كلمة الشيخ عبد العزيز ساربا، مستشار بالمجلس الأعلى للأئمة بساحل العاج

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان الأزهران الأعطران على نور الأنوار وسر الأسرار وترياق الأغيار.

ومفتاح باب اليسار سيدنا محمد المختار الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله والطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن من أعظم دواعي الفرح والحبور لي أن أعبر عن جزيل شكري والامتنان لآل البصير، وعلى مقدمتهم الراعي الإسلامي الكبير العارف الداعي إلى الله بالحال والمقال، الجامع بيد الشريعة والحقيقة مولاي سيدي إسماعيل البصير حفظه المولى الجليل من أجل هذه الدعوة المباركة التي تفضلوا بتوجيهها إلى شخصي المتواضع، وإن كلمات المعاجم لتنوء بتحمل المعاني التي تجيش في فؤادي تجاه هذا الاهتمام الأخوي الديني، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
ولا يفوتني أن أنوه بمواقف أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بروح منه، لما يقوم به من جهود جبارة في خدمة الدين الإسلامي في بلاد المغرب وعلى وجه العموم في دول غرب إفريقيا.
أيها السادة، موضوعي هو:
(كيف دخلت الطرق الصوفية المغربية إلى دول غرب أفريقيا؟)
قبل الولوج إلى قلب موضوعنا عن طرق دخول الصوفية المغربية إلى غرب إفريقيا، لا بد أولا أن نحدد الموقع الجغرافي لمفهوم الغرب الإفريقي.
الموقع:
يمتد هذا الإقليم جغرافيا من موريتانيا غربا وحتى النيجر شرقا، ومن موريتانيا شمالا وحتى ليبيريا جنوبا، ومن ليبيريا غربا حتى نيجيريا.
ويشمل الدول الآتية: موريتانيا، السينغال، غامبيا، مالي، بوركينافاسو، النيجر، نيجيريا، بنين، توغو، غانا، ساحل العاج، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، سيراليون.
وبالتعريف السياسي هي الأجزاء الواقعة بين حافة الصحراء الكبرى في الشمال وحدود تشاد في الشرق، وحدود جبال الكامرون في الجنوب الشرقي، ويحدها المحيط الأطلسي من الجهتين الجنوبية والغربية .
تعريف الصوفية:
لقد تعددت تعريفات (الصوفية) عند الباحثين، سواء منهم من ينتمون إلى السلك التصوفي أم من خارجه، ونجد العلامة ابن خلدون في تعريفه للصوفية يقول: “وأصلها العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد في الخلوة للعبادة”.
وقد أحسن الإمام القشيري إذ رد قضية التعدد والاختلاف في تعريف التصوف إلى اختلاف مزاج الناس مقيدا ذلك بأن كل واحد يتكلم بحكم الوقت والحال الذي هو فيه.
فالتصوف في حقيقة أمره غايته الوصول إلى الله تعالى عن طريق المجاهدة وتزكية النفس، قال الله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين ر سولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)  . وقال عز من قائل: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) .
دخول الإسلام والطرق الصوفية إلى غرب إفريقيا
ترجع فترة معرفة إفريقيا للإسلام بجذورها التاريخية إلى فجر انبلاج نور الدعوة الإسلامية لما هاجر صحابة النبي عليه الصلاة والسلام إلى الحبشة يوم أشار على ثلة من الرعيل الأول منهم رضوان الله عليهم لما رأى اشتداد أذى قريش بهم واضطهادهم لهم: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) .
فاستحقت بهذا الصنيع الإنساني الرفيع المستوى، القارة الإفريقية وسام الشرف والتقدير من التاريخ الإسلامي، وكانت الطلائع الأولى من الصحابة الكرام يومئذ يعتبرون لاجئين سياسيين بحكم طبيعة هجرتهم، كما في مصطلحات العصر الحديث. وفي عام(18هـ) دخلت قوات الجيش الإسلامي إفريقيا بقيادة عمرو بن العاص عبر سيناء لفتح مصر.
وأما عن وصول الإسلام إلى السودان الغربي حسب تعبير المصطلحات التاريخية العريقة أي: غرب القارة الإفريقية، فتذكر المصادر التاريخية أن الإسلام دخل غرب إفريقيا من الشمال، مقتفيا في مسيرته طرق القوافل والمراكز التجارية عبر ممرات الصحراء الكبرى، وعلى طول الساحل الأطلسي، وذلك بعدما فتح العرب المسلمون مناطق سواحل الشمال الإفريقي وجنوب الصحراء الوسطى في القرن السابع الميلادي، ونشروا فيها الإسلام فعم وغطى تلك النواحي برمتها، ومن تم توالت مسيرة الدعوة الإسلامية عابرة الصحراء الكبرى ومتجهة صوب السودان الغربي بواسطة التجار والبربر والعرب الأوائل، وكانت الدعوة بين سكان المنطقة تتسم بالطابع الفردي من جهود التجار والبربر والعرب الأوائل، وكانت الدعوة بين سكان المنطقة تتسم بالطابع الفردي بواسطة التجار وغيرهم في حلهم وترحالهم، وهكذا أرسى الإسلام جذوره قي عمق الغرب الإفريقي وسواحله وتجسد بين الشعوب من قبائل السونكي والمادينغو، وبزحف المرابطين وفتحهم لإمبراطورية غانا الوثنية تحولت غالبية سكان المنطقة واندفعت الجموع منهم إلى اعتناق الدين الإسلامي.
وبهذا تكونت النواة الأولى للإسلام في مملكة غانة التي أصبح الإسلام طابعها، وقد بنيت على أنقاض هذه المملكة إمبراطوريتان إسلاميتان عظيمتان، هما إمبراطوريتا مالي وصنغاي ، وكانتا على صلة وثيقة.
وكانت مملكة مالي الإسلامية مترامية الأطراف، حيث كانت حدودها تصل إلى ماوراء غاو شرقا، والسنغال غربا، وسيكاسوذ جنوبا، وولاتة شمالا، وينتسب ملوكها إلى قبيلة (ماندينغ) التي تعيش حول نهر النيجر بالجزء الغربي منه، وشرقي السنغال مع جنوبيه، وعلى ضفتي وادي غامبيا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وسيراليون…، ومؤسس هذه المملكة هو سونجاتا كيتا، وتمكن أهمية هذه الجماعة في أنهم قاموا بنشاطات بارزة وواصبة طوال حقبة من الزمن لنشر الإسلام في غربي إفريقيا بين الملوك وكذلك بين الأفراد على حد سواء، ويعد مانسا موسى من أعظم سلاطين هذه المملكة وأكثرهم نفعا للإسلام، فالتاريخ حافل بمناقبه ومحاسنه، وقد قام برحلة إلى المشرق لأداء فريضة الحج عام 1324 م .
والجدير بالمعرفة أن إمبراطورية سونغاي شأنها كشأن سابقتها، قامت في المنطقة الوسطى من نهر النيجر في القرن السابع الميلادي، وامتد نفوذها من الجزء الشرقي من مملكة مالي إلى بعض الأجزاء من بلاد الهوسا حيث جمهورية نيجيريا وجمهورية الكامرون اليوم.
وكان لملوك مملكة مالي يد طولي في نشر الإسلام بغربي إفريقيا، ومن أشهر ملوكه (أسكيا الحاج محمد) الذي أرسى اللبنات الأساسية للدين الإسلامي في مالي وأقام المدارس وجلب الفقهاء من الخارج والمثقفين الإسلاميين وأحكم أواصر الصداقة بين إمبراطوريته وبلاد شمال إفريقيا العربية.
وهكذا واصلت الدعوة الإسلامية مسيرها نحو بقية الشعوب والقبائل المتناثرة على مختلف مناطق الغرب الإفريقي عن طريق الدعاة والقوافل التجارية وهجرات العرب والبربر، والإسلام في حقيقة الواقع التاريخي عم هذا الإقليم من خلال المنافذ الرئيسية التالية:
1) الثنية الشمالية لنهر السنغال.
2) المنحنى الشمالي لنهر النيجر.
3) منطقة بحيرة تشاد وشمال نيجيريا.

دخول الطرق الصوفية المغربية في دول غرب إفريقيا:
بدأ دخول الطرق الصوفية إلى غرب إفريقيا في القرن الخامس عشر الميلادي من خلال أطراف الصحراء الكبرى عن طريق الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني بموريتانيا، وهو في طريقه إلى نيجيريا، وأهم الطرق الصوفية المنتشرة في غربي إفريقيا هي الآتية:
1) الطريقة القادرية.
2) الطريقة التيجانية.
3) الطريقة الشاذلية.

أولا: الطريقة القادرية:
القادرية نسبة لمؤسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني المتوفى سنة (561هـ/1078م)، وهي أول طريقة صوفية عرفتها افريقيا الغربية، وقد جاء بها الشيخ عبد الكريم المغيلي المتوفى عام 1532م من توات بالجزائر إلى غربي القارة الإفريقية في القرن الخامس عشر الميلادي، وانتشرت الطريقة في منطقة جنوب الجزائر وجزء من المغرب ومنطقة الصحراء ومالي وموريتانيا، وامتدت حتى السينغال.
فالشيخ المغيلي هو أول من أوصلها ونشرها في موريتانيا، ومن ثم دخلت السينغال، لذا تتوفر في هذه البلاد أهم مراكز القادرية، ومن أهم هذه المراكز والزوايا في موريتانيا: بلدة بتلميت، ومؤسسها الشيخ سيدي الكبير (1780/1869م)، وكان لحفيده الشيخ سيدي بابا المتوفى سنة 1924م دور فعال وجهود بارزة في توسيع دائرة هذه الرابطة الروحية في مناطق السينغال وغامبيا وبقية الأقطار المجاورة، ومن المراكز الهامة أيضا مركز نمجاط.
ومن أهم مراكز القادرية في السينغال: مركز أنجاس الواقع على بعد 70 كيلومترا من داكار العاصمة، وبجنوب السينغال مركز دار السلام، ومن أهم مراكز القادرية في السنغال مركز أنجاس الواقع على بعد 70 كيلومترا من داكار العاصمة، وبجنوب السنغال مركز دار السلام الذي أسسه الشيخ محفوظ بن طالب خيار المتوفى سنة 1917م.
وقد دخلت الطريقة أراضي جمهورية مالي على يد الشيخ المختار بن أحمد المتوفى سنة 1811م وأنشأ هذا الصوفي أول زاوية للقادرية في أزواد شمال مدينة تونبكتو.
ومع مرور الأيام تعرضت الطريقة القادرية للتقهقر والفتور والركود، والتناقص من عدد أتباعها، وذلك بقدوم الطريقة التيجانية إلى غربي إفريقيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
ووصلت القادرية إلى نيجريا وانتشرت فيها، ومن أهم شخصيات الطريقة القادرية في نيجريا الشيخ عثمان دان فودي المتوفى سنة 1871م، والذي وقف في وجه المستعمرين الإنجليز ولقوا منه ومن أتباعه مقاومة شرسة.
ثانيا الطريقة التيجانية:
تنسب التيجانية إلى مؤسسها الشيخ أحمد التجاني، ولد في جنوب الجزائر سنة 1150هـ الموافقة سنة 1737م، وكانت وفاته سنة 1815 م بمدينة فاس.
تأثر الشيخ التيجاني بقضية التصوف في وقت مبكر من حياته، فولى وجهه شطر مدينة فاس عام 1758م باحثا عن مشايخ الطرق الصوفية بعد تحصيله لقسط وفير من العلوم الدينية.
التقى خلال تنقلاته بين الجزائر والمغرب والمشرق العربي بنخبة من علماء الصوفية، الذين كان لهم أثر كبير في شخصية الشيخ، فانتسب في أول أمره إلى القادرية والخلوتية ثم توصل في آخر المطاف إلى الاستقلال بطريقته الخاصة به، وهي التيجانية التي انتشرت في شمال إفريقيا من خلال منطقة جراد الجزائرية ومناطق في تونس وبلاد المغرب الأقصى.
دخول التيجانية إلى غرب إفريقيا:
دخلت الطريقة التيجانية إفريقيا الغربية من المغرب على يد الشيخ محمد الحافظ بن مختار الشنقيطي المتوفى سنة 1830م، الذي اتصل بمؤسس الطريقة الشيخ أحمد التيجاني وأخذ عنه الطريقة، وهو الذي قام بنشرها في موريتانيا، ومنها دخلت السينغال ومالي، وقد كان الشيخ عمر الفوتي المشهور بعمر تال الفوتي المتوفى سنة 1864م يقوم بجهود جبارة في تجسيد الدولة الإسلامية في كل من غينيا ومالي والسينغال ومنطقة الفوتا على ضفاف نهر السينغال، ولم تعرف التيجانية كل الإشعاع الذي شهدته فيما بعد بغربي إفريقيا، إلا عندما تقلد الشيخ عمر الفوتي زعامة الطريقة وبعد وفاته اتسعت التيجانية اتساعا باهرا لم يسبق له نظير، وقد أشعل الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي والوثنيين، وصل صدى مقاومته إلى نيجيريا، ومنه استمد الحاج مالك سي ومشايخ التيجانية، ومن ناحية أخرى وصلت الطريقة إلى مدينة كانوا في شمال نيجيريا بواسطة أحد أتباع الشيخ الفوتي يسمى بالشيخ أحمد باه.
وكان في مدينة نيورو بمالي شيخ يدعى محمد المختار بن أحمد بيللي سال (1860هـ/1930م)، وهو الذي قام بالدور الريادي في تقديم التيجانية إلى المناطق الساحلية بالغرب الإفريقي، كالغابون وغانا وتوغو وكوت ديفوار وسيراليون، وقد عرف أيضا بالشيخ سامبا ليلي الفولاني، وهو الذي أدخل ملك كانو الملك عباس وأفراد أسرته الملكية وحاشيته وعوائلهم في الطريقة التيجانية، وقام إضافة إلى ذلك بفتح أعداد كبيرة من الزوايا في مدينة كانو وضواحيها.
ومن أهم رموز وأعلام الطريقة التيجانية في غرب إفريقيا وعلى وجه الخصوص في مدينة نيورو بمالي الشيخ أحمد حماه الله رضي الله عنه وأرضاه، يعد من أكبر الشخصيات والخلفاء للطريقة، حيث قام بمقاومة الاستعمار الفرنسي حتى نفته السلطات الاستعمارية إلى عدة مستعمرات إبان فترة الاستعمار، فنفي أولا إلى بماكو فداكار فموريتانيا فساحل العاج، ولقد مكث في بلاد منفاه الأول عشر سنوات ثم رجع إلى موطنه ومنه نفي مرة أخرى إلى فرنسا.
وقال عنه ديسمرت حاكم المستعمرات الفرنسية في غرب إفريقيا آنذاك: “إذا ترك هذا الشيخ لخمس سنوات أخرى حرا فسيحول الأفارقة إلى محمديين”.
وتنتشر زواياه في مختلف أصقاع غرب إفريقيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر يبلغ تعداد الزوايا التي أنشأها في ساحل العاج وحدها قرابة ألفي زاوية، مع العلم أن هذه الزوايا تحوي مدارس قرآنية ومبيتات للطلبة ومصلى.
ومن أساطين التيجانية الكبار بغرب إفريقيا شيخ الإسلام إبراهيم انياس من السينغال المتوفى سنة 1975م، وهو صاحب مؤلفات، وكانت له صولات وجولات مع الفاتيكان، وعمل بقوة في سبيل محو الفرنسية والماركسية التي عاصرها في الخمسينات والستينات، وأدخل ملايين الناس إلى الإسلام في غانا وفي نيجيريا.
والطريقة التيجانية تعتبر هي الطريقة الأقوى في إفريقيا اليوم وأولى طريقة صوفية من حيث تعداد المنتسبين، وكثرة الزوايا التي أنشأها، وشهرة مشايخها المنتشرين في كل بلاد غرب إفريقيا ابتداء من موريتانيا فالسينغال فمالي فغينيا فساحل العاج فبوركينافاسو فالنيجر فنيجيريا فتوغو فغانا انتهاء ببنين، ثم انتشرت في اتجاه الشريط السوداني الكبير: تشاد والكامرون والسودان، أما أصلها فمن بلاد المغرب العربي.
حيث اتخذ الشيخ أحمد التيجاني مدينة فاس مقرا له، ومن هنا انبثقت الطريقة التيجانية إلى سائر بلاد العالم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا .
ثالثا: الطريقة الشاذلية:
أسسها الشيخ أبو الحسن علي الشاذلي المولود سنة 1196م، وكانت وفاته سنة 1258م، وقد دخلت الشاذلية في الغرب الإفريقي-وتحديدا في موريتانيا- منذ وقت سحيق، وليس أقدم منها في أرض الصحراء إلا القادرية، بل إن بعض الباحثين يرى إن الشاذلية أقدم من حيث الوصول .
والشاذلية تأتي من حيث الانتشار في الغرب الإفريقي بعد التيجانية والقادرية، لأن الشاذلية طريقة الفقهاء، وتوجد عدة فروع للشاذلية في الغرب الإفريقي، منها، الشاذلية الناصرية التي أسسها محمد بن ناصر الدرعي، الذي أوصل أتباعه الطريقة إلى موريتانيا، ومن أهم رموز الناصرية الشاذلية المرابط محمد بن فال ولد متالي الذي توفي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وكان أحد أساطين العلم والفقه ومؤلف الكثير من كتب تفاسير القرآن الكريم.
وتفيد بعض المصادر التاريخية، أن شيخا يدعى الشيخ علي الصوفي (1828-1912م) ينحدر من قبيلة فوتا جلو الفلانية، وهو أحد دعاة الإصلاح الديني بالمنطقة قد التقى أثناء زيارته لمدينة فاس المغربية بالشيخ محمد العربي الدرقاوي، ومن خلال هذا الشيخ انتشرت الطريقة الشاذلية في غرب إفريقيا مع بقية الطرق الصوفية جنبا إلى جنب، وقام الشيخ علي الصوفي مع مريده وأتباعه بإنشاء كثير من الزوايا في المنطقة نفسها، ومن أشهر هذه الزاويا: زاوية غومبا، ووانداما، وجاوية الواقعة في غينيا، وكان لهذه الجماعة أدوار عظيمة على عدة صعد: فقد قاوموا الاستعمار الفرنسي في بلادهم، وعلى الصعيد الديني والتعليمي أسهموا في نشر الإسلام والثقافة العربية في غرب إفريقيا.
فهذه هي أهم الطرق الصوفية المغربية الموجودة في غرب إفريقيا، وجدير بالذكر أن الغالب من مشايخ الطرق الصوفية في بلاد غرب إفريقيا لهم اتصال روحي بالطريقة الجزولية عن طريق اقتناء كتاب (دلائل الخيرات) لمؤلفه سيدي محمد الجزولي، حيث هو معتمدهم في ذكر الصلوات الشريفة ليلتي الاثنين والجمعة بأسانيد متصلة إلى صاحب الكتاب .
وهذا غيض من فيض، ذكرته عن الطرق الصوفية في بلاد غرب إفريقيا، والتي لايمكن لأحد أن ينكر فضل بلاد المغرب وعلمائها وجهودهم في نشرها وتمكينها.
أشكركم على حسن استماعكم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

—————-

الحوامش

1  – انظر: جارا،الحسن عمر الفاروق،الاوضاع السياسية وانعكاساتها على المسلمين في غرب افريقيا (رسالة الماجستير)
المعهد العالي للدراسات الاسلامية،المقاصد،1994-1995م،بيروت،ص5.
2  – سورة الجمعة: الاية 2.
3  – ابن خلدون، المقدمة، دار المصحف بالقاهرة، ص : 333.
4  – سورة الجمعة : الإية 2.
5  – ابن هشام ، السيرة النبوية ، تح. المصطفى السقا، و إبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ الشلبي، ص 312-322
6  – انظر: عثمان برايما باري، جذور الحضارة الإسلاميةفي غرب

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *