القضية الوطنية في صلب اهتمامات الزاوية البصيرية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده،
أيها الحضور الكريم
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: (يأيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
ويقول عز وجل: (يأيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). يأتي لقانا هذا تفعيلا لخطاب أمير المؤمنين، حفظه الله، الذي ألقاه في افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، والذي دعا فيه جلالته، نصره الله، كافة الفعاليات الوطنية إلى تعبئة مختلف الجهود لدحض مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية على كافة الأصعدة، حيث قال حفظه الله: “لذا أدعو الجميع مرة أخرى إلى التعبئة القوية واليقظة المستمرة والتحرك الفعال على الصعيدين الداخلي والخارجي للتصدي لأعداء الوطن أينما كانوا وللأساليب غير المشروعة التي ينتهجونها” انتهى كلام جلالة الملك، نصره الله.
وإدراكا من الزاوية البصيرية بدور أطر التربية والتكوين في غرس المواطنة الصادقة ونقش الذاكرة في أذهان الناشئة. ووعيا منها أن أطر التربية والتعليم هي القواعد التي تبني الأمة وتربط الخلف بالسلف من خلال إخلاصهم ووفائهم وتفانيهم في حب الوطن.
فإن الزاوية البصيرية تفتخر وتعتز بهذا التنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلا أزيلال لتنظيم هذه الندوة بمناسبة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال تحت شعار:
“القضية الوطنية في صلب اهتمامات أطر التربية والتكوين والزاوية البصيرية”.
معاشر الفضلاء،
يقول سبحانه وتعالى: -شهد الله أنه لا إله إلا هو وأولوا العلم قائما بالقسط) ويقول سبحانه وتعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).
إن أشرف ما يتمنى المؤمن أو المسلم أن يكون له نصيب في تبليغ الرسالة المحمدية، وهذا شرف عظيم لأسرة التربية والتعليم لتمثيل هذه الصفة، والتي من أجلها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان الناس يفتخرون بالإبداع والابتكار والصناعة وبما يحسنون، فإن رجال التعليم يصنعون الرجال أهل الإبداع والابتكار وأهل الصناعة. ولولا التعليم ما وصلت الأمم إلى ما وصلت إليه من تقدم وازدهار. إن الطاقة والقوة الروحية التي وهب الله عز وجل لرجل التربية والتعليم والتي بفضلها يستطيع أن يغير الإنسان من جاهل إلى عالم متبصر لهي أكبر قوة وأكبر طاقة، وإنها لصفة من صفات الخالق سبحانه وتعالى وبها رضي سبحانه أن يستفتح بها كتابه حيث قال الله عز وجل: (الحمد لله رب العالمين).
أيها الحضور الكريم،
إن الأمانة التي يتحملها رجال التربية والتكوين على عاتقهم كبيرة وجسيمة وخطيرة جدا، لا لأنهم اشتهروا بتعليم العلم ولا لأنهم حاملي شهادات عليا ورتب علمية رفيعة. ولا لأنهم يتقنون عدة لغات وبعض العلوم النقلية . بل أيضا بسبب مواقفهم الشجاعة وعطاءاتهم وإسهاماتهم في كل ما ينهض بالأمة من صون كرامتها وحفظ بيضتها ولم شملها ووحدة صفها والشهادة في سبيلها وتقديم نموذج المواطن الصالح الذي ينفع أمته .
أيها الحضور الكريم،
إن الأمة المغربية اليوم بحاجة ماسة لمن يوقد روح المواطنة الصادقة في نفوس أبنائها و بناتها. وهذا لا يمكن أن يقوم به ويؤديه بنجاح إلا في رجال التربية والتعليم الذين تشبعوا بها وصارت قلوبهم ممتلئة بها، وألسنتهم تلهج بها وحالهم يدل عليها . فهم أمل الأمة ومصابيح الهداية إلى الطريق القويم وهم الأمل في تجنيب الأمة الفتنة. وواجبهم اليوم أن يقوموا بتمتين المواطنة الصادقة في قلوب الرعية لنحقق جميعا كل الأهداف المولوية السامية وننهض بمغربنا الحبيب.
وإذا كان لقاؤنا هذا تفعيلا لمضامين الخطاب الملكي السامي، والذي كان فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله واضحا حيث قال حفظه الله: “إن قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد وإنما هي قضية الجميع مؤسسات الدولة والبرلمان والمجالس المنتخبة وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وجميع المواطنين” انتهى كلام جلالة الملك.
أيها الحضور الكريم
إن الزاوية البصيرية كانت دائما حاضرة في صلب القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية منذ كانت أراضينا الصحراوية مستعمرة من طرف الإسبان، فلا ننسى الدور الذي قام به ابن عمنا سيدي الحنفي بن سيدي محمد البصير دفين السمارة من عمل جبار في ربط الصلة بين أبناء عمومتنا وبين أل البصير الموجودين بشمال المملكة المغربية بالرغم من القيود الذي كان يفرضها المستعمر من رخص للعبور بين جهات المملكة المغربية شمالا وجنوبا.
كما لا ننسى ما قام به سيدي الحنفي ومولاي المختار بصير وسيدي العربي بصير رحمهم الله من أدوار خلال زيارات المبعوثة الأممية لتقصي الحقائق ‘سيمون أكي’ للتحقيق في قضية محمد بصيري. عمنا المناضل الذي فقد في انتفاضة العيون عام 1970م وهو يقود انتفاضته ضد اسبانيا.
والزاوية البصيرية منظمة هذا اللقاء بتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلا أزيلال دأبت منذ سنوات مضت بعقد ندوات دولية حول قضية الصحراء المغربية في مواضيع:
* حقوق الإنسان بين الحقيقة والاستغلال
* رجالات التصوف ودورهم الرائد في درء أسباب الخلاف والإختلاف
* محمد بصير إبن الأطلس المجاهد والصحراوي الموحد… وغيرها
وكل هذه الندوات كانت تهدف إلى خدمة قضيتنا الوطنية الأولى. وأسالت الكثير من المداد من قبل خصوم الوحدة الترابية.
أيها الأفاضل،
المطلوب منا جميعا أن تكون لنا أدان صاغية وقوة وحزم ويد، وهمم عالية مثلى، لا راحة ولا استراحة حتى نحقق ما يصبو إليه مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله حيث أكد في خطابه حيث قال حفظه الله: “وهنا يجب التذكير مرة أخرى بأن مصدر قوتنا في الدفاع عن صحرائنا يكمن في إجماع كل مكونات الشعب المغربي حول مقدساته” انتهى كلام جلالة الملك، حفظه الله.
أيها الحضور الكريم،
إن دعوة أمير المؤمنين لجميع مكونات الشعب المغربي لتضافر الجهود والدفاع عن الصحراء ليقتضي منا جميعا أن نستجيب لهذه الدعوة وأن نكون عند حسن ظنه كل من موقعه كيف ما كان حاله، ذكرا أو أنثى، كبيرا أو صغيرا، عالما أو متعلما، فلاحا أو تاجرا، عاملا أو أجيرا، في السهل أم في الجبل. نراهن على تعبئة شاملة لمغربية الصحراء، تنطلق بحول الله من قبيلة بني عمير الصامدة وبني موسى المجاهدة .
الصحراء مغربية، وعلينا إبراز القضية المغربية باعتبارها القضية الأولى للمملكة، والعمل على التعريف بها، والانخراط في الدفاع عنها. وتقديم كافة أشكال الدعم المعرفي والمعنوي وتشجيع وحدة الصف بتثقيف الأجيال . وتقديم شتى الوسائل بإقامة الندوات وتنوير الشباب، وتلقينهم دروسا حول القضية الأولى.
ابتداء من الاحتفالات بالأعياد الوطنية. وعلينا أن نتخذها مكسبا من مكاسب زرع الوطنية في الناشئة . ولا يجوز أن نتخذها أعيادا ونعطل فيها جميع المؤسسات التربوية، بل الواجب أن تكون أعيادا وعطلا داخل المؤسسات التربوية، وأضرب لكم مثالا من دولة الإمارات العربية في عيد الإتحاد.
أيها الحضور الكريم،
ختاما وانطلاقا من الشعار الذي اتخذناه لعقد هذه الندوة أحب أن أطرح هذه التساؤلات:
ما دام أمير المؤمنين انتدبنا للاهتمام بالقضية الوطنية والهجوم على الخصوم ماذا فعل كل واحد منا؟
وهل نحن فعلا في صلب القضية الوطنية؟
وهل نكون مرتاحين مطمئنين البال إذا ضاعت حبة رمل من أراضينا؟
فالجواب باللسان هو لا ولكنه بالحال نعم، فبسباتنا العميق اتجاه قضية وحدتنا الترابية نقول للخصوم وللأعداء خذوا راحتكم إن المغاربة في حالة غفلة عما يجري حول قضيتهم الوطنية الأولى فافعلوا ما شئتم . وإذا كان خطاب مولانا أمير المؤمنين أشار علينا أن نتحرك من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم.
فمن المفروض علينا أن نتخذها على رأس أولوياتنا، لأن قضية وحدتنا الترابية هي قضية جميع المغربة بكافة مكوناتهم وخصوصا – أطر التربية والتعليم – وذلك بالمزيد من الجهد واليقظة والتعبئة والمتابعة للناشئة ولعموم المواطنين اتجاهها . لأنه حفظه الله قال في خطابه الأنف الذكر إن الأمر لم يحسم بعد. وقال الله عز وجل: (إنما يستجيب الذين يسمعون).