أمور هامة يحتاجها المسلم قبل حلول عيد الأضحى
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.
أما بعد فيا عباد الله، إنه بحلول شهر شوال، يحل الميقات الزماني للحج، هذا الميقات الزماني الذي يستمر مدة شهرين وعشرة أيام، إي ينتهي يوم العاشر من شهر ذي الحجة، وخلال هذه المدة يهب المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها للقيام بهذا الركن العظيم، وتأدية هذه الفريضة تلبية للنداء الرباني الذي قال فيه المولى عز وجل:” وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”.
أيها الإخوة الكرام، إن هذه العبادة الشاقة في تكاليفها وفي عدم استطاعة غالبية المسلمين القدرة على نفقاتها التي تزداد عاما بعد عام، أضف إلى ذلك الظروف المستجدة والإجراءات والإكراهات التي تحدث فترة بعد فترة، والتي أصبحت تحول بين ذهاب حتى القادرين على تأدية نفقاتها ومصاريفها، وصدق الله العظيم إذ يقول:” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا”، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث المشهور الذي يبين فيه أركان الإسلام، والذي ابتدأه بقوله:” بني الإسلام على خمس …وفيه يقول:” وحج البيت من استطاع إليه سبيلا”، وكأني بالشريعة الإسلامية الرحيمة بالناس توحي بأن السبيل إلى بيت الله الحرام شاق وعسير، وأن الطريق إلى أداء هذه الفريضة ليس بالشيء الهين ولا بالشيء المتيسر، وفي متناول كل أحد، والذي يؤكد هذا هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر رواه الإمام البيهقي عن سيدنا علي رضي الله عنه، وفيه يقول:” حجوا قبل ألا تحجوا”، وفي رواية أخرى صحيحة للإمام أحمد، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:” تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لايدري مايعرض له”، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم ينبئنا بما سيؤول إليه حال الحج في أيامنا هذه.
أيها الإخوة الكرام، إن المسلمين والمسلمات الذين أكرمهم الله عز وجل بالحج من ذي قبل، والذين سيحجون هذا العام بحول الله تعالى، قد تفضل الله عز وجل عليهم بمكرمات وفضائل كثيرة، لأن الحج يتضمن عبادات عدة تتخللها مشاق ومتاعب كثيرة يجازي الله عليها بالغفران من الذنوب والعفو منها والمثوبة والمنافع الكثيرة، والذين لازالوا لم يحجوا بعد، أسأل الله تعالى أن يهيأ لهم الأسباب ويسهل عليهم السبل والصعاب للوصول إلى ذلكم المقام الشريف.
وبهذه المناسبة أحب أن أتوقف معكم عند الآيات التي يتكلم فيها المولى عز وجل عن فريضة الحج لنأخذ منها أهم الفوائد واللطائف، يقول الله تعالى: “وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”، انتبهوا أيها الإخوة والأخوات إلى العلة في هذه الآية إنه شهود المنافع في الحج، ومن هذه المنافع التي خصت بالذكر هنا، ذكر الله تعالى، قال تعالى:” ويذكروا اسم الله”، وقال أيضا في آية أخرى:” فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين”، في هذه الآية أيضا يأمر الله تعالى الحجاج بعد الرجوع من عرفات بالذكر عند المشعر الحرام”، وفي آية أخرى في موضوع الحج يقول الله تعالى: “واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى”، وفي هذه الآية أيضا يأمر الله تعالى الحجاج بذكره في الأيام الثلاثة، أيام النزول بمنى، ويقول أيضا: “ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله”، وفي موضوع الحج أيضا قال:” فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا”. وفيها يأمر الله عز وجل الحجاج بالإكثار من ذكره بعد قضاء المناسك والانتهاء منها.
أيها الإخوة الكرام، أرأيتم إلى هذه الآيات التي تتكلم عن موضوع الحج كيف ركزت على مسألة الأمر بذكر الله تعالى والإكثار من ذلك؟ وهل انتبهتم كيف أن الله عز وجل يأمر الحجاج بذكره بعد الانتهاء من كل شعيرة من شعائره، والهم بالبدء في أخرى؟ وكأني بالحجاج إنما ذهبوا لتلك البقاع الطاهرة، وإنما صرفوا أموالهم وتجشموا الصعاب واقتحموا المشاق والأتعاب، إلا ليذكروا الله عز وجل،
بعد هذا كله تعالوا بنا نسائل أنفسنا كم خصصنا من أوقات لذكر الله تعالى ؟ وهل فعلا نذكر الله تعالى أم أصابتنا الغفلة فغفلنا في جملة الغافلين؟ وباختصار هل انتبهنا إلى أهمية الذكر في حياتنا؟ ولكي تطلعوا على أهمية هذا الجانب، استمعوا إلى هذا الحديث العظيم ذي الفوائد الجمة، روى الإمام الترمذي وقال حديث حسن، أنه من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة”، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” تامة، تامة، تامة”، وفي رواية الإمام الطبراني:” انقلب بأجر حجة وعمرة”، قال ابن عمر رضي الله عنهما:” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يمكنه الصلاة. فمن عسر عليه إذن القيام بالحج، فلا يفوته اغتنام مثل هذه الفوائد اليومية اليسيرة الميسرة، أسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم أجر ذلك وأمثال أمثاله، كما نسأله عز وجل أن يؤمن حجاجنا في جميع المناسك والمسالك أمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فيا عباد الله، يقول الله تعالى:”والبدن جعلناها لكم من شعائر الله”،أي من أعلام الدين، ويقول عز وجل:” فصل لربك وانحر”.
أيها الإخوة الكرام، إن مما يكثر السؤال عنه في أيام الميقات الزماني للحج من قبل الكثير من الناس، وهم يستعدون لشراء أضحية عيد الأضحى المبارك مايتعلق بفقه الأضحية ومختلف الأحكام المتعلقة بها، لذلكم يستحسن التذكير بها لئلا نخلط ماتعودنا عليه عادة بأمور العبادة، فأقول وبالله التوفيق: الأضحية في مذهبنا المالكي سنة واجبة أي مؤكدة، ويكره تركها للقادر عليها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والحاكم:” من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا”، والقادر عليها أيها الإخوة والأخوات هو الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه، ولو استطاع أن يستدين استدان ولكن بالطرق الحلال، والمطالب بالأضحية هو كل مسلم حر بالغ عاقل مقيم مستطيع، والأضحية بهذا قربة إلى الله وعبادة تحتاج إلى الإخلاص لله تعالى، وتصحيح النية، إذ لا يجوز أن تكون مباهاةً وافتخارا على الناس والجيران، فكل مضح ينبغي أن ينوي التقرب إلى الله تعالى بذبح أضحيته، وحتى عندما يختار السمينة الحسنة ينبغي أن يكون اختياره نابعا من نية التقرب بالأفضل الأحسن إلى مولاه وخالقه، والسمينة أفضل من غير السمينة، لقول الله عز وجل: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، والحكمة من تشريعها أيها الإخوة الكرام هو شكر الله على نعمه المتعددة، وعلى بقاء الإنسان من عام لعام، ولتكفير السيئات عنا.
ويشترط لصحة الأضحية سلامة الحيوان المضحى به من العيوب الفاحشة، وهي أربعة: فلا تجوز العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء الهزيلة التي لا تنقي أي لا نقي لها، أي لا مخ لها، بمعنى أن الأفضل ما كان كامل الخلقة دون أي نقص فيه، ولا يجزئ من الإبل إلا ما تم له خمس سنين (الثني) ، ومن البقر ما تم له ثلاث سنين (الثني) ، ومن المعز ما تم له سنة (الثني) ، ومن الضأن ما تم له سنة (الجدع) ، وتجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، والشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، ولا يبيع منها شيئاً، ولا يجوز إعطاء الجزار أجرته منها، ولا يجزئ فيها دفع القيمة، والأبيض أفضل من الأسود، وقد يسأل بعض الناس على الاشتراك في ثمن الأضحية للاستفادة من حصة من لحمها؟، أقول: إن ذلك يكره في مذهبنا المالكي الذي نقتدي به، وأما أن يشتري الرجل الواحد الأضحية ويشرك في ثوابها غيره، قبل أن يذبحها فذلك جائز بشروط: أن يكون المشرك قريبا له وينفق عليه ويسكن معه، وأما أن يعمد أحدنا إلى شراء أضحية ويشرك فيها جماعة من الناس دون أن يدخل نفسه معهم، فهذا جائز من غير شرط والحمد لله رب العالمين.
الدعاء.
خطبة الجمعة ليوم الجمعة 3 غشت 2018، للدكتور مولاي عبد المغيث بصير