آل المختار السوسي وآل البصير: علاقة أخذ ومشيخة
بقلم د. الجيلالي كريم
أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.
لا شك أن العلامة محمد المختار السوسي أشهر من أن يُعرَّف، ولا يختلف اثنان في كون هذا الرجل أعطى للمغرب المعاصر بشكل عام ولسوس بشكل خاص الكثير مما لا يمكن حصره في مقال أو كتاب
أو حتى في عدة مجلدات1، ولذلك لم يكن عبثا أن تتناوله الأقلام بمختلف مشاربها وتوجهاتها تعريفا واعترافا وتكريما واحتفاء، وأن تُفرِد له العديد من الدوريات والمجلات أعدادا خاصة، وأن تُنظَّم ندوات وتُلقَى محاضرات للتعريف به وعرض سيرته وإسهاماته المختلفة، ومع كل ذلك ما زال هذا الرجل الفذ -وهو في رمسه- يسيل الكثير من المداد سيما وأن العديد من مؤلفاته ما زالت مخطوطة2، وحتى المطبوع منها صار في حكم النادر لعدم إعادة طبعه.
ونحن وإن كنا لا نستغرب لهذا الكم الذي كتب حول هذا الأديب المؤرخ فهو أشهر من نار على علم، فإننا نستغرب للتجاهل الكبير الذي طبع البحوث والكتابات التي كتبت حوله لمرحلة مهمة من حياته، وللقفز غير المفهوم على فترة من أهم فترات تكوينه المتمثلة في علاقته بزاوية آل البصير بتادلة وبشيخها سيدي إبراهيم البصير الرقيبي؛ هذه العلاقة التي تعتبر حلقة أساسية في عقد حياته، بل نكاد نجزم أنها الطفرة الأساسية التي أنتجت لنا هذا النابغة، وربما لم نكن سنعرف يوما رجلا بهذه المواصفات لو لم تكن هذه العلاقة بآل البصير وتحديدا بالشيخ إبراهيم البصير مؤسس الزاوية الدرقاوية الإبراهيمية البصيرية ببني عياط بتادلة.
كيف لا؟ ولولا هذه العلاقة ما ذهب المختار السوسي إلى فاس ولا إلى الرباط، فهذا الشيخ هو من مهد له طريق الذهاب إلى الرباط، وهو من أوحى إليه بفكرة الذهاب إلى فاس من قبل وألح عليه فيها، وهو من كان يتكفل بمؤونته ورعايته طيلة سنوات مقامه بها حتى استوى عوده العلمي، وهل يمكن أن نتصور شخصية المختار السوسي دون مرحلتي دراسته في فاس والرباط، فهو نفسه لا يتصور ذلك، بل يقر في غير ما موضع من مؤلفاته أن حياته لم تكن شيئا مذكورا قبل ذلك، وأن هاتين المحطتين هما اللتان شكلتا ميلاده العلمي، فعن فاس يقول: ” ليت شعري كيف أكون لو لم أقض في فاس أربع سنوات قَلبَتْ حياتي وتفكيري ظهرا لبطن، ثم لم أفارقها إلا وأنا مجنون بالمعارف جنون قيس بن الملوح بليلاه، حتى نسيت بها كل شيء”3، ويضيف في موضع آخر: “… ثم لما حللت بفاس أتى الوادي فطم على القرى، فبدلت أخلاقا غير التي عهدت من نفسي قبل، وأنا في مراكش وأحواز مراكش، فقد تلقحت في جو فاس بما لو لم أتلقح به لما كانت لي فكرة، ولا تحركت بي همة … تكونت لي في فاس فكرة دينية فرقت بها ما بين الخرافات المموهة، وبين الروحانيات الربانية، كما نبتت مني غيرة وطنية نسيت بها نفسي ومصالحي الشخصية … فصرت أقرأ … ما عرفت به أن الذي كنت أسبح فيه منذ صغري ليس إلا ضحضاحا كدرا؛ لا يبرد جسدا؛ ولا يفثأ غلة؛ ولا يقضي على لهفة”4. أما عن الرباط فيقول: “… ثم ألممت بالرباط، حيث احتقبت أيضا علوما وفهوما وأنظارا وبحوثا لم أقع عليها إلا في الرباط وفي مشايخ الرباط”5.
فإذا كان المختار السوسي نفسه يقر بكل ذلك، وإذا كانت اليد البيضاء في حصول كل هذه الأمور له ترجع للشيخ إبراهيم البصير -كما سنرى- وإليه يرجع الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في رسم مسار حياة هذا الرجل وتكوينه، فمن الموضوعية التاريخية أن يرد الفضل إلى أهله، وأن تسمى الأمور بمسمياتها تحقيقا للحق وضبطا للتاريخ.
ولد الشيخ إبراهيم البصير الرقيبي بزاوية والده امبارك البصير بالأخصاص بسوس عام 1287هـ/ 1870م6، ولبس خرقة التصوف الدرقاوي على يد الشيخ الحاج على بن أحمد الإلغي السوسي والد العلامة محمد المختار السوسي، ومن ثَمَّ بدأت العلاقة بين هذا الأخير وبين إبراهيم البصير الذي كان يقدره ويعطف عليه – رغم صغر سنه- باعتباره ابن شيخه، وزادت العلاقة توطدا بعد وفاة الشيخ الإلغي لاسيما وأن هذا الشيخ كان يقدر إبراهيم البصير وينزله المرتبة العليا بين أصحابه حتى إنه كان يشير باستمرار إلى أنه الوارث لسره من بعده، بل إنه عبر عن ذلك بالفعل لمّا أوصى له بسبحته وعكازته الخاصتين وبكتاب الأمير الذي شَلَّحَه7، وهي إشارة واضحة لدى أهل الطريق مفادها الإذن برياسة مشيخة الطريق من بعده، ولاغرو في ذلك فقد “… كان حاجب الشيخ ويده ومستشاره”8.
بعد وفاة الشيخ علي بن أحمد الإلغي انقطع الشيخ إبراهيم البصير عن إلغ لأنه “… كان لا يريد أن يقع بينه وبين كبار الفقراء الأسود ما يَهدُّ مقامه”9، وبنى لنفسه زوايا متعددة بكل من الحوز والرحامنة ودكالة والشاوية وتادلة قبل أن يضع عصا الترحال بزاويته الأخيرة ببني عياط10، لكن انقطاعه عن إلغ لم يكن ليبعده عن أبناء شيخه خاصة المختار السوسي الذي كانت له مكانة خاصة عنده، وغالبا ما كان يبشره بمستقبل مبهج، ويرى فيه نبوءة أخيه محمد بن امبارك البصير11 الذي لم يكن يتردد في كل لقاء يجمع بينهما في التصريح بأنه كذا وكذا من بين إخوته، وحين كان لمحمد البصير ما كان في أسرة آل البصير صاروا ينظرون إلى المختار السوسي بتلك النظرة الخاصة لاسيما شيخهم إبراهيم البصير12.
وذكر المختار السوسي أنه اتصل بآل البصير وتعرف على شيخهم سيدي إبراهيم المذكور منذ نعومة أظافره وهو مازال غرًّا لا يعرف كيف يحترم الكبار، كما أقرَّ أن هذا الشيخ كان يداريه، ويحلم له ويصدره دائما أمامه، ويُؤوِّل ما عسى أن يفرط منه من خفة وغضب يقعان في غير موقعهما13. وزاد حلم الشيخ على المختار الصبي بعد وفاة والده الحاج علي الإلغي خاصة وأنه لم يكن قد جاوز ربيعه العاشر بعد14، فظل يرعاه وظل حبل الوداد بينهما متصلا، حيث كان المختار السوسي يداوم على زيارة الشيخ إبراهيم البصير في زاويتيه الرئيسيتين بتادلة سواء الأولى15 أم الثانية16.
لمَّا أتم المختار السوسي تعليمه الأولي بسوس ونهل من علومها ومدارسها العتيقة، يمَّم وجهه صوب مراكش عام 1338هـ/ 1918م لاستكمال تعليمه وتنمية معارفه، فتوطدت العلاقة أكثر بينه وبين الشيخ إبراهيم البصير، وأصبح يتردد باستمرار على زاويته، بل كان يقيم بها بالأيام والشهور، ونظرا للمحبة الخاصة التي كان يكنها الشيخ للمختار السوسي، ولكثرة تردد هذا الأخير على الزاوية، بنى له الشيخ بيتا خاصا على سطح زاويته ليجمع فيه أغراضه ويتخذه مقره الخاص، وقد وقفنا على هذا البيت الذي يعرفه الجميع اليوم ببيت سيدي المختار السوسي17، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على العناية الكبيرة والرعاية الخاصة التي كان يوليها الشيخ إبراهيم البصير للعلامة محمد المختار السوسي، حيث كان يحبه كثيرا ويرفع من ضبعه من صغره، ولذلك غالبا ما كان يحثه على استتمام الأخذ والعلم18.
ولما كانت فاس وقتذاك هي قبلة الطلبة ومشرق العلوم بالمغرب، أمر الشيخ إبراهيم البصير تلميذه محمد المختار السوسي بالذهاب إليها، لكن هذا الأخير تذرع إليه بقلة ذات اليد وعدم قدرته على مجابهة الأمرين البعد والفقر، فقال له: ” … توجه إلى فاس، فإن توقف الحال على بيع هذه البغلة التي تحتي فإنها ستباع”19، وظل يلح عليه حتى أذعن له، فجمع متاعه، وجهزه الشيخ إبراهيم البصير بما يحتاجه من مؤونة ونقود، وأرسل معه بعض فقراء الزاوية إلى فاس20.
ولم يقف إبراهيم البصير عند هذا الحد، وإنما عَيَّن فقيرين من الزاوية لخدمة المختار السوسي، وهما الفقير أحمد بن حمادي العلوي الناصري والفقير الصغير بن بوزكري الركيعي، فكان هذان الفقيران هما الواسطة بينهما، حيث كانا يتوجهان – بأمر شيخهما – مرة في الشهر من الزاوية نحو فاس مشيا على الأقدام للاطلاع على أحوال المختار السوسي وحمل الزاد إليه من غذاء ومال21.
وإذا كان جل الباحثين والدارسين قد أغفلوا أو جهلوا أو تجاهلوا أهمية وجود الشيخ إبراهيم البصير في حياة العلامة السوسي، ودوره القوي في توجيهه وتكوينه؛ فإن المختار السوسي نفسه قد أقر بأن هذا الشيخ هو من أوحى إليه بفكرة التوجه إلى فاس رغم أنه لم يذكر تفاصيل ذلك22، بل إننا وجدنا في أرشيف التقارير الاستعمارية الفرنسية ما يؤكد ذلك، ويثبت أن هذا الشيخ كان على صلة وثيقة بالمختار السوسي، وهو من موَّل دراسته اعترافا بالجميل لشيخه الحاج علي الإلغي السوسي23.
ظل محمد المختار السوسي أربع سنوات بفاس ينهل من علومها، “… وفيها استبدل فكرا بفكر فتكون له مبدأ عصري على آخر طراز… وصاحب كل المفكرين إذ ذاك”24، ثم تشوف إلى لقاء علماء الرباط لاسيما الشيخ شعيب الدكالي الذي كان صيته يضرب الآفاق، وكان قد جلس أمامه أثناء زيارته لمراكش، لكنه لم يجد إلى ذلك سبيلا إلى أن جاءت زيارة الشيخ الدكالي لمنطقة تادلة، فانتهزها إبراهيم البصير فرصة والتقى به، وكان المختار السوسي وقتذاك ما يزال يدرس بفاس، وجاء لزيارته بزاويته، فتقرب إبراهيم البصير من الشيخ شعيب وبين له ما يستحق من تقدير واحترام، ثم قدم له هدية تتمثل في ناقة بيضاء25، وبعدها قدم له المختار السوسي قائلا: “… يا سيدي إن هذا سيدي محمد المختار ابن شيخي علي بن أحمد الدرقاوي، أرجوك أن تعامله مثلما تعامل السلحفاة أبناءها، فقال الشيخ شعيب: وكيف تعامل السلحفاة أبناءها؟ فقال الشيخ: كما تعلم يا سيدي أن السلحفاة ليس لها ثدي ترضع به صغارها، وإنما تقابل البيض متى فقس ويخرجون هزالا ضعافا فتنظر إليهم نظرة عطف وإشفاق، فينتعشون بين يديها من ساعتهم يسعون في الأرض على الرزق”26.
فالملاحظ إذن أنه كما كان للشيخ إبراهيم البصير الفضل في ذهاب المختار السوسي إلى فاس، فإنه هو أيضا من مهد له الطريق نحو الرباط التي التحق بها مفتتح 1347هـ/ 1928م، بل تحكي الروايات أنه ظل يساعده ماديا ومعنويا كما كان في فاس حتى أتم سنته الدراسية تلك، فلما أتمها عزم على السفر إلى مصر أواخر سنة 1347هـ/ 1929م للاستزادة من العلوم، فجاء لاستشارة شيخه إبراهيم البصير في الأمر، فلم يوافقه على سفره27، فاستشاره في وظيفة حكومية عُرِضت عليه فلم يوافقه عليها أيضا، وأشار عليه بأن يعود إلى مراكش لنشر ما تعلم قائلا له: “اذهب إلى مراكش لتعليم أبناء المسلمين ما هم في حاجة إليه، وسيأتي زمان يبحثون هم عنك، لا تبحث أنت عليهم”28، فنزل عند رغبته وعاد إلى الحمراء لينكب على التدريس متخذا من الزاوية الدرقاوية بحي الرميلة بباب دكالة مستقره الخاص ومحل إلقاء الدروس وتنظيم الحلقات العلمية.
دأب الباحثون والدارسون على نسبة زاوية الرميلة بمراكش إلى الشيخ محمد المختار السوسي، بل إنها لا تُعْرف اليوم إلا بِـ “زاوية المختار السوسي”، لكن الحقيقة أن هذه الزاوية لم تكن في الأصل سوى زاوية للشيخ المذكور سيدي إبراهيم البصير بناها للفقراء الدرقاويين ذوي الطريقة الإلغية بعدما مُنِعوا من دخول زاوية القصور الدرقاوية29، حيث بحث عن مكان ليتخذه زاوية للفقراء الذين كانوا يرافقونه، فأهداه أحد أبناء عمومته دارا كبيرة ومتسعة ليتخذها زاوية له، لكنه رفض الهدية بعد أن تبين له أن الدار مشتراة بمال منهوب30، وظل يبحث عن مكان لبناء الزاوية حتى وجده قبالة مسجد باب دكالة من الناحية الجنوبية في المكان الذي يسمى الرميلة31، فاشتراه عام 1327هـ/ 1909م بثلاثمائة ريال (300) ثم كتب إلى شيخه الإلغي يعلمه بذلك32.
لم يكتف إبراهيم البصير بشراء بقعة تلك زاوية، بل أشرف بنفسه على بنائها، وأنفق في ذلك كل ماله حتى إنه باع بغلته التي كان يركبها من أجل إتمام بناء هذه الزاوية33، وظل مسؤولا عنها، ومكلفا بمؤونتها وحاجياتها، وبكل ما يتعلق بها، والنفقة على من فيها34، ثم أهداها لشيخه الحاج علي الإلغي السوسي في أواخر أيام هذا الأخير سنة 1328/ 1910م، وبقيت كذلك إلى أن جلس فيها العلامة محمد المختار السوسي للتدريس والتعليم بأمر من إبراهيم البصير، فنسبت إليه لكثرة مكوثه وتدريسه بها35.
كان محمد المختار السوسي أثناء مقامه بمراكش يتردد كثيرا على زاوية الشيخ إبراهيم البصير ببني عياط بتادلة، بل أصبح أكثر التصاقا بها، وزادت مكانته في الزاوية بسبب ما حصله من العلوم، فأصبح “… يتربى ويربي بين أحضان الشيخ”36، ولازم إبراهيم البصير في العديد من سياحاته حتى إن شيخه كان يخصص له خيمة خاصة37، ويقدمه للصلاة رغم صغر سنه38، ويستشيره في كافة الأمور، ويستعين به في كتابة المراسلات وفي جل مدوناته39، فكان ذلك مزيدا من التربية والتكوين له، واعترافا وردًّا للجميل للشيخ الإلغي في شخص ابنه محمد المختار السوسي الذي كان لسان حاله يقول لأبناء الشيخ إبراهيم البصير بعد وفاة هذا الأخير: “إن والدكم كان يربح من الناس، وما ربح منه أحد سواي”40.
لم ينس المختار السوسي فضل هذا الشيخ رغم ما وصله من درجات العلم ومن مكانة اجتماعية، وإنما ظل يزوره ويحترمه ويعظمه، ويظهر ذلك من خلال قوله: “… ثم لما أبت إلى التعقل، وعرفت مكانة الرجل (إبراهيم البصير) صرت أعطيه حقه كما ينبغي، وفي المرة الأخيرة التي زرته فيها قبل وفاته بقليل، حمدت الله على أن رأى مني من الإجلال ما هو أهله”41، بل إن تقديره لهذا الشيخ جعله يقدم له كل ما يملك42، وكتعبير عن المحبة البالغة من الشيخ للمختار السوسي احتفظ بكل ذلك كأمانة عنده، ثم أوصى أن يُردَّ له بعد موته43، فَذكَّرَنا هذا الفعل بينهما بتلك المؤاخاة العجيبة التي حدثت زمن رسول الله بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع حيث آثر كل منهما صاحبه على نفسه.
وإذا كان للشيخ إبراهيم البصير كل هذه الأيادي البيضاء على العلامة محمد المختار السوسي، فلا استغراب إذا اعتبره هذا الأخير شيخه في الأوراد والأذكار44، ولا استغراب إذا اتخذه شيخا من شيوخه المعتمدين في طريق القوم45، لكن الاستغراب يبقى في هذا الطمس المهول لهذه الحقائق التاريخية، وفي هذا السكوت المطبق للدارسين والباحثين عن علاقة هذين الشيخين، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام.
ومهما يكن، فقد حاولنا أن ننفض الغبار عن هذه العلاقة، وأن نستجلي مضمراتها عسى أن نكون قد استجبنا لما يفرضه علينا البحث العلمي من موضوعية، دون الانطلاق من خلفية معينة، أو روم تحقيق مقصدية محددة، وإنما فعلنا ذلك لله ثم للتاريخ، وحسبنا أننا سعينا، وأن ليس للمرء إلا ما سعى.
——————-
الهوامش:
* أستاذ باحث، متخصص في تاريخ التصوف المغربي، ابن أحمد.
1 – نشر هذا المقال بمجلة المناهل التابعة لوزارة الثقافة المغربية، العدد 91-92، أبريل 2012م.
2 – راجع: دليل مؤلفات ومخطوطات العلامة رضى الله محمد المختار السوسي (بيبليوغرافيا آثاره)، إعداد ونشر رضى الله عبد الوافي المختار السوسي، تصفيف وإخراج “كوبي النور”، شارع النور الرباط، 1426هـ/ 2005م.
3 – محمد المختار السوسي، سوس العالمة، مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، الدار البيضاء، الكلمة الافتتاحية، ورقة هـ.
4 – محمد المختار السوسي، المعسول، مطبعة النجاح، الدار البيضاء 1380هـ/ 1960م، ج1، ص 14-15.
5 – المصدر نفسه، ج1، ص 15.
6 – للمزيد من الأخبار عن هذا الشيخ وعن أصله ونسبه وطريقته، راجع:
– الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في التاريخ، مرقونة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، 2005م.
– عبد الهادي بصير، زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط: تاريخ وتعريف، نشر ضمن سلسلة مطبوعات زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير رقم 5، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، 1430هـ/ 2009م.
– محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص88-156.
– محمد المصطفى بصير، الاغتباط بزاوية سيدي إبراهيم البصير ببني عياط، مخطوط بخزانة زاوية آل البصير ببني عياط بتادلة (مرقون)، دون ترقيم.
7 – وقفنا على هذه الأشياء في زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط بتادلة. انظر صورة العكاز والكتاب في الملحق رقم 01، أما السبحة فقد أخبرنا أهل الزاوية أن بعض الأيادي الآثمة امتدت إليها فسرقتها من خزانة الزاوية.
8 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 138.
9 – المصدر نفسه، ص 156.
10 – للتعرف على ظروف تأسيس هذه الزوايا وأماكنها، راجع: الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 82-123.
11 – أكد المختار السوسي أن صيت الشيخ محمد بن امبارك البصير كان ذائعا في عموم الصحراء، وأن ” … حاله في الكشف والنطق بالغيوب عجيب غريب، إرثا عن أهله، يعلن ذلك ويصرح به، ويدل به ولا يخفيه كأهله، واشتهر عند كل الناس بهذه الحال، والله يصدقه في كل ما قال صدقا ثابتا”. (محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 101)، وأوضح أنه لم يكن يطيق الصمت عن ذلك، وأنه كان يجيب كل عاتب عليه بقوله: “إنني لا أطيق الصمت، ولو صمتت لاحترقت”.(المصدر والصفحة نفسهما). راجع تفاصيل حياة هذا الشيخ عند:
– محمد المصطفى بصير، النزر اليسير من مناقب زاوية آل البصير: في الصحراء وسوس وبني عياط بالمعرب، دراسة وتحقيق عبد المغيث بصير، سلسلة مطبوعات زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير رقم 1، مكتبة الأحباب، دمشق سوريا، 1424هـ/ 2002م، ص 185 وما بعدها.
12 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 156.
13 – المصدر نفسه، ج 12، ص 156.
14 – ولد المختار السوسي سنة 1319هـ/ 1901م، وتوفي والده عام 1328هـ/ 1910م.
15 – تسمى الزاوية العليا، بناها الشيخ سنة 1332هـ/ 1912م في أعلى الجبل بعدما أهداه أيت بوجمعة من فخذ أيت وايو بقعة لذلك. عن هذه الزاوية وظروف تأسيسها راجع:
– الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 84-89.
وقد كان المختار السوسي يزور الشيخ إبراهيم البصير في هذه الزاوية، ومن أهم هذه الزيارات تلك التي قام بها سنة 1337هـ/ 1917م، وصادف بها ما يقارب الألف فقير من طوائف كل الجهات. راجع:
– محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 146.
16 – هي الزاوية الحالية لآل البصير ببني عياط، أسسها الشيخ إبراهيم البصير عام 1339هـ/ 1919م، وهي ما تزال عامرة إلى اليوم وتمارس كافة الشعائر والطقوس الصوفية تحت مشيخة مولاي إسماعيل بن محمد المصطفى بصير حفيد الشيخ إبراهيم البصير. للمزيد من الأخبار عن هذه الزاوية وأنشطتها وخلفائها، راجع:
– الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 90-227.
– عبد الهادي بصير، زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط: تاريخ وتعريف، م س، ص 87-106.
17 – انظر صورته في الملحق رقم 02.
18 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 156.
19 – المصدر والصفحة نفسهما. وذكر الشيخ محمد المصطفى بصير مؤلف الاغتباط أنه سمع مباشرة من العلامة محمد المختار السوسي قوله: “وصلت على والدك الشيخ (إبراهيم البصير) صحبة الفقير المحب المخلص سيدي أبو بكر بن عمر (امشيشت الجنة) كما يسميه الشيخ سيدي علي بن أحمد، وكانت نهمتي في طلب العلم شديدة ورغبتي فيه أكيدة، ولكن نظرا لما عليه الحالة المادية، وبعد أهلي بسوس كنت أرى ذلك يكاد يكون صعبا، ففرح بي كثيرا، وقال لي رحمة الله عليه: يا ولدي كل ما في الزاوية فهو لك، ولا تهتم إلا بتحصيل العلم، وإن احتاج الحال إلى هذه البغلة التي أنا عليها – وكنا نسير إلى زيارة إخوان في الله من أتباعه – فإنها تباع ويصلك ثمنها”. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 382-383.
20 – أخبرني بذلك الشيخ محمد المصطفى بصير رحمه الله في لقاء معه بزاوية والده إبراهيم البصير ببني عياط يوم 26/07/2005، وأكد أن المختار السوسي كان دائم الزيارة لوالده بالزاوية، وأنه التقى به هناك عدة مرات.
21 – قال صاحب الاغتباط: “… وذكر لي الفقيران سيدي أحمد بن حمادي العلوي، والفقيه سيدي الصغير بن بوزكري الركيعي: كنا نرتاد فاس مشيا على الأقدام ذهابا وإيابا مرة في كل شهر نحمل الزاد للفقيه سيدي محمد المختار حتى تخرج منها وأصبح من العلماء”. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 384. أقول: لقد أكد لي مؤلف الاغتباط ذلك بنفسه، وأخبرني أنه سمع ذلك تحقيقا من غير واحد من فقراء الزاوية لاسيما من الفقيرين المذكورين. (في لقاء معه بزاوية والده ببني عياط يوم 23/07/2005).
22 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 156.
23 – جاء في التقارير الاستعمارية الفرنسية أن سيدي الحاج إبراهيم استقبل الزعيم القومي المختار السوسي مدة خمسة عشر يوما أواخر يناير 1944م، كما أشارت إلى أن الحاج علي والد المختار السوسي كان هو شيخ سيدي إبراهيم، واعترافا من هذا الأخير بالجميل موَّل دراسة ابن شيخه، وبقي على صلة به. (انظر الملحق رقم 03).
24 – محمد المختار السوسي، الإلغيات، مطبعة النجاح، الدار البيضاء 1963، ج 2، ص 226.
25 – ذكر صاحب الاغتباط أن الشيخ إبراهيم البصير قدم للشيخ الدكالي تلك الناقة وقال له: ” يا سيدي إن الناس هنا يهدون لك السيارات الفخمة، وهذا الفقير أعز ما لديه هذه الناقة فهي هدية لله وللعلم الشريف، فقال الشيخ شعيب: والله يا سيدي ما تلقيت هدية أكرم ولا أحسن من هذه”. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 375.
26 – المصدر نفسه، ص 374-375.
27 – أخبرني شيخ زاوية آل البصير ببني عياط السيد محمد المصطفى بصير (رحمه الله) أن المختار السوسي هو الذي حكى له هذه الحكاية بنفسه أثناء وجودهما بالزاوية بعد مرور مدة طويلة على حدوثها، وأكد له أن الشيخ إبراهيم البصير برر له عدم موافقته على السفر إلى مصر بكونه لا يستطيع تأمين مصاريفه نظرا للبعد وللظروف الحرجة التي تمر منها الزاوية بسبب تسلط الاستعمار وتوالي السنوات العجاف. (في لقاء معه بالزاوية المذكورة يوم 23/07/2005).
أقول إن المختار السوسي صرح بأنه كان قد عقد العزم على الذهاب إلى مصر، وأنه تراجع عن ذلك بسبب قلة ذات اليد، حيث قال: “… وقد كنت عزمت على اللحوق بمصر آخر عام 1347هـ، غير أني أخاف أن ينضب ما عندي وليس ورائي من يمدني، فأبقى هناك محتاجا. وإن أعظم ما أتقيه أن أحتاج إلى الناس”. محمد المختار السوسي، الإلغيات، م س، ج 2، ص 229. وكما يبدو هناك تقارب كبير بين الروايتين.
28 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 384.
29 – كان الشيخ إبراهيم البصير كثير السياحة، وفي إحدى سياحاته دخل مراكش رفقة عدد من الفقراء الدرقاويين، فقصدوا الزاوية الدرقاوية في حومة القصور، لكن مقدمها أخرجهم منها مرغمين، فكان هذا الحادث – كما قال إبراهيم البصير – :” هو السبب حتى فكرنا في بناء زاوية لنا على حدة”. محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 133.
وكان إبراهيم البصير قد أخبر شيخه الإلغي بما وقع لهم بزاوية القصور، واستشاره في بناء زاوية خاصة به، فقال له: ” ابنوا لكم محلكم لا يشارككم فيه أحد”. المصدر والصفحة نفسهما. وراجع أيضا: محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 111. وقد أكد المختار السوسي أن هذه الزاوية بنيت فعلا على يد إبراهيم بن امبارك البصير. راجع: محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 15، ص 38.
30 – هذا الشخص هو محمد بن إبراهيم ولد الهريم الرقيبي الساعدي أحد أعيان الرحامنة، كان يقطن مراكش، أهدى تلك الدار للشيخ إبراهيم البصير لكونه من أبناء عمومته الرقيبات، لكن لما عزم على اتخاذها زاوية استدعى شيخه الحاج على الإلغي ليراها، فما كاد يصل إلى فنائها حتى قال له: “فتِّش على غيرها”، ثم تبين فيما بعد أن هذا الرحماني الذي وهبه هذه الدار إنما اشتراها بمال كان انتهبه من معسكر السلطان المولى عبد العزيز حين انتهبه الرحمانيون. محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 111. وراجع أيضا: محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 133.
31 – للمزيد من تفاصيل وظروف بناء هذه الزاوية، راجع:
– الجيلالي كريم، زاوية آل البصير بتادلة، م س، ص 67-69.
– محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 133-134.
– محمد المصطفى بصير، الاغتباط …، م س، ص 112-116.
32 – اشترى إبراهيم البصير هذه البقعة من ماله الخاص بمعية بعض الفقراء الذين كانوا معه، وسجلها باسمه في السجلات العدلية التوثيقية الرسمية (أخبرني شيخ الزاوية الحالي مولاي إسماعيل بصير أن الزاوية ما زالت تحتفظ بنسخة من عقد البيع الأصلي). ثم كتب رسالة إلى شيخه الإلغي يعلمه بشراء زاوية الرميلة، فأجابه برسالة مطولة يثني عليه فيها، ويحث الفقراء على مساعدته في بنائها ماديا ومعنويا. (انظر النص الأصلي للرسالة في الملحق رقم 04).
33 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 134.
34 – ذكر صاحب الاغتباط أن الشيخ الإلغي زار إبراهيم البصير مرة في زاوية الرميلة بمراكش رفقة عدد كبير من الفقراء، فأنفق عليهم كل ما عنده، فلما نفذ ما عنده باع مركوبه وثيابه، فلم يكف ذلك فاقترض من أبناء عمومته خدمة لشيخه وللفقراء. راجع: محمد المصطفى بصير، الاغتباط…، م س، ص 142-143.
35 – لم ينس الشيخ إبراهيم البصير الرقيبي هذه الزاوية حتى بعد أن جلس فيها العلامة محمد المختار السوسي، وإنما ظل حريصا على رعايتها وصيانتها، وقد وقفنا على بعض الوثائق التي تثبت أنه كان يساهم في إصلاحها، وأنه كان يتعهدها باستمرار. انظر نموذج من هذه الوثائق في الملحق رقم 05.
36 – المصدر نفسه، ص 382. وقد ساق مؤلف الاغتباط عدة حكايات في هذا الباب، منها أن المختار السوسي”… كان يشبح (يضرب) الفقراء والطلبة المتخلفين من هؤلاء والمخالفين من أولئك بين يديه (إبراهيم البصير) ولا يستطيع أن يقول له الشيخ شيئا). المصدر نفسه، ص 383. ومنها ما رواه أيضا عن بعض فقراء الزاوية أنهم “… ذهبوا مرة إلى ناحية أولاد عبد الله لنتف شعير الزاوية، ولقصره لا تصلح له المناجل، ولما انتهوا أخذوا الحناء وطلوا بها أيديهم لما أصابها من الجروح والقروح، ولما جاؤوا مسَلِّمين على الشيخ وجدوا الفقيه سيدي محمد المختار جالسا معه، وكلما سلم عليه فقير منهم وبيده الحناء أجلسه حتى اجتمع بين يده عدد منهم، فطلب حبلا ليشبحهم به، قائلا لهم: أأنتم رجال أم نساء حتى تضعوا الحناء في أيديكم، والشيخ ساكت حتى انتهى من تعنيفه لهم، ثم انحنى عليه الشيخ سارا له في أذنه إنهم يا سيدي متداوين بها من نتف الشعير للفقراء، فتراجع قائلا: لا بأس بالتداوي بالحناء”. المصدر نفسه، ص 383-384.
37 – المصدر نفسه، ص 315.
38 – أشار صاحب الاغتباط إلى أن الشيخ إبراهيم البصير لم يكن يقدم المختار السوسي للصلاة فحسب، وإنما كان يقدمه في كل الأمور نظرا لما تفرسه فيه من الحذق في فن الفقه وفروعه، ولما رآه عليه من الاستقامة التي وهبه الله، والجد الصارم في الإقبال على الله. المصدر نفسه، ص 383.
39 – وقفنا على عدد من الوثائق المخطوطة بزاوبة آل البصير بتادلة التي كتبها العلامة محمد المختار السوسي بخط يده زمن شيخه إبراهيم البصير. انظر نموذجا من هذه الرسائل بالملحق رقم 06.
40 – محمد المصطفى بصير، الاغتباط…، م س، ص 385. ويبدو أن المختار السوسي كان يستلهم هذه العبارة من كلام الشيخ سيدي أحمد بن مسعود المعدري الذي كان يرددها باستمرار في حق الشيخ إبراهيم البصير. راجع: محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 152.
41 – محمد المختار السوسي، المعسول، م س، ج 12، ص 156.
42 – المصدر نفسه، ج 12، ص 156.
43 – المصدر والصفحة نفسهما.
44 – المصدر نفسه، ج 15، ص 162.
45 – المصدر نفسه، ج 12، ص 156.