كلمة الافتتاح الدكتور عبد الحق بصير
الذكرى الثامنة والثلاثون لأحداث الزملة التاريخية تحت عنوان:
سيدي محمد بصير أحد رجالات المقاومة المغربية بالصحراء
كلمة الافتتاح : الدكتور عبد الحق بصير
تحت عنوان : عليكم بالجماعة
باسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا محمد المصطفى الأمين
أولا و قبل كل شيء, نرحب بالسادة :
السيد شكيب بن موسى وزير الداخلية
السيد أحمد توفيق وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية
السيد محمد ظريف والي صاحب الجلالة بالعيون
الدكتور أحمد عبادي الكاتب العام للرابطة المحمدية لعلماء المغرب
ولد الرشيد سيدي حمدي رئيس جهة العيون بوجدور
الشيخ لارا باس ماء العيبين رئيس المجلس العلمي المحلي للعيون
الدكتور بناني عبد الفضيل رئيس جامعة ابن زهر أكادير
السيد أحمد بن زايد مدير الأكاديمية الجهوية لجهة العيون بوجدور
السيد ناضيل الهاشمي رئيس المجلس الوطني للمقاومة
السيد بن سعيد آيت إيدر عضو المندوبية السامية لأعضاء المقاومة و جيش التحرير
كما نرحب بالحضور الكريم, و نحيكم جميعا بتحية الإسلام : السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
و بعد, نجتمع اليوم و إياكم, للاحتفال بالذكرى الثامنة و الثلاثين لأحداث الزملة التاريخية
تحت عنوان :
سيدي محمد بصير أحد رجالات المقاومة المغربية بالصحراء
وذلك لإماطة اللثام عن بطل من رجالات المقاومة المغربية بالصحراء, ألا وهو سيدي محمد بصير بن الشيخ سيدي إبراهيم البصير، هذا الرجل الذي نسبه البعض إليهم زورا وبهتانا، وادعوا باطلا أنه رائدهم وقائدهم الأول صاحب فكرة الانفصال عن هذا الوطن.
واليوم أيها الأحبة نجتمع، ونحن بالخصوص -أهله وعشيرته- لنقول للعالم كله كلمة الحق التي تعلو ولا يعلى عليها، أن هذا الرجل وطني حتى النخاع. وما انتفاضة الزملة التاريخية ضد الاستعمار الإسباني لصالح بلده المغرب، إلا عُربون حقيقي عن صدق وطنيته. ولدينا والحمد لله ما يثبت ذلك من رسائل مكتوبة بخط يده وظهائر شريفة مسبولة من لدن السلاطين العلويين على عائلته منذ أن كانوا بالساقية الحمراء إلى أن استقروا ببني عياط -إقليم أزيلال- مسقط رأسه.
إن الدين الإسلامي الحنيف الذي نحتكم إليه جميعا لم يأمرنا إلا بالاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف، والدّين مع جماعةِ المسلمين، والجماعة لا تكون إلا بإمارةٍ وطاعة، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب (ض) فيما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب : “لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا أمير، ولا أمير بلا طاعة”، وبهذا كلِّه تستقيم أمور الناس الدينيّة والدنيوية وتنتظم مصالحهم، والإسلام قد أكّد على هذه المعاني الهامّة وعمّق في القلوب هذه الأصولَ النافعةَ العظيمةَ، فأمر بالاجتماعِ على الدين والائتلاف، ونهى عن الفرقةِ والاختلاف، فقال -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
وقال -تعالى-: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
وقال -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
وهذه الوصايا والتوجيهاتُ الرّبانيّة نحن في أشدّ الحاجةِ إليها في كلّ وقت، ولكنّنا في هذا الوقت أكثرُ ضرورةً وحاجةً إلى الحفاظ على جماعتنا وإلى درءِ الأخطارِ عن أمتنا وإلى معالجةِ مشاكلنا وإلى الدفاعِ عن قضايانا المصيريّة بلزومِ جماعةِ المسلمين والتمسّك بهدي سيّد المرسلين.
إنّنا أيها الإخوة و الأخوات نمرّ بمرحلةٍ تاريخية لم نمرّ بمثلِها فيما مضى، ونحن مستهدَفَون بالغزوِ الفكريّ في ديننا من أعداءِ الإسلام، ومستهدفون في أخلاقنا، ومستهدفون في شبابنا، ومستهدفون في مناهِج تعليمنا، ومستهدفون في استقرارنا ووحدة وطننا، ومحسودون على خيراتنا والأمن الذي أكرمنا الله به في ربوع هذه البلاد.
وقد بيّن الله عاقبةَ التفرّق والاختلاف فقال – تعالى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
واعلموا أيها الإخوة والأخوات, أن عملنا كشعب واحد لتحقيق أهدافنا الكبيرة ومقاصدنا العظمى تستلزم تظافر قوانا جميعاً في مسيرة واحدة، وعمل جماعي منظم وهذا كله من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأن خروجَنا على الجماعة يُضعِفنا ولا يمكننا من الوقوف أمامَ التحدّياتِ التي تهدِّد ديننا ومصالحَنا وأمنَنا واستقرارَنا، ومَن خرجَ على الجماعةِ ووليِّ الأمر فقد أسلم قِيادَه للشيطان، وقد أغضب الرحمنَ؛ لأنه قد خرج من حِصنٍ أمين وترك الحِرزَ المكين، فالجماعة تحيطُ بها عنايةُ الله تعالى ورحمته وحِفظه، وتنال مَن لزمَ الجماعةَ دعوةُ المسلمين وبركة اجتماعِهم.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مَن خرج من الطاعةِ وفارق الجماعةَ فمات ماتَ ميتةً جاهليّة، ومن قاتل تحتَ راية عمّيّة يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبيّة أو ينصر عصبيّة فقُتِل فقِتلته جاهلية، ومن خرج على أمّتي يضرِب برّها وفاجرَها لا يتحاشى من مؤمِنها ولا يفي بعهدِ ذي عهد فليس منّي ولست منه)) رواه الإمام مسلم والنسائي.
واليوم وأكثر من أي وقت مضى، ومغربنا قد عبر عتبة بوابة جديدة من البناء والتحديث والتنمية البشرية والاستثمار على مختلف الأصعدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، علينا أخذ المزيد من الحيطة والحذر من تلك القوى الشريرة الحاقدة التي ما زالت تلعب بذيلها هنا وهناك ولا تريد للبلاد والعباد إلا الهلاك. لنأخذ حِذرنا من أولئك الذين ضيعوا الأمانة، ورضوا بالخيانة، وبذلك فقد تبرأوا من الديانة والإيمان. وهم ليسوا منا.
قال الشاعر :
حرموا هداية دينهم وعقولهم هذا وربك غاية الخسران
تركوا هداية ربهم، فإذا بهم غرقى من الآراء في طوفان
وتفرقوا شيعاً بها نهجهم من أجلها صاروا إلى شنآن
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «عليكم بالجماعة فإن الذئب إنما يصيب من الغنم الشاردة».
فالاتحاد والاتفاق والإجماع أقوى القلاع في وجه من باعوا ضمائرهم وارتهنوا للشيطان، ففي الاتحاد وتشابك الأيدي تتأكد قوتنا، والحفاظ على سلامة الوطن واستقراره وليدة الرجال المتحدين، فلا يكون عمل والتعاضد مفقود، ولا يكون فشل والاتحاد موجود.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.