انتهاكات حقوق الأطفال بالعالم،أطفال البوليزاريو نموذجا

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الإخوة العلماء، السادة

الحضور مع حفظ الألقاب والرتب، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إن الله تعالى أنعم علينا بنعم لا نستطيع لها حصر، وأصبغ علينا من فضله ما يفوق شكرنا له عز وجل، فمنذ بزوغ فجر الإسلام، وتبديد الظلمات على يد رسولنا الكريم ﷺ، عاش المسلمون في تآخ وتآزر، وكان المسلم أخا للمسلم، يصونه كما يصون نبسه، ويعطيه حقوقه التي أقرتها الشريعة السمحاء، والحقوق هنا كثيرة، ولكن أصبح مطلبها الآن عسيرا، وكوني الأصغر في المتحدثين، أحببت أن أدافع عن حقوق الطفل في هذا العالم غير المستقر.
ولن أناقش جدلية سن الطفل في القانون، وقد حددها الإسلام في من لم يبلغ الحلم، ولم يتجاوز الخامسة عشر من العمر، في حين أن وثيقة حقوق الطفل الدولية، تحدده فيما دون الثامنة عشر سنة من العمر، فالإسلام أكرم الطفولة وكذلك المواثيق الدولية، وللإسلام الأفضلية المطلقة في هذا الباب، وذلك لكون القوانين الدولية لم تتطرق لأن يكون الطفل نتيجة علاقة طبيعية وشرعية بين الرجل والمرأة، وكان من نتائج ذلك أن أهدرت حقوق ملايين الأطفال في العالم.
يطول الحديث عن حقوق الطفل في الإسلام والأعراف الدولية، هذه الحقوق مكتوبة وموثقة ومحفوظة، ولكن يجب الحديث عن ضياع هذه الحقوق عبر هذا العالم المترامي الأطراف، إن وصول التقدم التكنولوجي والعلمي لأعلى المستويات في العديد من الدول لم يمنع أن يكون هذا التقدم على حساب حقوق الأطفال، كيف لا والأطفال هم الأكثر انتشارا في المجتمعات، والشريحة الأكثر هشاشة وضعفا، والأكثر احتياجا، ولعل من البديهي القول أن حقوق الطفل لم تنتهك في الدول الفقيرة والنامية، بل في الدول الصناعية والمتقدمة على حد سواء.
وحسب الإحصائيات، فإن أكثر من 22 مليون طفل قد تم بيعهم في الأسواق، وأكثر من 15 مليون طفل يموتون سنويا نتيجة الممارسات غير الإنسانية بحقهم، ونحن نعيش في عالم يهيج بالحروب والنزاعات، ومن يدفع الثمن هم الأطفال، يحرمون من آبائهم ومن أوطانهم، ومن حقهم في التعليم والرعاية والصحة، ويحرمون من حقهم في الحياة، والأرقام حول انتهاكات الطفل مهولة وبشعة.
فيا أيها العالم الكبير ويا أيها الآباء ويا أيها المسؤولون، نحن الأطفال نقتل على أيديكم، نقتل كل يوم وكل حين، وفي فلسطين نحن الطفولة رمز الحاضر وثمار المستقبل، يضطهدنا الصهاينة ويحرموننا من كل حقوق الطفولة التي كفلها الدين وكفلتها المواثيق الدولية، نحن نقتل ونحرم من كل شيء ولكن نملك كبرياء لن يستطيع العدو مهما كان على تجبره أن يحطمنا، وهنا وأنا فلسطيني مغربي صحراوي، ركيبي مؤذني، أنظر بعين الخجل لأخوة لي اعتصرتهم أيدي العابثين والمرتزقة في تندوف، وتندوف دمعة كبيرة في عيوننا، تندوف جرح غائر في كبريائنا، وتندوف هذا السجن الكبير الذي يضم إخوة لي في الدين، وأبناء عمومة لي في الدم، وأهل كرام رأيناهم مختطفين على أيدي من خانوا وطنهم والعشيرة والقبيلة، فقطعوا الرحم ووحدة البلاد.
فباسم من يؤخذ الأطفال في تندوف من أهلهم ويرسلون إلى كوبا؟، هل باسم الحرية والدين؟ وباسم من يتم غسل أدمغتهم الصغيرة وزرع الحقد فيها؟ وباسم من يحرمون حتى من لقمة عيش كريمة وشربة ماء عذبة والوطن على مرأى الأبصار؟ أيرضى الله عز وجل أن يتعرض إخوتي للتعذيب والتخريب والاحتجاز والحرمان من حقوقهم في الصحة والتعيلم ومن اختيار مستقبلهم؟ وإلى متى تبقى العصابات الإجرامية تتاجر في البشر والأعراض والأطفال والحقوق؟ 
تندوف جحيم مطلق، وحياة بؤس وسجن كبير وعار يلحق المرتزقة الذين يحتجزون العائلات وأبناءهم وأطفالهم داخل مخيمات تفتقر لأبسط الاحتياجات الإنسانية، لا لشيء ولكن لترضي أطماع المرتزق وتشفي أنفسهم المريضة، وفي تندوف لعبة سياسية يدفع الأطفال ثمنها بأنفَس ما يملكون، بأنفسهم وبأرواحهم، ويدفعون الثمن من كرامتهم، فصبرا إخوتي فالنصر قادم بإذن الله. ولا بد لهذا الليل الطويل أن ينجلي.
يا دامي العينين و الكفين !إن الليل زائللا غرفة التوقيف باقيةو لا زرد السلاسل !وحبوب سنبلة تجفستملأ الوادي سنابل ..!
فمهما انتهكت حقوقكم فالفجر قادم يا أطفال تندوف، إلى كل أم وكل أب وكل أخ وكل أخت ولكل طفل، لأجل كل هؤلاء أقول: وطنكم بانتظاركم فلم ترضون أن تعيشوا في القهر والذل والمهانة؟ لم ترضون لأبنائكم أن يبيعهم المرتزقة، ويستثمرونهم في أسواق الجريمة؟، وفي مخططاتهم الإجرامية، انتفضوا وهبوا فلن تستطيع قوة أن توقف إعصاركم، وطنكم المملكة المغربية أمامكم على مرمى حجر، وطنكم بانتظاركم فلا تجعلوا أنفسكم مطية لغيركم، ولا تضعفوا يا أطفال المغرب المحتجزين في تندوف، يا أبناء الصحراء المغربية، يا أبناء المغرب الكبير والجميل عودوا فالوطن بانتظاركم، عودوا لتعيشوا طفولتكم أحرارا كما يعيش الأطفال أحرارا، كي تأخذوا حقوقكم تحت راية المغرب، عودوا لوطنكم لأرضكم ولتكسروا قضبان سجنكم.
ونحن أطفال العالم الأحرار وأطفال فلسطين الشجعان، نحن معكم ومع صبركم، وفي انتظاركم، موعدنا قريب بإذن الله تعالى فوق أرضنا المملكة المغربية بحدودها التاريخية العديدة من طنجة إلى الكويرة، وطننا جميل وسيحلو بعودتكم، عندها نغلق مآسينا ونفتح أبواب الفرح، فالأخ يعانق أخاه، والأم تعانق ابنها وأنا أحضن إخوتي وأحبتي، وأبناء الوطن الواحد يلتقون تحت رايته الحمراء، خلف ملكنا الهمام سليل الدوحة العلوية الشريفة، مولانا محمد السادس نصره الله وأيده، نعاهده كما عاهده أجدادنا وكانوا أحرارا، فهل نشتري العبودية بثمن بخس ونكون مع من نقضوا عهدهم، فأبدلهم الله بعد يسرهم عسرا، وبعد أمنهم خوفا.
قال حِطّان المُعَلَّى عن أبنائه: 
وإنـمـا أولادُنـا بيننــا أكبادُنـا       تمـــــشـي عــــــــلى الأرضِ
لو هَبّتِ الريحُ على بعضـهـم      لامتنعتْ عيـني عن الغَمْضِ
فكيف تغمضون عيونكم يا من تعيشون في تندوف، وأطفالكم فلدات أكبادكم سلع تباع وتشترى؟ وإلى متى تصبرون على الذل والمهانة؟ وإلى متى ترضون السجن؟ وتبقون رهينة للمساومة من طرف تجار القوم يتاجرون في أبناءكم، وسيسألكم الله عنهم فبما ستجيبون؟ 
إن أطفال تندوف آثار تسحق وآمال تغتال ومستقبل يضيع، وما السكوت عن معاناتهم إلا عار، ومن يسكت فهو شريك في الظلم والجريمة، شريك في القتل والتشريد.
أمور لــــو تأمــــــــــلهن  طـفل      لـطفل فــي عوارضه  المشـيب
أتسبى المسلمات بـــكــل ثغر      وعيـش المسلمين إذن  يطيــب
أمــا لله والإســــــلام حـــــــــق      يـــــدافع عـــنه شبان وشيـــب
فقل لذوي البصائر حيث كانوا      أجيـــــبوا الله ويحكم أجيبوا
فلتستجيبوا لأطفال تندوف، ولبكاء ثكلى تندوف، ولإنات الأسرى في سجن الرشيد بتندوف، ولمن يقتل ويعذب في تندوف.
وفي نهاية هذه الكلمة ونحن نحيي الذكرى الثالثة والأربعين لانتفاضة الزملة التاريخية، التي قادها المجاهد سيدي محمد ين سيدي إبراهيم يوم 17 يونيو سنة 1970م بمدينة العيون، والذي أتشرف بحمل اسمه، هذا البطل الغيور على حقوق المغاربة، وحقوق أطفال المغاربة في الصحراء المستعمرة آنذاك من طرف الإسبان، والذي نشط في رفع الجهل وعاره عن أطفال الصحراء، بدروسه ومبادئه التي كان يلقنهم إياها، ألتمس من هذا الجمع المبارك أن يجعل من توصيات هذه الندوة توصية بتعيين يوم وطني للتضامن والوقوف والتعريف بمأساة أطفال تندوف في مدارسنا، كي يعرف أطفال المملكة المغربية مأساة إخوتهم الذين أخذتهم يد الغدر والخيانة،  فصبرا إخوتي صبرا فإن الله مع الصابرين.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *