المسيرة الخضراء دروس وعبر
الحمد لله رب العالمين أكرمنا سبحانه وتعالى بالإسلام وجعلنا خير أمة أخرجت للناس وأخرجنا بفضله من الظلمات إلى النور، وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله حيث أمرنا في كتابه الكريم فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، آل عمران 102. وجعل سبحانه وتعالى الأمان والاستقرار والفرج في تقواه فقال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب)، الطلاق 2. 3 فاللهم اجعلني وإخوتي من المتقين
ثم أما بعد:
إن في تاريخ كل بلد وشعب أيام مشهودة وذكريات وطنية مجيدة ، حافلة بالمعاني والعبر، يعتز بها، ويستحضرها، ويرى فيها جانبا من تاريخه الحافل، وجهاده الوطني المتواصل، الهادف إلى الحفاظ على وجوده وشخصيته، وعزمه وحريته، وكرامته وحضارته، يستخلص ما يقوى عزمه وإرادته ليواصل مسيرته الحضارية وبناء صرحه الشامخ من السؤدد والفخر في خطوات موفقة نحو مدارج الرقي والكمال المنشود .
وإن من أعظم تلك الذكريات التي يستحضرها المغرب كل سنة في تاريخه الحديث ذكرى المسيرة الخضراء التي كانت نقطة تحول في تاريخ المغرب وكانت بحق حدث القرن العشرين، حيث أدهشت العالم وأعطت مغربا جديدا قويا متماسكا .ويرجع الفضل في إبداعها وتنظيمها إلى العبقرية الفذة لرائد الأمة المغربية وقائدها الملهم الحسن الثاني طيب الله تراه .
لقد كانت المسيرة الخضراء أسلوبا حضاريا فريدا ورائعا برز فيه المغرب وهدف من خلاله إلى استكمال وحدته الترابية واسترجاع أقاليمه الصحراوية المغتصبة وإلى صلة الرحم مع أبنائه البررة الذين ظلوا دائما متمسكين بوطنيتهم المغربية الصادقة متشبثين بوفائهم وبيعتهم لمولوك الدولة العلوية الشريفة.
عباد الله:
إن تخليد المغاربة لذكرى المسيرة الخضراء سيظل موعدا سنويا متجددا ومحطة لإبراز الحس الوطني لذى المغاربة وحرصهم الشديد على الدفاع عن قضاياهم ، كما يعد دفعة معنوية قوية لمواصلة مسيرة البناء والتشييد والنماء ومتطلبات التحديث والإصلاح. إنها لحظة قوية لاستحضار الأمجاد، ستظل منقوشة بمداد من فخر في سجل الذاكرة الحية للمغرب، الذي يواصل مسيرته المباركة نحو مدارج التقدم والرخاء تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتشكل هذه الذكرى كذلك مناسبة ووقفة للتأمل، توحي بواجب الاعتزاز بالوطن، والتشبع بالحس الوطني في خدمته والدفاع عنه، والنهل من ينابيع الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية التي يطفح بها تاريخ المغرب التليد، الزاخر بالأمجاد والملاحم والبطولات، والذي جسد حدث المسيرة الخضراء الغراء إحدى حلقاتها الذهبية التي يعتز بها المغاربة ويفخرون بتراثها النضالي الخالد.
عباد الله: إن المغاربة وهم يخلدون هذه الذكرى المجيدة، التي تشكل محطة تاريخية ذات دلالات عميقة وإشارات دالة على حدث يؤرخ لصفحات مشرقة من النضال المغربي الذي خاضه السلف ويتممه الخلف في مسيرة تحقيق واستكمال الوحدة الترابية، يستحضرون ما تزخر به من قيم ومثل عليا ومعاني سامية تستلهم الناشئة والأجيال الجديدة من أقباسها في مسيرات الحاضر والمستقبل، إعلاء لصروح المغرب الجديد، وتعزيز مكانته المتألقة وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.كما أنهم يستحضرون قيم الروح الوطنية والمواطنة الصالحة التي تنطق بها بطولات وروائع الكفاح الوطني دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والمقومات التاريخية، واستلهام دروسها وعبرها لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل التي يرعاها ويقودها أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس لبناء مغرب حداثي ديمقراطي متقدم ومتضامن ينعم فيه أهله بنعمة الأمن والاستقرار والطمأنينة والحياة الرغدة والكريمة من طنجة إلى الكويرة.
ففي مثل هذا اليوم السادس من نونبر من سنة 1975، انطلقت حشود المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي، ومن سائر ربوع الوطن، بنظام وانتظام، في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني، حاملين القرآن الكريم والأعلام الوطنية، متسلحين بالصبر وقوة الإيمان والعزيمة الراسخة لإحياء صلة الرحم مع إخوانهم في الصحراء المغربية. سيرا على هدي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال:”وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” رواه البخاري. وقَوله ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ» رواه مسلم.
عباد الله
لقد حققت المسيرة الخضراء غايتها، وأصاب سهمها الهدف الأسمى، واسترجع المغرب وحدة ترابه التاريخية المعهودة. (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) نعم لقد وقف العالم إجلالا لهذه المسيرة التي أصبحت لتاريخ المغرب عنوانا، وكبر لهذا الشعب المغربي في انتفاضته الكبرى وثورته البيضاء، وملحمته الخالدة التي جسدت مدى عمق تشبث المغاربة بكل فئاتهم وشرائحهم، بمغربية الصحراء وبالعرش العلوي المجيد، حيث سار، تلبية لنداء الراحل الحسن الثاني، 350 ألف مغربي ومغربية مسلحين بقوة الإيمان ومؤمنين بقضيتهم العادلة، بنظام وانتظام،”لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم”. ولكن الله وحب الوطن ألف بين قلوب المغاربة وساروا في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني، وأظهروا بأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه، للعالم أجمع، قوة وصلابة موقف المغرب في استرجاع حقه المسلوب وإنهاء الوجود الاستعماري بأقاليمه الجنوبية. وذلك من خلال مسيرة سلمية خضراء حققت بفضل الله وكرمه أهدافها وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، سلاحها الإيمان والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق والدفاع عنه.مصداقا لقوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) سورة البقرة. وتطبيقا لدعوته تعالى عباده المؤمنين باعتزال القتال اثر جنوح المشركين للسلم حيث قال: (فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا).
عباد الله
لقد أظهرت هذه المسيرة، الفريدة من نوعها على مستوى العالم، مدى التلاحم بين الملك وشعبه الأبي، الذي أبان للعالم اجمع أسمى تجليات الإخلاص للوطن وتصميم كافة المغاربة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، على استكمال الوحدة الترابية لبلادهم، لقد كانت أقوى دليل على رابطة الولاء القائمة بين الملك والشعب المغربي، وصيانة لتقاليد البيعة المتجذرة في التقاليد التاريخية بالمغرب، بسلوك لا يجادل أحد في نجاعته وسلامته الموضوعية، سلوك يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يلح على فض المنازعات الدولية بالوسائل السلمية. واستحضارا لقوله عز وجل: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)
عباد الله
إن الشعب المغربي إذ يخلد في هذا اليوم العظيم الذكرى الأربعين لمسيرة الوحدة فما ذلك إلا تجسيدا للمواقف الثابتة للمغرب في الدفاع عن مقدساته واستكمال وحدته الترابية، بالرغم من المناورات اليائسة لأعداء وحدتنا الترابية وبالرغم من حقد الحاقدين وكيد الكائدين والذين حق فيهم قوله تعالى (يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)، ومصداقا لقوله تعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحــــده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله.. اللهم صلِّ وسـلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد
لقد كانت المسيرة الخضراء مسيرة فتح ، وكان هدفها استرجاع الحق المسلوب، وسلاحها ذلك التجاوب المثالي بين العرش والشعب وتلك الوحدة المتراصة والإيمان بالمشروعية ،وكانت بحق مسيرة الدروس والعبر التي تقتضي منا الوقوف عندها واستخلاص معانيها وتمريرها بكل فخر واعتزاز لأبناءنا وبناتنا جيل المستقبل .وتذكيرهم بها لقوله تعالى:
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنين)، ونحن من موقعنا دعونا نسجل جملة من الدروس البليغة والفوائد النفيسة سائلين المولى جل جلال أن ينفعنا بها:
وأولها: فهي مسيرة خضراء، ومن هذا الاسم تُفهم طبيعتها. فهي رمز للسلم وعنوان له… وإشارة إلى أن السلم مع الحق أقوى من الحديد مع الظلم.
ورسالتها الخضراء تقول: إن إرادة الشعوب ووحدتها أقوى من الظلم والجبروت والحديد والنار. فالقوة في هذه الحياة لا تختزل في القوى المادية بل قوة الحق والمنطق أقوى وأبلغ. وإرادة الشعوب أثبت من الجبال الرواسي.
ثانيها:أبانت المسيرة الخضراء على أن هذه الأمة فيها خير كثير، وعاطفة دينية متأججة، واستعدادات قيمة هائلة، وطموح عظيم إلى الوحدة، وحماسة وطنية خالصة، واستعداد منقطع النظير لخدمة الأمة وقضاياها الكبرى. فما إن هيأ الله لها ملكا عبقريا وقائدا كفؤا وزعيما ملهما هو الحسن الثاني رحمه الله، حتى هبت إلى الاستجابة له والسير خلفه والتضحية بالنفس لجمع شمل البلد وتوحيد صفه.
ثالثها: هذا البلد الحبيب لا يمكن أن يحقق شيئا يذكر ويشكر إلا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنه لا يمكن قيادة الأمة ولا توجيهها إلا بهذا النفس وبهذا الخطاب. لذلك كانت العاطفة الدينية الإسلامية القرآنية هي الحافز الأساسي للمجاهدين في مسيرة الاستقلال.
فلا سبيل إلى الاستقلال والتحرر إلا بالوحدة والاتحاد، ولا وحدة إلا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع نية “تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي” وقد تجلى هذا المعنى بشكل عجيب في المسيرة الخضراء. فمبدعها الملك الملهم رحمه الله، لم يسلح الناس بالأسلحة الثقيلة ولا الخفيفة، ولم يرسل معهم جيشا عرمرما من المقاتلين… وإنما سلحهم بكتاب الله، وحمسهم بالتضحية من أجل دينهم ووطنهم وملكهم… فسارت الجموع إلى تحقيق هدفها من الوحدة.
رابعها: بينت المسيرة الخضراء طبيعة العلاقة بين المغاربة وملوكها من المحبة والتعلق والتفاني، وهي نعمة عزت في دول كثيرة. فهذه دول عن اليمين واليسار والشمال والجنوب لا تعرف استقرارا ولا هدوءا لافتقارها إلى علاقة الود والتطاوع بين الراعي والرعية. والله تعالى عصم المغرب من هذه القلاقل وجمع شمل المغاربة ملكا وشعبا، فلله الحمد والمنة.
وهذا هو النَّفس نَفْسه الذي يحافظ عليه ويجدده جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وذلك بحرصه على وحدة المغرب واستكمال حريته وحفظ أمنه واستقراره، وقيادة مسيرة التنمية، مسيرة التحرر من الفقر ومن الأمية .
خامسها: أيها الإخوة المؤمنون، إن من الوفاء لقائد المسيرة الخضراء المظفرة جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، ومن الوفاء للمجاهدين وعلى رأسهم جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله، أن نغتنم هذه الفرصة المتجددة من تاريخ بلدنا لنؤكد على قيمة الوحدة بين المؤمنين وجمع شمل المسلمين وضرورة التحرر من المحتلين ماديا وفكريا وعقائديا وحضاريا. فهي فريضة شرعية وضرورة تنموية.
فهي فريضة شرعية لأن الله تعالى أمر المؤمنين بالوحدة فقال سبحانه:( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، الأنبياء 92، ونهى سبحانه الجميع عن التنازع والتمزق فقال سبحانه: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، الأنفال 46. وبين سبحانه أن ذلك لا يتم إلا بالقرآن والإسلام فقال سبحانه: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، آل عمران 103.
عباد الله
لإن كان جلالة المغفور له الحسن الثاني قد حرر الصحراء المغربية وتفتقت عبقريته بالمسيرة الخضراء المظفرة فإن أمير المؤمنين الملك محمد السادس أبى حفظه الله إلا أن يسير على درب ونهج والده المنعم وان يولي أقاليمنا الجنوبية ما تستحقه من عناية واهتمام ويقف في وجه مخططات خصوم وحدتنا الترابية قاطعا الطريق أمام محاولاتهم الفاشلة لزعزعة استقرار المغرب وتمزيق وحدته. ومن هذا المنطلق فقد طرح المغرب وبهدي من جلالته المبادرة الحكيمة والشجاعة لمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية، وهي المبادرة التي لقيت تجاوبا كبيرا ودعما دوليا متزايدا، ولقيت ترحيبا من لدن الأمم المتحدة التي وصفتها بالمبادرة “الجدية وذات المصداقية”.
أحبتي في الله
وتزامنا مع احتفال الشعب المغربي بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء أبى أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس إلا أن يصل رحم إخواننا في الأقاليم الجنوبية ويشاركهم كما جميع المغاربة قاطبة بهجة الاحتفال بهذه المناسبة الميمونة ، مجددا جلالته العهد ومؤكدا لمن لازال في نفسه شك على مغربية الصحراء وتوطيدا للسيادة المغربية على كل الأراضي الصحراوية وفي ذلك رسالة للرأي الوطني والإقليمي والدولي تؤكد حسم المغرب لقضية الصحراء وتِؤكد كسبه لرهان الجهوية المتقدمة. كما تؤكد حرص جلالته على جعل جهات الجنوب قاطرة للتنمية المحلية ورافعة للإقلاع الاقتصادي وحرصه أيضا بصفته أمير المؤمنين الراع المسؤول عن رعيته حرصه على وضع حد لكل أشكال الهشاشة الاجتماعية وجعل المواطن الصحراوي في عمق التنمية المستدامة.
فاللهم احفظ هذا البلد من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وادم علينا نعمة الاستقرار والأمن والأمان، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سينا محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم اجمع شمل المسلمين ووحد كلمتهم على الحق والدين، وزدنا في بلدنا هذا أمنا وإيمانا وسلاما وإسلاما وفي سائر بلاد المسلمين.
اللهم أمطر شآبيب الرحمة والغفران على الملكين العظيمين محمد الخامس والحسن الثاني.
اللهم انصر ووفق أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس لما فيه الخير والصلاح اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب. اللهم ارزقه البطانة الصالحة. واجعل خطاه مباركة أينما حل ارتحل. اللهم انصره نصرا عزيزا. وامدده من عندك بالصحة والعافية والعزم والقوة والشجاعة والحكمة و القدرة والتوفيق واجعله لدينك و لأمتك ناصراً، ولشريعتك محكماً، واعنه على قيادة بلادنا للخير والفلاح والعزة والنصر يا رب العالمين.
اللهم أره الحق حقا وارزقه اتباعه وأره الباطل باطلا وارزقه اجتنابه. اللهم قيض له بطانة صادقة تذكره بالخير وتعينه عليه، وبَعِّد عنه أهل الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وقَوِّ ساعده بولي عهده الأمير المولى الحسن وباخيه مولاي شيد وبسائر أفراد أسرته الشريفة.
اللهم لا تدع لنا في هذا المجلس ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.