المرأة في الإسلام (تابع) – التبرع بالدم

الحمد لله، الحمد لله الذي أنعم على عباده بالتوفيق، فأرشدهم إلى أقوم سبيل وأحسن طريق، وخلق الزوجين الذكر والأنثى، وساوى بينهم في الحقوق والواجبات فقال جل وعلا: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة)، نحمده تعالى حمدا لا ينتهي أمده، ونشكره شكرا لا يحصى عدده،

ونشهد أنه الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، كان يستوصي بالنساء خيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والنهى والمجد والتقى الذين يقول ممثلهم الذي لا يخاف في الله لومة لائم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد النساء أمرا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم”، ، وسلم تسليما كثيرا،

أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون والمؤمنات،

في الجمعة الماضية التي وافقت ذكرى اليوم العالمي للمرأة سلطنا الضوء على مكانة المرأة في الإسلام، وأن وضعيتها حسب الشرع الإسلامي وضعية سليمة وأن هذا الدين، قد صان للمرأة كرامتها، وهو على العكس مما يدعيه دعاة التحريف والإلحاد والتخريف ويزعمون أن الإسلام  قد هضم المرأة حقوقها، وسلبها شخصيتها وأعطاها نصف ما للرجل في الميراث، وأعطى للرجل حق التسريح والإمساك في جميع الحالات _أي الطلاق_، ولم يسو بينها وبين الرجل في كثير من أمور الحياة، وقلنا بأن هذه الإدعاءات ما هي إلا زعم باطل وادعاء جاهل، وإليك أختي المسلمة أقول، عليك أن تعتزي بدينك، الذي أنار للمرأة طريق الحياة السعيدة، وحصنها ضد الانحرافات وعلمها كيف تحافظ على سمعتها وسمعة أسرتها، إذا هي تمسكت بتعاليمه المجيدة، ومبادئه الرشيدة، أغنتها عن طلب البديل في غيره، ودلتها على الحق المبين، في تربيته وأخلاقه.

وفي ظل الإسلام حظيت المرأة بالاحترام والتوقير، ونالت الكرامة والعزة والتقدير، وساوى بينها وبين الرجل في كثير من الحقوق والواجبات، فقال على لسان نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم: “النساء شقائق الرجال في الأحكام”، وأن النساء المسلمات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أيضا مثلكن يبحثن عن الرقي الاجتماعي، وعن المساواة بينهن وبين الرجال فقد طلب النساء من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختصهن بيوم في الوعظ، فكان لهن ما طلبن، بل إنهن أيضا نظمن جمعية للنساء تدافع عن حقوقهن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المجال، أقول للنساء جميعا، وللنساء المسلمات، إن التاريخ يشهد لرائدة النساء المطالبة بحقوقهن أنهن قدمن طلبا لتمتيعهن بحقوق مساوية للرجل، أتعلمون أيها النساء وأيها الرجال من هي؟ إنها أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية، ابنة عمة معاذ بن جبل رضي الله عنه أسلمت وبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان وروت عنه أحاديث وشهدت معه فتح خيبر، ولقد لُقبت “برسول النساء  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ” ولهذا اللقب قصة نذكرها لنسائنا وهي كالتالي:

روى مسلم بن عبيد أن أسماء بنت يزيد أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: “بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله  عز وجل  بعثك إلى الرجال والنساء كافةً، فآمنا بك وبإلهك وإنا – معشر النساء – محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم – معشر الرجال – فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم الأجر والثواب؟ فالتفت النبي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي إليها فقال: افهمي أيتها المرأة وأَعلِمي مَن خلفك من النساء أن حسن تبعُّل المرأة لزوجها (أي حُسن مصاحبتها له) وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كله، فانصرفت المرأة وهي تهلل.

يا لها من رسالة خالدة، ومسؤولية عظيمة، تنال بفضلها المرأة أجر الجهاد وهي في بيتها، وتنال ثواب الجماعة وهي في قعر دارها، وتكسب شرف الجراح والاستشهاد في سبيل الله وهي لمَّا تغادر بيتها، فجزاك الله عنا وعن نساءنا خيراً يا أسماء، فقد كنت سبباً في تعليم النساء أقرب الطرق إلى الجنة ومن أقصرها وهو سبيل الطاعة،

واعلمي أختي المسلمة أن أسماء هذه شهدت فتح خيبر مع مَن خرجن من النسوة لمداواة الجرحى ومناولة السهام وطبخ الطعام وخرجت مع جيش خالد بن الوليد لملاقاة الروم في معركة اليرموك  وقتلت بعض جنود الروم بعمود خبائها. فلله درُّك يا أسماء فقد نلتِ أجر الجهاد مرتين :الأولى وأنت في بيتك والأخرى في ساحة الوغى. امتدت بها الحياة حتى شهدت انتهاء الخلافة الراشدة وتكوين الدولة الأموية، وتوفيت في خلافة معاوية في السنة الرابعة والخمسين للهجرة، هذا نموذج للمرأة المسلمة على عهد رسول الله وأمثالهن كثير نذكرهن في الجمعة المقبلة إن شاء الله تعالى،
فاتقوا الله عباد الله، وكونوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
نفعني الله وإياكم بكتابه المبين، وبسنة نبيه المصطفى الأمين، وغفر لي ولكم وللمسلمين أجمعين،
آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
نعيش هذه الأيام الحملة الوطنية للتبرع بالدم، والتي ستمتد إلى غاية 24 من هذا الشهر، والتي أعطى انطلاقتها مولانا أمير المؤمنين الجمعة الماضية، وهذه الحملة إلى جانب كونها واجب وطني فإن لها فوائد جمة، فمن فوائدها الدينية: أن التبرع بالدم هو زكاة عن الصحة وهو فرض كفاية، وفيه  فضل إنقاذ حياة إنسان، قال تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، فضل تفريج الكربات فقد قال صلى الله عليه وسلم “من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” وتبرعك بالدم يفرج كربة أخاك المريض المكروب.

فأنت أخي المؤمن، عندما تتبرع بدمك تحي نفسا كادت أن تموت من نقص الدم، أخي المؤمن، إن التبرع بالدم سلوك نبيل ومبادرة إنسانية من شخص سليم لشخص مريض ينزف بسبب حادث أو عملية جراحية ويحتاج القليل من دمك حيث تصبح قطرات الدم في هذه الحالات اكسير الحياة، ومن فوائد الدم التبرع بالدم الصحية: زيادة نشاط نخاع العظام لإنتاج كميات جديدة من الدم فيؤدي إلى زيادة نشاط الدورة الدموية، تقليل نسبة الحديد في الدم مما يقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، ويعطيك إحساسا بالرضى  والفخر، وللتبرع بالدم فائدة إنسانية كبيرة في إنقاذ المرضى، وتيقن أخي المؤمن أنه لا توجد مضاعفات للتبرع بالدم إذا كنت ملائما للتبرع بعد الفحص الكامل، فأعط أخاك المريض فرصة للحياة بمنحه القليل من دمك فهذا أكرم الكرم،

الدعاء

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *