فضل التبرع بالدم
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه.
أما بعد فيا عباد الله،
يقول الله تعالى في معرض بيان قيمة النفس الإنسانية: “من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”.
أيها الإخوة الكرام، لقد انطلقت حملة التبرع بالدم في جميع جهات بلادنا العزيزة، وأول من أعطى القدوة في ذلك للمواطنين والمواطنات مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وإن أعمال التضامن لدى الشعب المغربي عبر التاريخ وعلى جميع الأصعدة أثبتت نجاحها ونجاعتها والحمد لله.
أيها الإخوة الكرام، إن عملية التبرع بالدم لفائدة المرضى والمزمنين وذوي الحاجة عمل مبرور مبارك مأجور بحول الله فلنساهم جميعا في إنجاحه،
نعم أيها الإخوة والأخوات، فإذا كان للصدقة بالمال منزلتها في الدين، وثوابها عند الله، حتى إن الله تعالى يتقبلها بيمينه، ويضاعفها أضعافًا كثيرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، فإن الصدقة بالدم أعلى منزلة وأعظم أجرًا، لأنها سبب الحياة، والدم جزء من الإنسان، والإنسان أغلى من المال، وكأن المتبرع بالدم يجود بجزء من كيانه المادي لأخيه حبًا وإيثارًا،
هذا وإن من أفضل ما يقدمه المسلم لأخيه المسلم التبرع بالدم له إذا احتاج إليه عند إجراء جراحة أو لإسعافه وتعويضه عما نزف منه، فهذا من أعظم القربات وأفضل الصدقات، لأن إعطاء الدم في هذه الأحوال بمثابة إنقاذ الحياة،
ويزيد من قيمة هذا العمل الصالح أن الواحد منا يغيث به ملهوفًا، ويفرج به كربة مكروب، وهذه مزية أخرى تجعل له مزيدًا من الأجر عند الله تعالى، ففي الحديث الذي رواه أبو يعلى والديلمي وابن عساكر عن أنس: “إن الله يحب إغاثة اللهفان “، وفي الصحيح المتفق عليه: “من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”، بل إنه صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إغاثة الحيوان المحتاج إلى الطعام أو الشراب له عظيم الأجر عند الله، كما في حديث الرجل الذي سقى كلبًا عطشانا وجده يلهث يأكل الثرى من شدة العطش، فملأ خفه ماء من البئر، وأمسكه بفيه، وسقاه حتى ارتوى، قال النبي صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه عن أبى هريرة رضي الله عنه: “فشكر الله له، فغفر له”، قال الصحابة دهشين: أئن لنا في البهائم لأجرًا يا رسول الله؟! قال : “نعم، في كل كبد رطبة أجر، ويبدو أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يظنون أن الإحسان إلى هذه المخلوقات لا يقابله أجر عند الله، وأن الدين لا يهتم به، فبين لهم الرسول الكريم أن الإحسان إلى أي كائن حي فيه أجر، ولو كان حيوانا أو كلبًا، فما بالك بالإنسان ؟ وما بالك بالإنسان المؤمن ؟.
أيها الإخوة الكرام، هذا من الناحية الشرعية، أما من الناحية الطبية ففوائد التبرع بالدم كثيرة منها:أن التبرع بالدم يدل على سلامة المتبرع حيث إن كل متبرع يخضع لفحص طبي للجسم وفحص تحاليل السكري والإيدز والزهري بالمجان، والتبرع بالدم يساعد على تنشيط نخاع العظم في إنتاج خلايا دم جديدة تستطيع حمل كمية أكبر من الأوكسجين إلى أعضاء الجسم الرئيسية مثلًا الدماغ ويساعد على زيادة التركيز والنشاط في العمل وعدم الخمول……
الدعاء.