خطبة صلاة الإستسقاء
خطبة صلاة الاستسقاء
الدكتور مولاي عبد المغيث بصير
أستغفر الله العظيم إن الله غفور رحيم 7مرات
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم على ذكره.
أما بعد فيا عباد الله، يقول الله تعالى: “وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله”، ويقول سبحانه: ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض”، وقال عز وجل: ” وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ”، وروي الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سليمان عليه الصلاة والسلام خرج يستسقي فرأى نملة مستلقية، وهي تقول: ” اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم”، تأملوا عباد الله، هذه حشرة صغيرة، هذه مخلوق صغير من أصغر مخلوقات الله، هذه نملة تتضرع إلى الله وتشتكي إلى الله فاستجاب الله دعاءها، فماذا فعلنا نحن؟، نحن الذين خلقنا الله في أحسن تقويم، وسوانا فعدلنا، وكرمنا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا. وأكرمنا بالنعم التي لا تحصى عددا.
عباد الله، لقد ابتدأ الموسم الفلاحي الجديد كما علمتم موسوما بشح وقلة في الأمطار يصاحبه برد قارص يهز الأبدان وغمام أسود متراكم، يجعلنا أحيانا نتأكد من نزول سحائب الخير، وماهي إلا دقائق حتى ينجلي كل ذلك، فنفاجأ بالشمس المحرقة، وكأننا في فصل الصيف، يحدث كل هذا التقلب رغم أن ثلة من المؤمنين الصادقين ومنذ بدء إرهاصات العام الفلاحي الجديد وهم يتضرعون إلى الله خاشعين أن ينزل الأمطار، فاستمر الحال على ما هو عليه، أفلا تدعونا هذه الحالة أن نتساءل عن أسباب انحباس المطر عنا؟، وإني لأعجب عباد الله لمن يعيش حالا كحالنا هذه، أو من يعاني ويشتكي من إكراهات وتحديات وصعوبات كثيرة لا قبل له بها، ولا يخصص وقتا للدعاء والتضرع والتذلل لربه وخالقه، فمن سيفرج عنا إذن إذا لم ندع الله عز وجل خالق كل شيء؟ ومن سيمدنا بالحول والقوة إذا لم ندع الله عز وجل؟ ومن سيوفقنا إذا لم ندع الله عز وجل؟ ومن سيكرمنا ومن سيبارك لنا في كل شيء إذا لم ندع الله عز وجل؟ ومن سييسر لنا؟ ومن سيعيننا غير الله عز وجل؟ ومن سيغيثنا إذا لم يغثنا الله عز وجل؟ ومن ومن غير الله عز وجل؟ فأين هم الذين يتذكرون؟ وأين هم الملتجئون؟ وأين هم المتبتلون؟ وأين هم الخاضعون لله عز وجل؟، وأين هم المتوكلون الذين يقومون بالأسباب ويعولون على الله عز وجل؟ تأملوا ودققوا في قوله سبحانه وتعالى: ” قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ؟”، نعم عباد الله، فمن يأتيكم بماء معين؟
هذا الحال ينادينا جميعا أن ارجعوا إلى ربكم بتوبة صادقة أن اصطلحوا معه، فإنكم إن فعلتم ذلك أبدل الله سبحانه وتعالى البأس خيرا والمصيبة نعمة والعسر يسرا،
جدير بنا عباد الله، ونحن ننتظر الكرم الإلهي من مولانا وخالقنا ورازقنا، وننتظر أن يجود علينا بسحائب الخير، أن نذكر ببعض الذنوب والمعاصي التي إن تلبسنا بها انحبس المطر، لنعمل على تجنبها والتوبة منها.
أول تلك الأسباب، ذكرها رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه ابن ماجة والبيهقي عن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:” أقبل علينا رسول الله ﷺ فقال:” يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن”…فذكر منها: “ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة”، فذكر هنا التطفيف في المكيال والميزان وأنه سبب للضيق الاقتصادي، ويلحق بذلك الذين يبيعون السلع التي يمضي تاريخ صلاحيتها للناس على أساس أنها لازالت صالحة، وغير ذلكم من صور الغش والنصب التي عمت بلواها، وثاني الأسباب منع الزكاة، وهو سبب رئيسي لانحباس الغيث من السماء، فقد ورد في الحديث السابق ذكره، أنه ﷺ قال أيضا:” ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا”. وهناك سبب آخر توقف عنده الكثير من العلماء عندما قالوا: وكلما كثر الزنا، وقل ماء الحياء في الوجوه قل ماء السماء، وهناك سبب أخير وهو كفران النعمة، يقول سبحانه وتعالى في ذلك:” وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”.
هذه عباد الله هي أهم الأسباب، فلنعمل على تجنبها، ولنعمل على توجيه أهلينا وذوينا وأصدقائنا وأهل مجتمعنا إلى الرجوع إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار وتأكيد التوبة الصادقة وتجديد البيعة لله والتصالح معه، والخروج من المظالم وأداء الحقوق لأصحابها، وإظهار التذلل والافتقار والتواضع لله، والإكثار من الصيام والتصدق، وترك الشحناء والعداوة والبغضاء في علاقتنا مع الناس، والتقرب إلى الله تعالى بشتى أنواع الخير، كالإحسان إلى الفقراء وإطعامهم لأنه من أطعم أطعم، ومن أحسن أحسن إليه، ومحاسبة النفس، بترك سائر أنواع الغش وترك التطفيف في المكيال والميزان، ودفع الزكاة لمستحقيها، وترك الزنى وأكل الحرام وسائر أنواع المعاصي والآثام، علاوة على شكر النعم وعدم كفرها واحتساب كل ذلك لله تعالى، فإننا إن فعلنا فكونوا متأكدين بأنه عز وجل سيبدل حال العسر باليسر، وسيكرمنا بالغيث والمطر النافع، كما ينبغي أن ندعو الله لإخواننا الشاردين والتائهين عن رحابه أن يردهم الله إلى دينه وطريقه ردا جميلا، وأن يملأ قلوبهم هداية وإيمانا ومحبة له ولرسوله، هؤلاء لا ينبغي أن نكرههم، هؤلاء ينبغي أن نذكرهم وندعو الله لهم باستمرار، ونسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية الدائمة.
اللهم يارب إنك تعلم أن نبينا سيدنا محمدا ﷺ كان يستسقي فتسقيه ومن معه، وأن الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يستسقون إليك بنبينا سيدنا محمد ﷺ وبسيدنا العباس بن عبد المطلب، عم نبينا فتسقيهم، فإنا اليوم نتوسل إليك بحبيبنا سيدنا محمد ﷺ الذي نحبه ونقتفي أثره، ونتوسل إليك بآل بيته الطيبين الطاهرين، ونتوسل إليك بالأنبياء والشهداء والصالحين أحياء ومنتقلين، ونتوسل إليك بالأطفال الرضع والعباد الركع والبهائم الرتع أن تسقينا، ونقول كما كان نبينا يقول: «الحَمْدُ لِله رَبِّ العالَمين، الرَّحْمن الرَّحيم، ملِكِ يَوْمِ الدين، لا إله إلا اللهُ، يَفْعَلُ ما يُريد، اللهُم أَنتَ الله لا إله إلا أنت، تَفْعَل ما تُريدُ، اللهُم لا إلا إله إلا أَنْتَ، أَنْتَ الغَنيُ وَنَحْن الفُقَراءُ، أَنْزِل عَلَينَا الغَيْثَ، واجعَل ما أَنْزَلْتَه علينا قُوَّةً لَنَا، وَبلاغَا إلى حين». أمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم,
الخطبة الثانية:
أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه 5 مرات
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد فيا عباد الله، إن الله عز وجل يحب الملحين في الدعاء والمكثرين منه، ويحب من عباده أن يظهروا الافتقار إليه والتذلل بين أعتابه، وكثرة دعائه وذكره، وأنهم كلما فعلوا ذلك إلا واستجاب لهم بفضله وبحوله وقوته ما لم يعجلوا، كأن يقول أحدنا: دعونا فلم يستجب لنا، ويستجاب لنا مالم نستهزأ كأن يقول أحدنا: إنهم رأوا مسبقا في أخبار الأحوال الجوية بأن الأمطار ستسقط فهرعوا يطلبون الدعاء، ويستجاب لنا مالم نعبر عن سخطنا، ولنعلم عباد الله، بأن هذه أحوال اليائسين من روح الله، قال الله تعالى: “وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ”، واليأس هو قطع الرجاء وعدم الرغبة في فضل الله، وهو من كبائر الذنوب كالقنوط من رحمة الله والعياذ بالله، قال الله تعالى: “قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ”، فعلينا إذن معاشر المسلمين أن نكثر من الدعاء فرادى وجماعات، وألا نمل من تكراره، فإن رحمة الله قريب من المحسنين. ونسأله عز وجل أن يستجيب لنا بفضله وكرمه وجوده وإحسانه أمين.
عباد الله، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
والآن حولوا ألبستكم تفاؤلا بأن يغير الله تعالى حالنا، فينزل المطر علينا، وادعوه مستقبلين القبلة وأيقنوا بالإجابة
إني داع فأمنوا، فإن الله يحب الملحين في الدعاء، واستشفعوا إلى الله سرا بخالص أعمالكم
الحمدلة والتصلية
اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا طبقا دائما
اللهم اسقنا مطرا منقذا من الشدة بإروائه طيبا لا ينغصه شيء محمر العاقبة ذا ريع ونماء كثير الماء والخير يجلل الأرض ويعمها مطبقا على الأرض ومستوعبا لها إلى أن تنتهي حاجتنا منه
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت
اللهم إن بالعباد والبلاد والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما نشكو إلا إليك
اللهم أنبت لنا الزرع وإدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وانبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الأزمة، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا
اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، إنك لا تخلف الميعاد
الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغا إلى حين
اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا محق ولا بلاء، ولا هدم ولا غرق
الدعاء لمولانا أمير المؤمنين وكافة المسلمين.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين