الخطبة خُلق الحياء
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفُسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
أما بعد.
أحبتي في الله ، ادعوكم ونفسي ان نتخلَّق بأخلاق الإسلام فإنها خيرٌ كلُّها، وفضلٌ كلُّها، وبِرٌّ وطهرٌ كلُّها، ولنا أُسوة بسيد الخَلْق محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، الذي عظَّم اللهُ جنابَه وأعلى مقامَه، وأثنى عليه ربُّه فقال عز من قائل: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وإنك يا رسولنا لعلى خُلق عظيم؛ جَبَلَهُ الله عليه، انتظَم المكارمَ والفضائل والشمائل الكريمة.وقد كان نبيُّنا عليه الصلاة والسلام هو الأسوة والقدوة وهو المثل الأعلى للناس في كل خُلق كريم، وكل صِفة جليلة.
ومِن جملة الأخلاق التي جاء بها هذا الشرع المطهَّر، واتصف بها نبيُّ الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم: خُلق الحياء. ولعل الباعث للحديث عن هذا الخلق العظيم انما هو الرغبة في الرقي بأخلاقنا لأن حالنا اليوم لا يسر عدوا ولا صديق ، إننا وللأسف الشديد شاهدون على انتكاسة كبيرة للقيم والأخلاق ، فقد اختلط الحابل بالنابل وتدنى المستوى الأخلاقي إلى الحضيض ، تناسى الآباء دورهم ومسؤولياتهم التربوية تجاه الأبناء ، وأصبح تطاول الأبناء على الآباء موضة العصر ، تخلى الكبار عن وقارهم وتجردت النساء من حشمتهن ، واصبح العري والفجور وانتهاك الحرمات أمورا عادية ، وشاعت الفحشاء والمخدرات والخمور والجنس وكل الموبقات الى درجة جعلتنا نساؤل أنفسنا هل نحن فعلا خير أمة أخرجت للناس ؟ والى اين نحن سائرون؟ اين نحن من أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم ؟ أين نحن من أخلاف سلفنا الصالح ؟ لقد ضعف الوازع الديني لدى الغالبية العظمى . أتدرون لماذا ؟ لأننا وبكل بساطة فَقَدْنا خُلُق الحياء .
والحَيَاء لغةً: يعني الحشمة، وهو ضد الوقاحة. وقد حيي منه حياء واستحيا واستحى فهو حَيِيٌّ، وهو الانقباض والانزواء
أما الحَيَاء اصطلاحًا: هو: (انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه.
وقال ابن حجر: (الحَياء: خُلُق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ وقيل هو: (تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان مِن خوف ما يُعَاب به ويُذَمُّ، ومحلُّه الوجه)
وعموما فالحياء كما فسره العلماء هو خُلقٌ يَحمل على فِعل كلِّ جميل، وترْك كلِّ قبيح، وعلى معرفة قدر أهل القدر، والبعد بالنفس عما يشِينُها، ولا يناسب ما فطرها الله عليه.
فالحياء من صفات النفس المحمودة، وهو من مكارم الأخلاق، وهو شعارٌ لهذا الدِّين؛ دين الإسلام. وقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مالك في الموطأ، وابن ماجه في سُننه؛ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إنَّ لكلِّ دينٍ خُلقًا، وخُلقُ الإسلامِ الحياء)؛ كل دينٍ يكون فيه صفة متميزة مِن صفات الأخلاق التي يُعنَى بها، وهذا الدين دينُ الإسلام أكَّد على خُلق الحياء، وذلك لما له مِن الثمرات العظيمة، والآثار الكريمة.
والحياء بين الناس مطلب معظَّم، ولذلك يؤكِّد النبيُّ عليه الصلاة والسلام على أن هذا الخُلق خُلُقٌ متوارَث في شرائع الأنبياء، حتى جاءت هذه الشريعة الكاملة لتؤكِّده، وتعظِّم شأنه، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ مما أدرك الناسُ مِن كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تَسْتَحِ فاصنَع ما شئتَ)).
ولذلك جاء الشرعُ الكريم ليؤكِّد على هذا الخُلق، وليبيِّن أنه مِن الإيمان، فقد ثبت في الصحيحين؛ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((الإيمانُ بضْع وسبعون شعبةً؛ فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياءُ شعبةٌ مِن الإيمان)).وجاء في حديث عنه عليه الصلاة والسلام: ((الحياءُ والإيمانُ قُرِنَا جميعًا؛ فإذا رُفِع أحدُهما رُفِع الآخرُ)).
فالحياءُ يحتاجُه الناسُ في مجتمعاتهم؛ لأنه سيَحمِلُهم على فعْل كلِّ جميلٍ فيما بينهم، وأنْ يَنْكَفُّوا عن كلِّ شرٍّ، وعن كل ما يسوء فيما بينهم. ولذلك جاء في هذا الشرع المطهَّر بيانُ ما للحياء مِن هذه منزلة عظيمة وهو ما أكَّده رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى رجلًا يقول لأخيه: لِمَ تُكْثِر مِن الحياء؟ لماذا تَنْجَفِل وتبعد عن كثير مِن الأمور مع أنها مباحة؟ لماذا عليك هذه الصفة التي صِرْتَ مبتعدًا بها عن كثيرٍ من الكلام، وعن كثير مِن الفعال، وهي مباحة حتى لا نكاد نسمع لك صوتًا، ولا مبادرةً ولا شيئًا؟ ويُكثر عليه في نُصْحه ووعظه، ويقول له: لا تكُن كذلك. فقال عليه الصلاة والسلام: ((دَعْهُ؛ فإنَّ الحياء لا يأتي إلا بخير))
والمقصود بذلك أن الحياء يمنع الإنسان عن اقتحام الآثام، وعن المجاهرة بالمنكرات؛ فهو يحافظ على سمعته، ولا يحب أن يتحدث عنه إلا بالخير، وهذا مطلب أكَّدتْه الشرعة المطهَّرة.
أحبتي في الله
فكما يستحيي المسلم من الخَلْقْ فلا يكشف لهم عورة، ولا يُقصّر لهم في حق، ولا ينكر لهم معروفاً، فإن عليه أن يستحيي من الخالق -سبحانه- فلا يقصر في طاعته، ولا في شكر نعمته، لما يرى من قدرة الله عليه، وعلمه به، فالله أحق أن يستحيي منه، ومن استحيا من الله حق الحياء، حفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وذكر الموت والبلى، وترك زينة الحياة الدنيا، وشكر نعمة الله، تعالى، عليه، وأدرك عظمته واطلاعه عليه، وإحاطته بعباده، وقربه منهم، وعِلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، ثم رجع على نفسه فحاسبها على التقصير، فلا يراه الله حيث نهاه، ولا يفقده حيث أمره؛ قال عمر -رضي الله عنه-: “من استحيا اختفى، ومن اختفى اتَّقى، ومن اتقى وُقِي”.
وإن من ثمرات الحياء العفة والوفاء، فمن اتصف بالحياء صار عفيفاً وفياً بعيداً عن كل منقصة، قريباً من كل فضيلة؛ قال الأحنف بن قيس، رحمه الله: “اثنتان لا تجتمعان أبداً في بشر: الكذب والمروءة؛ ومن ثمرات المروءة الصدق، والوفاء، والعفة، والحياء”؛ فإذا فقد الحياء من المرء فقُل: عليه السلام!
احبتي في الله
إن الله – عز وجل – إذا أراد بعبده هلاكاً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مَقيتاً، فإذا كان كذلك نزع منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائناً، فإذا كان خائناً نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظاً غليظاً، فإذا كان فظاً غليظاً نزع ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه إلا شيطاناً لعيناً.
فإذا تعرى الإنسان من الحياء فلا تسل عما سيتصرفه من رذائل، ولا تعجب مما سيرتكبه من حماقات، فقليل الحياء لا يأبه بدنو همته، ولا يبالي بسفول قدره، ولا يجد ما يبعثه للفضائل، ولا ما يقصره عن الرذائل، فإنه إذا فقد حياءه فسينطلق في تحصيل شهواته، غير آبِهٍ بحق الله، ولا بحق الناس؛ وسيهوي في دركات الحماقة والوقاحة، فلا تزال خطواته تقوده من سيئة إلى أخرى حتى يصير بذيئاً جافياً، فيه قبائح الأفعال، وسيء الأقوال.
فهل استحيا من الله مَن أنْعَمَ اللهُ عليه بالصِّحَّة والمال والأولاد والحياة الرغيدة، ثم هو لا يعرف لله قدراً بأن يشكر نعمته عليه، بإقامة الصلاة، وإخراج الزكاة، فيدعوه داعي الفلاح في اليوم خمس مرات، ثم هو لا يستحيي فيجيب دعوةَ صاحب الفضل عليه، وهو الله، سبحانه وتعالى؟.
وهل استحيا من الله رجال ونساء يجاهرون بمعصية الله ليلَ نهارَ في الطرقات، وفي مجامع الناس، والحفلات والأفراح، فيقابلون نعم الله بمعصيته بلا حياء منه، سبحانه، ولا من خَلْقه؟.
وهل استحيا من الله من يأكل أموال الضعَفاء من المسلمين من اليتامى والعمال مع إنعام الله عليه بكثرة الأموال؟
أو ذاك الذي يستدين الأموال ثم هو يماطل في ردِّها، مع قدرته على ذلك، فينكر الجميل، ويتعرض لسخط الله؟.
وهل استحيا من الله من إذا خالط الناس أظهر لهم الحسن، وإذا خلا بربه أظهر له القبيح فانتهك محارمه؟
وهل استحيا من الله من يعامل الناس والأصحاب بمكارم الأخلاق، ثم يبخل بها على والديه وزوجته وأولاده، فلا يجدون منه إلا الفظاظة والغلظة والبخل؟
وهل استحيا من الله من أنعم الله عليه بالمال الكثير ينفقه يميناً وشمالاً في شهواته، ثم هو حين يدعى للإنفاق في سبيل الله يبخل؟
وهل استحيا من الله ذاك الذي شُغف بالأغاني الماجنة، يزعج الناس في طرقاتهم ومنازلهم؟
وهل استحيا من الله ذلك الرجل الذي تخلى عن دوره في التربية وترك أبناءه بلا تربية ولا خلق، يسيحون في الأرض يؤذون المسلمين، فإذا نُصح أو نُبِّه قابلك بالإساءة والتأفف؟.
إن الذي حمل هؤلاء، وغيرهم، على النـزول إلى هذه المستويات الهابطة من الأخلاق والتعامل هو ذهاب الحياء، وصدق المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حين قال: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”
اللهم انا لا نخلو عن نظرك طرفة عين،فارزقنا الحياء من معصيتك، ،وعلمنا ان لنا رزقا لا يتجاوزنا وقد ضمنته لنا،فقنعنا به،واحفظنا من التلصص له، وعلمنا ان علينا دينا لا يؤديه عنا غيرنا، فجعلنا في شغل به،وعلمنا ان لنا اجلايبادرنا بغتة فاعنا ربنا بطاعتك،ولا تتخل عنا بمعونتك.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلَّم على عبد الله ورسوله نبيِّنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
احبتي في الله إن الأخلاق هي أساس قيام الحضارة وهي أساس قوام الأمم وعامل الحفاظ على بقائها، وصلاح حياة الفرد، واستقامة نظام المجتمع، لا تقوم إلا على توجيهات الشرع الحكيم الذي يتأكد يوما بعد يوم أنه الصالح لكل الناس ولكل زمان، ورأس ذلك معاملته الناس بالخلق الحسن الجميل، ومعاملتهم بما يحب أن يعاملوه به، حتى يصبح المسلم يألف ويؤلف… عندها يندفع كل فرد في المجتمع إلى القيام بواجبه راضيا مطمئنا، فتستقيمُ الأمور، وتسودُ القيم، وتقوم الحضارة.
حبتي في الله
إن الإنسان الذي كرمه الله ينبغي في ظل كل المتغيرات أن يحافظ على كرامته وعلى قيمة الإنسان من حيث هو إنسان وهذا لن يتحقق بصورة كاملة إلا إذا كان للحياء في حياته مكان .لأن من شأن الحياء أن يمنع المرء من فعل أي شيء لا يتفق مع الأخلاق الكريمة والسلوك الحميد وهذا يعني أن الحياء والضمير صنوان لا يفترقان، ومن أجل ذلك يعد الحياء في التصور الإسلامي عنصرا أساسيا من عناصر الإيمان فإذا رفع أحدهما رفع الآخر كما ورد في الحديث النبوي: “الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان” 17 .
أيها الإخوة المؤمنون؛ إن المجتمعات الإنسانية بصفة عامة بحاجة إلى تأصيل الأخلاقيات، وإلى الارتقاء بالقيَم؛ لأنها عماد الحياة الكريمة في المجتمعات الإنسانية، ولذلك أكَّد النبيُّ عليه الصلاة والسلام على هذا الأصل فقال: ((إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق))، ((إنما بُعثتُ لأتمم صالحَ الأخلاق))؛ رواه الإمام أحمد في مسنده، .
فحريٌّ بنا أن نلاحظ هذا الأمر، وأن نتواصَى به، وأن يُوصي به الآباءُ أولادَهم، والمربُّون والمعلِّمون مَن تحت أيديهم، ونحن فيما بيننا نحرص على إشاعة هذه الأخلاق والمكارم والقيَم، ونضرب لها الأمثالَ والوقائعَ والقصصَ مِن هدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومِن قصص ووقائع كرام الناس وعظمائهم ونبلائهم.
أحبتي في الله
وقبل أن انهي هذه الخطبة المباركة لا بد من تذكيركم أننا وبحول الله سنستقبل غدا ذكرى عزيزة على كل مغربي ومغربية ، إنها ذكرى 18 نوفمبر والتي يعد تخليد ها مناسبة لاستحضار انتصار إرادة العرش والشعب في نضالهما المتواصل من أجل التحرر من نير الاستعمار وإرساء الأسس الأولى لمغرب مستقل وحديث وموحد ومتضامن.
وكلحظة التحام للأمة، تعكس هذه الذكرى الكفاح الشجاع لشعب توحد وراء ملكه والذي أشعلت شرارته ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953، كما تشكل مناسبة للأجيال الصاعدة لإدراك حجم التضحيات التي بذلها أجدادهم للتحرر من ربقة الاستعمار واسترجاع المغرب لاستقلاله سنة 1955.
إنها ذكرى عيد الاستقلال التي تعتبر من أغلى الذكريات الوطنية الراسخة في قلوب المغاربة لما لها من مكانة عظيمة في الذاكرة الوطنية وما تمثله من رمزية ودلالات عميقة تجسد انتصار إرادة العرش والشعب والتحامهما الوثيق دفاعا عن المقدسات الدينية والوطنية.
وبتخليد هذه الذكرى المجيدة، يستحضر المغاربة السياق التاريخي لهذا الحدث العظيم الذي لم يكن تحقيقه أمرا سهلا بل ملحمة كبرى حافلة بفصول مشرقة وعبر ودروس عميقة وبطولات عظيمة وتضحيات جسيمة ومواقف تاريخية خالدة صنعتها ثورة الملك والشعب التي تفجرت طاقاتها إيمانا والتزاما ووفاء بالعهد وتشبثا بالوطنية الخالصة في أسمى مظاهرها. فقد انتصرت الإرادة القوية للأمة، بتناغم مع العرش للدفاع عن القيم الوطنية المقدسة، على مخططات المستعمر الذي لم يدرك أنه بإقدامه على نفي رمز الأمة، جلالة الملك الراحل محمد الخامس وأسرته، لم يقم سوى بتأجيج وطنية المغاربة والتعجيل بنهاية عهد الحجر والحماية.
وكان الملك الراحل أعلن لدى عودته من المنفى يوم 18 نونبر 1955 رفقة الأسرة الملكية عن انتهاء نظام الوصاية والحماية الفرنسية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال، مجسدا بذلك الانتقال من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر وانتصار ثورة الملك والشعب.وشكل هذا الخطاب الأول للاستقلال خارطة طريق حقيقية وضعها جلالته أمام شعب عمته الفرحة توقع لانخراط الأمة في مسلسل بناء مغرب حديث وحر.
وانخرط الشعب المغربي، قويا باستقلاله، آنذاك في مجهود البناء الوطني لتشييد مغرب حر تمكن بسهولة من فرض مكانته بين الأمم، تحت قيادة أب الأمة وخلفه الراحل جلالة الملك الحسن الثاني الذي عزز التوجهات القائمة على الديمقراطية، والتعددية السياسية والليبرالية الاقتصادية.
وبعد إرساء ورش التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يواصل جلالة الملك محمد السادس اليوم، سيرا على نهج جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني قدس الله روحيهما ، هذه الدينامية المتجددة عبر إرساء أسس اقتصاد عصري وتنافسي وتحديث المملكة وتكريس قيم الديمقراطية والمواطنة.وتعززت في عهد جلالة الملك محمد السادس روابط التعايش والالتحام بين العرش والشعب من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية والنهوض بالتنمية السوسيو-اقتصادية، في إطار مغرب المؤسسات والديمقراطية.
وبتخليده لهذه الذكرى الحافلة بالرموز والقيم، فإن الشعب المغربي يجدد التأكيد على موقفه الثابت للتعبئة العامة والانخراط الكلي في الملاحم الكبرى للدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب وقيم الانفتاح والوسطية والحوار.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير خَلْق الله نبيِّنا محمد؛ فقد أمَر ربُّنا بذلك فقال عزَّ من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
اللهم وارضَ عن خلفائه الراشدين، والأئمَّة المهديِّين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين. وأصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم ابسُط على بلادنا الأمن والاستقرار، واحفظ علينا إيماننا وأمْننا واستقرارنا،
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب . اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة، و اجعله لدينـك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .. اللهمّ خذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، وأحفظه بعزّك الّذي لا يضام، وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة .
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهاراً. اللهم اسق عبادك و بهيمتك وانشر رحمتك و احيي بلدك الميت , اللهم اسقنا الغيث و لا تجعلنا من القانطين
اللهم مَن أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء.
اللهم إن بأمَّة نبيِّك محمد عليه الصلاة والسلام من الفرقة واللأواء، ومن الشدة وتسلط الأعداء، ما لا يعلمه إلا أنت، ولا يقدر على كشفه إلا أنت، ولا نشكوه إلا إليك؛ فنسألك اللهم فرَجًا عاجلًا لكل مكروب من المسلمين يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك التقى والهدى، والعفاف والغنى، اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واهدنا لأقوم الأخلاق، إنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، إنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا رب العالميناللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الدكتور عبد الهادي السبيوي