الإخلاص في العمل
الخطبة الاولى :
الحمد لله الذي أمرنا بالعمل..وقسَم الرزق وقدّر الأجل..نحمده سبحانه وتعالى على نعمه التي لا تعد..ونثني عليه شكرا على إحسانه الذي لا يحد..ونشهد أن لا إله إلا الله. وحده لا شريك له أحب العاملين من أهل طاعته و مرضاته..وأعد لهم جميل رضوانه وفسيح جناته، ونشهد أن سيدنا و حبيب قلوبنا محمدا عبده و رسوله، و صفيه من خلقه ورضيه و حبيبه ، نبي أخلص لهذا الدين، و هدى المؤمنين لما فيه الخير والعز والتمكين، اللهم صل وسلم عليه في الأولين و الآخرين، وارض اللهم على آله الطاهرين الطيبين و على صحابته الغر الميامين..وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..وعنا معهم بجــــــــودك و كرمك يا أرحم الراحمين
أما بعد احبتي في الله
إن مِن أحب ما يُحب الإنسان انه يحب حياة ًطيبة.وصحة جيدة،ورزقا وفيرا، والله جل جلاله، الذي خلق فسوى،.والذي قدر فهدى، جبل الإنسان على هذه المحبة، ودعاه للسعي، وأمره بالكدح و المثابرة، فقال تبارك وتعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ.{ الملك 15} . فالعمل هو جزء من الأمانة التي حملها الإنسان، .أمانة الخلافة في الأرض، و به تعمر الأرض، و تستمــــرالحياة، وكل عمل يرضاه الله لعبده ويطيع العبد به ربه، فهو عبادة .
فأنت أيها التاجر، .وأنت تتعامل كما أمر الله توفي الكيل و الميزان ولا تزيد في الأثمان، و لا تحتكر و لا تغش ، و لا تحلف إلا عن صدق و حق ، .و تقدم بضاعتك خدمة للمسلمين، أنت في عبادة. فبيعك و شراؤك عبادة .و يوم القيامة سيكون مقامك عند الله مقاما رفيعا .. وهو ما بشـّرك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال” التَّاجِرُ الصَّدُوقُ مَعَ السَّبْعَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ “.رواه البيهقي. وعنده أيضا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم التاجر الصدوق الأمين مع النبيين ، والصديقيـــــــــــن والشهداء .
و أنت أيها الفلاح الدؤوب، يا من تكدح من أجل اللقمة الحلال ، وتوفر الإنتاج، وتعرضه بأمانة، ولا تخفي الرديء تحت الطيب، أنت في عبادة ، أنت من المغفور لهم في الدنيا، بقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم ” من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له” رواه الإمام السيوطي ، وطعامك أحب الطعام، لقوله صلى الله عليه وسلم.. “ما أكل العبد طعاما أحب إلى الله من كد يده” رواه الإمام السيوطي و تفيض عليك الحسنات و ترفع لك الدرجات، من حيث لا تدري، قال صلى الله عليه وسلم” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بــــِهِ صَدَقَةٌ”متفق عليه.
وهذا حال كل عامل مخلص في عمله وكل موظف مخلص في وظيفته فكل من هو قائم بما فرض الله عليه هو في عبادة . جاء في صحيح الترغيب أن رجلا مر في الصباح الباكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم جلوس بالمسجد فرأى الصحابة مِنْ جَلَدِهِ ونَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ ، لو كان هذا الحزم، وهذا النشاط والعزم والإخلاص في طاعة الله، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :” إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَإِنْ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفـّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وتَفَاخُرًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ ” فالمؤمن يسعى ويعمل، و رب العزة تبارك وتعالى يكتب الحسنات و يرفع الدرجات.و ما دام العمل عبادة وزيادة حسنات فلا بد له من إخلاص ، والإخلاص أساس شرعنا، وهو روح ديننا، يقول الله تبارك و تعالى.. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتوُا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ { البينة 5}..
و معنى الإخلاص أيها المؤمن أن تترك النظر للمخلوق بدوام النظر إلى الخالق أي أن يكون عملك خالصا لله ولا نصيب لغير الله فيه.ولقد تنوَّعت تعاريف العلماء للإخلاص ،
ولكنها تصبُّ في معين واحد وهو أن يكون قصد الإنسان في سكناته وحركاته وعباداته الظاهرة والباطنة خالصة لوجه الله تعالى لا يريد بها شيئاً من حطام الدنيا أو ثناء الناس .
قال الفضل بن زياد : سألت الإمام أحمد بن حنبل ـ سألته عن النية في العمل ، قلت : كيف النية ، قال : يعالج نفسه إذا أراد عملاً لا يريد به الناس ..أن يعالج نفسه فإذا أراد عملاً لا يريد به إلا وجه الله تبارك تعالى.قال أحد العلماء : نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى لا يمازجه نفسٌ ولا هوىً ولا دنيا .
عباد الله
إنَّ شأن الإخلاص مع العبادات بل مع جميع الأعمال ، حتى المباحة لعجيب جداً ، فبالإخلاص يعطي الله على القليل الكثير ، وبالرياء وترك الإخلاص لا يعطي الله على الكثير شيئاً .ولذلك لما توجه الكفار بعبادتهم لغير الله واتبعوا في حياتهم الانحراف عن طريق الله أمر الله تبارك و تعالى حبيبه محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله عز وجل قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام 162-163 } فالعمل كله عبادة ً و معاملة يجب فيه التوجه إلى الله كله بفضله و عونه وكله في سبيل مرضاته من أجل الفوز بحياة طيبة وأخرى رغيدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابْتُغِي به وجهُه “(رواه الإمام الطبراني) فكل قول و كل عمل لا خير فيه إذا غاب عنه الإخلاص .بل ينقلب من الخير إلى الشر و من الجزاء إلى العقاب فالعبادة التي من أجلها خلقنا و بها أمرنا إنما أساسها الإخلاص و التعامل الذي به نحيا إنما أساسه الإخلاص .فاحذر أخي في الله ، احذر من العمل من أجل الربح فقط .دون توكـّـل على الله ولا تقل أنا أعمل لأكسب دون ذكر الله ولكن قل أنا بعون الله أعمل
و بفضل الله أكسب و لا تستعن إلا بالله و لا تتوجه إلا إلى الله ، يقول رب العزة تبارك و تعالى في حديثه القدسي: ” أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه” فاحذر أيها المؤمن أن تكون كعابد بني إسرائيل، جاءه قومه، قالوا له: إن هناك قومًا يعبدون شجرة، ويشركون بالله؛ فغضب العابد غضبًا شديدًا، وأخذ فأسًا؛ ليقطع الشجرة، وفي الطريق، قابله إبليس في صورة شيخ كبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ فقال العابد: أريد أن أقطع الشجرة التي يعبدها الناس من دون الله. فقال إبليس: لن أتركك تقطعها، وتشاجر إبليس مع العابد؛ فغلبه العابد، وأوقعه على الأرض. فقال إبليس: إني أعرض عليك أمرًا هو خير لك، فأنت فقير لا مال لك، فارجع عن قطع الشجرة وسوف أعطيك عن كل يوم دينارين، فوافق العابد. وفي اليوم الأول، أخذ العابد دينارين، وفي اليوم الثاني أخذ دينارين، ولكن في اليوم الثالث لم يجد الدينارين؛ فغضب العابد، وأخذ فأسه، وقال: لابد أن أقطع الشجرة. فقابله إبليس في صورة ذلك الشيخ الكبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب ؟ فقال العابد: إلى الشجرة أقطعها. فقال إبليس: لن تستطيع، وإني أمنعك من ذلك، فتقاتلا، فغلب إبليسُ العابدَ، وألقى به على الأرض، فقال العابد: كيف غلبتَني هذه المرة؟! وقد غلبتُك في المرة السابقة! فقال إبليس: لأنك غضبتَ في المرة الأولى لله -تعالى-، وكان عملك خالصًا له؛ فأمَّنك الله مني، وكان في عونك فغلبتني، أمَّا في هذه المرة؛ فقد غضبت لنفسك لضياع الدينارين، فهزمتـُك وغلبتـُك. . فاحذر أخي في الله أن تتوجه بأي عمل أو قول لغير الله واجعل أقوالك و أعمالك خالصة لوجهه الكريم واجعل سرك و علانيتك سواء واجعلهما لله، فهو الذي أمرك بالسعي والإجتهاد، بتفان و إخلاص في الحلال الطيب، وضمن لك الرزق، حتى لا تنشغل عن طاعته ، ولا تتجاوز مرابع الحلال الى مراتع الحرام. قال تبارك وتعالى” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ”{ هود 6 }. فالرزق على الله ،وما على المؤمن إلا السعي، في حدود الحلال، فلا يركن إلى الكسل، ولا يلهث وراء زخارف النفس و بوراق الأمل ، فديننا دين الوسطية،ودين الحكمة والاعتدال، .يعمل المؤمن بإخلاص، و يكد ويجتهد، داخل دائرة الحلال، لأن الرزق، هو عطية ربانية يسوقها الله لمن يشاء من عباده ، إعانة لهم على طاعته، . فالمال مال الله و نفقته في طاعة الله عبادة، و نفقته في غير هذا الوجه عصيان، وكفر بما وهب الله، ولله خزائن السماوات والأرض ، ففيها أرزاق خلقه ينزل ما يشاء على من يريد، بالقدْر الذي قضاه في قدَره، يقول الله تبارك وتعالى “وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ”{الحجر 21}. ولذلك حين يتأمل الإنسان ما يجري في الحياة يذهل ويعجب قد يتحير الناس عند موت صاحب الأسرة وإذا بالرزق ينساب لتلك الأسرة أوفر مما كان عليه قبل موت عائلها فما بات جوعان إلا من قدَر على الارتزاق وتكاسل عليه ولم ينهض ليعمل و يكدح بكل تفان واخلاص ليتسلم رزقه.أما من أقعده الله، فالله ضامن رزقه، فما على المؤمن إلا الكد و الاجتهاد بعزم و أخلاص ، في حدود الحلال الطيب و الله هو الرزاق، يرزق من يشاء بغير حساب .اللهم اكتب لنا الرزق الطيب الحلال ، واجعلنا من العاملين بهديك في كل مجال، اللهم اهدنا بنورك إليك، وارزقنا الاعتماد و التوكل عليك. أقول قولي هذا.. واستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، تفرّد عزًّا وكمالاً، واختصّ بهاءً وجمالاً وجلالاً، أحمده سبحانه وأشكره، تقدّس وتنزّه وتبارك وتعالى، وأسأله جلّ في علاه صلاحَ الشّأن كلّه حالاً ومآلاً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، أمرنا بعبادته وطاعته غدوًّا وآصالاً، وحذّرنا مغبّةَ التفريط لهوًا وإغفالاً، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسوله أزكى الورَى خِصالاً، وأسنَى البريّة خِلالاً، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين بلغوا من السّؤدَد ذُراه، وتفيّؤوا من المجد ظلالاً، والتّابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
احبتي في الله: لقد كان السلف الصالح -رحمهم الله- يحرصون على أن لا يدخل في عملهم شيء من الرياء قلَّ أو كثر، وكانوا يحرصون على إخفاء العبادة، وعلى أن يكون للواحد منهم خبيئة بينه وبين ربه لا يعلم بها أحد غير الله؛ لأن التصنع للناس ومراءاتهم قد تحبط العمل على صاحبه، يقول ابن القيم عند قول الله سبحانه: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان: 23]: “هي الأعمال التي كانت على غير السنة وأريد بها غير وجه الله”. ويقول أيضًا: “أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبع مكملة، وإن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد”.
فالإخلاص هو القاعدة الأولى التي تبنى عليها العبادة وتتم بها بجانب المتابعة، وتجعلها موجهة إلى الله وحَرِيَّة بقبوله ومثوبته، فالعبادة -أيًّا كانت فعلية أو قوليه- لا تسمى عبادة ولا تكون نافعة إلا إذا صدرت من مؤمن وتوفر فيها الإخلاص لله والمتابعة لرسوله –صلى الله عليه وسلم-.
والإخلاص الذي يريده الله ويتوقف عليه قبول العمل هو إفراد الحق تعالى بالطاعات، وقصده بها دون غيره، وتجريدها وتصفيتها من قصد المحمدة أو الثناء أو معنى آخر سوى التقرب بها إلى الله وحده، وأن يكون باطن العامل كظاهره أو أحسن، وسره كعلنه أو أفضل، وأن يخشى الله ويراقبه في الظاهر والباطن. يقول ابن القيم -رحمه الله-: “لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما في أيدي الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت”.
وبالإخلاص يثاب العبد ويؤجر على العمل، حتى ولو كان ذلك العمل دنيويًا، يقول –صلى الله عليه وسلم-: “إنك لا تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في في امرأتك”. رواه البخاري.
وقال أيضًا: “وفي بضع أحدكم صدقة”، قالوا: يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: “أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر”. رواه مسلم.
وبالإخلاص تجاب الدعوات، وتكشف الكربات والشدائد، وينجو العبد من الفتن، ويدل على ذلك حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت في الغار، فانطبقت عليهم الصخرة، فنجاهم الله بإخلاصهم وبأعمالهم الصالحة.
والإخلاص مصدره نية القلب، والنية هي معيار العمل ومقياسه العادل الذي تتميز به الأعمال طيبها من خبيثها، وصحيحها من فاسدها، ومقبولها من مردودها، ونافعها من ضارها. فالطاعات تتفاوت ويتفاوت أجرها بتفاوت النية فيها، وبما قام بالقلب منها.
فالإخلاص مسك القلب وماء حياته، ومدار الفلاح كله عليه، فاعلم أنك متى ما عودت نفسك مراقبة الله في أحوالك كلها أورثك الله خشيته ووهبك محبته؛ وذلك لأنك حينما تستحضر معية الله في أقوالك وأفعالك فإنما تعبد الله بالإحسان، والإحسان كما قال –صلى الله عليه وسلم- هو: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”. رواه مسلم.
احبتي في الله
اخلصوا التوبة لله يقبلها ، وأصلحوا الأعمال لله يضاعفها، واتبعوا الحسنة السيئة تمحها،و توجهوا إلى رحمة ارحم الراحمين، والجأوا إلى فارج الكربات ومجيب الدعوات ، تضرعوا إليه وارغبوا فيما عنده وألحوا في الطلب واعزموا القصد فإن ربنا جواد كريم رؤوف رحيم، خزائنه ملأى ، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابةِ، وأكثروا من الاستغفار، عسى ربكم أن يرحمكم ، فيغيثَ القلوب بالرجوع إليه .
هذا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله، عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية أصحاب محمد أجمعين، وعن التابعين وتابع التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين…
اللهم ادفع عنا الغلاء والبلاء والوباء والربا والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
، والبهائم الرتع، والشيوخ الركع، وارحم الخلائق أجمعين.
اللهم إن بالبلاد والعباد والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو إلا إليك اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً. اللهم اسقنا سقيا نافعة واسعة تزيد بها في شكرنا، وتوسع فيها على فقرائنا وتحيي بها أرضنا، أنت الحي فلا تموت وأنت القيوم فلا تنام بك نصول ونجول وعليك التكلان.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المومنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .
اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .اللهم ، اشفه أنت الشّافي لا شافي إلّا أنت. وخذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واحفظه بعزّك الّذي لا يضام. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول ويا خير مأمول..
عباد الله:
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.