباط، رقم 76ج، ص 26.
6 – عبد القادر الكوهن، إمداد ذوي الاستعداد إلى معالم الرواية والإسناد، ضمن: ثلاثة فهارس مغربية، دار الكتب العلمية، بيروت 1425هـ/2004م، ص 46.
7 – محمد المختار السوسي، المعسول، مطبعة النجاح، البيضاء 1380هـ/1960م، ج 12، ص 91 .
8 – المصدر والصفحة نفسهما.
9 – الإحالة نفسها. وراجع أيضا: محمد المصطفى بصير، النزر اليسير من مناقب زاوية آل البصير: في الصحراء وسوس وبني عياط بالمغرب، تحقيق: عبد المغيث بن محمد المصطفى بصير، مكتبة الأحباب دمشق، سوريا، 2002م، ص143.
10 – محمد المصطفى بصير، النزر اليسير، م س، ص 140-141.
11 – تأسست هذه الزاوية بالأخصاص حوالي 1245هـ/1829م، ولا تزال قائمة إلى اليوم بأيت علي بالأخصاص، يوجد بها الشيخ محمد بن زين الدين بن محمد البصير بن مبارك بن إبراهيم البصير، وقد تم تجديدها سنة 1414هـ / 1993م على يد المصطفى بن اليسع بن محمد البصير، ولازال الناس يقصدونها متأثرين بما اشتهر من أخبار هذه الأسرة. راجع: محمد المصطفى بصير، النزر اليسير…، م س، ص 77، 143./ محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12 ص 91.
12 – محمد المصطفى بصير، النزر اليسير…، م س، ص 144.
13 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 23.
14 – راجع بعض الوقائع التي تؤكد ذلك عند: محمد المختار السوسي، المعسول، ج 12، ص 97-98./ وكذلك عند: محمد المصطفى بصير، النزر اليسير …، ص 169. وأيضا ص 178-185.
15 – مؤرخة في 1284هـ/ 1867م، ويوجد نص هذه الاتفاقية مخطوطا بخزانة الزاوية ببني عياط. دون ترقيم. انظر صورة لهذه الوثيقة عند: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، الملحق رقم 1، ضمن ملحق الوثائق المخطوطة، ص 253.
16 – أسهب الشيخ محمد المصطفى بصير في عرض كراماته ومكاشفاته العجيبة، حيث خصص له الجزء الأكبر من كتابه. راجع: محمد المصطفى بصير، النزر اليسير …، م س، ص185-331.
17 – محمد المصطفى بصير، النزر اليسير …، م س، ، ص 200.
18 – خير مثال نسوقه في هذا الباب، قبائل أهل العبد وتجكانت بتندوف، فقد كانت هذه الأخيرة محرمة على قبائل الرقيبات لِمَا كانت بينهم من عداوة وحرب شرسة. ( راجع سبب هذه الحرب عند : محمد المصطفى بصير، النزر اليسير…، م س، ص197 – 198). لكن لما أراد محمد البصير زيارة الشيخ محمد المختار بن الأعمش الذي كان يقطن هذه القبائل لم يستطع أحد منعه، بل أقبلت عليه كل قبائل تجكانت وبالغوا في إكرامه.( راجع تفاصيل هذه الحكاية عند: محمد المصطفى بصير، النزر اليسير…، م س، ص 197-200).
19 – المصدر نفسه، ص 200 – 201.
20 – نفسه، ص 243.
21 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 109.
22 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط بزاوية آل البصير ببني عياط، مخطوط بخزانة زاوية آل البصير ببني عياط بتادلة، غ م، ص 313.
23 – محمد المختار السوسي، المعسول ، م س، ج 12، ص 145.
24 – المصدر نفسه، ج 12، ص 145.
25 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 243.
26 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 145.
27 – المصدر نفسه، ج 12، ص 145.
28 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 208.
29 – نفسه، ص 232.
30 – عبد الهادي بصير، زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط: تاريخ وتعريف، سلسلة مطبوعات زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير، رقم 5، الطبعة الأولى، 1430هـ/ 2009م، ص 92.
31 – المرجع نفسه، ص 92.
32 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 212.
33 – المصدر نفسه، ص 243.
34 – نفسه، ص 322.
35 – نفسه، ص 261.
36 – أشار صاحب الاغتباط إلى عدد من هؤلاء القواد والباشوات، وذكر منهم: محمد بن السيمو قائد آيت عتاب، و القائد الكبير قائد أولاد النمة، والقائد البشير البوهالي قائد بني اعياط، والقائد بن كرمح، والقائد عبو، وغيرهم. نفسه، ص 281.
37 – نفسه، ص 281.
38 – نفسه، ص 282.
39 – عبد الهادي بصير، زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط: تاريخ وتعريف، م س، ص 105.
40 – جاء في الاغتباط أن الشيخ إبراهيم البصير قال :” في سنة 1303هـ[1884م] قام السلطان مولاي الحسن الأول بزيارة إلى جنوب المغرب، انتهى به المطاف إلى وادي نون، ولما قفل راجعا وهو في طريقه إلى بونعمان قاصدا تزنيت، اعترض سبيله طلبة مدرسة بونعمان وكنتُ من بينهم، فأنسللت مسلما عليه فقام الحراس والحجاب يمنعونني من التقدم بين يديه، فأشار لهم السلطان أن يخلوا سبيلي، ولما وقفت بين يديه سألني عن عائلتي، فأخبرته بأحوالها بإيجاز، فقال لي: ما حاجتك ؟ فقلت: حاجتي يا مولاي رضاكم ودعوة صالحة منكم يرزقني الله بها رضاه الأكبر… وجرى بيني وبينه حديث طويل … ثم أمر لي بأعطية، وهي سبعون مثقالا حسنية على عدد الطلبة الذين كانوا معي، فأعطيتها لهم ولم آخذ منها شيئا، بل اكتفيت بنصيبي بزيارته والدعاء منه”. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 11./ المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 111.
41 – الإحالة نفسها
42 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 115. وراجع أيضا: محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 32.
43 – قال إبراهيم البصير :” في سنة 1318هـ [1900م]، زار المولى عبد العزيز مراكش فأخذني الشيخ ماء العينين برفقته لتعهد الحضرة السلطانية كما هي عادته … فلما أراد الخروج، أرسلني إلى السلطان وقال لي: اطلب منه على لساني أن يأمر بألا تسد أبواب المدينة حتى يتيسر للتلاميذ المتفرقين فيها الخروج كل إزاء الباب الذي يقرب منه، فرجعت حتى وقفت أمام السلطان من غير معارض، فأمرني بالتقدم حين عرفني أني رسول الشيخ، فأبلغته الرسالة، فقال سيكون ذلك إن شاء الله “. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 33-34. وأيضا محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 116.
44- راجع قصة إبراهيم البصير مع القائد عيسى العبدي، حيث قدم له هذا الأخير مبلغا ماليا كبيرا ليطلعه على تفاصيل لقاء الشيخ بالسلطان. المصدر نفسه، ص 32-33. وراجع أيضا محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 115.
45 – عبد الهادي بصير، زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط: تاريخ وتعريف، م س، ص 105.
46 – يتوفر آل البصير على أربعة ظهائر شريفة أنعم بها عليهم كل من المولى عبد العزيز، والمولى عبد الحفيظ، والمولى يوسف، والملك محمد الخامس. انظر صورها ضمن ملحق الظهائر السلطانية، عند: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 279-282.
47 – عبد الهادي بصير، الإمداد المتوالي في شرح الورد الدرقاوي، بحث مرقون بخزانة الزاوية ببني عياط، د ت، ص 54.
48 – المرجع نفسه، ص 54.
49 – نفسه، ص 55.
50 – نفسه.
51 – كان الشيخ الحاج عبد الله يترأس هذا الوفد بحكم أنه كان هو نقيب الشرفاء الرقيبات، إذ يذكر أن أعضاء جمعية الشرفاء الرقيبات كانوا قد عملوا على تولية هذا الشيخ منصب النقابة عليهم لشرف مقامه ومكانة زاويته. انظر صورة لوثيقة تنقيبه عليهم عند: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، الملحق رقم 20، ضمن ملحق الوثائق المخطوطة، ص 273.
52 – أخبرني بذلك شيخ الزاوية الحالي مولاي إسماعيل بصير، كما أخبرني به أبناء الشيخ الحاج عبد الله أنفسهم، والحكاية مشهورة عند شيوخ وأتباع وزوار الزاوية البصيرية ببني عياط بتادلة.
53 – عبد الهادي بصير، الإمداد المتوالي في شرح الورد الدرقاوي، بحث مرقون بخزانة الزاوية ببني عياط، د ت، ص 55.
54 – نفسه، ص 56.
55 – تحسنت أحوال الزاوية بشكل كبير في عهد الشيخ محمد المصطفى بصير، فقد تكاثر أتباعها، وتعددت فروعها داخل وخارج المغرب، وأصبح لها أتباع داخل وخارج البلاد المغربية. راجع الفروع التي أنشأها هذا الشيخ داخل وخارج المغرب، وكذا عدد أتباعه في كل فرع، عند: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 120-122.
56 – هذه إشارة إلى الفروع الجديدة التي أنشأها هذا الشيخ الشاب داخل المغرب وخارجه من جهة، ومن جهة ثانية هي إشارة إلى موضوع الندوة التي ألقيت فيها هذه الكلمة، والتي كانت تحت شعار: “زاوية آل البصير وقيم الوحدة”، وهي ندوة دولية نظمتها الزاوية المذكورة، وحضرها عدد كبير من علماء ومشايخ وفقهاء العالم العربي والإسلامي.
57 – راجع تفاصيل حياة محمد بصير بن سيدي الحاج إبراهيم، عند: عبد الهادي بصير، سيدي محمد بصير، سيرته الذاتية كما يرويها أهله، ضمن: أعمال الندوة العلمية الوطنية التي نظمتها الطريقة الدرقاوية الإبراهيمية البصيرية تحت عنوان: سيدي محمد بصير، أحد رجالات المقاومة المغربية بالصحراء، أيام 16-17 يونيو 2008م بقصر المؤتمرات بالعيون، سلسلة مطبوعات زاوية الشيخ سيدي إبراهيم بصير، رقم 4، جمع ومراجعة وتقديم: عبد المغيث بصير، الطبعة الأولى، 1430هـ/ 2009م، ص 57-82.
58 – انظر نماذج لهذه الوثائق والرسائل ضمن الملحق المنشور بذيل أعمال الندوة المذكورة، ص 155-191.
59 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12 ص 89.
60 – للاطلاع على الزوايا التي أسسها آل البصير وفروعها داخل المغرب وخارجه، راجع: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 115-123.