مداخلة الشيخ محمد منصور، عضو المجلس الإسلامي بغينيا كوناكري
بمناسبة المؤتمر الصوفي العالمي، المنعقد بالملكة المغربية، بزاوية الشيخ إبراهيم البصير، بتاريخ 16 و17 يونيو 2014م الموافق لـ 18 و19 شعبان 1435هـ.
الحمد لله ولي الصالحين، القائل: ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، اتخذ من عباده الصالحين أولياء مخلصين، والصلاة والسلام على النبي محمد خير الأنام أجمعين وعلى آله وصحبه الأئمة الأعلام وسلم تسليما كثيرا،
صاحب المعالي العامل على إقليم أزيلال،
صاحب الفضيلة شيخ الزاوية البصيرية الشيخ إسماعيل البصير.
صاحب الفضيلة رئيس الجلسة، أصحاب الفضيلة العلماء و مشايخ الطرق الصوفية.
أيها الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، اسمحوا لي أصحاب الفضيلة أن أعبر لكم عن الفرحة الغامرة التي هزت مشاعر الشعب الغيني عموما ومشايخ الطرق الصوفية على وجه الخصوص بمناسبة الزيارة المباركة التي قام بها جلالة الملك العظيم القدر محمد السادس أعزه الله ورعاه، إلى بلده الثاني جمهورية غينيا خلال شهر مارس الأخير، تلبية لدعوة أخيه في الإسلام، الرئيس البروفيسير الحاج الفاكندي حفظه الله، فقد كانت الزيارة مناسبة عظيمة أشعلت نور الصوفية السمحة من جديد.
وإن بلادنا غينيا المسلمة كانت ولا تزال موطنا للطرق الصوفية التيجانية والقادرية، وإن كل أمرائنا ومشايخنا الذين قاوموا المستعمرين المبشرين، كانوا جميعا صوفية على المذهب المالكي، ونذكر منهم على سبيل المثال: الإمام ساموري توري، والفايحي جالو، والإمام بوبكر بيرو، والشيخ عمر الفوتي، وكراموخو سنكر جابي الطوباي.
وبسبب هذه الطريقة الغراء صار المسلمون مسالمين ومربين وموجهين للأخلاق والآداب والشمائل الحسنة، والأذكار عموما تعد سببا في استتباب الأمن والسلام منذ عهود الآباء والأجداد.
وما زالت هذه الطرق الصوفية ضاربة جذورها في أعماق التاريخ وموطدة للعلاقات بين الشمال والغرب في إفريقيا، ومما لا شك فيه أن الطرق الصوفية السائدة في جمهورية غينيا تقتصر على التيجانية والقادرية، وكلتاهما وصلتنا مباشرة أو غير مباشرة من المملكة المغربية.
فالطريقة التيجانية وصلتنا من سبل عديدة أهمها سبيل الحاج الشيخ عمر الفوتي، كلها مرتبطة مباشرة بالشيخ أحمد التيجاني نور الله تعالى ضريحه.
وأما الطريقة القادرية فقد وصلتنا بواسطة آل البيت في موريتانيا، أعني بذلك بيت الشيخ محمد الفاضل، والشيخ سيدي الكبير، والشيخ الكنتي.
ومما لاشك فيه أيضا أن المملكة المغربية والجمهورية الموريطانية وغيرها في العهد البعيد وقبل التقسيم الاستعماري البغيض، كانتا جزءا واحدا في جسد الأمة الإسلامية، وهذا يعني أن الدولة الغينية مريدة للدولة المغربية في الميدان الصوفي.
وأكبر شيء يجمع بلادنا بالمغرب، هو كتاب دلائل الخيرات للشيخ الجزولي المغربي، فهذا الكتاب من أكبر ما يتداوله المسلمون في بلادنا تقربا إلى الله تعالى، صباحا مساء، وتيامنا بتلاوته عند الدعاء في الحوادث الصغيرة والكبيرة.
وهذه الطرق الصوفية موزعة على النحو التالي في غينيا:
الصوفية من قبيلة الفلاتة وجزء من المانِنْكا وقبيلة السوسو منخرطون في التصوف على الطريقة التيجانية.
وأما الطريقة القادرية فيسلكها أهل قبيلة جاخنكا والسرخولي وجزء من قبيلة السوسو.
ونظرا للظروف الراهنة وانتشار المذاهب الأخرى المضادة للصوفية، نرى أن الطرق الصوفية بدأت غصونها تذبل وأزهارها تضمحل، لهذا كانت فرحتنا عظيمة بهذه الزيارة الميمونة التي قام بها أمير المؤمنين إلى بعض الدول الإفريقية عموما وغينيا خصوصا.
ولهذا أقول غير مفنذ، أنه قد حان الأوان أن تقوم الطرق الصوفية من جديد بدورها الفعال بفضل الإمدادات والمساعدات والرعاية التي أسداها ويسديها جلالة الملك، فجلالة الملك، أمير المؤمنين بعناية من الله تعالى، حيثما حل حلت البركة، وحيثما ارتحل ترك وراءه خيرات لا تعد ولا تحصى.
صاحب المعالي، رئيس الجلسة، إن اللسان ليعجز عن التعبير عما يكنه الصدر من الحفاوة لحضورنا هذا الملتقى الكبير حول هذا العالم الرباني العظيم، محمد بصير تغمده الله بنعمه الجليلة.آمين والحمد لله رب العالمين.