مداخلة الشيخ عبد الحفيظ ونتزل المسلم الألماني، ممثل الطريقة النقشبندية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، حمدا يكافئ نعمه، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
بعد خروجي من بلاد الشام الشريف إلى بلادكم بلاد الملوك الأشراف الأدارسة هداهم الله وأمدنا ببركاتهم الدائمة، وصلى الله على سيدنا محمد الحبيب المحبوب شافي العلل ومزيل الكروب، علام الغيوب الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، الناصر الحق بالحق الهادي إلى الصراط المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
أحييكم بتحية عامة وخاصة أيها الإخوة من شيخنا شيخ الطريقة النقشبندية العلية الشيخ عادل الحقاني، خاصة بعد أن فقدنا مولانا الشيخ محمد الحقاني رحمه الله .
لست عربيا ولست عالما ولست متكلما ولا تواخذوني إذا أخطأت في اللغة، وأقول بسم الله الرحمن الرحيم سأتكلم عن بعض ملاقاتي مع بعض أحبابنا في الطريقة الدرقاوية البصيرية بعد إذن من الشيخ مولاي اسماعيل.
أول ما سمعنا عن هذه الزاوية أن الشيخ المصطفى البصير رحمه الله كان في أحد اللقاءات مع بعض أحبابنا، وهو الشيخ عبد الله كندلر، وهو من قدماء مريدي الشيخ ناظم النقشبندي رحمه الله، وهو كان يحب الصالحين وسافر إلى بلاد المغرب ورجع وأخبرنا أنه وجد جماعة طيبة ومشايخ مخلصين منورين وذكر لنا أشياء عجيبة، ودخل إلى قلبي الشوق لزيارة الزاوية البصيرية، الحمد لله الذي حقق لي مناي وأتاح لي هذه الفرصة بعد توصلي بدعوة كريمة لحضور أشغال هذه الندوة الصالحة وأشكرك جميع المسؤولين والمنظمين، وخاصة مولاي إسماعيل.
وكان هذا اللقاء مع الشيخ عبد الله قبل خمسة وعشرين سنة، وكان له أخ اسمه عبيد كيندر، كان رجلا فاضلا، وكان يحب العزلة والخلوة، واشترى منزلا في الأندلس، واعتزل عن الناس في الخلوة، وفي ذكرى ليلة الإسراء والمعراج النبوي الشريف لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم توفي ساجدا لله، اللهم انفعنا ببركة هؤلاء المخلصين، ونرجوا من الله أن تكون عاقبتنا مثلهم.
بعد هذا السماع الأول بالزاوية، جاءت المرة الثانية، حيث سمعت أن فضيلة الشيخ محمد بصير، وأنا كنت أظن أن البصير لقب لأنه من أهل البصيرة، وما كنت أعرف أنه هناك عائلة كبيرة لأهل البصير، وربما كان أصل الاسم هذا أنه من أهل البصيرة.
شاء الله أن ألتقي في السنة الماضية مع الأخ الفاضل الذي حضر الندوة الشيخ جبريل حداد، هذا الرجل سافر سابقا إلى المغرب ورافق الشيخ محمد المصطفى بصير رحمه الله في رحلته إلى الشام وإلى قبرص لزيارة سيدنا مولانا الشيخ محمد ناظم رحمه الله، وحصل اللقاء بين الشيخين، لقاء المودة والمحبة.
وبعد وفاة مولانا الشيخ ناظم، كان من أول من أرسل العزاء هم إخواننا من الطريقة البصيرية.
قبل هذه الفترة كنت أسكن بألمانيا، وكانت لنا زاوية، ليست مثل زاويتكم، عندنا زاوية فيها عشرين عائلة تقريبا، نجتمع فيها مرتين في الأسبوع، وجاء الخبر أنه سيحضر معنا الشيخ المصطفى البصير، وكان مسافرا إلى هولندا وإلى فرنسا، وعلى الطريق في ألمانيا أقام عندنا ليلة، وكنا جد خجلين لحضور شيخ الطريقة عندنا، فهو ليس مقدما أو وكيلا عن الشيخ، فهو شيخ الطريقة البصيرية بنفسه، حضر في الزاوية ونحن حوالي خمسة عشرة شخصا، فحرنا كيف نستقبله؟.
اتصلوا بنا مع صلاة الظهر والشيخ سيصل مساء، فطلبنا من واحد متزوج من سيدة مغربية أن يعد للشيخ أكلة مغربية، وكل واحد جاء بأكل من بيته، وصل الشيخ مع مرافقيه، وفاجأنا بتواضعه بالرغم من كثرة تلاميذه، فقلنا سبحان الله، هذا قطب التواضع، كان رجلا مبتسما متواضعا.
واستحيى أن يتكلم فقلنا يا شيخ احكي لنا كلمة، سبحان الله بعد الأكل والشاي. تفضل بالكلام، وبدأ يقص عن شخص صحراوي، ومن ثم استنتجنا أنه من الصحراء، فذكر لنا رجلا من فقراء الصحراء، أنه نوى الحج، فاحتار كيف يحج، وقد كانت نيته خالصة، فقصد مطار الدار البيضاء، ويسر الله له أمر الدخول إلى الطائرة، فاكتشف موظفو الطائرة أن هناك شخص زائد عن العدد، ففتشوا وفتشوا ولم يكتشفوه، وكذلك حصل الأمر بجدة، فقد ركب الحافلة معهم دون أن يكتشفوه ووصل إلى الكعبة ولم يعرفوا كيف وصل إلى الكعبة.
• ونقرأ الفاتحة أولا إلى روح سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وثانية إلى مشايخنا الكرام الذين هم وسيلتنا إلى رسول الله عيه الصلاة والسلام وخاصة إلى من له السبب في هذه الندوة الشيخ محمد البصير.
ومرة أخرى اجتمعت مع سيدي الشيخ مصطفى بصير في الشام، رحمه الله وكان اجتماع المحبة، فدعوناه إلى بيتنا بجبل قاسيون بدمشق، فاعتذر نظرا للمرض الذي كان يعانيه في رجله، ورغم ذلك أجاب دعوتنا، وكان هو في ضيافة الشيخ أحمد الحقاني رحمه الله شيخ الطريقة النقشبندية مفتش سابق في سوريا، وجلسنا معه جلسة المحبة والمودة وأكرمنا بكلامه الحكيم المقبول، وتعليقا على دور محمد البصير ودور الصوفية عامة في الجهاد ضد الظلم، أقول: عندما أخذ شيخنا الشيخ ناظم لقب الحقاني سئل عن معنى الحقاني، قال: ليس نسبة إلى عائلة أو بلد، وقال: إن الحقاني هو الذي لا يرضى بظلم أبدا، وهذه صفات الصوفية، نفعنا الله ببركاتهم وجعلنا معهم في الدنيا والآخرة على قدم حبيبك المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشكرا لكم جميعا، والفضل من الله، ونرجو أن يكون هذا الملتقى ملتقى الأرواح والقلوب، والحمد لله رب العالمين.