من غشنا فليس منا
الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله حرم أكل المال بالباطل، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله القائل في سنته: (من غشنا فليس منا)(رواه مسلم)،
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله لعباده أجمعين: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً] (الأحزاب: 70).
عباد الله: في هذه الأيام يعيش أبناءنا وفلذات أكبادنا التلاميذ والطلبة يعيشون هموم الامتحانات النهائية فنسأل الله العظيم أن يعينهم وأن يشرح صدورهم وأن ينور قلوبهم.
فيا معاشر الطلاب والطالبات: خير الوصايا وأنفعها وأصلحُها وللخير أجمعها: الوصية بتقوى الله عز وجل؛ فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل العسير يسيرًا وأتاه خيرًا كثيرًا.
فخذوا بأسباب النجاح وأسباب الصلاح والتوفيق والفلاح، وأجمعها وأصلحها: أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، توكلوا على الله وفوضوا الأمور إلى الله، واعلموا أنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إلى الله، توكلوا على الحي الذي لا يموت وسبحوا بحمده، وكان يقول: “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”.
هذا أوان الجد والاجتهاد فاجتهدوا ولكن الله في أنفسكم، الله في أرواحكم وأجسادكم، اتقوا الله في نفوسك (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) البقرة: 195. لا تحملوا النفوس ما لا تطيق من السهر والتعب؛ فإن الله سائلكم عن هذه الأرواح وهذه الأجساد.
معاشر الطلاب والطالبات: إياكم والغش والتزوير فإنه خيانة وبئس البطانة، فمن كانت حياته على الغش سلبه الله الخير في دنياه وأخره قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “من خادع الله يخدعه الله”.
فمن نجح بالزور والغش والتدليس؛ فإن الله يمكر به ويعاقبه في دنياه قبل أخراه إلا من تاب فيتوب الله عليه.
فمما يحز في النفس أن ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، في جميع المستويات التعليمية بدون استثناء وبصورة خاصة في الامتحانات الإشهادية وفي الامتحانات الجهوية وعلى الخصوص في الباكالوريا . بل إن بعض التلاميذ والطلبة أصبحوا يعتبرون الغش حقا مشروعا لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، وإن من لم يغش فهو معقد ومتخلف وجامد الخ.. تلك الألقاب. و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الصداقة ولا التعاون. ولا أبالغ إن قلت: إن ظاهرة الغش قد تسرّبت حتى عند بعض المدرسين والمراقبين سامحهم الله. ولعل من أسباب الغش في الامتحانات يمكن أن نذكر ما يلي:
1- ضعف الإيمان: فالقلوب إذا ملئت بالإيمان بالله لا يمكن أن تقدم على الغش وهي تعلم أن ذلك يسخط الله. لا يمكن للقلوب التي امتلأت بحب الله أن تقدم على عمل وهي تعلم أنه يغضب الله.
2- ضعف التربية: وهده مسؤولية الوالدين وحتى المدرسين أو المرشدين. فلا نرى أباً يجلس مع ابنه لينصحه و يذكّره بحرمة الغش، و يبين له أثاره وعواقبه، بل من الآباء من يساعد ابنه على الغش مع سبق الإصرار بان يقتني له آخر المبتكرات في مجال الغش ومنهم من يستجدي المراقبين من اجل تمكين ابنه من الأجوبة وحتى شرائها إن اقتضى الأمر…
3- تزيين الشيطان:
فالشيطان يزين لكثير من الطلاب أن الأسئلة سوف تكون صعبة، ولا سبيل إلى حلّها والنجاح في الامتحانات إلا بالأحجبة والغش. فيصرف الأوقات الطويلة في كتابة الأحجبة أو في نسخ الدروس وتصغيرها الى الحجم الصغير الذي يمكن دسه واخفائه عن المراقبين، بل يصل ببعضهم الجهل الى درجة استعمال التقنيات الحديثة والتكنولوجية بهدف الغش ليس الا ،والتفنن في الطرق والأساليب الاحتيالية بدلا من الاجتهاد والتحصيل والتركيز.
4- الكسل وضعف الشخصية:
فترى كثير من الطلاب يرى زملائه من بداية العام وهم يجدّون ويذاكرون ويهيئون أنفسهم للامتحان الأخير، و هو لا هم له إلا اللعب و المرح. فإذا ما جاءت الامتحانات النهائية تراه يطلب المساعدة، و يطلب النجاح ولو كان على ظهور الآخرين، ولو كان ذلك بالغش. إن الغش هو حيلة الكسول، وهو طريق الفاشلين. وهو دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه وجهده واستذكار دروسه لوحده، ومن ثم الإجابة معتمداً على مذاكرته.
5- الخوف من الرسوب:
فإن الخوف من الفشل والخوف من الرسوب يسبب قلقاً مستمراً لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة. ولكن أي نجاح هدا ان كان مبنيا على الغش.
إخوتي في الله، إن الغش في الامتحان تزوير ممقوت، وخُلُق سمج، وتطبع إجرامي، بل إن الغش جريمة في حق المجتمع، لأننا نخرج طلاباً زوراً وبهتاناً، ولأننا سنخرج أطباء مزوَرين ومهندسين مزوَرين بل ومعلمين مزوَرين، فيموت الإبداع في كل مجال، ويولى الأمر إلى غير أهله، فتشيع الخيانة، وينتشر الضعف في كل مجال، فيُعلى علينا ولا نعلو، ونُهزم ولا ننتصر، لأن مراكز العلو، ومراكز الإنتاج قد تولاها غشاشون مزوَرون لا كفاءة لديهم، ولا إبداع.
نعم، هذا هو مآل التزوير والغش في الامتحان، فلا تحسبوه هينا يا عباد الله، فإنه عظيم جَدُ عظيم، وإن من يكشف غاشاً في قاعة الامتحان، أحسبه أنجد الأمة من مِعْوَل هدم سيهدم بناءها في المستقبل القريب، بجهله وكسله وتفريطه، ثم بغشه وتزويره.
عباد الله ان الغش كما قلنا له أشكال متعددة، و يدخل في مجالات شتى، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمة، و ذ لك لعظيم أثره و شره.
و من ذلك:
1- أنه سبب لتأخر الأمة، وعدم تقدمها وعدم رقيها، و ذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب المتعلم، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش، فقل لي برأيك: ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون؟
ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم؟ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة؟
لا شيء، بل غاية همه؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته ورزقه. لا همّ له في تقديم شيء ينفع الأمة، أو حتى يفكّر في ذلك. وهكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها.
2- أن الغاش غداً سيتولى منصباً، أو يكون معلماً، وبالتالي سوف يمارس غشه للأمة، بل ربما علّم طلابه الغش.
3- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات -إضافة إلى جريمة الغش- منها السرقة، والخداع، والكذب، وأعظمها الاستهانة بالله، و ترك الإخلاص، و ترك التوكل على الله..
4- أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزوّرة، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراماً، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
عباد الله لاشك ـن خطبة واحدة، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم. لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة، كل بحسب استطاعته و جهده. فالأب في بيته ينصح أبنائه ويرشدهم ويحذّرهم بين الحين والآخر. والمعلم والمرشد في المدرسة والجامعة كل يقوم بالوعظ، والإرشاد.بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة وأسبابها و كيفية العلاج لها.ولا يفوتني ان أذكّر ببعض الأمور التي أرجو من الله أن تكون سبباً في الحد من هذه الظاهرة.
أخي الكريم:تذكّر قول الرسول صلى الله عليه و سلم: «من غش فليس منا» رواه البخاري. لاحظ أن الرسول قال: «من غش» ليشمل كل صور الغش، كبيره وحقيره، ، فكل ذلك داخل في الحديث. فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه و سلم؟ تذكّر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العالم، ألا و هي الإخلاص لله؛ وذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همّك هو الدرجات والشهادة فقط، وهل تدري أي خطر في هذا؟
تذكر قول المولى عز وجل {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} .فكم من طالب لو وقف المراقب بجواره لأصبح قلبه يرتجف، وأوصاله تضطرب، والعرق يتحدر من جبينه. ولكن إذا ابتعد المراقب جاءت النظرات، وجاءت المحاولات للغش والخداع.
أو ليس حاله يقول:
يا رب أنت عندي أهون من هذا المراقب.
يا رب أنا أخشي المراقب أعظم وأكثر منك.
تذكّر أن الشهادة التي تحصل عليها والتي سوف تتوظف بها هي شهادة مزوّرة، وبالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراماً.سوف يكون مالك من حرام، وسوف تغذي أبناءك بالحرام، وزوجتك بالحرام.
إخوة الإسلام إن تمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية.
إن المراقب إذا أمكن أحداً من أولئك المهملين الفاشلين في دراستهم إذا مكنهم من الغش فأخذ درجة نجاح يتقدم بها على الحريصين الجادين كان ذلك ظلماً لهؤلاء الحريصين الجادين وكان ذلك ظلماً للطالب الغاش وهو في الحقيقة مغشوش حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل بها على ثقافة ولا علم ليس له من الثقافة والعلم سوى هذه البطاقة التي يحمل بها شهادة مزيفة لا حقيقية إن تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة وخيانة للوزارة والمجتمع ككل .
وإن تمكين الطالب من الغش أو تلقينه الجواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع وهضم لحقه حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق ويبقى مجتمعنا دائماً في تأخر لأن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغاً له هيناً في نفسه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة
إن على المراقب أن لا يراعي شريفاً لشرفه ولا قريباً لقرابته ولا غنياً لماله إن عليه أن يراقب الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور عليه أن يؤدي الأمانة كما تحملها لأنه مسؤول عنها يوم القيامة ولربما قال مراقب إذا أديت واجب المراقبة إلى جنب من يضيع ذلك فقد أرى بعض المضايقات فجوابنا عليه أن نقول اتق الله تعالى فيما وليت عليه واقرأ قول الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)، الطلاق: من الآية2، وقوله ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)، الطلاق: من الآية4، وقوله (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)، هود: من الآية49.
أيها المسلمون: إن الواجب على كل أب أن يزرع في ابنه حب التفوق لأنه لبنة بناء في مجد الأمة، لأنه مصدر إنتاج في الوطن الإسلامي، لأنه مشعل تستضيء به الأمة في هذا الظلام الدامس الذي انتابها في هذه العهود.
نعم، كيف نبني؟ وكيف نصنع؟ وكيف نعلم ونطبب ونهندس؟ وكيف نخطط وننتج؟. إذا لم يتربى أبناؤنا على حمل هم المجتمع، بل الأمة كلها، منذ نعومة أظافرهم، حتى حملهم للشهادة التي يبتغي هم و أسرهم.
نعم، علينا أن نحيي في نفوس أبنائنا أنهم بناة المجد، وهامة العلو، والقوة التي ننتظرها، والحصن الحصين الذي تتحصن به الأمة. ليس الهدف مجرد شهادة ووظيفة وراتب عالٍ ومنصب، بل الهدف أشد رفعة من سمو الجبال الراسخة.
إذن ندرس من أجل الإنتاج، ندرس من أجل أن يكون الواحد منا بنَّاء لمجد أمة الإسلام، لا يكن هم الواحد منا من الآباء والطلاب مجرد تحصيل الدنيا ونيل أجرها ونعيمها، فإن الله قد تكفل بالرزق، عند الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اهره عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اهَ عليه وسلم: “مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ”.
اللهم إنا نسألك التيسير، اللهم يسر أمورنا واشرح صدورنا، ووفق أبناءنا وبناتنا، اللهم اجعلهم مشاعل النور والهداية، وخذ بهم إلى سبيل الرضا والولاية يا أرحم الراحمين.
بعد ايام قلائل سيحلُّ علينا ضيفٌ عزيز، وزائرٌ عظيم، يُظِلُّنا مرةً كل سنة، ضيف حُقَّ لنا أن نستبشر به، ويهنِّئ بعضُنا بعضًا به، إنه شهرُ رمضان المبارك، الذي كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبشِّر صحابتَه بقدومه، فيقول لهم: “أتاكم رمضانُ، شهرٌ مبارك، فرَضَ الله – عز وجل – عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدة الشياطين، لله فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرم الخير كله”؛ صحيح سنن النسائي.
فهنيئًا لمن أدرك رمضان، وبُشرى لمن بلَّغه اللهُ رمضانَ، قال ابن رجب: “كيف لا يُبشَّر المؤمنُ بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يُغَلُّ فيه الشيطان؟! من أين يشبه هذا الزمانَ زمان؟!”.
فمن فضْل الله عليك، ومحبتِه لك: أنْ نَسَأَ في حياتك، حتى تتزوَّد من خير رمضان هذه السنة؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون)، يونس: 58، فلا يظفر بنعمة إدراك رمضان، والاغتراف من خيراته، إلا المبشَّرون برحمة الله.
فافرحْ بقدوم رمضان، واستعدَّ له بترك المعاصي، ومضاعفة القربات، والإخلاص في الطاعات، فكم من متشوفٍ إليه أقعده عن صيامه المرضُ! وكم من منتظِرٍ له باغتَهُ الموتُ وألمَّ به الأجل فهذه فرصتك في رمضان، حيث أخبر المعصوم – صلى الله عليه وسلم – بأنه إذا جاء “فتِّحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين”؛ متفق عليه، وهو محمول على الحقيقة؛ ليعظم الرجاء، ويكثر العمل، وتقل المعاصي، وتحبس الشياطين عن أذى المؤمنين وإغوائهم.
فمن رُحم في شهر رمضان فهو المرحوم، ومن حُرم فهو المحروم، ومن لم يتزود منه لآخرته فهو المذموم الملوم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صعِد المنبرَ فقال: “آمين، آمين، آمين، قيل: يا رسول الله، إنك صعِدتَ المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين؟ فقال: إن جبريل – عليه السلام – أتاني فقال: من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، فقلت: آمين، قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار، فأبعده الله، فقلت: أمين، قال: ومن ذُكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت:آمين”؛ صحيح الترغيب.
فاستجِب لنداء: “يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر”، كفاك ما ارتكبتَ في رجب فلم تتب، وما اقترفتَ في شعبان فلم تُقلع، فهذا رمضان فاتَّق الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
اللهم وفق وانصر ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحـب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، واحفظه في ولي عهـده المولى الحسن وشد أزره بأخيه المولى الرشيد وأسرته وشعبه.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه..
اللهُمَّ إنّا دعوناكَ فاسْتَجِبْ لنا دُعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتوفّنا وأنت راضٍ عنّا، اللهمَّ من أحييته منّا فأحيهِ على الإسلام ومن توفّيتهُ منّا فتوفَّهُ على كاملِ الِإيْمان، اللهمّ لا تدعْ لنا في يومنا هذا ذنّبًا إلا غفرته ولا مريضًا إلا شفيته يا أرحم الرّاحمين، اللهُمَّ إنّا نسألك التُّقى والنَّقى والعفافَ والغِنى، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك الصّالحين، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك المتخلقين بأخلاق نبيك المصطفى وشمائله العظيمة. اللهُمَّ أكرمنا برؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم في المنام وشفِّعه فينا، اللهُمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنَّك سميع قريبٌ مجيب الدعوات. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله حرم أكل المال بالباطل، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله القائل في سنته: (من غشنا فليس منا) (رواه مسلم)، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله لعباده أجمعين: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً] (الأحزاب: 70).
عباد الله: في هذه الأيام يعيش أبناءنا وفلذات أكبادنا التلاميذ والطلبة يعيشون هموم الامتحانات النهائية فنسأل الله العظيم أن يعينهم وأن يشرح صدورهم وأن ينور قلوبهم .
فيا معاشر الطلاب والطالبات: خير الوصايا وأنفعها وأصلحُها وللخير أجمعها: الوصية بتقوى الله عز وجل؛ فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل العسير يسيرًا وأتاه خيرًا كثيرًا.
فخذوا بأسباب النجاح وأسباب الصلاح والتوفيق والفلاح، وأجمعها وأصلحها: أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، توكلوا على الله وفوضوا الأمور إلى الله، واعلموا أنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إلى الله، توكلوا على الحي الذي لا يموت وسبحوا بحمده، وكان يقول: “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين“.
هذا أوان الجد والاجتهاد فاجتهدوا ولكن الله في أنفسكم، الله في أرواحكم وأجسادكم، اتقوا الله في نفوسك (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) البقرة: 195. لا تحملوا النفوس ما لا تطيق من السهر والتعب؛ فإن الله سائلكم عن هذه الأرواح وهذه الأجساد.
معاشر الطلاب والطالبات: إياكم والغش والتزوير فإنه خيانة وبئس البطانة، فمن كانت حياته على الغش سلبه الله الخير في دنياه وأخره قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “من خادع الله يخدعه الله“.
فمن نجح بالزور والغش والتدليس؛ فإن الله يمكر به ويعاقبه في دنياه قبل أخراه إلا من تاب فيتوب الله عليه.
فمما يحز في النفس أن ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، في جميع المستويات التعليمية بدون استثناء وبصورة خاصة في الامتحانات الإشهادية وفي الامتحانات الجهوية وعلى الخصوص في الباكالوريا . بل إن بعض التلاميذ والطلبة أصبحوا يعتبرون الغش حقا مشروعا لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، وإن من لم يغش فهو معقد ومتخلف وجامد الخ.. تلك الألقاب. و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الصداقة ولا التعاون. ولا أبالغ إن قلت: إن ظاهرة الغش قد تسرّبت حتى عند بعض المدرسين والمراقبين سامحهم الله. ولعل من أسباب الغش في الامتحانات يمكن أن نذكر ما يلي:
1- ضعف الإيمان: فالقلوب إذا ملئت بالإيمان بالله لا يمكن أن تقدم على الغش وهي تعلم أن ذلك يسخط الله. لا يمكن للقلوب التي امتلأت بحب الله أن تقدم على عمل وهي تعلم أنه يغضب الله.
2- ضعف التربية: وهده مسؤولية الوالدين وحتى المدرسين أو المرشدين. فلا نرى أباً يجلس مع ابنه لينصحه و يذكّره بحرمة الغش، و يبين له أثاره وعواقبه، بل من الآباء من يساعد ابنه على الغش مع سبق الإصرار بان يقتني له آخر المبتكرات في مجال الغش ومنهم من يستجدي المراقبين من اجل تمكين ابنه من الأجوبة وحتى شرائها إن اقتضى الأمر…
3- تزيين الشيطان:
فالشيطان يزين لكثير من الطلاب أن الأسئلة سوف تكون صعبة، ولا سبيل إلى حلّها والنجاح في الامتحانات إلا بالأحجبة والغش. فيصرف الأوقات الطويلة في كتابة الأحجبة أو في نسخ الدروس وتصغيرها الى الحجم الصغير الذي يمكن دسه واخفائه عن المراقبين، بل يصل ببعضهم الجهل الى درجة استعمال التقنيات الحديثة والتكنولوجية بهدف الغش ليس الا ،والتفنن في الطرق والأساليب الاحتيالية بدلا من الاجتهاد والتحصيل والتركيز.
4- الكسل وضعف الشخصية:
فترى كثير من الطلاب يرى زملائه من بداية العام وهم يجدّون ويذاكرون ويهيئون أنفسهم للامتحان الأخير، و هو لا هم له إلا اللعب و المرح. فإذا ما جاءت الامتحانات النهائية تراه يطلب المساعدة، و يطلب النجاح ولو كان على ظهور الآخرين، ولو كان ذلك بالغش. إن الغش هو حيلة الكسول، وهو طريق الفاشلين. وهو دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه وجهده واستذكار دروسه لوحده، ومن ثم الإجابة معتمداً على مذاكرته.
5- الخوف من الرسوب:
فإن الخوف من الفشل والخوف من الرسوب يسبب قلقاً مستمراً لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة. ولكن أي نجاح هدا ان كان مبنيا على الغش.
إخوتي في الله، إن الغش في الامتحان تزوير ممقوت، وخُلُق سمج، وتطبع إجرامي، بل إن الغش جريمة في حق المجتمع، لأننا نخرج طلاباً زوراً وبهتاناً، ولأننا سنخرج أطباء مزوَرين ومهندسين مزوَرين بل ومعلمين مزوَرين، فيموت الإبداع في كل مجال، ويولى الأمر إلى غير أهله، فتشيع الخيانة، وينتشر الضعف في كل مجال، فيُعلى علينا ولا نعلو، ونُهزم ولا ننتصر، لأن مراكز العلو، ومراكز الإنتاج قد تولاها غشاشون مزوَرون لا كفاءة لديهم، ولا إبداع.
نعم، هذا هو مآل التزوير والغش في الامتحان، فلا تحسبوه هينا يا عباد الله، فإنه عظيم جَدُ عظيم، وإن من يكشف غاشاً في قاعة الامتحان، أحسبه أنجد الأمة من مِعْوَل هدم سيهدم بناءها في المستقبل القريب، بجهله وكسله وتفريطه، ثم بغشه وتزويره.
عباد الله ان الغش كما قلنا له أشكال متعددة، و يدخل في مجالات شتى، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمة، و ذ لك لعظيم أثره و شره.
و من ذلك:
1- أنه سبب لتأخر الأمة، وعدم تقدمها وعدم رقيها، و ذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب المتعلم، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش، فقل لي برأيك: ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون؟
ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم؟ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة؟
لا شيء، بل غاية همه؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته ورزقه. لا همّ له في تقديم شيء ينفع الأمة، أو حتى يفكّر في ذلك. وهكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها.
2- أن الغاش غداً سيتولى منصباً، أو يكون معلماً، وبالتالي سوف يمارس غشه للأمة، بل ربما علّم طلابه الغش.
3- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات -إضافة إلى جريمة الغش- منها السرقة، والخداع، والكذب، وأعظمها الاستهانة بالله، و ترك الإخلاص، و ترك التوكل على الله..
4- أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزوّرة، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراماً، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
عباد الله لاشك ـن خطبة واحدة، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم. لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة، كل بحسب استطاعته و جهده. فالأب في بيته ينصح أبنائه ويرشدهم ويحذّرهم بين الحين والآخر. والمعلم والمرشد في المدرسة والجامعة كل يقوم بالوعظ، والإرشاد.بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة وأسبابها و كيفية العلاج لها.ولا يفوتني ان أذكّر ببعض الأمور التي أرجو من الله أن تكون سبباً في الحد من هذه الظاهرة.
أخي الكريم:تذكّر قول الرسول صلى الله عليه و سلم: «من غش فليس منا» رواه البخاري. لاحظ أن الرسول قال: «من غش» ليشمل كل صور الغش، كبيره وحقيره، ، فكل ذلك داخل في الحديث. فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه و سلم؟ تذكّر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العالم، ألا و هي الإخلاص لله؛ وذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همّك هو الدرجات والشهادة فقط، وهل تدري أي خطر في هذا؟
تذكر قول المولى عز وجل {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} .فكم من طالب لو وقف المراقب بجواره لأصبح قلبه يرتجف، وأوصاله تضطرب، والعرق يتحدر من جبينه. ولكن إذا ابتعد المراقب جاءت النظرات، وجاءت المحاولات للغش والخداع.
أو ليس حاله يقول:
يا رب أنت عندي أهون من هذا المراقب.
يا رب أنا أخشي المراقب أعظم وأكثر منك.
تذكّر أن الشهادة التي تحصل عليها والتي سوف تتوظف بها هي شهادة مزوّرة، وبالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراماً.سوف يكون مالك من حرام، وسوف تغذي أبناءك بالحرام، وزوجتك بالحرام.
إخوة الإسلام إن تمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية.
إن المراقب إذا أمكن أحداً من أولئك المهملين الفاشلين في دراستهم إذا مكنهم من الغش فأخذ درجة نجاح يتقدم بها على الحريصين الجادين كان ذلك ظلماً لهؤلاء الحريصين الجادين وكان ذلك ظلماً للطالب الغاش وهو في الحقيقة مغشوش حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل بها على ثقافة ولا علم ليس له من الثقافة والعلم سوى هذه البطاقة التي يحمل بها شهادة مزيفة لا حقيقية إن تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة وخيانة للوزارة والمجتمع ككل .
وإن تمكين الطالب من الغش أو تلقينه الجواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع وهضم لحقه حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق ويبقى مجتمعنا دائماً في تأخر لأن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغاً له هيناً في نفسه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة
إن على المراقب أن لا يراعي شريفاً لشرفه ولا قريباً لقرابته ولا غنياً لماله إن عليه أن يراقب الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور عليه أن يؤدي الأمانة كما تحملها لأنه مسؤول عنها يوم القيامة ولربما قال مراقب إذا أديت واجب المراقبة إلى جنب من يضيع ذلك فقد أرى بعض المضايقات فجوابنا عليه أن نقول اتق الله تعالى فيما وليت عليه واقرأ قول الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)، الطلاق: من الآية2، وقوله ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)، الطلاق: من الآية4، وقوله (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)، هود: من الآية49.
أيها المسلمون: إن الواجب على كل أب أن يزرع في ابنه حب التفوق لأنه لبنة بناء في مجد الأمة، لأنه مصدر إنتاج في الوطن الإسلامي، لأنه مشعل تستضيء به الأمة في هذا الظلام الدامس الذي انتابها في هذه العهود.
نعم، كيف نبني؟ وكيف نصنع؟ وكيف نعلم ونطبب ونهندس؟ وكيف نخطط وننتج؟. إذا لم يتربى أبناؤنا على حمل هم المجتمع، بل الأمة كلها، منذ نعومة أظافرهم، حتى حملهم للشهادة التي يبتغي هم و أسرهم.
نعم، علينا أن نحيي في نفوس أبنائنا أنهم بناة المجد، وهامة العلو، والقوة التي ننتظرها، والحصن الحصين الذي تتحصن به الأمة. ليس الهدف مجرد شهادة ووظيفة وراتب عالٍ ومنصب، بل الهدف أشد رفعة من سمو الجبال الراسخة.
إذن ندرس من أجل الإنتاج، ندرس من أجل أن يكون الواحد منا بنَّاء لمجد أمة الإسلام، لا يكن هم الواحد منا من الآباء والطلاب مجرد تحصيل الدنيا ونيل أجرها ونعيمها، فإن الله قد تكفل بالرزق، عند الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ”.
اللهم إنا نسألك التيسير، اللهم يسر أمورنا واشرح صدورنا، ووفق أبناءنا وبناتنا، اللهم اجعلهم مشاعل النور والهداية، وخذ بهم إلى سبيل الرضا والولاية يا أرحم الراحمين.
بعد ايام قلائل سيحلُّ علينا ضيفٌ عزيز، وزائرٌ عظيم، يُظِلُّنا مرةً كل سنة، ضيف حُقَّ لنا أن نستبشر به، ويهنِّئ بعضُنا بعضًا به، إنه شهرُ رمضان المبارك، الذي كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبشِّر صحابتَه بقدومه، فيقول لهم: “أتاكم رمضانُ، شهرٌ مبارك، فرَضَ الله – عز وجل – عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدة الشياطين، لله فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرم الخير كله”؛ صحيح سنن النسائي.
فهنيئًا لمن أدرك رمضان، وبُشرى لمن بلَّغه اللهُ رمضانَ، قال ابن رجب: “كيف لا يُبشَّر المؤمنُ بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يُغَلُّ فيه الشيطان؟! من أين يشبه هذا الزمانَ زمان؟!”.
فمن فضْل الله عليك، ومحبتِه لك: أنْ نَسَأَ في حياتك، حتى تتزوَّد من خير رمضان هذه السنة؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون)، يونس: 58، فلا يظفر بنعمة إدراك رمضان، والاغتراف من خيراته، إلا المبشَّرون برحمة الله.
فافرحْ بقدوم رمضان، واستعدَّ له بترك المعاصي، ومضاعفة القربات، والإخلاص في الطاعات، فكم من متشوفٍ إليه أقعده عن صيامه المرضُ! وكم من منتظِرٍ له باغتَهُ الموتُ وألمَّ به الأجل فهذه فرصتك في رمضان، حيث أخبر المعصوم – صلى الله عليه وسلم – بأنه إذا جاء “فتِّحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين”؛ متفق عليه، وهو محمول على الحقيقة؛ ليعظم الرجاء، ويكثر العمل، وتقل المعاصي، وتحبس الشياطين عن أذى المؤمنين وإغوائهم.
فمن رُحم في شهر رمضان فهو المرحوم، ومن حُرم فهو المحروم، ومن لم يتزود منه لآخرته فهو المذموم الملوم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صعِد المنبرَ فقال: “آمين، آمين، آمين، قيل: يا رسول الله، إنك صعِدتَ المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين؟ فقال: إن جبريل – عليه السلام – أتاني فقال: من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، فقلت: آمين، قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار، فأبعده الله، فقلت: أمين، قال: ومن ذُكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت:آمين”؛ صحيح الترغيب.
فاستجِب لنداء: “يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر”، كفاك ما ارتكبتَ في رجب فلم تتب، وما اقترفتَ في شعبان فلم تُقلع، فهذا رمضان فاتَّق الله. |
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
اللهـــــم وفق وانصر ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحـب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، واحفظه في ولي عهـده المولى الحسن وشد أزره بأخيه المولى الرشيد وأسرته وشعبه .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه..
اللهُمَّ إنّا دعوناكَ فاسْتَجِبْ لنا دُعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتوفّنا وأنت راضٍ عنّا، اللهمَّ من أحييته منّا فأحيهِ على الإسلام ومن توفّيتهُ منّا فتوفَّهُ على كاملِ الِإيْمان، اللهمّ لا تدعْ لنا في يومنا هذا ذنّبًا إلا غفرته ولا مريضًا إلا شفيته يا أرحم الرّاحمين، اللهُمَّ إنّا نسألك التُّقى والنَّقى والعفافَ والغِنى، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك الصّالحين، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك المتخلقين بأخلاق نبيك المصطفى وشمائله العظيمة. اللهُمَّ أكرمنا برؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم في المنام وشفِّعه فينا، اللهُمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنَّك سميع قريبٌ مجيب الدعوات. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.