ابرام اتفاقية شراكة بين المجلس العلمي المحلي للرحامنة ومدرسة سيدي ابراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق
في إطار الأنشطة الثقافية والعلمية والتربوية التي دأبت مدرسة سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق على تنظيمها، ورغبة منها في ربط المزيد من جسور التواصل،
وانفتاحا من المؤسسة على محيطها للاستفادة من التجارب الرائدة، وبمناسبة زيارة المجلس العلمي المحلي لإقليم الرحامنة للمدرسة مرفوقا بجمعية الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم بابن كرير .
تم تنظيم ندوة علمية تحت عنوان : “سيادة وعظمة رسول الله صلى الله وسلم ” بقاعة المدرسة لفائدة طلبة المدرسة ومؤطريها، وذلك يوم السبت 23 ربيع الثاني 1436 الموافق لـ 14 فبراير 2015م ابتداء من الساعة الحادية عشرة صباحا، حضر هذا اللقاء العلمي أعضاء المجلس العلمي للرحامنة وجمعية الإمام ورش للقرآن الكريم والأطر الإدارية والتربوية وطلبة المدرسة، وقد أطر هذا اللقاء كل من مدير مدرسة سيدي ابراهيم البصير مولاي إسماعيل بصير، وفضيلة الأستاذ عمر ازدادو رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الرحامنة، و ترأس الجلسة الأستاذ محمد حافظ رئيس المجلس العلمي المحلي لأزيلال .
افتتحت الندوة العلمية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم للطالبة إيمان البوابي، تلميذة بالسنة الثانية ابتدائي عتيق، تلتها بعد ذلك كلمة للمشرف على المدرسة، رحب من خلالها بالحضور الكريم، وبين أهداف تنظيم هذه الندوة العلمية، وأكد من خلالها على أواصر الأخوة واللحمة الدعوية التي تجمع بين منطقة الرحامنة ومدرسة الزاوية البصيرية بسبب مقام ودعوة سيدي إبراهيم البصير مؤسس الزاوية بمنطقة الرحامنة قبل انتقاله لمنطقة بني عياط بأزيلال كما هو مذكور في كتب التاريخ.
ثم بعد ذلك أعطى مسير الجلسة الكلمة الى الأستاذ عمر ازدادوا رئيس المجلس المحلي لإقليم الرحامنة لإلقاء محاضرة تحت عنوان :”سيادة وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم”، وقد عالج في محاضرته القيمة ثلاثة محاور أساسية وهي كالآتي :
1. تمهيد:
أبرز من خلاله المحاضر منطلقات كل من الكتابة الإسلامية والكتابة الإستشراقية للسيرة النبوية، وإذا كانت الأولى تنطلق من القرآن والحديث، فإن الثانية بعيدة عن روح الإيمان بل تعتمد الحس والعقل، وإذا كان فهم السيرة النبوية يتطلب ثلاثة شروط وهي:
الشرط الأول : الإيمان واحترام المصدر الغيبي
الشرط الثاني : اعتماد حكم موضوعي بدون أحكام مسبقة
الشرط الثالث : ضرورة الإحاطة بعلوم التاريخ
وذكر بأن الغربيين متمكنين من الشرط الثالث، ويفتقدون للشرطين الأولين، وبالتالي فإن أبحاثهم في السيرة النبوية ستصل إلى نتائج خاطئة ومواصفات غير مواصفات النبوة والرسالة، وأوضح المحاضر أن الموقف الغربي تشكل في البداية على الحقد والكراهية فظهرت بحوث تحاملت على الرسالة وضمت شتائم لرجال الدين وللعلمانيين، وفي أعقاب عصر الإصلاح الديني أصبح المستشرقون ممن ينتمون إلى الكنيسة يتحاملون على الرسالة النبوية في دراساتهم إلا أنهم تجاوزوا كلمات القدح، وأشار إلى أنه سيعتمد في استشهاداته على هذه الفئة لإبراز عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلص إلى أن عيوب الدراسات الاستشراقية يتمثل في بعدها عن الموضوعية وتأثرها الكبير بالبيئة المعاصرة.
2. العظمة البشرية: فبعد تعريف العظمة لغة بكونها صفة مدح وكمال وأنها الكبرياء والسيادة، أشارة إلى أن العقاد في كتابه “عبقرية محمد” حصر العظمة البشرية في العبادة أو التفكير أو التعمير أو العمل والحركة، والرسول صلى الله عليه وسلم عظيم في كل هذه الجوانب، ثم أفاض المحاضر في استشهادات المستشرقين الغربيين من دراساتهم للإجابة عن السؤال المحوري: من هو أعظم عظماء التاريخ؟
فبدأ “بطوماس كارلي” الذي خلص في دراسة له: “أن محمدا يرى باطن كل شيء”. وغوتي الذي قال: “لا يمكننا الوصول إلى ما وصل إليه محمد”، واسترسل في عرض آراء المستشرقين الغربيين مراعيا معيار التسلسل التاريخي، وذلك بسرد ما توصلوا إليه، وذكر من بينها أنهم قالوا: أن محمدا عادل في معاملاته، وأنه يريد سيادة الإيمان لاسيادة السلطان، وأنه حكم بقدرة الله سبحانه.
وأشار بعد ذلك إلى كتاب “الإسلام الأصيل” لبرناردشوتة الذي طبع في سنة 1936، الذي خلص فيه صاحبه إلى أن محمدا منقذ البشرية، وأن محمدا أعظم عظماء التاريخ، حيث قضى على الأساطير، وأنه لا يوجد رجل في التاريخ إلا محمد.
وفي سنة 1974 وفي دراسة لمجلة “التايمز الأمريكية” حول ما هي مقومات القائد الأعظم؟ واستدعت للجواب عن هذا السؤال مجموعة من العلماء في مختلف التخصصات، حدد العالم اليهودي”جول ماسيمون juls maseman ” أن القائد ينبغي أن يحقق مصلحة للجماعة التي يقودها وأن يوفر لأتباعه نظاما يوفر الأمن لكل فرد وأن يكون قادرا على تصحيح المعتقدات، وأشار في نهاية بحته رغم يهوديته أن أعظم قائد في عصور التاريخ هو النبي محمد.
بعد ذلك بسط المحاضر صورا رائعة عن سر عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم باستشهادات من القرآن الكريم ، وذلك كقوله تعالى:”ورفعنا لك ذكرك” وقوله: ” ولسوف يعطيك ربك فترضى”، وسرد أمثلة أخرى من السيرة النبوية التي تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عظيما في تعامله مع أهل بيته ومع أصحابه وقومه ومع الأقوام الأخرى بل ومع ملوك عصره.
3- السيادة:
بعد تعريف مفهوم السيادة لغة والإشارة إلى الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تضمنت هذا المصطلح، أسهب المحاضر في الفتاوى التي عالجت موضوع إضافة لفظ السيادة في الصلاة والسلام على النبي المختار، والتي أجمعت على وجوب إضافتها، وقد عالج الأستاذ المحاضر ببراعة مسألة تواضع النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه لأمته كيفية الصلاة عليه.
وعلى هامش هذا النشاط الثقافي الذي تضمنت فقراته كذلك قراءة جماعية لطلبة مدرسة سيدي إبراهيم البصير للحديث النبوي الشريف، وقراءة لسورة الفاتحة لطلبة من المؤسسة باللغة الفرنسية، ووصلة إنشائية لبراعم المؤسسة، ثم توقيع اتفاقية شراكة بين المجلس العلمي المحلي لإقليم الرحامنة ومدرسة سيدي إبراهيم البصير الخاصة بالتعليم العتيق تلاها الأستاذ عبد الهادي بصير، أستاذ بالمؤسسة، وتناولت موادها مد جسور التعاون والتواصل الثقافي والعلمي بين المؤسستين، والتي سيتم البدأ في تفعيل فقراتها في القريب العاجل.
ووقعت الاتفاقية من طرف كل من المشرف على المدرسة ورئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الرحامنة، وختم اللقاء كما أفتتح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم و الدعاء الصالح لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره.