الإسلام دين الطهارة والنظافة

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله خير نبي أرسله أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.

أما بعد فيا عباد الله، يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، وقال عز وجل: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: “إن الله تعالى جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويبغض البؤس والتباؤس”.

أيها الإخوة الكرام، إن الطهارة في معناها اللغوي تعني النظافة، والنظافة في الشرع تشمل نظافة البدن، ونظافة الثوب، ونظافة المكان، وقد ورد ذكر الطهارة في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثين موضعاً، أما في السنة فقد ورد ذكرها أكثر من ذلك بكثير، والنظافة هي العنوان الظاهر لحضارة ورقى الأمة والمجتمع، وهي من القيم الجميلة لديننا الحنيف وعنوان لجماله وذوق أهله وإن من عوامل انشراح النفس المكان الطيب الطاهر النظيف ،ومن أسباب الاكتئاب وخبث النفس قذارة المكان، وهي شرط لصحة الصلاة وشرط لإقامة بيت الله.

والشيء المؤلم أيها الإخوة والأخوات هو أن ترى غير المسلمين يعتنون بنظافة بيوتهم، ونظافة محلاتهم، ونظافة مناشطهم وأماكن عملهم، بينما المسلمون الذين كلفوا بالنظافة تكليفاً من قبل دينهم الإسلامي، حيث نجد فيه التطهر شرطاً لأداء الصلاة، وهي ركن أصلي أصيل يتكرر مع المسلم في كل أحايينه، فينبغي إذن أن يكون المسلم مثلاً أعلى في النظافة، لأن غير المسلم لايعرفنا إلا من خلال ما يبدو منا، وقد يحكم على ديننا من خلالنا، قلة في المجتمع هم الذين يفرقون بين الدين وبين المتدينين، وبين الإسلام وبين المسلمين، وبين الإيمان وبين المؤمنين، لكن الكثرة الكثيرة تختلط عليها الأوراق فيحكمون على الإسلام من خلال ممارسات المسلمين، فيصدرون أحكامهم على الدين من خلال المتدينين، فإذا كنت نظيفاً بالمعنى الأكمل فلسوف تتمتع بفوائد النظافة، وتتمتع بقربك من الله عز وجل وتقدم لغير المسلمين مثلاً أعلى يحتذى، روى الإمام الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”النظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة”

أيها الإخوة الكرام تمعنوا في العبادة الأولى، الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال” أي الصلاة”، فالحج يسقط عن غير المستطيع، والصوم يسقط عن المسافر والمريض، والزكاة تسقط عن الفقير، والشهادة ينطق بها مرةً واحدة، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال فهو الصلاة، ولا خير في دين لا صلاة فيه، والصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، وفي الصلاة إعلان الشهادة بأنه لا إله إلا الله، وفي الصلاة معنى الحج حينما يتوجه المصلي إلى بيت الله الحرام، وفي الصلاة معنى الصوم حينما يدع المصلي طعاماً وشراباً وحركةً ونطقاً وهذا أبلغ أنواع الصوم، وفي الصلاة معنى الزكاة، لأن الوقت أصل في كسب المال فإذا اقتطعت من وقتك وقتاً لتصلي فقد زكيت وقتك، هذه الصلاة التي هي غرة العبادات وأصل القربات، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، لا تصح إلا بالطهور، لاتصح إلا بالوضوء، هذا هو إسلامنا.

أيها الإخوة الكرام
الإنسان حينما يكون نظيفاً ويكون ثوبه حسناً، ولا أقصد أن يكون غالي الثمن، أي يكون ثوبه نظيفاً ليس فيه عيب منفر، لا يرتدي لبسةً مهجورة، ولا لبسةً مشهورة، إذا كان كذلك يشعر بقوة في نفسه، وقد يقف موقفاً أكثر حكمةً وأكثر تأثيراً مما لو كان في جسمه قذر أو في ثوبه وسخ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاةَ وَلا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلا مُؤْمِنٌ”، أي لن تحصوا الخيرات إذا استقمتم، قال الإمام المناوي:” ولهذا الحديث وقفة متأنية، من جميع الجوانب المادية والنفسية والاجتماعية.

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلاً عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ”، أنظر أخي الكريم أختي الكريمة، أن تتوضأ فتحسن الوضوء وأن تصلي مخلصاً مقبلاً على الله عز وجل هذا يستوجب دخول الجنة.

إذا طرقنا تفاصيل نظافة اليد فقط فلن نصل فيها إلى نهاية من حيث الفوائد التي ذكرها العلماء، إنه لما كانت اليد أكثر أعضاء الجسم استعمالاً لذا تعهدها الإسلام بالغسل قبل الطعام وبعده، وقد ورد في الأثر أنه ينبغي أن تتوضأ قبل الطعام وبعد الطعام، بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده، وقد فسر العلماء الوضوء قبل الطعام غسل اليدين والفم، وكذلك بعد الطعام، صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ”، وفي رواية:إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم من بات وفي يده ريح غمر ريح اللحم وزهومته فأصابه شئ، وفي رواية فأصابه خبل ولغيره لمم وهو المس من الجنون، وفي أخرى فأصابه وضح أي برص، والمراد فساد شئ من أعضائه إما بالخبل أو اللمم أو الوضح فلا يلومن إلا نفسه، ويستفاد من ذلك وجوب أن تغسل يديك قبل أن تأوي إلى فراشك.

وقد وجهنا النبي عليه الصلاة والسلام إلى تقليم الأظافر فقال:” قصوا أظافركم”، وقد ذكر أن من أسباب مرض الكبد المميت فيروس ينتقل إلى الإنسان عن طريق ما تحت الأظافر، ويكفي مثلا لكي يصاب المرء بذلك إذا أكل في مطعم لايغسل العامل المكلف بالطبخ فيه يديه عقب دخوله إلى الخلاء، فغسل اليدين قبل الطعام والعناية بقص الأظافر، والمبالغة بتنظيف ما تحت الأظافر هذا جزء من الوقاية الصحية، قال أحد الربانيين: إذا رأيت المرأة لاتهتم بقص أظافرها لا آكل طعامها وأصاب بالتقزز.

شيئ آخر وهو العناية بشعر الرأس ورد في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من كان له شعر فليكرمه”، ويعني بإكرام الشعر تنظيفه وترجيله، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن أن يدع الإنسان رأسه هكذا، وفي بعض الأحاديث يشير إلى ذلك.

واهتم الإسلام بنظافة العين، فمن حق العين على المرء وهي أدق عضو من أعضاء جسمه أن يتعهدها بالنظافة، وأن يتجنب في ذلك استعمال اليد لأنها ربما تكون ملوثةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ اللَّدُودُ وَالسَّعُوطُ وَالْحِجَامَةُ وَالْمَشِيُّ وَخَيْرُ مَا اكْتَحَلْتُمْ بِهِ الإِثْمِدُ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ” والمعنى، يقال استعط أي استعمل السعوط، وهو أن يستلقي على ظهره ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما لينحدر برأسه ويقطر في أنفه ماء أو دهن فيه دواء مفرد أو مركب ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس، واللدود هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقاه أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك به.

أما تنظيف الثوب فقد ورد فيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ” والثوب الأبيض يعلم النظافة، يحتاج إلى دقة بالغة،وإلى ملاحظة بليغة، وإلى عناية بالغة، وصدق من قال :إن البياض قليل الحمل للدنس.

قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: “أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ،” وَرَأَى رَجُلاً آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: “أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ”.

الإسلام أيها الإخوة حضنا على أن يكون لنا ثوباً نلبسه يوم الجمعة وهذا توجيه رائع جداً، لابد من ثوب جديد ترتديه في مناسبات خاصة لأنك سفير الإسلام أنت مؤمن، ومن خلال تصرفاتك ومظهرك يحكم على دينك أحياناً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام عن مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: “مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ”، له ثياب لمهنته وثوب يرتديه يوم الجمعة لأن الجمعة يوم عيد، أما نظافة البيوت فقد ورد فيها أيها الإخوة حديث عَنْ صَالِحِ ابْنِ أَبِي حَسَّانَ قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ فَنَظِّفُوا أُرَاهُ قَالَ أَفْنِيَتَكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ”، والأفنية جمع فناء وهو بهو البيت وساحته.

هذه أخلاق المؤمنين أيها الإخوة، هذه توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، نظافة البدن، ونظافة الثوب، ونظافة المكان، ونظافة المنزل، ونظافة الطريق، ونظافة السلوك الشخصي، هذه جزء من نمط سلوك المسلم، وحينما يكون المسلمون متمسكين بشرعهم هذا التمسك سيكون لهم حال مع الله غير هذا الحال.

الخطبة الثانية:
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد فياعباد الله،
عَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَفَّس”، والآن أيها الإخوة والأخوات ثبت علميا أن هناك أمراضاً تنتقل بالعدوى عن طريق الزفير، فإذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، فأبعد القدح عن فيك في حال أردت أن تتنفس، وهذا من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام الوقائية.

وورد عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وورد أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ”.

ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أيضا أن يبال على الحجر، حتى لا يتطاير البول عليه فيؤذي الثياب، ونهى عليه الصلاة والسلام عن البول في الأرض الصماء الصخرية لأن البول يرتد إلى ثوب صاحبه، وهي الملاعن الثلاثة التي يلعن فيها من يؤذيها، وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلاثَةَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ”، مكان ظل ظليل يستظل به المارة، فمن قضى حاجته أو بال في هذا المكان ملعون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قضى حاجته أو بال في قارعة الطريق ملعون عند رسول الله، وهذا الذي يجري الآن في مداخل الأبنية أحياناً، ومن يفعل ذلك بقضاء حاجته في مدخل البناء وجوانب الطرقات، وهذا يحدث كثيراً كما تعرفون وترون دائما، من يفعل ذلك بعيد عن كل معاني الإنسانية.

وعن عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:” السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، أحب من خلال هذه الخطبة أن أحكي لكم قصة فيها أعظم عبرة: سائح بريطاني زار الشرق الأوسط وكتب في مذكراته عن هذه الخشبة التي يستعملها المسلمون في تنظيف أسنانهم، كتب عنها كتابةً ساخرة، قرأ هذا البحث أو هذه الرحلة عالم ألماني فوصى زميله المسافر إلى السودان أن يأتيه بهذه الأعواد ـ أعواد الأراك ـ سحقها ووضعها في مكان ووضع عليها الجراثيم، فإذا فعلها كفعل البنيسلين تماماً تطهر الفم من كل جرثوم، وورد في إحصائية لمنظمة الصحة العالمية أن ثلاث مائة مليون إنسان في العالم مصابون بأمراض مستعصية سببها القذارة، بل إن معظم أمراض القذارة المسلمون معافون منها بسبب دينهم، والحمد لله على ذلك.

كل هذه النصوص تدل على أن الإسلام اهتم بالنظافة اهتماماً كبيراً وأولاها عنايةً فائقةً، ورعايةً تامةً لأنها الأساس لكل زينة حسنة، قال تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، فأساس الزينة النظافة، وأرضية الزينة النظافة، بل إن العلماء قد اكتشفوا أن لجلد الإنسان رائحةً عطرة فيكفي أن تتنظف لتفوح هذه الرائحة، وهذا ما قالته امرأة في الجاهلية، حيث قالت: “والماء أطيب الطيب المفقود”، وإن تنظيف الجلد بشكل دوري يسمح لرائحته العطرة أن تفوح منه”.

ختاما، إن الإسلام اعتبر النظافة من صميم رسالته، ولن يكون المرء راجحاً في ميزان الإسلام محترم الجوانب إلا إذا تعهد جسمه بالتنظيف والتهذيب، وكان في مطعمه ومشربه وملبسه وهيئته الخاصة بعيداً عن الأدران المكدرة والأحوال المنفرة، وليست صحة البدن وطهارته سلاحاً مادياً فقط، بل إن أثرها عميق في تزكية النفس، ولهذه الخطبة تتمة سنأتي عليها في خطبة لاحقة، والحمد لله رب العالمين.

الدعاء….

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *