البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله في اختتام الندوة الدولية للطريقة البصيرية تخليدا للذكرى الخامسة والأربعين لانتفاضة محمد بصير
البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله، بمناسبة اختتام أعمال الندوة العلمية الدولية، المنظمة من قبل الطريقة البصيرية، تحت الرعاية السامية لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله،
بتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تخليدا للذكرى الخامسة والأربعين، لانتفاضة سيدي محمد بصير ضد الاستعمار الإسباني في الصحراء المغربية.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مولاي أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، وسبط رسول رب العالمين، جلالة الملك مولانا محمد السادس، أعز الله بكم الوطن والدين، وأعلى بكم شأن الإسلام والمسلمين .
السلام على جنابكم العالي الشريف، ومقامكم السامي المنيف.
بعد تقديم فروض الطاعة والولاء، وأصدق مشاعر المحبة والإخلاص والوفاء، يتشرف خديم الأعتاب الشريفة، خادم الطريقة البصيرية وخادم أهل الله بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير، أصالة عن نفسه ونيابة عن كافة أفراد عشيرة آل البصير ومريدي الطريقة البصيرية، وجميع المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، بمناسبة اختتام أشغال الندوة العلمية الدولية التي نظمتها الطريقة البصيرية تحت رعايتكم السامية، بتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، التابعة لجامعة الحسن الثاني، والتي خلدت هذه السنة الذكرى الخامسة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير، وذلك يومي 22-23 شعبان 1436هـ الموافق لـ 10-11 يونيه 2015م، بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط، إقليم أزيلال، تحت عنوان:
“دور أهل التصوف في حماية المجتمعات من التطرف”،
سائلا المولى جلت قدرته، أن يلهمكم التوفيق والسداد على الدوام، وأن يحرسكم بعينه التي لاتنام، ويكنفكم بكنفه الذي لايضام.
مولاي أمير المؤمنين،
إن مداخلات هذه الندوة العلمية الدولية، ناقشت على مدى يومين بكل من مقر الزاوية البصيرية وببني ملال وأزيلال، مواضيع جوهرية تتصل بأولوية قضية المناضل سيدي محمد بصير، وخصوصية التدين المغربي في مواجهة التطرف، والجماعات المتطرفة في العالم الإسلامي والغربي، وكيف واجهها أهل التصوف، والتطرف في الساحل والصحراء، والتطورات الحالية لقضية الصحراء: العوائق والرهانات.
سيدي أعزكم الله،
إن السادة العلماء والأساتذة الباحثين والأكاديميين المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية من داخل المغرب وخارجه، تناولوا بالبحث والدراسة والتحليل الجاد والمناقشة المثمرة، كل ما يتصل بشعارها، وتمكنوا من رصد الجماعات المتطرفةوالتيارات والأفكار الدخيلة التي تهدد الأمن بكافة أنواعه لدى مختلف شعوب ومجتمعات العالم، وتدارسوا طرق الحد من تنامي الفكر المتطرف والغلو، وبينوا أهمية ذلك في بناء شخصية الإنسان، ووقفوا على أسباب الإنحراف، وسبل معالجتها، ورصدوا مختلف الظواهر والممارسات المنافية للأمن والطمأنينة، وخلصوا إلى الدور الفعال للزوايا والطرق الصوفية والعلماءالعاملين والربانيين والمؤسسات الدينية والأكاديمية في حمايتهما.
وكانت هذه الندوة فرصة للمشاركين للوقوف على تفاصيل جديدة من حياة المحتفى به في هذه الذكرى، الفقيد سيدي محمد بصير، ابن هذه الزاوية، وإبراز الدور الهام الذي قام به هذا الرجل الفذ، لحماية المجتمع الصحراوي المغربي من مخططات المستعمرين التنصيرية وطمس الهوية الإسلامية وإقبار اللغة العربية، التي كان يتعرض لها، والتي كان الاستعمار الإسباني يسعى جادا لتحقيقها في الربوع الصحراوية العزيزة، بغية الوصول إلى التبعية الدائمة للصحراء المغربية إليه، غير أن الانتفاضة التي قادها الفقيد ضده سنة 1970م كانت سببا في اختفائه القسري إلى اليوم.
ولم يفت المشاركين التطرق إلى التشويش الكبير الذي حصل في تدين الناس والفتنة التي حصلت في كافة أنحاء المعمورة، بسبب أفكار المتطرفين والدخلاء، الداعية إلى التشدد والتعصب والغلو في الدين، والتي لاتزيد المجتمعات إلا تفرقة وفتنة وتأليبا لبعضهم على بعض، ولم يفتهم كذلك التنبيه والإشارة إلى أن من يدعو إلى سلوك نهج أهل التطرف، مثله كمثل من يدعو إلى التجزئة والانفصال في الأهداف والغايات، حيث لايخدمون إلا مخططات أعداء الدين، وفي المقابل يامولاي نوهوا بالدور الرئيسي لأهل التصوف والزوايا والطرق الصوفية، الذين يعملون من أجل وحدة المسلمين، وإظهار وسطية الإسلام وتوازنه وبساطته وسماحته ويسره واعتداله وعفوه ورحمته التي وسعت كل شيء، وترسيخ الانتماء لدى الناس لهذا الدين الوسط، وإشعارهم بالاعتزاز بهذه الوسطية، والتعربف بالأفكار المنحرفة وتحصين الناس ضدها، وحثهم على التحقق بالثوابت الدينية للوطن، وتضافرت آراء جميع المشاركين على أن ثوابت الأمة المغربية ومكونات شخصيتها وهويتها وتميزها الثقافي، والمنظومة الفكرية المغربية، أضف إلى ذلك قيم ومعتقدات وعادات المغاربة، كانت ولاتزال موسومة بالخصوصية والاستثناء والوسطية والاعتدال، وستبقى وستظل مثالا يحتذى لدى كافة دول العالم الإسلامي.
مولاي أمير المؤمنين،
لقد استحضر المشاركون بكل تقدير وإجلال وإعجاب، أعمالكم الإنسانية الجليلة، ومختلف المشاريع التنموية الرائدة، التي تفتحونها كل يوم، ومخططاتكم التي تقودونها بحكمة وحنكة وذكاء وهمة عالية في جميع المجالات، كما استحضروا بفخر واعتزاز أعمالكم المتواصلة التي تقومون بها في كل أرجاء مملكتكم الشريفة، وفي البلاد الإفريقية أيضا من أجل إسعاد الإنسانية، ونوهوا بكريم عنايتكم واهتمامكم المولوي المبارك بالشأن الديني برمته بشكل عام، ومايتصل بالزوايا والطرق الصوفية بشكل خاص، ويحمدون الله كثيرا على نعمة وجودكم، ويشكرونه سبحانه على بركة إمارتكم، ويعاهدون الله ويعاهدونكم على الإخلاص والوفاء، وعلى حماية ثوابت الأمة المغربية من الاختراق والاحتواء، ومواجهة كل ما يهدد ذلك من أهداف عدوانية وأفكار هدامة متطرفة، والانخراط الطوعي في الديبلوماسية الدينية النافعة، والسير بخطى حثيثة وثابتة وراء جلالتكم، قياما بمهمة العلماء العاملين المخلصين، دفاعا وصونا وحماية للعقيدة والوطن والدين، وقياما بالواجب مستنيرين بتوجيهاتكم الحكيمة، ومستظلين تحت ظل إمارة المؤمنين العتيدة رمز الأمن والاستقرار المجتمعي.
إننا يوما بعد يوم، وباعتبارنا مواطنين مغاربة ومكونا من مكونات شعبكم الوفي، لاتزيدنا الأيام تحت حكمكم الزاهر إلا تعلقا بشخص جلالتكم المباركة ومحبة لجنابكم الشريف، وتشبثا بأهذاب عرشكم المجيد، وذلك لما وفقكم المولى العظيم لتحقيقه من رخاء وازدهار واستقرار وأمن وطمأنينة وتنمية مباركة لصالح شعبكم الوفي، ونعاهد الله ونعاهدكم على صد مخططات الأعداء والهجوم عليهم كما انتدبتمونا إلى ذلك، ولن يهدأ لنا بال حتى نسكت كل معتد أثيم، وحتى يجمع الله شملنا بشمل إخواننا مغاربة تندوف.
حفظكم الله يامولاي بما حفظ به الذكر الحكيم، وأبقاكم ذخرا وملاذا للملة والدين، وحفظكم في ولي عهدكم صاحب السمو الملكي المحبوب المولى الحسن، وأنبته نباتا حسنا، وشد أزركم بشقيقكم المولى الرشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وأمطر شآبيب الرحمة والرضوان على فقيدي العروبة والإسلام صاحب الجلالة الملك محمد الخامس وصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، وأنزلهما منازل الأبرار مع المصطفين الأخيار وحسن أولئك رفيقا.
والسلام على المقام العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته.
إمضاء:
إسماعيل بصير
خديم الأعتاب الشريفة .
وحرر بإقليم أزيلال في يوم الخميس 23 شعبان 1436هـ الموافق لـ 11يونيو 2015م.