كتاب أعمال الندوة 45 لذكرى محمد بصير

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الكائنات، وعلى آله وصحبه أصحاب الرتب العاليات، وسلم تسليما كثيرا.


أما بعد، فقد عزمت الطريقة البصيرية في شخص خادم أهل الله بها مولاي إسماعيل بصير-حفظه الله- على طبع مداخلات الندوة العلمية الدولية التي نظمتها تحت الرعاية السامية لجلالة الملك أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله ونصره، يومي 22-23 شعبان 1436هـ، موافق 10-11 يونيو 2015م بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط بإقليم أزيلال، تخليدا للذكرى الخامسة والأربعين لأحداث انتفاضة سيدي محمد بصير التاريخية بالعيون، هذه الذكرى التي نظمت تحت شعار: “دور أهل التصوف في حماية المجتمعات من التطرف”، ذلك أن إشكالية حماية وتحصين المجتمعات من التطرف، أصبحت من الإشكاليات الكبرى التي تؤرق كافة الدول والمجتمعات في أيامنا هذه، وغدا هذا الغزو أخطر غزو يتهدد الإنسانية جمعاء، لأن كل من يتبنى أفكارا هدامة، فإنه يعد تلقائيا من المهددين الأوائل لجميع مناحي حياة المجتمع، وعلى جميع أصعدته.

ولا أظن أنه يوجد في حياة الإنسان أهم من الأمن، ولا أهم من أن يعيش الناس في مجتمَعِهم آمنين مطمئنِّين على مكوِّنات شخصيّتِهم وهويتهم وتميُّز ثقافتِهم ومنظومَتِهم الفكريّة، وبذلك تكون الحاجة إلى حماية وتحصين المجتمعات من التطرف، حاجة ماسة وملحة لتحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي، وهذا ما يحرص الأعداء والمتطرفون على مهاجمته لتحقيق أهدافهم، والترويج لأفكارهم.

وعند التقصي والنظر يظهر بأن التطرف، كان موجودا عبر تاريخ البشرية دائما وأبدا، وتعددت مظاهره وتجلياته، بما في ذلك التطرف الديني الذي تدارسته وناقشته هذه الندوة العلمية الدولية، والتي خلصت إلى أن كل الديانات السماوية عبر العصور عرفت التطرف والتشدد في الدين، وأذكر هنا على سبيل المثال الغلو الذي شهدته الديانتين اليهودية والمسيحية.

وقد حاول ديننا الإسلامي أن يعالج هذا الأمر، حيث حذر من الغلو والتشدد والتطرف في الدين من خلال الكثير من نصوص الكتاب والسنة، منها قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وغيره:”أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من جميع أنواع التطرف، حذر من تحريم الطيبات، وترك النكاح، وحذر من فتنة القتال والظلم، وانتهاك حرمة المسلم، والمعاهد، وحذر من فتنة الدنيا وحذر من فتنة الخروج عن جماعة المسلمين وإمامهم وغير ذلك.

وبقيت ظاهرة التطرف تظهر حينا وتختفي آخر، وصدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر، قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:”يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ، يَقْرَأونَ الْقُرْآنَ لَايُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ،قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ: “يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ عَمَلَهُ مِنْ عَمَلِهِمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ، كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ، وَأَنَا أَسْمَعُ”.

وفي أيامنا هذه، استغل أعداء الإسلام ضعف الأمة الإسلامية، فربطوا التطرف بالدين الإسلامي، وعملوا على تشويه صورة الإسلام من أجل القضاء عليه، وأنى لهم ذلك وقد تكفل الله بحفظه، قد ينجحون في فتنة المسلمين، ولكن لن ينجحوا أبدا في القضاء على الإسلام، يقول شيخنا فضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله:

“مامن عاقل متبصر في هذا العصر إلا ويعلم أن الإسلام هو المستهدف من خلال الأحداث المختلفة التي تسمعون عنها، سواء منها ماقرب أو بعد، وأن الإسلام هو المستهدف من خلال الشعارات التي ترتفع…ومن المعلوم لكل عاقل أيضا أن السلاح الاستراتيجي الأول الذي يستعمل بادئ ذي بدء للقضاء على الإسلام إنما هو سلاح التفرقة، إنما هو سلاح تأليب المسلمين بعضهم على بعض، وقديما في أواخر الخلافة العثمانية، علمت الدنيا كلها أن بريطانيا، لعبت الدور الأول في تجربة تفتيت المسلمين، وتحويلهم إلى فئات متصارعة بين يدي الهدف الأكبر، ألا وهو القضاء على خلافة الإسلام، وأنا مضطر أن أضعكم في هذا الموقف أمام بعض الأسماء والوثائق، من قرأ كتاب أعمدة الحكمة السبعة للورانس، يعلم جلي ما أقول، ويقف على كثير من الوثائق.

بريطانيا هي التي خططت قبل غيرها للعمل على تفتيت المسلمين، وسخرت لذلك ثلاثة أسافين، الإسفين الأول القاديانية، وهو إسفين غرسته بريطانيا في الهند وما حولها، الإسفين الثاني، البابية والبهائية، وقد غرسته بريطانيا في مصر وفي جهات من جنوب شرقي آسيا، الإسفين الثالث، الوهابية، وإنما غرسته بريطانيا في الجزيرة العربية، عودوا إلى المصدر الذي ذكرته لكم، لتقفوا على الاعتراف الصريح والصارخ بهذا الأمر…ومزق العالم العربي والإسلامي بين هذه الأسافين الثلاثة التي حدثكم عنها، لكن الإسلام لم يقض عليه…اليوم الأسلحة التي تستعمل لتفريق المسلمين بعضهم عن بعض، ماهي؟ أسلحة القضايا الجزئية الاجتهادية، هذه بدعة لاتفعلها، إذن أنت كافر إن فعلتها، والتصوف بدعة، ماينبغي أن تمارسوه، إذن أنت كافر إن جنحت إلى هذا السلوك، هذه هي الوسائل التي يتم بها تفريق المسلمين…”.

قلت: إن مدار الخلاف اليوم بين الجماعات المتطرفة وغيرهم من علماء المسلمين وفقهائهم هو الفهوم الفقهية، وإن شئت قلت الأحكام الفقهية، بل الأحكام بصفة عامة، لأنهم يتصرفون ويجاهدون -كما يزعمون- وفق أحكامهم الفقهية وإنزالها على الناس كما يرونها، ووفق فتاويهم، ولذا قد يقتلون إخوانهم في الدين الإسلامي بناء على تلك الفتاوى، ويختطفون الرجال والنساء، ويعدونهم أسرى لديهم، ويسطون على الأبناك ولا يعتبرونها سرقة، بل هي غنيمة في نظرهم، ونحو هذا كثير في فقه التطرف، فهي مسائل أطلقوا عليها أحكامهم، وينفذون تلك الأحكام وفق مناهجهم.

والمآخذ على تلك الأحكام وطرق إنزالها كثيرة ولا تحصى، والله لو أدركوا حقيقة فقه تلك المسائل ما سعوا في الأرض ليهلكوا الحرث والنسل، والله لا يحب المفسدين، وسأكتفي بذكر مأخذ واحد وهو مهم جدا، وهذا المأخذ هو عدم تمييزهم بين أنواع الحكم الشرعي ومقتضيات كل نوع من تلك الأنواع، كالحكم البياني، والحكم الاجتهادي، والحكم الإفتائي، والحكم القضائي.

إن من أعظم البلاء والفتنة في هذا الزمان، أن يأتي شخص أمضى حياته في اللهو والمجون والبطالة، جاهل تماما بأحكام الدين فيستفتى في المسائل الكبار، وهو جاهل بها، فيتكلم ويفتي ويصنف الأعمال على حسب هواه، ويجعل من نفسه حكما، ويتهم من يخالف ذلك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في أشراط الساعة بقوله فيما رواه الإمام أحمد: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الروبيضة قيل: وما الروبيضة قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”، ورى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا؛ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَأونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ”.

ولعل منطقتنا العربية والإسلامية من أكثر مناطق العالم تأثرا بهذه الظاهرة، وذلك بسبب انتشار الخطاب المتطرف للشأن الديني في مجموعة من بلدان المنطقة، وقد استفاد دعاة الغلو والتطرف من الانفتاح الكبير الذي أتاحه التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية من أجل استقطاب الأتباع والتجييش لخطابهم المتطرف، وخاصة بين شريحة الشباب والنساء والقاصرين والأميين، حيث تعتبر فئة الشباب الفئة الأكثر استهدافا من طرف شيوخ التطرف، وذلك في استغلال للمشاكل الاجتماعية المتعددة، التي يعاني منها الشباب، وكذلك لسهولة التواصل مع الشباب عبر وسائل الاتصال الاجتماعي التي يتيحها الأنترنت، على اعتبار أن الشباب هم الأكثر استعمالا للأنترنت وانفتاحا على جديده.

وقد أخذ التطرف يظهر في مجتمعاتنا ويستشري، عندما تم التساهل مع أصحاب هذه الأفكار، وسمح لهم في وقت من الأوقات بترويج فكرهم وكتبهم وأشرطتهم بالمجان، وتقاعس شيوخ الزوايا والعلماء عن أداء واجبهم في التبليغ في إبانه ووقته وحينه، والدليل على ذلك أن أوكار أصحاب هذه التيارات الدخيلة لا تنشط إلا حيث لا توجد الزوايا والعلماء الذين أدركوا ويدركون مهمتهم ويقومون بها أحسن قيام، ينشطون حيث لايوجد من يواجههم علميا بالحجة والدليل والبرهان، ويعاملهم ويحتويهم بأخلاق السنة والقرآن، وقد خطط هؤلاء الأعداء بإحكام للقضاء على الدين وعلى فتنة المسلمين، ولكن يشاء الله إلا أن يبتليهم بشظايا هذا التطرف والإرهاب الذي عولوا عليه، ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

أما تجليات ومظاهر التطرف في المجتمعات، فيكفي أن أذكر بأن هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم تسميات متعددة، كأهل السنة والجماعة، أو أهل الحديث، أو الفرقة الناجية، أو الطائفة المنصورة، أو الهادية إلى الصراط المستقيم، أو السلفية أو الوهابية، وغيرها من التسميات، هؤلاء كلهم شكلوا خلايا، بدأت أنشطتها بالقيام بما يسمونه تعزيرا، وفي الوقت نفسه التحضير لعمليات ضد المصالح الغربية، وكانت نتيجة ذلك تدبير تفجيرات أزهقت مالا يحصى عددا من الأرواح باستعمال طرق جد متطورة، كما نفذوا عمليات اعتداء ضد أشخاص في إطار مايسمونه تغيير المنكر أو التعزير في أدبياتهم، وظهرت لأصحاب هذه التيارات فتاوى غريبة شوشوا بها على أمر تدين الناس في المجتمع، وذلك كأن يعتبر أحدهم مناصرة بن لادن واجبة، لأنه في نظرهم مجدد الجهاد في هذا العصر، ومنهم من اعتبر التحاكم إلى الدساتير شرك، مادامت آلهة معبودة يكفر واضعها وكل من تحاكم إليها، لأنها من الثمار الخبيثة للعلمانية التي هي الجاهلية المعاصرة في نظرهم، وحتى البرلمان ونوابه هم أوثان منصوبة، وأن الديمقراطية ليست هي الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى نصرة الإسلام، وخوض غمارها هو ضرب من العبث وتضييع للجهود والطاقات وإلقاء بالنفس إلى التهلكة، ومن كل هذه الفتاوى والمنطلقات خرج رموز أهل التطرف إلى أنهم إزاء دولة وحكم ومجتمع ينبغي الخروج عنهم جميعا بالعصيان، واعتبروا أن شرع الله تم إقصاؤه بعيدا عن الحكم بين العباد، وأنه حلت محله القوانين الوضعية التي يعتبرونها كافرة، لأنها من صنع الكفار، وأن الحاكمين لبلاد المسلمين هم دعاة الإباحية والانحلال ومسوغو الفجور والعصيان، ولذلك يدعون للجهاد، وظهرت فتاوى أخرى، لأهل التطرف كاستباحة الدماء والأموال المعصومة، والخروج على الحاكم المسلم، وتبرير مختلف الأعمال الإرهابية وسفك الدماء، وقتل الأبرياء وإتلاف الأموال وغيرها، كتكفير أهل الكبائر من المسلمين، وأن غير المسلمين يجوز قتالهم ومحاربتهم مع أن الإسلام حث على أن اختيار الدين أمر شخصي، وهذا أسلوب حضاري لامثيل له في تاريخ الحضارات، وإذا ما عرفنا أن أهم أسباب الإرهاب في العالم قائم على مبدأ المخالفة في الدين، تتجلى لنا بوضوح حكمة المبدأ الإلهي: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”، وتتجلى لنا عظمة قوله تعالى: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ”.

ومع ذلك فلا يخلو المجتمع من أفراد شبه متطرفين، يؤمنون بما يؤمن به قادة الجماعات المتطرفة وأتباعهم، ويعتقدون صحة قتلهم للمسلمين وغيرهم باسم الجهاد، ويعتبرون مناهجهم في تطبيق الشريعة هي المناهج السليمة، وفتاواهم المتشددة هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسنة الخلفاء الراشدين، كما يزعمون.

والذي ينبغي أن يعرف أن أول من تصادم مع المتبنين لهذه الأفكار المتطرفة الشاذة، هم أهل التصوف وأرباب الزوايا والعلماء العاملين والربانيين ومن يخالطهم، وذلك لأن أصحاب الزوايا في نظر المتطرفين، أناس مبتدعة ضالين مشركين، نعتوهم بأفظع أنواع النعوت والصفات القادحة، وذلكم كنعتهم بالقبوريين والطرقيين، وقد وصل ببعضهم أن كفرهم وأخرجهم عن الملة، وهكذا أنكروا عليهم الكثير من المسائل، كمسألة الجهر بالذكر، ومسألة الذكر الجماعي جهرا وجماعة ووقوفا، وقراءة القرآن على الأموات، والذكر في السبحة، وأنكروا عليهم زيارة القبور، وقراءة الحزب الراتب، وأنكروا عليهم التوسل، وأخذ الورد عن الشيخ والصلاة بالسدل، وقراءة القنوت في صلاة الصبح، والمصافحة والدعاء بعد الصلاة وإحياء مناسبة المولد النبوي وغيرها من المسائل.

ونتيجة لتفاعل كل هذه الأحداث والعوامل حدث مالم يكن في الحسبان، حيث شهدت مجتمعاتنا الآمنة أحدثا إرهابية، أحداثا غريبة لم نعهدها من ذي قبل، وبعد هذه الفترة أصبحنا نسمع بالإضافة إلى هذه الأحداث بالتشيع وبالتنصير وبالإلحاد والارتداد عن الدين الذي ابتلي به بعض أبناء المجتمع المسلم، ووجد في مجتمعاتنا كذلك الغلاة في تكفير المسلمين، وتنافرت قلوب أهل المجتمع الواحد الذين يرتادون المسجد الواحد، وابتعد بعضنا عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وظهر التعصب في الدين للمذاهب الشاذة، وظهر في مجتمعاتنا المتتبعون لرخص المذاهب، المنادون للأخذ بها، وظهر فينا من يدعم داعش ويسترخص روحه في سبيل الضلال المبين، وظهر من يقول بأن مذهبه القرآن والسنة فقط، وظهر اهتمام غير مسبوق بدعاة الفضائيات على اختلاف عقائدهم ومشاربهم وأفكارهم دون التأكد من كفايتهم العلمية ومن صلاحهم، وما لذلك من تداعيات، وأصبحنا نجد من يصر على ترك المرجعية الدينية المشهورة في بلاده في مجال الفتوى، وأصبحنا نجد نسبة لايستهان بها من الناس عازفة عن علماء البلاد الكبار زاهدة فيما عندهم، وظهر وظهر…

إن أعداء الدين، وبعد اطلاعهم على التاريخ الإسلامي وخبايا البلاد الإسلامية، أدركوا أن التصوف السني هو الذي يمثل الإسلام الحقيقي في أرقى معانيه، وهو أهم عامل في وحدة المسلمين لتسامحه في المنهج، وتجنبه التكفير، وتعظيم حرمة المسلم، وعدم الخروج على الحاكم، علاوة على تقويته لروحانية المسلم في عبادته لله، وتحققه بالإسلام الحق، ويكفي أن تعرفوا أن أحد ألد أعداء الإسلام، قال في مناسبة من المناسبات: “نحن لا نخشى العالم العربي والإسلامي الآن، إنما نخشى أن تعود تلك الزوايا التي خرجت أمثال عمر المختار وعبد القادر الجيلاني وعبد الكريم الخطابي ومحمد المهدي وغيرهم”.

وهكذا وجد شيوخ الزوايا ومريدوها العلماء أنفسهم تلقائيا في صلب المعركة في مواجهة أفكار أصحاب هذه التيارات الدخيلة، وأنهم أول مطالب بتحصين الناس ضد هذه الأفكار الهدامة، فما كان منهم إلا أن عقدوا مناظرات علمية في مختلف المجالس مع المتنطعين بقصد إفحامهم وتبيين غلطهم، كما كتبوا فتاوى في إبانها حول الكثير من المسائل التي ذكرت، ووزعوها على الناس بقصد تنبيههم وتذكيرهم ليبقوا متشبثين بالثوابت الدينية والوطنية المعروفة في المجتمع، وذلك كله وعيا منهم أن الفكر لايواجه إلا بالفكر.

فعند التمعن في الذي حصل ويحصل نجد بأن الممارسة الدينية التطبيقية العملية في العديد من المجتمعات، ونتيجة لتأثيرات أهل التطرف، قد استبدلت وغيرت بسلوكات جديدة ومظاهر غريبة في الشكل والمظهر والصورة، كاللباس والمظهر الخارجي، وأصبح التركيز على ذلك أكثر من التركيز على تحصيل القلب السليم والعناية بالتخلص من أمراض الباطن، وحسن المعاملة مع الغير التي يهتم بها أهل التصوف أيما اهتمام، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول في المتفق عليه،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:”إِنَّ اللَّهَ لايَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ”.

فكأنما أصبح الناس اليوم يتدينون بممارسات جديدة فرضت فرضا على أهل المجتمع، وحلت تدريجيا محل الممارسات الدينية الأصيلة، وكأنها عملية سرقة للدين تتم في الخفاء دون أن يشعر بها المسلمون، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيما رواه الإمام الطبراني عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَنَّةَ أَنَّهُ سَمِعَه يَقُولُ:”بَدَأَ الإسْلامُ غَرِيبًا، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى للغُرَبَاءِ”، لقد أصبح التركيز أكثر في أيامنا هذه من قبل أصحاب التيارات الدخيلة على أمور المظهر والشكل والصورة الخارجية، وعلى القضايا الجزئية الاجتهادية، كذكر الله في السبحة ومع الجماعة، وقراءة القرآن جماعة، وزيارة القبور والأضرحة…وكأن الإسلام اختزل اختزالا في هذه القضايا فقط.

ومن الأسباب التي دعتنا بقوة إلى تناول هذا الموضوع، هو استحضار تجربة الزاوية البصيرية في حماية المجتمع من التطرف، ثم الاستفادة من باقي تجارب الطرق الصوفية الأخرى في جميع أنحاء المعمور، وخاصة منها الحاضرة بقوة في الميدان، والتي تقوم بمهامها كما يجب في حماية المجتمعات، بغية أن تصير هذه الزوايا قدوة لغيرها من الزوايا الكثيرة، التي أصبحت تعتمد على تاريخ وأمجاد أسلافها، دون أن يكون لها أي وجود يذكر اليوم، ويبقى طموحنا، هو المساهمة في التفكير الجماعي للبحث عن أفضل الحلول لمواجهة ظواهر من قبيل التطرف والتشدد والإرهاب وغيرها، والتي تشكل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع واستقراره.

إن مشكلة التطرف أصبحت فارضة نفسها بقوة، وعلى شيوخ الزوايا والعلماء ومن في حكمهم، أن يرسموا خطة عملية محكمة لمواجهتها، فإلى أي حد إذن استطاعت الطرق الصوفية ومؤسسة الزوايا في مجتمعاتنا الوعي بأهمية هذا الموضوع؟ وهل امتلكت أو أصبحت لديها خطة واستراتيجية معينة متبعة من أجل تحصينها من كافة المخاطر الحساسة والمتعددة التي باتت تهددها؟ وباختصار أي دور قد يكون لأهل التصوف في حماية المجتمعات من التطرف وفي توعية المجتمع ضد مخاطره؟

وفي هذا المقام، وبخصوص زاوية آل البصير وكيف حمت المجتمع من التطرف؟ أقول: إن فضيلة الشيخ الوالد سيدي محمد المصطفى بصير رحمه الله، الذي عاصر أيام اشتداد عمل هؤلاء المتطرفين في بلادنا في فترة الثمانينيات والتسعينيات، كتب عدة رسائل وحرر العديد من الفتاوى في الرد على هؤلاء المتطرفين في هذه المناطق الوسطى، ووزعها على المريدين ولازلنا نحتفظ بها في أرشيف مكتبة الزاوية، بل إنه ناظر العديد من زعمائهم في مقر الزاوية وفي بني موسى وبني عمير وتادلة والدار البيضاء، وغيرها من المناطق أمام الملأ، بقصد تذكيرهم وتنبيههم وإفحامهم وإقامة الحجة عليهم لئلا يساهموا في التغرير بغيرهم، وكان معروفا بشجاعته العلمية وعدم السكوت عن الحق، وبالجملة كان لايخاف في الله لومة لائم، وكل ذلك منه بقصد العمل على تحصين الناس فكريا وروحيا ضد أفكار هؤلاء الدخلاء، واستمرت الزاوية بحمد الله في أداء دورها العلمي التوعوي وحث الناس على عدم الاغترار بأصحاب هذه الأفكار، والالتزام الدائم بثوابت هذه الدار، وعلى هذا النهج سارت باستمرار.

وعلى درب أسلافه كان الفقيد سيدي محمد بصير، ابن هذه الزاوية، الرجل الصوفي الذي حمى المجتمع الصحراوي المغربي من مخططات التنصير وطمس الهوية الإسلامية وإقبار اللغة العربية، التي كانت تسعى إسبانيا جادة لتحقيقها في الربوع الصحراوية العزيزة، بغية الوصول إلى التبعية الدائمة للصحراء المغربية إليها، هذا الأخير الذي اتخذه إخواننا في تندوف زعيما روحيا لهم بدون دليل، وتنكروا له ولتعاليم حركته، التي كانت تطلق عليها إسبانيا اسم:”حزب المسلم”، وكفى في ذلك دليلا على مرجعيته، حيث كان يعلم الناس القراءة والكتابة، ويحفظهم القرآن، ويعلمهم أحكام الدين، ويأمرهم بالذكر وبالجهاد ضد النصارى، متأثرا بتعاليم زاوية والده الشيخ سيدي إبراهيم البصير الصوفية.

نعم لقد تنكروا له بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى، عندما تمت موالاة التوجهات الاشتراكية والشيوعية في العالم، وتم بعث الأطفال الصحراويين والشباب الصحراوي إلى دولها بقصد الدراسة أو العمل، فعادوا يحملون لهذا الفكر، متأثرين به منافحين عنه، نعم لقد تنكروا لمبادئ حزب المسلم، عندما أصبحنا نجد التغييب الكامل لإقامة تعاليم الدين الإسلامي في مخيمات تندوف، حينما تحول المسجد الأول الذي كان في ولاية الداخلة بتندوف، إلى بيت للشباب تقام فيه الاحتفالات والسهرات المختلفة، ولم تقم فيه الصلاة أبدا، ولم تهتم قيادة البوليزاريو ولا حاضنتها الجزائر ببناء المساجد للناس في هذا الإبان.

ولم تظهر قاعات الصلاة في تندوف إلا بعد مجيء بعض الشباب الصحراويين المتأثرين بالجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، وبعد ذهاب بعضهم للدراسة في المعهد الذي بنته السعودية بموريتانيا، أو الدراسة بالجامعات السعودية، هؤلاء الشباب هم الذين بنوا القاعات الأولى للصلاة في تندوف بالطوب والحجر، ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يحملون الفكر الوهابي المتطرف.

وعندئذ تدخلت الجزائر وقيادة البوليزاريو لبناء مساجد تابعة لها في تندوف، لالكون تلك القاعات يتبناها أصحاب الفكر المتطرف، ولا رغبة في تلبية حاجات الناس في هذا الجانب، ولكن لأن أئمة القاعات وخطبائها يتبنون خطابا معارضا لتوجهات الجزائر والبوليزاريو.

هكذا بدأت البوادر الأولى للتطرف في تندوف، وهكذا بدأ الانتقال إلى الانضمام إلى الحركات الإرهابية المتطرفة التي تنشط بدول الساحل والصحراء، كحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا المعروفة بموجاهو وغيرها، التي يُعتقد بأنها فرعا لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وتتمتع بعلاقات جيدة مع الصحراويين وجبهة البوليساريو، ومن أهم أهدافها نشر الجهاد في غرب إفريقيا.

فالزوايا والطرق الصوفية لها دور وأي دور في إظهار وسطية الإسلام وتوازنه وبساطته وسماحته ويسره واعتداله وعفوه ورحمته التي وسعت كل شيء، وترسيخ الانتماء لدى الناس لهذا الدين الوسط وإشعارهم بالاعتزاز بهذه الوسطية، ومعرفة الأفكار المنحرفة وتحصينهم ضدها، وحث الناس على التحقق بالثوابت الدينية للوطن، بما يقتضيه الأمر من الحكمة والحزم والجد بالحوار المفتوح وتقويم الاعوجاج الفكري بالحجة والإقناع الهادئ البعيد عن التصادم، ودعوة المخطئ إلى الرجوع عن خطئه وبيان الحق بالمناقشة العلمية الهادئة.

فالمهمة الأولى أو بالأحرى العبادة الأولى، لشيوخ الزوايا والعلماء إذا أراد الطرف الآخر أن يضل الناس، هي أن يوضحوا الحق، وأن يبينوا حقيقة هذا الدين، وأن يردوا عليهم باليقين، لأنهم لايعتمدون إلا على الأكاذيب وعلى الأضاليل وعلى المغالطات، ينبغي أن يبينوا وأن يوضحوا الحق وأن يعلموا الشرع الصحيح، وهذه هي مهمة الزوايا والعلماء، لأنه يقينا لا يمكن أن تقوم للباطل حجة، ولكن تقوم الحجة عند الجاهلين، والشبهات كما تعلمون لاتنجلي إلا باليقين.

أمام ماذكرنا نحتاج إلى المزيد من فعالية تأطير مؤسسة الزوايا والطرق الصوفية، لملء الفراغ الذي يعيشه الناس في التأطير الديني والسلوك، وحسم الخلاف في التصدعات الحاصلة في إنتاج المعرفة الدينية وإعادة إنتاجها، والوقوف في وجه التأطير الغريب عن ثوابت المجتمعات، الذي تتزعمه بعض التيارات الإسلامية الدخيلة عن المجتمعات الإسلامية، وإنهاء الخلاف حول تأويل النص الديني، والقراءات المفروضة بعينها على الناس، مما أدى إلى أن يعيشوا ازدواجية في تدينهم وازدواجية في شخصيتهم ونفسيتهم، فالحاجة اليوم أصبحت ماسّة إلى التذكير بقضيّة التطرف، وأصبح اللجوء إلى استراتيجية اجتماعية متكاملة، أمرا ملحا للمساهمة في الحفاظ على عقول الناس وتحصينهم ثقافيا من خلال المعلومات الصحيحة التي تزيد الوعي الأمني والثقافي، فيجب إذن على أرباب الزوايا ومن يتبعهم أن يعيدوا إحياء زواياهم لتلعب أدوارها الحقيقية، ويهتموا اهتماما بالغا بالتربية والتوعية والتزكية والتعليم، وأن يهتموا أكثر بالأطفال والشباب، وأن تكون لهم معهم برامج هادفة في الدروس والمذاكرة أثناء سياحاتهم الصوفية داخل البيوت والزوايا وفي منابر الخطب والوعظ والإرشاد وفي قاعات الدروس، وفي المحاضرات وفي الإذاعات وفي الشاشات وفي الشبكة العنكبوتية، وتنظيم زيارات لمختلف المناطق، والجلوس مع الناس، ومدهم بالأدلة والحجج الشرعية على سلامة طريق أهل التصوف من الابتداع، وأنهم على الطريق الحق، وتحذيرهم من الاغترار بالمتطرفين، وما إلى ذلك من وسائل الإعلام المختلفة المتوفرة في عالمنا المتقدم والمتطور، وتكون هذه البرامج والأنشطة بشكل متواصل بدون انقطاع كي ينقذوا الناس من شوائب الغلو والتطرف، مما يستدعي ضرورة انفتاح الزوايا كذلك على محيطها الإقليمي والمحلي، بالانفتاح على المؤسسات الأكاديمية العلمية، إدراكا لمكانتها في إنتاج المعرفة العلمية الموضوعية، التي تمكن من الفهم الموضوعي لمجموع الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعقدة، حتى تتكامل مختلف الجهود لإرساء المزيد من الوعي والتنوير للمجتمع، كي يصبح أكثر تلاحما وتحصينا في وجه المحاولات الرامية لبث بذور التشدد والانغلاق.

ومن أجل ذلك، فأهل التصوف مدعوون اليوم إلى التعبئة الجماعية وضم جهودهم إلى كافة دعاة الإسلام الوسطي لقطع الطريق على دعاة التطرف والإرهاب والتجزئة والانقسام والمذاهب الضالة.

والمغرب والحمد لله عرف كيف يتصدى لظاهرة التطرف، حيث تبنى سياسة شمولية دينية واجتماعية وسياسية وأمنية، فبفضل هذه الاستراتيجية الشاملة التي اعتمدها في مغربنا مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تم إلى حد كبير وقف زحف الخطاب الأصولي المتطرف، وتحصين المجتمع وضمان أمنه، ولكن بالرغم من نهج إجراءات اليقظة، وتبني هذه السياسات الوقائية الشاملة، لايزال شبح التطرف والإرهاب يقفان على عتبة المملكة الشريفة، حيث لايزال هناك تخطيط مستمر من قبل الأعداء لزعزعة أمن واستقرار البلد، وهذا مايؤكده الواقع، حيث يتم تفكيك خلايا جديدة في كل وقت وحين.

ولعل الركيزة الأساسية لاستراتيجية المملكة في مواجهة التطرف هو الجانب التنموي، بحيث يجب أن تحرص الدولة على تسطير برامج تنموية تروم إدماج الشباب في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع البرامج التي توفر فرص الشغل لهم من أجل قطع الطريق على أولئك الذين يستغلون عوامل البطالة والإحباط كدوافع لتجنيد أتباع جدد للفكر المتطرف.

وفي هذا المقام أكد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش لسنة 2014 حيث قال:”إن عملنا على تحسين ظروف عيش المواطن لايعادله إلا حرصنا على ضمان أمنهم الروحي وتوطيد النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، هذا النموذج المتميز الذي يرتكز على إمارة المؤمنين كمرجع له، وعلى المذهب المالكي، وهو نتاج الإصلاحات العميقة التي اعتمدناها خلال 15 سنة الأخيرة من أجل تأهيل وتأطير المجال الديني، ويقوم هذا المنهج على تحصين المواطن والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق و الجهل”.

والذي نحمد الله عليه في بلادنا المغربية أننا أمة ذات ثوابت رصينة معروفة ومشهورة لدى كل مجتمعات العالم، وأننا من أول المجتمعات التي عرفت وقننت هذه الثوابت الخاصة بها، وأنه بسببنا نحن المغاربة أصبحت الكثير من المجتمعات والكثير من الدول تتساءل اليوم هي الأخرى عن ثوابتها الخاصة بها، وأرسلت الكثير من وفودها لتستفيد من التجربة المغربية في هذا الشأن، ينبغي أن نعرف هذا وأن نفتخر به وألا نضيعه.

ختاما، إن هذا الذي اختصرته اختصارا في مقدمتي هاته لبيان أهمية الموضوع والأسباب الذاتية والموضوعية التي دعتنا لاختياره، هو الذي طرقه السادة العلماء والشيوخ والأساتذة المشاركون في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، وناقشوه أجمل مناقشة، وبينوه أحسن بيان، وفصلوه قدر الإمكان.

أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بها كل مطالع لأعمال هذه الندوة المباركة، المجموعة في هذا السفر المبارك، الذي أتمنى أن يفي بالغرض والمقصود، وقد حرصت على جمع كل ما تيسر لي جمعه من المقالات الصحفية التي كتبت حول الندوة أيام تنظيمها، والصور الموثقة لها، ووضعت ذلك مع الملاحق الختامية، والحمد لله رب العالمين. وكتبه عبد المغيث بن الشيخ سيدي محمد المصطفى بصير

برشيد: في يوم الأحد 15 شعبان 1437هـ موافق22 ماي 2016م.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *