البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله

برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله مولانا أمير المومنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة اختتام الندوة العلمية الدولية لتخليد الذكرى الثانية والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير التاريخية بالعيون

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين.

مولانا أمير المومنين، السلام على جنابكم ومقامكم العالي الشريف،
بعد تقديم فروض الطاعة والولاء،

يتشرف خادم الأعتاب الشريفة، خادم الطريقة البصيرية وخادم أهل الله بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير، باسمه ونيابة عن أفراد أسرة آل البصير ومريدي الطريقة البصيرية وشيوخ وأعيان أقاليمكم الجنوبية بالصحراء المغربية الحاضرين وكافة العلماء والأساتذة المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، التي شرفت وسعدت بسابغ رعايتكم المولوية السامية، أن يرفعوا إلى مقامكم السامي الفخيم أصدق آيات الولاء، وأزكى عبارات الإخلاص والوفاء، بمناسبة اختتام هذه الندوة العلمية الدولية التي تم خلالها تخليد الذكرى الثانية والأربعين لانتفاضة المجاهد الفقيد سيدي محمد بصير تحت شعار: “أهل التصوف وضرورة الحضور الإيجابي في المجتمع الإسلامي”.

وقد استحضر العلماء والأساتذة والحقوقيون سواء منهم المغاربة أم الأجانب الذين قدموا من بلدان عديدة من العالم العربي والإسلامي والغربي، وهم يخلدون هذه المناسبة العظيمة في مقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط إقليم أزيلال، يومي 16 و17 يونيو 2012م، ما يتحلى به أهل التصوف عموما من أخلاق عالية وخصال حميدة ما أهلتهم إلى أن يكون حضورهم الدائم في مجتمعاتهم حضورا إيجابيا، رافعين على الدوام شعار بذل النفس للمسلمين، واستحضروا بشكل خاص الحضور الإيجابي للزاوية البصيرية في مجتمعها منذ انطلاقتها الأولى من الصحراء إلى أن استقر بها الأمر في جبال الأطلس المتوسط ببني عياط، وهي إلى اليوم تنشد أن يكون حضورها بين بني قومها إيجابيا نافعا.

سيدي أعزك الله
وفي طليعة هؤلاء الأخيار من مواطني مملكتكم الشريفة الأتقياء الأبرار، نجد سيدي محمد بصير – صاحب الذكرى – يا مولاي، الذي استفاد من معين تربية زاوية والده الصوفية، فآثر الإيجابية على السلبية، وكان حضوره في الصحراء المغربية بين بني عمومته الصحراويين من مختلف القبائل إيجابيا بحق، فخيب الله على يده مساعي المستعمرين الذين كانوا يطمعون في تبعية الصحراء لهم إلى يوم الدين، ولا أدل على حضوره الإيجابي من أن انتفاضته عام ألف وتسعمائة وسبعين شكلت منعطفا هاما غيَّر مجرى الأحداث في الصحراء المغربية، وبهذا شهد له القاصي والداني والعدو قبل الصديق.

وبخصوص صاحب الذكرى، يسعدنا أن ننهي إلى كريم علمكم أن عائلة آل البصير قد باشرت دعوى المطالبة بالكشف عن مصيره أمام المحاكم الإسبانية، وكيف لا وهو يعد واحدا من أشاوس مواطنيكم الأوفياء الذين نالهم الاختفاء القصري في جبهات الدفاع عن بلاده ووطنه، وهي قضية سابقة من نوعها للنبش في ذاكرة الماضي فيما يتصل بالاستعمار الإسباني.

وكل أملنا أن تتحلى المحكمة الإسبانية بالشجاعة والجرأة والنزاهة لتقول كلمتها الصادقة في هذه القضية العادلة المسكوت عنها ما يزيد عن أربعين سنة، ونلتزم وفاء بالبيعة المطوقة للأعناق بإخبار جنابكم العالي بكل جديد له علاقة بهذه القضية، قضية الوطن.

إننا اليوم وباختتام أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، غدونا جد مقتنعين بضرورة الحضور الإيجابي النافع لأهل التصوف في مجتمعاتهم أولا، والتقريب واتحاد الرؤى بين مختلف دول العالم الإسلامي ثانيا، والسير على خطى أولئك الأوائل من سالف أهل التصوف رحمة الله عليهم الذين كانوا يضطلعون بالأدوار نفسها.
وفي هذا المقام يا مولاي، نعاهد الله ونعاهدكم على دوام الحضور الإيجابي الفعال النافع في المجتمع، وبذل قصارى جهودنا في إيصال النفع وبذله للخلق والناس أجمعين، اقتفاء بآثاركم الحميدة منذ أن ولاكم الله أمر هذا البلد العزيز، فأنتم خير من يمثل نموذج الرجل الإيجابي في مجتمعه، فمشاريعكم الإيجابية التنموية الكبرى عمت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، ونهضتكم الحازمة، وإصلاحاتكم الشاملة في عهدكم الزاهر زادها الله وقواها آمين.

وفقكم الله الكريم لتحقيق جميع الأماني والآمال، وأمنكم في الحل والترحال، وبارك في جميع الإصلاحات والأعمال، وسدد الخطى والأفكار، وأقر عينكم بولي عهدكم صاحب السمو الملكي المحبوب المولى الحسن، وشد أزركم بشقيقكم المولى الرشيد، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، والسلام على المقام العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته.

إمضاء
إسماعيل بصير
خديم الأعتاب الشريفة
خادم الطريقة البصيرية
الزاوية في يوم الأحد 27 رجب الفرد 1433هـ، الموافق لـ 17 يونيو 2012م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *