أنشطة الزاوية البصيرية بمناسبة المولد النبوي لعام 1435هـ

تخصص الطريقة البصيرية حوالي عشرين يوما للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يبدأ باليوم الأول من شهر ربيع الأول النبوي، ويستمر إلى يوم ذكرى مولد رسول الله، وينتهي يومين بعد السابع،

عبر العديد من الأنشطة العلمية والروحية والدينية ملؤها محبة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، معبرين بذلك عن الفرح بذكرى مولده، وذلك في غمرة احتفال المسلمين في العالم بأسره بهذه المناسبة.
فما أن يهل شهر المولد (ربيع الأول النبوي) من كل سنة، حتى يهب أبناء وطلبة الزاوية البصيرية جميعا استعدادا للاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي جعلته الطريقة البصيرية موسمها السنوي، وهكذا تتهيأ الزاوية البصيرية ببني عياط لتحلى بزينة المولد، من مصابيح ملونة ولافتات تعظم سيد الوجود محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأعلام الوطنية، وتوظيب قاعاتها ودورها إيذانا ببدء الاحتفال بالمولد النبوي.

برنامج الاحتفال
ابتدأ برنامج الاحتفال في الزاوية البصيرية بالملتقى الرابع لمدارس التعليم العتيق بالجهة الوسطى، وحضرته هذه السنة حوالي خمسة وعشرين مدرسة من مدارس التعليم العتيق بطاقمها التربوي وتلامذتها، واستمر الاحتفال يوم (12 ربيع الأول) احتفالا بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، الذي وافق هذه السنة 1435 يوم الثلاثاء 14 يناير 2014 – بتجمع حضره المئات من الأئمة والقيمين الدينيين بجهة تادلة أزيلال بلغ عددهم حوالي ألف ومائتين شخصا اجتمعوا على ختم القرآن والتضرع والدعاء وختم البردة والهمزية عدة مرات، وفي يوم الموالي (13 ربيع الأول)، عقد تجمع لأئمة قبيلة السماعلة من نواحي إقليم خريبكة الذين دأبوا على زيارة الزاوية في هذا الموعد كل عام، وفي إطار استمرار الفرحة بمولد خير البرية يتوافد على الزاوية مريدو ومحبو الطريقة يوما قبل سابع مولد النبي صلى الله عليه وسلم (16 ربيع الأول)، ويتوج بحفل ليلة سابع مولد النبي صلى الله عليه وسلم (17 ربيع الأول) الذي يحضره مريدو الطريقة من عدة أقاليم من المملكة شمالا وجنوبا غربا وشرقا وبلغ عددهم حوالي ثلاثة آلاف مريد ومريدة، ويختم هذا الحفل المبارك بحفل إعذار للعشرات من أطفال المنطقة يومين بعد السابع أي يوم الثلاثاء 19 ربيع الأول.

الليلة الكبرى
توج أسبوع هذا العام 1435-2014، من الاحتفال بتنظيم ليلة روحية ودينية كبرى حج إليها العديد من العلماء والمريدين والمريدات والمقدمين والفقراء والزوار والمحبين للطريقة البصيرية من المغرب وخارجه، كالجزائر وإيطاليا والسودان وغيرها، وترأس هذا الاحتفال خادم الطريقة البصيرية الشيخ مولاي إسماعيل بصير وحضره غالبية أبناء أسرة آل البصير، وتخللته محاضرات ودروس علمية وحلقات ذكر ومذاكرة وابتهال وجلسات مديح وسماع قبل صلاة الفجر إلى سحر يوم السابع سواء لدى المجلس المخصص للرجال أو الآخر المخصص للنساء.
وتميز الحفل بكلمة لأحد العلماء من بلاد السودان، وبكلمة ختامية للشيخ مولاي إسماعيل نبه فيها إلى وجوب تعظيم وتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم مناداته باسمه مجردا من الصلاة عليه، وتسييده، قول “سيدنا”، مستهجنا وذاما قول من يقول “محمد” فقط.

المصالحة مع رسول الله
وقال خلال توقفه عند الآيات الأول من سورة الحجرات، التي تلاها من غير اتفاق أحد فتيان الزاوية والمقرئ المغربي العيون الكوشي الذي أمتع الحاضرين بقراءته، أن “من توقير سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، توقير زوجاته، بذكر أسمائهن مقرونة مع لفظ “أمنا” أو “أمهاتنا” مستدلا بقوله تعالى: “وأزواجه أمهاتهم”. وقال بأنه علينا استغلال ذكرى المولد للمصالحة مع رسول الله معرفة ومحبة واقتداء وتعظيما واستمساكا بسنته.
ودعا شيخ الطريقة البصيرية الحاج إسماعيل بصير مريدي وأحباب الطريقة إلى الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعلق به، مؤكدا أن الصلاة على رسول الله تقضى بها الحاجات، “فمن أراد تفريج الهموم عليه بالصلاة على رسول الله، ومن أراد صلاح الأولاد فعليه بالصلاة على رسول الله، ومن أراد الشفاء والعافية فعليه بالصلاة على رسول الله”، على حد تعبيره.
وأكد خادم الطريقة البصيرية في كلمته: “إننا محتاجون إلى الاحتفال برسول الله والفرح به لأن الاحتفال بمولده ينقش محبته في قلوبنا، فنذبح الذبائح لله ونقدم الهدايا لله، ونكثر من الاحتفالات به، ورغم ذلك، يضيف مولاي إسماعيل، لا نوفيه حقه صلى الله عليه وسلم، ولو أعطينا كل ما نملك”.
وفي ختام كلمته رفع شيخ البصيرية والحاضرين أكف الضراعة إلى الباري عز وجل، في دعاء عريض شمل كافة المسلمين والحاضرين وأمير المومنين الملك محمد السادس.
وتميز حفل ليلة المولد، بوصلات من فني السماع والمديح النبوي، مقدمة من مجموعة من المنشدين، علاوة على محاضرة للدكتور عبد الهادي بصير، وكلمة لأحد الدعاة من السودان، والعمارة التي أقيمت لحوالي 42 دقيقة.
وشهد انطلاق الحفل منذ فجر يوم الأحد بعد صلاة الصبح تلاوة الحزب الراتب وأوراد الطريقة البصيرية وموعظة قدمها الدكتور عبد الهادي السبيوي، مقدم الطريقة بالجديدة، ومجموعة من الابتهالات والأمداح النبوية إلى ما بعد الشروق، حيث قام الحضور بتذكير من الشيخ إسماعيل البصير إلى صلاة ركعتين.
وتوالى محبي الطريقة ومريديها من النساء والرجال على مقر الزاوية ببني عياط إقليم أزيلال، أفرادا وجماعات، كان في استقبالهم الشيخ مولاي إسماعيل وأفراد من أسرة آل البصير.

 

الملتقى الرابع للتعليم العتيق بالجهة الوسطى
ابتدأ برنامج الاحتفال في الزاوية البصيرية بالملتقى الرابع لمدارس التعليم العتيق بالجهة الوسطى، وحضرته هذه السنة حوالي خمسة وعشرين مدرسة من مدارس التعليم العتيق بطاقمها التربوي وتلامذتها، وكان مجموع الحاضرين سبعمائة شخص، كان في مقدمتهم عامل صاحب الجلالة على إقليم أزيلال والوفد المرافق له ونائب عن مدير التعليم العتيق بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والغرض الأول من تنظيم هذا الملتقى كما قال شيخ الطريقة: هو غرس محبة المصطفى في نفوس الناشئة، وتذكير الأطر التربوية بواجب محبة المصطفى وتعظيم قدره وتدارس إشكالية من إشكاليات التعليم العتيق ببلادنا، ونظم هذا الملتقى هذه السنة تحت شعار:”التعليم العتيق:جذور مغربية ونهضة ملكية”، وألقيت فيه العديد من المداخلات العلمية الهامة لمجموعة من الباحثين المهتمين.

تجمع الأئمة
وعرف يوم ذكرى المولد تنظيم حفل ديني، توافد إليه المئات من الأئمة والقيمين الدينيين للمشاركة فيه، ابتدأ نشاطه من أول الصباح إلى ما بعد صلاة العصر، تم خلاله ختم العديد من السلك القرآنية وقراءة الهمزية والبردة للإمام البوصيري، كما قضوا وقتا طويلا في الابتهال والدعاء للحاضرين ولأمير المؤمنين وللبلاد عامة ولكل من طلب منهم ذلك.
وشارك في هذا الحفل رئيس المجلس العلمي المحلي لكل من بني ملال الدكتور سعيد شبار، ورئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم خنيفرة الدكتور مصطفى زمهنى، ورئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الرشيدية السيد الحبيب العمري، ورئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم برشيد الدكتور عبد المغيث بصير رئيسا مسيرا، حيث ألقوا كلمات علمية هامة عن الاحتفال وذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمملكة المغربية وعلاقة ذلك بالثوابت المغربية.

حفل الختان
واختتمت احتفالات الطريقة البصيرية بذكرى المولد النبوي بحفل إعذار لفائدة الأطفال المعوزين، نظم يوم 21 يناير 2014م، بتنسق مع مندوبية الصحة بإقليم أزيلال، وخصص لكل طفل بذلة وحقيبة طبية اشتملت على مستلزمات إجراء عملية الختان، وتسلم رب كل عائلة قفة ضمت مواد غذائية متنوعة، واستفاد من هذا العمل الاجتماعي كما هو الشأن في السنوات الماضية، ما بين مائة ومائة وخمسين طفلا، واجتمع النساء خلال هذا الحفل في مكان خاص بهن واحتفلن بأطفالهن بالأهازيج الشعبية التي تتخللها فقرات من المديح والسماع.

جدير بالذكر أن الطريقة البصيرية احتفاء بذكرى مولد الهادي صلى الله عليه وسلم، وكما هو الحال طيلة العام، توفر مجانا للنازلين بها وزوارها الطعام في كل الأوقات، والمبيت والغطاء للجميع، ويتولى خدمتهن أبناء الزاوية في نظام وانتظام، وتولى خادم أهل الله بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط، الشيخ مولاي إسماعيل بيده ذبح عجل هدية لله في ذكرى المولد، صبيحة سابع مولد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وكان وزنه 500 كلغ من اللحم، كما ذبح عجل آخر بعد الظهر، وللإشارة فإنه تم ذبح منذ بدأ الاحتفال وإلى غاية يوم السابع  5 عجول، كان مجموع وزنها 1700 كلغ من اللحم.
والجدير بالإشارة فإن “زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير” تحرص كل سنة  أن تتم احتفالاتها بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيغ شرعية موافقة للكتاب والسنة، وتنبه المريدين والمريدات إلى كل ما اعترى بعض احتفالات الطرق الصوفية والزوايا بعيد المولد النبوي من خرافات وشعوذة ودجل وابتداع دون أن تذكر أسماءها أو تشهر بها، لأن مجال التصوف في نظر القائمين على الزاوية البصيرية غير قائم على التنافس وكثرة العدد، أو أن هناك غالب أو مغلوب، وإنما هو قائم على تزكية النفوس والصدق مع الله وتكريس التشبث بشرع الله قرآنا وسنة والمعمول به في المذهب المالكي وبخاصة في المملكة المغربية، ومحاربة البدعة وأهل الدجل والشعوذة.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *