ذكرى 11 يناير الوطنية دروس وعبر

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة وهو العزيز الحكيم، نحمده سبحانه وتعالى وبه نستعين، ونستهديه جل وعلا ونتوب إليه ونستغفره وهو الغفور الرحيم.

ونشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد والفرد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا، ونشهد أن محمد عبده ورسوله، ومصطفاه  وحبيبه، أرسله الله كافة للناس ورحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.. فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، لان تقوى الله نورٌ في القلب، وذخرٌ في المنقلَب وهي خير شيء نلقى به الله تعالى يوم لا ينفع مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

عباد  الله
بعد ايام قليلة وبالضبط في يوم الحادي عشر من يناير سيكون المغاربة قاطبة على موعد مع ذكرى عزيزة لا تنسى، ذكرى  حملت من المواقف البطولية ما يستحق التسجيل و التأمل و استخلاص العبر، ذكرى ستبقى ماثلة أمام عيوننا وستتحاكاها الاجيال جيلا بعد آخر  لأنها نابعة من الصميم، و تفرعت أغصانها فتمثلت دوحة وارفة الظلال، مخضرة على مدى الدهور و الأزمان.
اجل لقد شكل هذا اليوم من سنة  1944 منعطفا حاسما ومحطة مشرقة في مسلسل الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي من أجل الحرية والاستقلال ، ففيه قدمت عريضة المطالبة بالاستقلال لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس أكرم الله مثواه ، وسلمت نسخة منها للإقامة العامة وممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا بالرباط
وكان لتقديم تلكم الوثيقة الأثر البالغ والعميق في مختلف جهات المملكة إذ نزلت على الاستعمار البغيض نزول العقاب من السحاب، و النار من الشهاب، كانت الفترة الذهبية مناسبة كريمة تألقت فيها الوطنية و تلاحمت فيها العزائم، و تبلورت فيها الخطب و الكلمات، و قدمت فيها مصلحة الوطن على كل شيء و تجمهر فيها آلاف من أبطال الشعب المغرب في مدنه و قراه يفدون وطنهم بالنفس و النفيس، غير مبالين بما يلاقونه في سبيل ذلك، من تعذيب، و تنكيل، و حبس، و نفي، و تشريد, لا فرق في ذلك بين جميع المواطنين الذين تذرعوا بعزيمة فولاذية، و حماسة منقطعة النظير، و ألسنتهم تردد قوله تعالى : “و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”، و المظاهرات في كل مكان و رصاص الاستعمار يحصد الأرواح، و الوطنيون الصناديد في معركة الكفاح يتلون قوله تعالى : ” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا”,

ايها المسلمون
إن احتفاء المغاربة بهذا الحدث التاريخي البارز والراسخ في سجل الوطنية المغربية، ليأتي وفاء عرفانا برجالات الوطنية والشهامة، وتمجيدا للبطولات العظيمة التي صنعها أبناء هذا الوطن بروح وطنية عالية وإيمان صادق وواثق بعدالة قضيتهم في تحرير الوطن، مضحين بالغالي والنفيس في سبيل الانعتاق من نير الاستعمار وصون العزة والكرامة.

ويستحضر الشعب المغربي وهو يخلد هذه الذكرى المجيدة معتزا بحمولتها الوطنية ورمزيتها وقيمتها التاريخية الخالدة، ملاحم الكفاح الوطني في سبيل تحقيق الاستقلال والوحدة الترابية، واستلهام قيم الصمود والتعبئة الشاملة والالتحام الوثيق بين الشعب المغربي قمة وقاعدة، دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
فلقد وقف المغرب، عبر تاريخه العريق، بعزم وإصرار وتحد، في مواجهة أطماع الطامعين مدافعا عن وجوده ومقوماته وهويته ووحدته، ولم يدخر جهدا في سبيل صيانة وحدته، وتحمل جسيم التضحيات في مواجهة الاستعمار ، في سياق كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص من ربقة الاستعمار في تعدد ألوانه وصوره.

عباد الله
لقد كانت  وثيقة الاستقلال بشير خير و يمن و بركة ، جاءت تؤكد أن الحرية في ظل الملكية الدستورية هي وحدها السبيل القويم للوصول إلى ما يصبوا إليه المغاربة من عـــــــزة و كرامة و ازدهار في جميع الميادين، إذا ما تضافرت الجهود في سبيل الصالح العام.

عباد الله
مما لاشك فيه فان هذه الذكرى لها دروس وعبر ما احوجنا وما احوج ابناءنا والاجيال اللاحقة الى الاستفادة منها والاعتبار من دروسها .
و الدرس الأول:  هو أن  المغاربة عندما علموا آنذاك أن قوة الحق من قوة الله، وأن الباطل مهما كان مظهره فهو ضعيف. )ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ([الأنفال 18].. لجئوا إليه تعالى مستعينين به ومستنصرينه..فوقف الخطباء يذكرون الناس بفضل المجاهدين في سبيل الله تعالى ومنفقين وعصت المساجد بالناس، والتجأت النفوس إلى الله ونادت متبتلة:” اللهم إنا نستنزل نقمتك وعذابك للظالمين، نرجو منك المعونة للقوم المستضعفين، اللهم إن القوم من المستعمرين قد بغوا علينا، وسلبونا أموالنا وحريتنا وزعموا أنهم يخدمون بلادنا وأمتنا، اللهم أن أنت العليم بما في  نفوسهم…” فالاعتماد على الله تعالى هو مفتاح النصر والتأييد.. ونحن نحيي هذه الذكرى يجب استحضار عون الله تعالى وتوفيقه، والواجب أن نشكره تعالى على منه وفضله وكرمه.. فهو المتفضل علينا بهذا النصر وهو الموفق لنيل الاستقلال.. فإن نحن أدينا واجب الشكر فإن الله تعالى سيزيدنا نصرا وفضلا.. قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم7]، فعلينا ونحن نحتفل بهذه المناسبة ألا نعصي الله في احتفالاتنا.. حتى نعبر بالفعل على شكرنا وامتنانا لله تعالى..فدوام النعمة من حسن شكرها وتقديرها..

الدرس الثاني:انما هو الوحدة الإسلامية التي كان يتميز بها الشعب المغربي المجاهد، فقد كان الشعب ملبيا لنداء الحق الذي صدع به الملك معبرا عن ذلك بالمواقف الثابتة، والتضحيات الجسام، والبطولات الخالدة.. فقد جاء مدد الحق جل وعلا  وظهر في الانتصارات الباهرة التي حققها الشعب المغربي بيقين وثبات وعزم وطيد وجهاد مستميت..مستلهمين قوتهم وثباتهم من قول الله تبارك وتعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران139]، وقوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا*وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[ آل عمران173]، إن هذه الرابطة سيُكتب لها الدوام والاستمرار ما دام أصحابها  متمسكين بكتاب الله تعالى، محكمينه في كل حياتهم، عاضين على سنة نبيه المصطفى (ص) بالنواجد، وما داموا سائرين على نهج سلفنا الصالح المشهود لهم بالخير والصلاح.. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران 102] وبمناسبة قوله تعالى:(ولا تفرقوا) نذكر الحديث الذي رواه الإمام مسلم أن رسول الله (r) قال:{ إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم. ويسخط لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال}..
عباد الله،
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وأجرني وإياكم من عذابه المهين، وغفرلي ولكم لجميع المسلمين.. ادعوا الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، والحمد الله رب العالمين..

الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر

اخوتي في الله :
لازلنا في غمرة ذكرى مولد سيد الأنام عليه أتمّ الصلاة و السلام،وهو الذي يُعرف نفسه تعريفاً جامعاً مانعاً يقول: ((عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِيهِمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ )) الدارمي عن أبي صالح ]
ومما لا شك فيه فإن رحمة الله بالخلق ظهرت رحمة في قلب النبي للخلق، لذلك قال العلماء: أرحم الخلق بالخلق النبي عليه الصلاة و السلام.

أيها الأخوة الكرام ، إن رحمة النبي ليست رحمة الضعفاء البائسين لكنها رحمة الأقوياء الباذلين، النبي عليه الصلاة و السلام يقول:
(( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ؛ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ))
[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ ]
إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، فالشيء الذي يتميز به صلى الله عليه وسلم  تميزاً صارخاً هو الرحمة في قلبه، الرحمة التي اشتقها من الله من خلال اتصاله به، يؤكد هذا قول الله عز وجل:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾

فلــم يكن خلق الرحمة في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً يتولَّد من الرؤية أو المخالطة او تفرضه الوقائع وما يصاحبها من مشاعر، بل هو أعمق من ذلك بكثير. لقد كان هاجساً يتملكه وخلقاً يجري في دمه حين ينزل أمر من الله تعالى يخشى أن يشقَّ على أمته فلا يطيقونه، وهذا من أخصِّ أوصافه صلى الله عليه وسلم حين امتدحه ربه تبارك وتعالى بقوله: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالـمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوفٌ رَحِيْمٌ.)) وهذا ما عبَّر عنه صلى الله عليه وسلم صراحة في أكثر من حديث حين قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة). وقال عن الجهاد في حديث أبي هريرة أيضا: (لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حملة ولا أجد ما أحملهم عليه ويشق علي أن يتخلفوا عني). وحين سئل عن الحج أكل عام؟ قال: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم). وليلة أسري به فرض الله على أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة فرآه موسى عليه السلام وأمره أن يراجع ربه ليخفف منها حتى صارت خمساً وذلك خشية أن تشق على أمته ولا يؤدونها. وقصة الإسراء والمعـراج وفرض الصلاة بطولها عند الإمام مسلم.

وفي صلاة التراويح في رمضان صلى بهم ثلاث ليال ثم تركهم خشية أن تفرض عليهم وكان يخفف بهم الصلاة ويطيلها لنفسه، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في رمضان فخفف بهم ثم دخل فأطال ثم خرج فخفف بهم ثم دخل فأطال فلما أصبحنا قلنا: يا نبي الله جلسنا الليلة فخرجت علينا فخففت ثم دخلت فأطلت قال: (من أجلكم). وحين ذكر فتنة الدجال كان يقول لأصحابه أنه سيكون هو من يجادله لو خرج فيهم وهو حي وإن لم يكن حياً فإن كل امرئ مسؤول عن نفسه. لكن قلبه الرحيم لم يكن لينسى أن يستخلف الله تعالى على كل مسلم من هذه الفتنة العظيمة فقال صلى الله عليه وسلم: (إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم).

وكان صلى الله عليه وسلم يحب اليُسْرَ على الناس ويأمر به. قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي وهو مسرور طيب النفس ثم رجع إلي وهو كئيب، فقال: (إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي)… وكان مبعث خوف النبي صلى الله عليه وسلم أن تقع المشقة والتعب على الأمة لقصدهم الاتباع لرسول الله في دخول الكعبة وذاك لا يتيسر لغالبهم إلا بتعب ومشقة.

لقد كان يدعو الله تعالى لأمته كثيرا وفي الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة فأطال فيها فلما انصرف قلنا أو (قالوا) يا رسول الله أطلت اليوم الصلاة قال: (إني صليت صلاة رغبة ورهبة سألت الله عز وجل لأمتي ثلاثاً فأعطاني اثنتين وردّ عليّ واحدة. سألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها. وسألته أن لا يهلكهم غرقاً فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردّها عليّ). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني وعيسى  إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي) وبكى، فقال الله عز وجل: (يا جبريل اذهب إلى محمد -وربك أعلم- فَسَلْه ما يبكيك؟). فأتاه جبريل فسأله فأخبره صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله: (يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك).

لقد كان عليه الصلاة وأزكى التسليم رحيماً شفيقاً بأمته أجمعين. قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه ذات يوم شيئا من سورة النساء فلما بلغ قوله تعالى فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيْدَاً، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِيْنَ كَفَرُوا وَعَصَوا الرَّسُوْلِ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُوْنَ الله حَدِيْثَاً فقال صلى الله عليه وسلم: (حسبك). قال بن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. .

وكان يمنع أصحابه من الإكثار في المسألة لئلا يشدد الله عليهم، وفي هذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِيْنَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا الله عَنْهَا وَالله غَفُوْرٌ حَلِيْمٌ، قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِيْنَ.

ومن مظاهر رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى يوم عيد الأضحى عن نفسه وعن من لم يُضَحِّ من أمته رحمة منه بالجاهل والفقير. ومن مظاهر رحمته بهم حرصه على رجوع الغائب المسافر إلى أهله واجتماع شملهم. فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا وسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه،
ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته أجمعين انه خَبَّأ دعوته المستجابة لتكون شفاعة لهم يوم القيامة وقد قال: (لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة). وكان نهاهم أن يبلغوه عن أحد منهم شيئاً يكرهه لئلا ينفر منهم. قال صلى الله عليه وسلم (لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر).

ومن مظاهر رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم أنه دعا بالرفق لمن ولي أمرهم فرفق بهم ودعا على من شقّ عليهم فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشَقَّ عليهم فشُقَّ عليه). فكان ذلك نبراساً وهدياً لكل من يتحمل أمانة ومسؤولية في أمته إلى أن تقوم الساعة.

عباد الله
لو اردنا ان نحيط  بجميع صور رحمته صلى الله عليه وسلم فسوف لا ولن نتمكن ابدا من الالمام بها . لذا نكتفي بهذا القدر اليسير وانشاء الله في خطب مقبلة سنحاول الوقوف على سيرته صلى الله عليه وسلم لنتخذ العبر ونسير على نهجه ونبراسه.

فاتقوا الله عباد الله و استعينوا على أموركم كلها بالإكثار من الصلاة     و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم.
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره  و مقداره العظيم ، صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات، و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين

اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريعاً مريئاً غدقاً مجللاً عاماً ، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل ، اللهم لتحيي به البلاد ، وتغيثَ به العباد ، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً. اللهم اسقنا سقيا نافعة واسعة تزيد بها في شكرنا، وتوسع فيها على فقرائنا وتحيي بها أرضنا، أنت الحي فلا تموت وأنت القيوم فلا تنام بك نصول ونجول وعليك التكلان.

اللهم وفق ملك البلاد أمير المومنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .
اللهم امدده  من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .اللهم ، اشفه أنت الشّافي لا شافي إلّا أنت. وخذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واحفظه بعزّك الّذي لا يضام. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية  المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.

.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول
ويا خير مأمول..

عباد الله:
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .)

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *