من مفاتيح التيسير المحافظة على أداء الصلوات

من مفاتيح التيسير المحافظة على أداء الصلوات

الدكتور مولاي عبد المغيث بصير

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لاأحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.

أما بعد فيا عباد الله،تطرقنا في الجمعة الماضية لمفتاح من المفاتيح التي تتيسر بها الأمور وتفتح بها الأبواب وتقضى بها الحوائج وتنشرح بها الصدور بفضل من الله ونعمة، وهو المحافظة الدائمة على الطهارة الحسية، ونتكلم اليوم على مفتاح آخر من مفاتيح التيسير، وهو المحافظة على أداء الصلوات الخمس في وقتها، وإضافة ما تيسر من النوافل في أوقاتها، قال الله تعالى في كتابه الكريم:”حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”، وقوموا لله طائعين، وقوموا لله خاشعين، وقوموا لله خاضعين،والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها بجميع شروطها، والمحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة عليه، وإني لأستغرب عباد الله من الذي لايصلي بالمرة ويكتفي بالانتماء الشكلي لهذا الدين، أو الذي يصلي أحيانا ثم ينقطع أحيانا كيف ينشد وصالا مع ربه أو عونا على أموره، وأستغرب للذي يؤخرها عن وقتها بدون عذر شرعي مقبول، أو الذي يقوم للصلاة وهو متكاسل متثاقل، أو الذي يكبر للصلاة ويغفل عن الحضور والخشوع والخضوع الحقيقي أمام ربه، فيصيبه السهو اليوم وغدا وبعد غد وهكذا دواليك، والأكبر من هذا وذاك هو أن تكون مع أهلك وأولادك وأصدقائك وأحبابك،تغيب الصلاة في حياتهم ولا توجد ضمن أولوياتهمولاتذكرهم، وكأنها لاتعني لك بشيء؟ فهذا هو حالناعباد الله مع أعظم ركن من أركان الإسلام، ركن أمرنا بأدائه وإقامته خمس مرات في اليوم، فكيف نرجو بعد هذا كله عونا من ربنا أو قبولا لدعائنا أو تيسيرا لأمورنا وتفريجا لكروبنا أو نجاحا وفلاحا في أمور ديننا ودنيانا؟ وصدق الله العظيم إذ يقول:” “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب”. تأملوا،فأول ما أضاعوا أضاعوا الصلاة التي هي عماد الدين، وأَوْلَى أركانه بالأداء،وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:” ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع”. وقال سيدنا عبد اللهبن عباس رضي الله عنهما:”ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها”، فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بغي، وهو واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه، وقال الله تعالى في آية أخرى:” يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون”، قال المفسرون: المراد بذكر الله في هذه الآية الصلوات الخمس، فمن اشتغل بماله في بيعه وشرائه ومعيشته وضيعته وأولاده عن الصلاة في وقتها كان من الخاسرين، وهكذا قال النبيﷺ:” أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن نقصت فقد خاب وخسر”، وقال الله تعالى مخبرا عن أصحاب الجحيم:” ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين”.

عباد الله، ألم يان لنا أن نتأمل في قول الحبيب المصطفى ﷺ الذي رواه أبو داود عن حذيفةَ رضي الله عنه، قالَ :كانَ النَّبيُّ ﷺ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى”، أتعرفون معنى حزبه أمر، أي: إذا أحزَنَه أمرٌ أو أصابه بالهمِّ لجَأ إلى الصَّلاةِ، سواءٌ كانتْ فرضًا أو نافلةً؛ لأنَّ في الصَّلاة راحةً وقُرَّةَ عينٍ له، وهذا مِصداقُ قولِه تعالى:”وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ”، أسأل الله عز وجل أن يقوينا على أداء الصلوات في أوقاتها المخصوصة وأن يجعلها لنا صلة به موصولة أمينأمينأمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد، فياعباد الله، إن الصلاة من الدين كالرأس من الجسد، ومن تركها أو قصر في أدائها والقيام بها يكون قصر بحق جميع المسلمين من مضى ومن يجيء إلى يوم القيامة، لأن المصلي يقول في التشهد: “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين”، فهل تأملتم في ذلك؟، ولذلك عظمت المصيبة بتركها أو التهاون في أدائها وإقامتها على الوجه المطلوب، ذكر العديد من الربانيين أخذا من العديد من الأحاديث والآثار أن من تهاون بالصلاة عاقبه الله بجملة أمور منها أنه ينزع البركة من رزقه، ومن حياته، ويرفعسيما الصالحين من وجهه، ولاحظ له في دعائهم، ولا حظ له في رضى الوالدين، ولم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكل عمل يعمله من أعمال البر لايؤجر عليه، ولايرفع له دعاء إلى السماء.

فينبغي للمسلم إذن أن يحسن فرضه ونفله حتى يكون له نفل يجده زائدا على فرضه يقربه من ربه كما قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاريعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه: ” وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ”، فماذا نرجو بعد هذا الخير كله؟فبالمحافظة على الفرائض وما تيسر من النوافل تحصل محبة الله ومعية الله وإجابة الله. وإذا حصلت ذلك نلت القبول لدى أهل السماء والأرض، ونلت عون الله وتوفيق الله وكلاءة الله الدائمة، روى الإمام البخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺقال:إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”، نسأل الله السلامة والعافية.

فإذا كنت تنشد الحصول على محبة الله ورضى الله وعون الله وتيسيره، فحافظ على الصلة بالله عن طريق الصلوات الفرائض والنوافل، ثبت في المتفق عليهعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺقال:” اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا”،والحمد لله رب العالمين.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *