نصرة الله الدائمة لنبيه وعصمته وحراسته، وواجب كل مسلم في أيامنا هذه
نصرة الله الدائمة لنبيه وعصمته وحراسته، وواجب كل مسلم في أيامنا هذه
الدكتور عبد المغيث بصير
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.
أما بعد فيا عباد الله، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:” إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ”، في هذه الآية وعد الله تعالىنبيه الكريم بالنصر الدائم المؤزر.
أيها المؤمنون، كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيتها وطرقها تزامنا مع الإساءة إلى شخصه الشريف، مما ساهم في إيقاظ محبة المسلمين اتجاه نبيهم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وحرك مشاعر المحبين غيرة على النبي الكريم وعلى دين الإسلام الذي لا يضاهيه دين ولا ملة في حمل لواء المحبة والسلام.
والذي ينبغي أن يعلمبداية، أن الإساءة إلى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم قديمة، وذلك منذ أن وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الدنيا، وستبقى مستمرة إلى قيام الساعة، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:” إِنَّ الَّذِينَ يُوذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا”، وقد قص علينا القرآن بأن من كان في عهده ممن لم يومنوا به قالوا في حقه بأنه ساحروبأنه شاعر وبأنه كاهن وبأنه مجنون، وقصت علينا كتب السيرة النبوية بأنهمكسروا رباعيته وشجوا وجهه يوم غزوة أحد، وبأنهم ألقوا السلى على ظهره وهو ساجد في رحاب البيت الحرام، وغير ذلك من القصص العجيبة المؤثرة،ومما لا ريب فيه ولا شك، أن كلّ من يحاول أن يشوه سيرة النبي الكريم العطرة سواء بالكلمات أم بتزوير الحقائق، أم بالتشكيك في رسالته أم بالرسومات المسيئة سينال عقابه في الدنيا والآخرة.
والذي ينبغي أن يعلم أيضا أن الخالق عز وجل تكفل بنصره وتكفل بحفظه ودفع الشرور عنه على الدوام، قال عز وجل:”إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ”، والمعنى إن الله كافيك من أذاك كما كفاك المستهزئين،وقال في آية أخرى: “إن شانئك هو الأبتر” أي مبغضك هوالمقطوع ذكره من خيري الدنيا والآخرة، وقال أيضا عز وجل:”وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ”، وسبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلا تحت شجرة فجاء أعرابي فاخترط سيفه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الله، فذعرت يد الأعرابي وسقط السيف من يده، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، وكان عمه أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزل: “والله يعصمك من الناس”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس فلا أحتاج إلى من يحرسني، وروى أصحاب السنن عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة قالت: فبينما نحن كذلك سمعت صوت السلاح، فقال: من هذا ؟ فقالوا: سعد وحذيفة جئنا نحرسك، فنام صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ونزلت هذه الآية، وقال: انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله. وكذلكم عصمه الله تعالى بعد وفاته، حيث ثبتت في التاريخ الإسلامي عدة محاولات لسرقة جثمانه الشريف من المدينة المنورة فحماه الله وعصمه من أذاهم. فإذا ثبت ذلك فما هو دورنا نحن اليوم في نصرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أقول في الجواب: إنّ نصرة الرسول الكريم لا تكون بالكلمات الحماسية ولا بالسب والفحش في الكلام وإذاية الغير أوالتركيز على مقاطعة المنتوجات، فإذا قاطعناها نحن، فغيرنا كثير في العالم يتعامل بها، النصرة الحقيقية عباد الله تكون بالحرص على معرفته أولا، والاطلاع على تفاصيل تفاصيل حياته وسنته،والحرص على اتّباعها، وتنفيذ أوامره ووصاياه، والسير على عهده والتخلق بأخلاقه، فدين الإسلام العظيم وصل العديد من الأماكن في العالم بالأخلاق الإسلامية لسلفنا الصالح التي تمتح من أخلاق رسول الله، وأن نستخدم الحكمة والموعظة الحسنة في نصرته، وأن نبتعد عن كل ما يسيء إلى صورة الإسلام السمحة، فالإسلام هو انعكاس لأخلاق المسلم، وامتداد لرسالة النبي عليه الصلاة والسلام، فعيب وعار علينا أن نكون من أمة رسول الله ونحن لانعرف رسول الله. فهذه إحدى أهم مشاكلنا اليوم أننا لانعرف رسول الله.
واعلموا ختاما أن الله تعالى يخلق من الأسباب لنصرة دين نبيه عليه الصلاة والسلام مالاعلم لنا به، فهم يظنون بأنهم يسيئون ويسخرون ويستهزؤون من نبي دين الإسلام، ولكن الله عز وجل يشاء إلا أن ينصر بكل ذلك دين الإسلام، ثبت في الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.