المنهج النبوي في التربية

الحمد لله الذي أسبغ على عباده النعم، وتفضل عليهم بالعطاء والمنن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، فمن اتقى الله وقاه، ومن عمل بطاعته رضي عنه وأرضاه..

أحبتي في الله

مازلنا في رحاب  المصطفى صلوات الله وسلامه عليه  فبعد أن توقفنا في الجمعة الماضية عند دلالات الاحتفال بذكرى مولده  وقلنا إن حبنا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  ينبغي أن يكون من خلال اقتدائنا بسنته والسير على نهجه القويم  ، ومن بين تلك المناهج النبوي سنقف في هذه الجمعة المباركة عند المنهج النبوي في تربية الطفل المسلم كحل للمشاكل التربوية في ظل الارتباك القيمي السائد بين شبابنا حتى وسط الكثيرين منا صغارا وكبارا، وفي ظل عدم وجود فهم أو تعريف واضح لمفهوم الهوية، وفي اطار تناقض المناهج التربوية، سواء المحلية او الوافدة، .انه المنهج النبوي الذي أرسى دعائمه نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه . ولأنه منهج شامل متكامل فهو يعالج كل جوانب شخصية الطفل المسلم، سواء التعليمية او التربوية او النفسية ولعل وقوفنا عند هذا الموضوع إنما  بسبب أهميته ولأنه  أّرق ويؤرق كل الآباء والأمهات بدون استثناء ، موضوعنا سيكون حول  تربية الأبناء وكيف استطاع المربي نبي الرحمة أن يضع لذلك منهجا متأصلا   .

السؤال هو  كيف يمكننا أن نربي أطفالنا التربية الحسنة ؟

وأي منهج سنسلكه في هذه التربية حتى نستطيع تكوين رجال الغد ؟

أحبتي في الله

إن المتأمل في منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم سيجد  وبدون شك الاجوبة الشافية لتساؤلاتنا حول التربية وسيجد في المنهج النبوي فيها الأسوة والقدوة في كل مجال من مجالات الحياة ، سواء في مجال العبادة والعقيدة والأخلاق والمعاملات، وكذلك في طريقة التربية والتعليم. بالإضافة إلى رفقه ولينه، وحلمه وسعة صدره في تعليمه، فإنه علَّمنا أساليب رائدة في التعليم، ولفت الانتباه والجمع بين الإقناع العقلي ، والتأثير العاطفي ، وحول ذلك يقــول معاوية بن الحكم السلمي : ” بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني” رواه مسلم . فما أحوجنا اليوم جميعا : معلمون وآباء ومربون ومثقفون ومسؤولون عن تربية أبنائنا إلى التعلم من آدابه وأخلاقه ، وأساليب تعليمه صلى الله عليه وسلم . لقد أكرمنا الله بنعمه الكثيرة وحذّرنا من الافتتان بها، فقال جلا وعلا :(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)( التغابن :15) ، وانــتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلـينا عن الـنار فقـال جلا وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا )( التحريم :6) وذلك من حقّ أهلينا علينا، وتمام رعايتنا لهم ، وكلنا راعٍ ومسؤول عن رعيته كما في الحديث ، ولأداء أمانة الرعاية لا بدّ للأبوين من الحرص والعمل على تعليم الأبناء و تربيتهم ، ولا يفوتهما أنهما محاسبان على التهاون والتقصير في ذلك، والتربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار (6) .

أحبتي في الله :

لقد تنوعت أساليب منهجه وهديه صلى الله عليه وسلّم عن التربية ، لنرى مدرسةً متكاملة المناهج ، راسخة الأصول ، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة ، حيث اعتنى بهم بنفسه ، وأوصى بهم خيراً في العناية والرعاية ، وبالتالي فإذا تمسك الوالدان بالمنهج النبوي في التعامل مع الأطفال، استطاعا أن ينفذا إلى جميع مداخل أطفالهم النفسية والفكرية، فينيروا لهم الطريق، ويقدموا لهم الحلول الناجحة في بناء شخصيتهم وتربيتهم وتكوينهم.

ومن أهم الأساليب التي ينبغي أن يعمل بها الوالدان والمربون وورد ت في منهجه صلى الله عليه وسلم

، ما يلي:

1ـ القدوة الحسنة: وهي من أهم أسس التربية، وعن طريقها يطبع الوالدان في أولادهم أقوى الآثار الحسنة والطيبة، قال صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْــرَةِ فَأَبَــوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ..)(رواه البخاري).

2ـ تحين الوقت المناسب: للتوجيه والتعليم، وتلقين الأفكار، وتصحيح السلوك الخاطئ، وبناء سلوك صحيح، وأيضاً عند الخروج للنزهة، والسير بالطريق، وركوب الدابة:عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: (يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ،..)(رواه الترمذي). وأيضاً في وقت الطعام: عن عمر ابن أبي سلمة قال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)(متفق عليه). وأيضاً وقت مرض الطفل: عن أنس قال: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ (أَسْلِمْ)، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ)
3ـ العدل والمساواة بين الأطفال: عن النعمان بن بشير قال: انْطَلَقَ بِي أَبِى يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. فَقَالَ (أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ). قَالَ لاَ. قَالَ (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِى)، ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً). قَالَ بَلَى. قَالَ (فَلاَ إِذًا)(رواه مسلم)

4ـ وأيضاً الاستجابة لحقوق الأطفال: فعن سهل بن سعد قال: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ (يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ الْأَشْيَاخَ)، فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
5ـ الدعاء للأطفال: عن ابن عباس قال:(ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ)، وفي رواية لمسلم (اللهم فقه في الدين)، وأيضاً شراء اللعب والهدايا: فعن عائشة (أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ وَكَانَتْ تَأْتِينِى صَوَاحِبِى فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَتْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ)(رواه مسلم)

.
6ـ إعانة الأولاد على البر والطاعة: كان أبو هريرة إذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمَّاه، فتقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا فتقول يا بني وأنت فجزاكَ الله خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرا)(الأدب المفرد)
7ـ وأيضاً الابتعاد عن كثرة اللوم والعتاب: عن أنس قال: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ)(رواه البخاري).

أحبتي في الله

ومن الأساليب الهامة أيضاً المؤثرة في عقل الطفل.

8ـ غرس محبة الله تعالى في قلوبهم: فيجب على كل والد ومربي أن يغرس حب الله وخشيته، ورجاءه، في قلوب أطفاله، وأن ييسر لهم أسباب ذلك لكي ينشئوا النشأة السليمة التي تجعلهم صالحين في أنفسهم ولمجتمعهم وأمتهم.

9ـ وأيضاً شد الطفل إلى القدوة الحسنة وهي شخص الرسول صلى الله عليه وسلم : فغرس محبته في قلوب الأطفال وتوجيههم إلى الاقتداء به، واتباع هديه، واقتفاء سنته يربيهم على بناء عقدي قوي سليم، ويجعلهم يحبونه ويجلونه، ويتمسكون بهديه، ويعملون بما أمر به، وينتهون عما نهى عنه وزجر.
10ـ وأيضاً رواية القصص والحكايات: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحكي قصصاً لأصحابه الحاضرين من الكبار والصغار؛ ليتعظوا بها، وأفضل ما يقصه الوالدان على أولادهما القصص القرآني والنبوي، كقصص الأنبياء والمرسلين، وقصص  الصحابة والتابعين، وغير ذلك مما ورد في السنة.

11ـ وأيضاً أسلوب المخاطبة المباشرة للطفل: فهذا يولد عنده تزكية العقل، وحب الوصول إلى الحقائق، مما يجعله أشد قبولاً لما يسمعه، وأكثر استعدادا للتلقي.

12ـ وأيضاً خطاب الطفل على قدر عقله: فعن أنس بن مالك قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ ـ كَانَ فَطِيمًا ـ قَالَ: فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآهُ قَالَ (أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ). قَالَ فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ (واللفظ لمسلم).
13ـ أيضاً الحوار الهادئ مع الطفل: كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم مع الفتى الذي طلب منه أن يأذن له في الزنا، فما عنفه ولا كهره،بل خاطبه خطاب المربي لولده، حتى شعر هذا الفتى بخطئه، فوَضَعَ النبي يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: (اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ)، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ) (رواه أحمد)

أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه، وبعد:
أحبتي في  الله

إن تأسيس الأطفال على مكارم الأخلاق ومحاسنها يكون له الأثر الكبير على نفسيتهم، ومن تلك الأسس ما يلي:

1ـ صحبة الطفل: فقد كان صلى الله عليه وسلم يصحب الأطفال كابن عباس، وأطفال ابن عمه جعفر بن أبي طالب، وأنساً، فهو يعلِّم بحق الأطفال في مصاحبة والديهم، فتتهذب نفوس أولادهم، ويقوى رباط الصلة والمحبة بينهم.

 

2ـ إدخال السرور على الأولاد: ذلك أن إدخال السرور عليهم يلعب في حياتهم دوراً هاماً وضرورياً، ويؤثر فيهم تأثيراً عجيباً، وقد كان صلى الله عليه وسلم خير قدوة في ذلك. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، قَالَ: (إِنِّي لاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقًّا) (رواه الترمذي)

 

3ـ زرع روح التنافس البنَّاء بين الأطفال، ومكافأة الفائز: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُفُّ عَبْدَ اللهِ، وَعُبَيْدَ اللهِ، وَكُثَيَّرًا بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَقُولُ: (مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا)، قَالَ: فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ، فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْتَزَمُهُمْ(رواه أحمد).

 

4ـ المدح والثناء: كما جاء في حديث ابن عمر حينما رأى رؤيا فَقَصّهَا عَلَى
حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ بَعْدُ لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلاً.

 

5ـ ملاعبة الأطفال والتواضع لهم: عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسين فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه(رواه ابن حبان).

 

6ـ حسن النداء للطفل: فالنبي صلى الله عليه وسلم كان ينوع عند ندائه على الغلمان بعدة ألفاظ لإثارة انتباههم، فتارة يخاطب الطفل باسمه فيداعبه بقوله (يا أبا عمير ما فعل النغير؟)، وتارة يخاطبه بطفولته فيناديه: (يا غلام إني أعملك كلمات..)، (يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك)

 
أحبتي في  الله

إن هناك نوعاً من الأطفال إذا لم تفلح معه تلك الأساليب التي ذكرناها يحتاج إلى التأديب لكي يحس بأن الأمر جد لا هزل فيه، فيذوق ألم التأديب، فيعرف قيمة الحنان والعاطفة التي تدفقت عليه من والديه قبل التأديب، ويشعر بضرورة الانقياد والطاعة وحسن الخلق. قال صلى الله عليه وسلم (لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ)(رواه الترمذي)
إن التأديب ضرورة تربوية لتصحيح الأفكار والأخطاء: وهي وسيلة إلى تصحيح أخطائه، ومن أنواع التأديب الضروري للطفل ما يلي:
التأديب بالكلام: عن أبي هريرة قال: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (كِخْ كِخْ)، لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ:(أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)(متفق عليه).

التأديب بالفعل: مر النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِغُلاَمٍ وَهُوَ يَسْلُخُ شَاةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ) فَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ فَدَحَسَ بِهَا حَتَّى تَوَارَتْ إِلَى الإِبْطِ، ثُمَّ مَضَى ) (رواه أبو داود، وابن ماجة،).

التأديب بالتخويف: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعليق السوط في البيت(رواه البخاري)

التأديب بالعقاب: قال صلى الله عليه وسلم (..وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ..)، وكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ)(رواه البخاري)، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ) (رواه مسلم).
أحبتي في  الله: إن تربية الأطفال تحتاج إلى جهد وعطاء، وصبر ودعاء، وصدق مع الله في إرادة صلاحهم، والتوفيق أولاً وآخراً من الله تعالى، ولأهمية هذا الموضوع سيكون لنا في خطبة قادمة حديث عن كيفية البناء العقدي والروحي لدى الأطفال كي يكونوا لبنة صالحة لأنفسهم ولمجتمعهم.
أسأل الله تعالى أن يصلح أولادنا وأولاد المسلمين، وأن يوفقنا جميعا للأخذ بأيديهم لما فيه صلاحهم في العاجل والآجل.

أحبتي في الله :  إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقد قال –صلى الله عليه وسلم-: “من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا”، فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول ويا خير مأمول..

اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .

اللهم امدده  من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .اللهم ، خذ بيده، و احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واحفظه بعزّك الّذي لا يضام. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية  المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، ونسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، ونسألك قلوبا سليمة ، وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم ، ونعوذ بك من شر ما تعلم ، ونستغفرك لما تعلم ، إنك أنت علام الغيوب .[اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ، ولا همّا إلا فرّجته ، ولا كربا لا نفَّسته ، ولا ضرّا إلا كشفته ، ولا ديْنا إلا قضيته ، ولا عدوا إلا أهلكته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا أرحم الراحمين

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. عباد الله:اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور : عبد الهادي السبيوي

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *