منهج الإسلام 1

منهج الإسلام 1

الأستاذ مولاي يوسف البصير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، نحمده تعالى  ونشكره ونستغفره ونستعين به ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلاهادي له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، المبعوث رحمة للناس أجمعين، وقدوة للمؤمنين، وخاتما للمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون والمؤمنات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل يارسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس” وفي لفظ “يصلحون ما أفسد الناس من سنتي”،وفي لفظ: “يحيون ما أمات الناس من سنتي”. حقا إن دين الإسلام اليوم يكاد أن يكون غريبا بين كثير ممن يعتنقونه وينتسبون إليه، وأصبح الإسلام محتاجا إلى من يبينون للناس من جديد حقيقته لمن يشككون أو يشكون فيه، ويشمرون على ساعد الجد لشرح مبادئه ومرتكزاته، ويدللون صعابه للذين يرغبون فيه، أولئك الذين يجهلون أو يتجاهلون أن الإسلام هو الدين عند الله، وأن “من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين”، ويؤكدون لمن يريدون أن يعرفوا أن الإسلام هو طريق الخلاص، وسبيل النجاة، ومفتاح السعادة للإنسان دنيا وأخرى وفي كل  زمان ومكان، وهو المنهج الذي جاء لينظم شؤون النفس والحس والحياة، ويسوي بين مطالب الروح والجسد وينسق علاقة الفرد بالجماعة، وعلاقة الجماعات بعضها ببعض، ويضبط حركات الإنسان بضوابط حكيمة رشيدة، تشعره بأن له قيمة ومكانة عند الله، ورسالة في هذه الحياة، وأن له مرجعا إلى ربه الأعلى الذي خلق فسوى، ليحاسبه ويجازيه على ما قدم لنفسه من خير أو شر، قال تعالى: “أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون؟”، هذا وقد أقام الإسلام نظام الحياة للإنسان على مراعاة حقوق أربعة أساسية هي حقوق الله، وحقوق النفس، وحقوق العباد، وحقوق الأشياء، فأما حقوق الله تبارك وتعالى على الإنسان فهي الإيمان به ربا خالقا قادرا رازقا، واحدا في ملكه، لاشريك له، وأنه المنفرد بالعبادة المستحق لها، مع الخضوع لما جاءنا من عنده من الحق والهدى، وهذا الخضوع الذي يستلزم الإيمان بمحمد رسول الله صلى  الله  عليه وسلم، لأنه المبلغ عن الله،فننزل عند حكمه، ونقتدي بنهجه ذكرا وعبادة وشكرا وخوفا من ربنا العظيم، ومراقبة له في كل عمل مما أوجبه  علينا من غير مشقة أو إرهاق تطبيقا لقوله عز وجل : “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”، وقوله: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، ومن اليسر وعدم الإرهاق والعسر أن العبادات مثلا فيها عزائم ورخص، والله تعالى يحب أن توتى رخصه كما يحب أن توتى عزائمه، فالصلاة مثلا تؤدى كما تيسر لإنسان، إن وجد الماء توضأ به، وإن عجز عنه تيمم، وهو يصلي قائما إن كان سليما، وقاعدا أو مضطجعا إن كان مريضا، ويقصر الصلاة إن كان مسافرا، ويجمع بين الوقتين إن دعت الضرورة، وكذلك الصيام، فهو في النهار دون الليل، أياما معدودات، في شهر رمضان لمن كان حاضرا صحيحا، تطبيقا لقوله عز وجل: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر”، والزكاة نسبة قليلة من المال، يدفعها من قدر واكتسب وملك النصاب، والحج لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلا، ووجد الصحة والمال والزاد وأمن الطريق، وهو واجب مرة في العمر، وتطوعا في كل سنة، فهذه حقوق الله تعالى على عباده التي أوجبها عليهم، حسب الإستطاعة والإمكان، وكلها تهدف إلى إسعادك أيها الإنسان، تكريما لك، وإعلاء لشأنك، “بل الله فاعبد وكن من الشاكرين”، جعلني الله وإياكم من الذين يرعون حقوقهم ويؤدون واجباتهم، ويمتثلون أمر ربهم ونبيهم، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه أمين، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لا ينبغي الحمد إلا له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبوة والرسالة، وعلى آله وصحبه وكل من انتمى له، عباد الله، من اتقى الله فاز برضى مولاه ومن جاءته موعظة من ربه فانتهى فأجره على الله، أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون والمسلمات، ثاني الحقوق التي جاء بها المنهج الإسلامي الحنيف هو حق النفس الذي يدعو إليه الإسلام ويذكر به وينظم طريقه، فهو الذي يقول فيه القرآن الكريم: “ولا تنس نصيبك من الدنيا”، ويقول عنه رسول الله صلى  الله  عليه وسلم: “إن لنفسك عليك حقا”، وذلك بأن تصونها وتحملها على ما يزينها، وأن لا تحرمها مما أحل الله لها من الطيبات، قال تعالى: “قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق”، ومن حقوق نفسك عليك أخي المؤمن أن تحصنها من المهلكات والآفات كالمسكرات والمخدرات وخبيث الشهوات ومراتع المفسدات، وأن تزكيها بالطهارة الحسية والنفسية عن طريق النظافة والعبادة والتفكر في ملكوت الأرض والسماوات، وأن تجملها  بمكارم الأخلاق ومحامد الصفات حتى تكون قريبا من رسول الله  صلى  الله  عليه وسلم الذي يقول: “إن أقربكم مني مجالسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الذين يألفون ويولفون”، وقد وهب الله للإنسان في نفسه طاقات ومواهب تثمر أطيب الثمرات إذا أحسن استعمالها واستخدامها، وتنتج أوخم العواقب إذا أساء توجيهها وأطلق لها العنان في تصرفاتها، ولذلك يقول الله عز وجل: “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها”،لذا علينا جميعا معشر المسلمين المؤمنين، أن نعمل على فهم ديننا وشريعتنا الفهم الصحيح السليم، البعيد عن التطرف والتزمت، وأن نعلم بأن ديننا له روح، وروحه إخلاص العبادة لله، وحفظ النفس من حظوظها، ومجاهدتها لتكون دائما مستحضرة مراقبة الله وخشيته في الغيب والشهادة، وأن نعلم أبنائنا وبناتنا هذا المنهج الإسلامي، الذي ينبغي أن يكون عملتنا في ممارسة شعائرنا الدينية، وفي معاملاتنا مع إخواننا ومع غيرنا لنستحق الخيرية التي ارتضاها لنا  ربنا عز وجل حين قال جل وعلا: “كنتم خير أمة أخرجت للناس”، ولنا عودة للموضوع في الجمعة المقبلة إن شاء الله،فاتقوا الله عباد الله، وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. الدعاء

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *