لا انفكاك للتدين عن القراءات القرآنية
الحمد لله أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، وصلى الله على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، ومن جنس رحمته أن أنزل عليه ربه القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف.
سيدي عامل صاحب الجلالة على إقليم أزيلال المحترم.
أيها السادة مشايخ الإقراء بالمغرب الحبيب أهل الله وخاصته، إنها ليلة ليلاء، أضيئت بنور بهائكم أرجاؤها، وأطربت بزيارتكم أكنافها، وعبقت بأريج تلاوتكم رحابها .
أيها الحضور الكريم، حللتم أهلا ونزلتم سهلا وكنتم للرحمة المنزلة في هذه الساعة أحسن حملا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حمدا لله وشكرا ذي الإحسان القديم الذي لم يجعل آخر عهدنا بكم اللقاء السابع للقراءات الذي دأبت الزاوية البصيرية – بفضل دعواتكم لها بالتوفيق والاستمرار – على تنظيمه بغية إحياء هذا الفن الذي كاد يندرس، والذي لانفكاك للتدين عنه، لذلك كان الدرس الإقرائي عند المغاربة موازيا للدرس الفقهي مما يجعلهم يتفوقون في علم القراءات ويصنفون فيه التآليف الحسنة والأوضاع البديعة.
أيها الحضور الكريم، فليس أمسنا بأحوج من اليوم لهذا الفن، فالحاجة اليوم أكثر إلحاحا، الإسلام من مصدريه يحارب حرب عشواء لا هوادة فيها للقضاء عليه بشتى الوسائل، وهو رأس مال هذه الأمة، فإذا خسرته لم يبق لها ذكر. وكما قال سيدي محمد المختار السوسي رحمه الله: وما يربح بعد خسران القرآن؟
لكننا لن نيأس من روح الله فأقول:
كيف نخشى دروس القرآن وفينا وارثوا كتابك القراء
لذا وجب علينا رعاية القرآن وأهله، وتشجيع النشء على الاهتمام بحفظه، وإغراءهم بذلك آباء ومسؤولين؛ لأن الدال على الخير كفاعله ، وكيف بنا غدا يوم القيامة إذا ألبسنا تيجان الشرف في جنات عدن عند مليك مقتدر.
أيها الحضور الكريم، لا يمر هذا اللقاء دون أن نتذكر جملة من مشايخ الإقراء عرفناهم من خلال هذا الملتقى الذي ينظم هذه السنة تحت شعار:
“العشر الصغير عند المغاربة تميز ومهارة”
ومن خلال ملتقيات كثيرة مبثوثة في أرجاء هذا الوطن المؤمن الذي علي أن أقول عنه: إنك ما قلبت حجرا إلا وجدت تحته رفات قارئ، إخوان شنفوا مسامعنا بتلاواتهم المباركة التي كانت تتقلب بين البدر والنجوم الطوالع تارة وعلى وتر السبع تارة وعلى وتر العشر بكبيره وصغيره، وهم الآن – إن شاء الله – في روضات الجنة يحبرون. فيا الله يا ذا الجلال والإكرام كما جعلتهم ورثة لكتابك ورفعت قدرهم به في الدنيا فاجعلهم من ورثة جنة النعيم وارفعهم فيها مكانا عليا مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، كما نسألك يا الله يا كبير يا متعال أن تحرص بعين عنايتك راعي القرآن والقراء ومكرمهم أمير المؤمنين وسبط النبيء الأمي جلالة الملك محمد السادس، وأن تمسح بيد الشفاء منك عليه إنك سميع قريب وأن تحفظه في ولي عهده وأسرته وشعبه.