أهمية تلقيح الأجساد وتلقيح والأرواح

أهمية تلقيح الأجساد وتلقيح والأرواح

الدكتور مولاي عبد المغيث بصير

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لاأحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.

أما بعد فيا عباد الله، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِق بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ”.

عباد الله، كل إنسان يتكون من جسد ومن روح، وكما أن الجسد يتغذى ويتقوى بالغذاء المناسب، فإن الروح أيضا تتغذى وتتقوى بالغذاء المناسب المتمثل في كل مايقوي إيمان الفرد بالله، وكما أن الجسد يمرض ويضعف بالأمراض المختلفة، ويطلب من الإنسان أن يحميه ويداويه، فإن الروح أيضا تمرض بالبعد عن منهج ربها وخالقها،ويطلب من الإنسان العودة والأوبة والرجوع بها إلى خالقها، وإذا كان أطباء الصحة ينصحون بالتلقيح ضد الأوبئة والأمراض الفتاكة لحماية الأجساد لتظل في صحة جيدة، فإن أطباء القلوب والربانيين من الناس ينصحون بتلقيح الأرواح ضد الأمراض والعيوب الخفية، وتلقيح شخصية الإنسان من تجارب الناجحين، حماية لروح الإنسان لتظل في صلة قوية بخالقها، مسؤولة في التعامل مع بني جنسها، ولكن الإشكالية المؤرقة أن الغالبية منا تعتني بجسدها الفاني ولا تعتني بروحها الباقية، فما المقصود إذن بتلقيح الأجساد والأرواح؟ ومن يلقحها؟ وبما يلقحان؟ وما الفائدة المرجوة من تلقيحهما؟.

نعم عباد الله، لقد استطاع عقلاء الإنسانية أن يخترعوا العديد من اللقاحات لمواجهة العديد من الأمراض التي كانت سببا حقيقيا يهدد حياة البشر، وهكذا اخترعوا لقاحات تساعد في حماية الأطفال واليافعين من أمراض خطيرة وفتاكة، كمرض السلوفيروس التهاب الكبدوفيروس شلل الأطفالوالكزازوالسعال الديكيوالحصبةوإيبولا وكورونا وغيرها.

وقبل هذا التاريخ سمعنا وقرأنا عن أمراض وأوبئة عضالة هددت الإنسانية، وذلكمكوباء الطاعون، ومرض الجدري الذي انتشر في وقت من الأوقاتبأوربا وغيرها، ووباء الكوليرا الذي يعرف أيضا باسم “الوباء المنسي”، والذي ظهر أول ماظهر فيالهند، ولا يزال مستمرا حتى يومنا هذا، ووباء الإنفلونزا وأنواعها المتعددة التي تظهر في بعض الأمكنة حينا بعد حين. وغيرها،سلمنا الله وإياكم من كل ذلك.

نعم عباد الله، فلولا هذا اللقاحات التي أكرمنا الله تعالى بها،ويلقح بها كل إنسان وهوطفل صغير، لاستمرت هذه الأوبئة والأمراض الفتاكة تتسلط على البشر وتفتك بهم.

وها أنتم ترون هذا الوباء الذي حل بنا في أيامنا هذه والمسمى بوباء كورونا، والذي أصبح يتشكل ويخرج علينا كل مرة في شكل جديد واسم جديد، ولم يسلم منه لا الكبير ولا الصغير، وكان سببا في تغيير عاداتنا وعباداتنا وطباعنا ونمط أعمالنا وسلوكياتنا، فما كان من عقلاء العالم في الشرق وفي الغرب وفي الشمال والجنوب إلا أن يهبوا لمواجهته بالتلقيح ضمانا لصحة الناس، وفي هذا المقام أنصح بالمسارعة في التلقيح، وتلقيح الأبناء على وجه الخصوص ضمانا لسلامتهم وضمانا لدراستهم في ظروف جيدة، فبالأجسام السليمة والأرواح القوية يبنى الفرد المتوازن السوي،وترتقي الأمم والحضارات سلم الرقي. أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من أمراض الروح والجسد، أمين، أمين أمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فيا عباد الله، أما المقصود بتلقيح الأرواح، فهو أن نلقن الأولاد ونعلمهم ماينفع أرواحهم لتبقى سوية على فطرة الإسلام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي قال فيه:” ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”، وبذلكم فلابد من العمل على تعليم الأبناء كيف يتطهرون ويتوضؤون، وكيف يقرؤون القرآن قراءة صحيحة، وكيف يصلون،وكيف يذكرون الله تعالى في كل وقت وحين، وبالجملة كيف يعبدون ربهم ويتقربون إليه بشكل صحيح تقوية لإيمانهم، دون أن ننسى تخليصهم من أمراض القلوب الخفية كالكذب والكبر والعجب وحب الظهور وحب الرياسة والعصبية والرياء والحسد وغيرها تطهيرا لقلوبهم، وأن نعلمهم كيف يكون الرجل رجلا مسؤولا، وكيف تكون المرأة امرأة مسؤولة صقلا لشخصيتهم.

فكل من لقح في صغره بهذه الأمور المهمة لروحه يستحيل أن يمشي في طريق الشيطان، وحتى إذا حدث وأخذته غفلة وتاه عن طريق الله، فإنه يعود في الحين ويستمر على طريق الاستقامة إلى أن يلقى ربه بخير، قال تعالى: “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ،وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ”، وكل من لقح هذا اللقاح الروحي الناجع يستحيل ألا تخرج منه نتيجة حسنة.

فما أحوجنا في هذا الزمن إلى هذا اللقاح الروحي الذي يحمينا ضد الفتن ما ظهر منها وما بطن، وما أحوجنا وما أحوج المجتمع في أيام الناس هذه إلى تخريج الرجل القادر على تحمل المسؤولية والمرأة القادرة على تحمل المسؤولية،فمن منا اليوم يجالس أبناءه أو يأخذهم لمن يعلمهم الوضوء والصلاة وقراءة القرآن؟ ومن منا يعلمهم الأذكار والأدعية النبوية في زمن الغفلة بامتياز؟ ومن منا يتابع الناشئة متابعة كاملة ليكون فيهم الشخصية القوية المسؤولة؟ ومن منا يعمل بجد على تخليص أبنائه من بعض أمراض القلوب التي يلاحظها فيهم؟ وهل انتبهنا إلى الفراغ الروحي القاتل الذي تعاني منه الناشئة والشباب؟ وكيف نستطيع إذن أن نحمي الناشئة إذا لم نعمل على تلقيح أرواحهم بهذه الأمور المهمة في هذه السن؟

ختاما عباد الله، فكما أن الإنسان يطلب منه أن يعتني بجسده بتنظيفه وتغذيته وتقويته ومداواته في حال مرضه، فإنه يطلب منه أيضا العناية بروحه بالعمل على تنظيفها وتغذيتها وتقويتها ومداواتها في حال مرضها ومتابعتها وصقلها بشكل دائم. والحمد لله رب العالمين.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *