الاسلام والمرأة اما وزوجة
د/عبد الهادي السبيوي
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي أضاء بكتابه القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت حكمته الحكماء، وأبكمت فصاحته الخطباء، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي بعثه اللهُ هادياً ومبشراً نذيراً، وداعياً إلى الله تعالى بإذنه و سراجاً منيرا . أما بعد : فإن الإسلام كرَّم المرأة وأعطاها حقوقها كاملة في جميع مجالات الحياة.
لقد رفع الله شأن المرأة وأعلى مكانتها فجعلها أمًا لها حق في البر والإحسان وزوجة لها حق المعاشرة والمعاملة في المعروف وبنتًا يجب تربيتها ورعايتها وأختًا يجب إكرامها والغيرة عليها وأمًا وخالة يحسن إليها وتكرم هذه المنزلة العالية التي أنزلها الإسلام إياها اعترافًا بحقها وبيانًا لفضلها والمجتمعات الإسلامية في عصور الإسلام الراقية ساروا على هذا المنهج وهذه الرعاية العظيمة مما أعطى المرأة اعتبارًا ومكانة لم تكن في أي مجتمع سوى مجتمع الإسلام.
عباد الله ، بعد ايام قليلة سيحتفل العالم بذكرى يوم المرأة العالمي والذي يصادف يومه الثلاثاء الثامن من شهر مارس لهذه السنة ، ونحن إذ نتطرق الى هذه المناسبة في خطبة الجمعة هاته أبينا إلا ان نذكر بان الاسلام كان ومنذ أن أشرقت شمسه، وعمّ نوره الكون، قد عني بالمرأة عناية كبيرة لا مثيل لها .وأنصفها و وضعها في المكانة اللائقة بها كإنسان كرمه الله . ولان المرأة هي الأم والزوجة والبنت فقد ارتأينا ان نقف وقفة اجلال لها ، من خلال تخصيص خطبة الجمعة لهذا اليوم للحديث عن تكريم الاسلام للأم على ان يكون موضوع الخطبة المقبلة وما بعدها بحول الله للحديث عن تكريم الاسلام للمرأة زوجة وابنة.
احبتي في الله
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(لقمان: 14).
فالإسلام، مملوء بكنوز من القيم الإيجابيّة الّتي تحتاج إليها الإنسانيّة، . وما يعنينا اليوم، هو تسليط الضّوء على لوحة رائعة من الحنوّ والمحبّة والرّحمة، انها الأمّ هذه المفردة الّتي ما أن تُذكر، حتّى يتبادر إلى الأذهان الفيض الدّافق من الحنان والعطف والرّحمة والرّأفة الّتي أودعها الله في الحياة كلّها؛ حياة الكائنات أجمع، وعلى رأسها الإنسان.. فتعالوا لنرى كيف ينظر القرآن والإسلام إلى الأمّ، وكيف كرمها .
اخوتي في الله
لقد تجاوز الإسلام في تكريم الأمّ مسألة عدم إيمانها، وحتّى شركها، إذ يقول الله عزّ وجلّ: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا…}(لقمان:١٥)، هو طلب من الأبناء أن يحسنوا إلى الأمّ والأب، وأن يصاحبوهما بالمعروف حتّى في حالة الشّرك بالله.
ولقد كرَّم الله الأمَّ إلى حدّ الوصيّة بها: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ…}(لقمان: 14).. وقد رفع درجة شكرها، فجعل شكرها إلى جانب شكره: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(لقمان: 14
ومن تعاليم الإسلام الحريصة على الأمّ، والّتي تشفق عليها، ما عبّر عنه رسول الله(ص) عندما جاء إليه رجل يريد الجهاد معه تلبيةً لندائه، لكنّ أمّه ما كانت تتحمّل فراقه، عندها لم يقبل رسول الله ذهابه معه إلى الجهاد، رغم إصرار الولد عليه، وقال له: (عند أمّك قرّ، فإنّ لك من الأجر عندها مثل أجر الجهاد)
ومن حرص الإسلام على إشاعة كلّ المعاني الّتي تمثّلها الأمّ، فإنّه لم يجعل تكريمها اختياريّاً ولا موسميّاً أو محدّداً بيوم في السنة ، بل اعتبر هذا التّكريم واجباً ومسؤوليّة، هو حقّ للأمّ لا بدّ من أن يؤدّيه الأبناء ما دام لديهم رمق من حياة…
وهذا ما أشار إليه رسول الله(ص) عندما قال: «حقّ الوالد أن تطيعه ما عاش، وأمّا حقّ الوالدة، فهيهات هيهات. اتدرون احبتي في الله لماذا ؟
لأنها تعطي من دون أن تكِلّ أو تَملّ، وتحمل وترضع وتسهر وتتعب من دون أن تكلّف بذلك،. فهل تراها في كلّ ما تقدَّم، تبحث عن أجر أو ثواب أو شهرة أو مجد؟!
او لا تستحق هذه الام أن نكون بارين بها ؟ ألا تستحق ان نكرمها على طول السنة وليس ليوم واحد في السنة ؟ وهي التي حملتك في بطنها تسعةَ أشهر وهنًا على وهن، حملتك كرهًا ووضعتك كرهًا، تزيدها بنموّك ضعفًا، وتحملها فوق طاقتها عناءً، وهي ضعيفة الجسم واهنة القوى، وعند الوضع رأت الموتَ بعينها، زفرات وأنين، غصص وآلام، ولكنها تتصبّر، ، وعندما أبصرتك بجانبها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحك وتحسست أنفاسك تتردّد نسيت آلامها وتناست أوجاعها، رأتك فعلّقت فيك آمالها ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقوّيك بضعفها، فطعامك ثديها وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتسهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة، إن غابت عنك دعوتَها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثتَ بها، تحسب الخير كلَّه عندها، وتظنّ الشرّ لا يصل إليك إذا ضمّتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها، فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أخذت تحيطك بعنايتها وتتبعك نظراتها وتسعى وراءك خوفًا عليك، ثم كبرت وأخذت منك السنين، فأخذ منها الشوق والحنين، صورتك أبهى عندها من البدر إذا استتمّ، صوتك أبدى على مسمعها من تغريد البلابل وغناء الأطيار، ريحك أروع عندها من الأطياب والأزهار، سعادتك أغلى من الدنيا لو سيقت إليها بحذافيرها، يرخص عندها كلّ شيء في سبيل راحتك، حتى ترخص عندها نفسها التي بين جنبيها، فتؤثر الموت لتعيش أنت سالمًا معافى.بالله عليكم اخوتي في الله الا تستحق هذه الأم العظيمة ان نخفض لها جناح الذل من الرحمة ؟ الا تستحق منا ان ندعو لها في كل صلاة بالرحمة؟
أخي في الله ،إن حق الأم عليك عظيم، وشانها كبير، فلا تدعُها باسمها، بل نادها بما تحبّ من اسم أو كنية، لا تجلس قبلها، ولا تمشي أمامها، قابلها بوجه طلق، قبل رأسها، والثم يدها، إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة، أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية، تكلم معها باللين، أطعمها إذا جاعت، أو اشتهت صنفًا وإن تأنيت في ذلك، أهدها قبل أن تسأل شيئًا، تحسَّس ما تحبّ فاجلبه لها، كن خادمًا مطيعًا لها، أطعها في غير معصية، لا تسبقها بأكل أو شرب، أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة، غضّ الطرف عن أخطائها وزلاتها، لا تتأسّف أو تحدّث أحدًا عن سبيل الشكاية أو النكاية، وقرها واحترمها، لا تتكبّر عليها فقد كنت في أحشائها وبين يديها، أدخل السرور عليها، صاحبها بالمعروف، اطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء. ولا تكن ممن يسىء معاملة أمه أو يستعر منها أو يهزء منها فإن كنت تريد النجاة، الزم رجليها، فثمّ الجنة، قال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل: (أتخاف النار أن تدخلها، وتحب الجنة أن تدخلها؟) قال: نعم، قال: (برّ أمك، فوالله لئن ألنت لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات)، يعني: الموبقات.
فهذا عبد الله بن عون نادته أمه فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين، وزين العابدين كان أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة، فقيل له: إنك أبرّ الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟! فقال: “أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو أحدهم بيته وأمه أسفله”.
إنها الجنة، يا طالب الجنة، فالزم قدميها فثمّ الجنة.واعلم انك مهما عملت لاجلها فلا ولن توافيها حقها . يحكى ان رجلا كان يطوف وهو يحمل أمّه العاجزة، فرأى النبيّ(ص) فسأله: هل أدّيت حقّها، فأجابه النبيّ(ص): «لا، ولا بزفرة واحدة»، أي بوجعة واحدة من أوجاعها الّتي تغشاها حين الوضع.
أيّها الأحبّة: إنّ كلّ دعوات التّكريم للأمّ، ليست إلاّ تعبيراً حقيقيّاً عن إرادة الله، هو يريد لقلب الأمّ أن يكون صانع الحياة، فيما لا مكان عنده للقاسية قلوبهم. فأروع مخلوقات الله هو قلب الأمّ.
فهنيئاً لكلّ ولد بارّ بامه في حياتها و بعد موتها.هنيئاً لكلّ ولد لا يخرج من بيته إلاّ بعد أن يطمئنّ إلى أنّ أمّه راضية عليه، تدعو له بالخير. هنيئاً لكلّ ولد يخشع أمامها ويحرص على تقبيل يديها، ويخفض جناح الذلّ لها، ولا يفارق لسانه دعاء: “اللّهمّ اغفر لي ولوالديّ… رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى أصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا
أما بعد، أحبتي في الله
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون}.. وهذه الآية من كتاب الله سبحانه تغني عن كثير من كلام البشر، ففي هذه الآية التي تنطق نورًا ورقة، يبين رب العالمين سبحانه أنه يجمع بين زوجين وقلبين، فيجعل بينهما مودة في العلاقة العاطفية، ورحمة من الناحية السلوكية. في هذه الآية يريد الله تعالى أن يؤكد على طبيعة الحياة الزوجية بالنسبة إلى الرجل والمرأة، فالله خلق الكون كله وفق قانون الزوجية، أي على أساس وجود عنصرين يتكاملان ويتداخلان في كل جانب من جوانب الكون والحياة، فالزوجية ثابتة في كل الموجودات، {ومن كلٍ شيء خلقنا زوجين اثنين}، حتى أن أصغر ذرّة تشتمل على عنصر موجب وعنصر سالب، وبذلك قامت الحياة وامتدت، والإنسان ليس بدعاً من هذه المخلوقات، فقد خلق الله تعالى المرأة والرجل من نفس واحدة، وهذا ما عبّرت عنه الآية الكريمة:{هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها}، فالرجل والمرأة نفس واحدة أو زوج واحد من عنصرين متكاملين ولكنهما يختلفان في الخصائص.، واعتبر سكون الزوج إلى زوجه والتصاق المرأة بزوجها أمرٌ فطري غريزي، وما بينهما من مودة ورحمة، أمور عاطفية تتولد وتنشأ عن الجانب الغريزي وغيره.
فإذا اكتست العلاقة الزوجية مودة ورحمة تفجرت ينابيع المحبة في بيت الزوجية ومنحته الدفء والحنان، فضلاً عن الشعور بالأمن والاستقرار.فإذا تأملنا في حال الزوج والزوجة وهما غريبان عن بعضهما، إذا بالعلاقة تقوى بينهما، فيكونان ألصق شيء ببعضهما في جو من الحب والمودة، لم تكن بينهما قبل الزواج، وإنما تولدت هذه الرحمة والرأفة بعد الزواج الذي شرعه الله لهما.
وتعد الرحمة من أهم الوسائل التي تجعل شريك حياتك يتأكد أنك تهتم به وتحبه وتحنو عليه، وتكسبه شعورًا بالثقة أنك ستهتم به وتضحي من أجله.
كما أن الرحمة تعد رمزًا للحماية والأمان، والراحة والاستحسان، وهذه تعد المكونات الأساسية للعلاقة الزوجية.
الرحمة من الدعائم التي يقوم عليها البيت السعيد (فالرحمة والمودة إذا نُزعا من المنزل كانت الحياة الزوجية شقاءً ودمارًا، فالرحمة الرحمة إن كان في البيت مشاكل، والمودة المودة إن كان البيت خاليًا من المشاكل.
إن كل البيوت تتقلب بين مودة ورحمة، فمن الرحمة خدمة أحد الطرفين للآخر، ومن الرحمة مراعاة مشاعر الآخر، فيراعي الرجل مشاعر المرأة وعواطفها وخصوصًا وقت الحيض أو النفاس والحمل، فقد رحمها الله تعالى فلم يطالبها بالصلاة أو الصيام وتكون في هذه الفترة متعبة جسميًّا وهذا له أثره النفسي عليها، كما أن المرأة ينبغي أن ترحم زوجها عند مروره ببعض الظروف المادية والنفسية كخسارة مالية أو ابتلاء جسدي، فتقف معه وتساعده.
إن الرحمة مفهوم عظيم في الحياة الزوجية، فالكريم هو الذي لا يتعسف باستخدام سلطاته على زوجته، والكريمة هي التي تراعي حقوق زوجها وتتعبد لله بطاعته
ولقد حث الإسلام الزوج على مراعاة مجموعة من الآداب والأخلاق في معاملة زوجته ومعاشرتها ومنها حُسن الخُلُق والتواضع في معاشرة الزوجة، واحتمال الأذى منهن.وكما أمر الله بالمعروف في معاملة الوالدين وحسن صحبتهما فقال ﴿ وصاحبهما في الدنيا معروفًا ﴾ أمر الله تعالى بالمعروف في معاملة الزوجات فقال سبحانه ﴿ وعاشروهنَّ بالمعروف ﴾.
وقال الله سبحانه وتعالى في تعظيم حقّهن ﴿ وأخذنَ منكم ميثاقًا غليظًا ﴾ أي عهدًا مؤكدًا شديدًا، وقد قيل في تفسير هذا العهد إنّه عقد الزّواج الّذي به تحلّ المرأة للرّجل، ولقد ثبتَ أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصّى في حجة الوداع بالنساء وصية بالغة، وحضّ حضًّا شديدًا على حُسْن معاشرتهن ومعاملتهن، فقال عليه الصلاة والسلام : ” فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ” رواه مسلم، وقال صلوات الله وسلامه عليه : ” استوصوا بالنساء خيرًا “.
ومن أعظم ما ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في الوصية وحسن المعاشرة مع الزوجات قوله عليه الصلاة والسلام ” خيركم خيركم للنساء “، وقوله صلى الله عليه وسلم : ” أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهُم خُلُقًا، وخيارهم خيارهم لنسائهم ” رواه الإمام أحمد.
أحبتي في الله ليكن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في معاشرة زوجاتنا. كيف لا، والله عز وجل أمرنا بالاقتداء به والسير على منهاجه وطريقته فقال تبارك وتعالى ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ﴾[سورة الأحزاب آية 21]. وقد قال عليه الصلاة والسلام : ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ”
ومن حُسن آدابه ومعاشرته صلى الله عليه وسلم لزوجاته تواضعُه معهن وخدمته لهنَّ في بيوتهنَّ رضي الله عنهنَّ، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها : ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ فقالت : كان يكون في مهنة أهله (تعني خدمة أهله) فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. وكان عليه السلام يتولى خدمة البيت مع زوجته بنفسه تواضعًا لله عز وجل، كما كان صلى الله عليه وسلم يغسل ثوبه ويُصْلِحُ نعله بنفسه مُعلِّمًا أمته التواضع وحسن المعاشرة والمعاملة مع الزوجات، ، يقول عليه الصلاة والسلام : ” إنَّ الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف “.
إخوة الإيمان، إنّ التواضع لله تعالى مع الأزواج والأهل والناس والأقارب من العبادات العظيمة التي يحبها الله عز وجل في عباده المؤمنين لأن فيه قهرًا وكسرًا للنفس ومخالفةً لها ابتغاء للثواب من الله عز وجل .فَهَلا أحسنا معاملة ومعاشرة زوجاتنا وأزواجنا في البيوت، وهَلا تواضع الزوج في بيته في معاشرة زوجته اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فبذلك تستقر الحياة الزوجية وتسلم بيوتنا من كثير من الآفات والويلات، ونحفظها من الويلات والخراب والانهيار، ونحفظ أولادنا من الضياع والشتات والتشرد.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ .اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زكيا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاً طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب . اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .. وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام. .اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه..اللهم يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت! ! ! ، أن تبسط على امهاتنا وزوجاتنا من بركاتك ورحمتك ورزقك .اللهم ألبسهن العافية حتى تهنأن بالمعيشة ، واختم لهن بالمغفرة حتى لا تضرهن الذنوب ،
اللهم لا تجعل لهن ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولهن فيها صلاح إلا قضيتها,اللهم ولا تجعل لهن حاجة عند أحد غيرك اللهم و أقر أعينهن بما تتمنينه لنا في الدنيا .رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.