الحقوق المشتركة بين المسلمين (2)

الحمد لله، الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمه، ورضي لنا الإسلام دينا، نحمده تعالى  ونشكره ونستغفره، ونستعين به ونتوب إليه،

ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلاهادي له،
ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه وخليله، جمع الله به الكلمة ووحد به الأمة، فكان خير رسول أرسل إلى الناس كافة، بشيرا ونذيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم اللقاء به،
أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون والمؤمنات، في الجمعة الماضية تحدثنا بإجمال عن الحقوق المشتركة بين المسلمين، التي جعلها الله تعالى ورسوله سببا لدوام الأخوة والوحدة بين المسلمين، وتوطيدا لرابطة الأخوة الإنسانية التي تجمع بين الناس أجمعين، تأكيدا لقول رب العالمين، في كتابه المبين: “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون”،
أيها الإخوة المسلمون والمسلمات، لقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن بين المسلمين حقوقا مشتركة بنبغي إظهارها والعناية بها في قوله صلى الله عليه وسلم: “حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ: إذا لقيتَه فسلّم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمّته، وإذا مرض فعُده، وإذا مات فاتّبِعه”،
فأول الحقوق هو إشاعة خلق السلام على من لقيت من المسلمين ابتداء، ورده على من سلم عليك، وذلك لما في إفشاء السلام من إشاعة المحبة والألفة بين أفراد المجتمع، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، فهل أدلكم على أمر إن فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”، وقال تعالى: “وإذا حُييتم بتحية فحيّوا بأحسنَ منها أو رُدوها”،
أيها الإخوة المؤمنون، إذا كان السلام شعارا لأمة الإسلام، فإن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نشيعه بيننا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يُسلِّم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير” وفي رواية عند البخاري: “والصغير على الكبير”،
ويدخل في السلام المصافحة، فقد حبب إليها الرسول عليه الصلاة السلام، عن سيدنا البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا”، وفي رواية أخرى أن ذنوب المتصافحين بالسلام تتحاث كما تحاث أوراق الشجر في الخريف،
وكما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم السلام عند ابتداء المجلس وملاقاة الناس كذلك شرعه عند مغادرة المجالس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلِّم فليست الأولى بِأَحقَّ من الآخرة”،
وقد كان من أدبه صلى الله عليه وسلم أنه يسلم على المسلمين ولو كانوا في مجلس مع المشركين، فعن أسامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلّم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة المؤمنون، إذا كان إلقاء التحية بالسلام شعارا للمسلمين، فإن رد السلام واجب وحق من الحقوق المشتركة بين المسلمين، لما يترتب عليه من تثبيت أواصر الأخوة والمحبة، وإرساء دعائم الإيمان بين الناس عامة وبين المسلمين خاصة،
وقد رتب الشارع أجرا مضاعفا على من يرد السلام، وصاحبه يفوز بالأجر والثواب ففي حديث رواه أبو داود والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “عشرٌ ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله, فَرَدّ عليه ثم جلس. فقال: عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون”.
فانظر أخي كم تضيع من الأجر جزاء عدم ردك للسلام على إخوانك،  جعلني الله وإياكم من الذين يرعون حقوق أخوة الإسلام، ويؤدون واجباتهم، ويمتثلون أمر ربهم  ونبيهم، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه أمين، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لا ينبغي الحمد إلا له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبوة والرسالة، وعلى آله وصحبه وكل من انتمى له، عباد الله ، من اتقى الله فاز برضى مولاه ومن جاءته موعظة من ربه فانتهى فأجره على الله،
أما بعد ما بالنا ننبهر عندما يسافر بعضنا إلى بعض الدول الغربية، ويجد أن إشاعة السلام ورده بين الناس أمر من أخلاقياتهم، وأنك لا تكاد يلتقى وجهك بوجه أحدهم حتى يكون هو الذي يبادرك بالإبتسامة والتسليم، في حين أننا ربما نلتقي بجيراننا وزملائنا في العمل، وإخواننا ولا نبادرهم بالتحية، وربما نصلي جميعا في صف واحد ولا يلقي أحدنا لأخيه تحية الإسلام التي بها نبرهن على ثبوت الإيمان، مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  الذي يقول: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، هل أدلكم على أمر إن فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”، أو حتى إذا سلموا لا نرد عليهم السلام، في حين أن السلام إذا كان من الأدب فإن رده واجب وحق فرضه الإسلام عليك تجاه كل من سلم عليك، كيفما كان،
فلنسع جميعا إلى أداء حقوق إخواننا علينا ومنها السلام ورده، ولنا في الجمع المقبلة إن شاء الله تعالى وقفات على الحقوق الأخرى من أجل بيانها، لحاحتنا اليوم إليها، حفاظا على أخوتنا.
فاتقوا الله عباد الله، وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
الدعاء…

 

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *