نص الحوار الذي أجرته أسبوعية الوطن الآن مع الدكتور عبد المغيث بصير حول الفقيد محمد بصيري

أجرت أسبوعية الوطن الآن حوارا مع الدكتور عبد المغيث بصير حول الفقيد محمد بصيري، ومما جاء فيه:
*  الفقيد محمد بصير يعد من أقدم المفقودين في العالم، وتصل اليوم عدد سنوات اختفائه إلى ثلاثة وأربعين سنة من الاختفاء القسري

*  عندما ننظر إلى تاريخ الفقيد سيدي محمد بصير المشهور ببصيري، نجد مفارقة غريبة تثير الاندهاش ذلك أن تاريخ محمد بصير تعرض للسطو والتزوير من قبل البوليزاريو
*  نتمنى أن يتفضل ويتكرم مولانا الإمام أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله ونصره على الزاوية البصيرية بهذا الظهير الشريف إحياء لسنة سلفه الحسنة
وهذا نص الحوار:
1. في واحد من مطبوعات زاوية الشيخ سيدي ابراهييم البصير ورد بأن تقصير دراسات التاريخ الاسلامي تكمن في منهجية التأليف وليس في التاريخ نفسه وأن التقصير تساهم فيه أيضا طريقة كتابة التاريخ الرسمي فكيف تستدركون هذا النقص وتقدمون المقاوم سيد محمد بصير الى الأجيال الحاضرة؟

بداية أتقدم بالشكر الجزيل لأسبوعية الوطن الآن على اهتمامها بهذا الموضوع الشائك والغير المسبوق، نظرا لحساسيته وأهميته ليس لإرتباطه فقط بشخص الفقيد محمد بصير وعائلته الصغيرة والكبيرة، بل لأنه يهم المغرب دولة وشعبا، ومن ثمة فالعمل على تنوير الرأي العام الوطني والدولي وإخباره بجديد قضية الفقيد محمد بصير مسألة نعتبرها ذات أولوية ونشكركم على إثارتها وتسليط الضوء عليها؛
وقبل أن أجيبك أحب أن أشير إلى أن الفقيد محمد بصير يعد من أقدم المفقودين في العالم، وتصل اليوم عدد سنوات اختفائه إلى ثلاثة وأربعين سنة من الاختفاء القسري، فمنذ قيادته لانتفاضة الزملة عام 1970م وهو مفقود؛
والمثير للتأمل والنظر أن العديد من المفكرين العرب والإسبان يعدونه دون مبالغة من عظماء تاريخ الصحراء المغربية، في حين اعتبره آخرون المثقف العضوي لساكنة الصحراء المغربية، وبخصوص الجواب عن السؤال أقول: عندما ننظر إلى تاريخ الفقيد سيدي محمد بصير المشهور ببصيري، نجد مفارقة غريبة تثير الاندهاش ذلك أن تاريخ محمد بصير تعرض للسطو والتزوير من قبل البوليزاريو، وتبعهم في ذلك كل الجهات المعادية للوحدة الترابية للملكة المغربية وكل الذين لهم مصلحة في ذلك، وجدناهم وظفوا تاريخه النضالي الشريف ضد المستعمر الغاشم ومساره التاريخي كوطني نزيه، كمنطلق لبداية للتخطيط لتفعيل مشروعهم المزعوم لتشكيل دولتهم الوهمية، واستغلوا في ذلك سكوت عائلته وأقرب الناس إليه، الذين لم يكن مسموحا لهم بالكلام في الموضوع، بحكم تداعيات سنوات الرصاص والتضييق على الحريات التي كان يعيش تحتها المغاربة في ذلك الوقت؛
ومن جهة أخرى انشغال إخوانه بأمر الزاوية وغلبة حال أهل التصوف عليهم، حيث بادروا عدة مرات لكشف حقيقة أخيهم وتقديم وثائقه وأرشيفه أمام الرأي العام، فقوبلوا بالمنع والتحقيق والسجن، فارتأوا أخيرا البعد عن كل ما يشغلهم عن الله، وأن الحق لابد أن يظهره الله في الوقت الذي يشاء.
قلت: وجدنا المزورين زوروا تاريخ ومكان الميلاد حيث جعلوه من مواليد طانطان، وهو من مواليد بني اعياط بأزيلال، وزوروا أيام نشأته وطفولته، وزوروا أيام دراسته بالأزهر الشريف وبسوريا ولبنان، وزوروا أسباب منع صدور مجلته التي سماها “الشموع”، وذكروا بأنه كتب فيها مقالا تحت عنوان:” الصحراء للصحراويين”، في حين أننا في خزانة الزاوية نتوفر على هذا العدد اليتيم، ولا يوجد فيه أي مقال تحت هذا العنوان، وقالوا أيضا: أنه حينما توجه إلى الصحراء المغربية كان همه التخطيط لإنشاء دولة جديدة، في حين أن كل الرسائل التي نتوفر عليها كحجج ودلائل قاطعة، والتي كان يرسلها لأخيه محمد المصطفى بصير رحمه الله، والشهادات التي قدمها رفقاؤه في الكفاح ومنهم سيدي أحمد رحال تشهد بكل وضوح وجلاء بأن الرجل وطني صادق شاءت الظروف والأقدار التاريخية أن يكون زعيما للمقاومة الصحراوية المغربية التي ترفض مخططات إسبانيا ونَزَعاتها الاستعمارية، التي كانت سارية في مخططاتها الرامية لإقرار تبعية الصحراء المغربية لها، كما يشهد التاريخ بأن هم الفقيد محمد بصير كان ينحصر بالخصوص في تفعيل عدة مشاريع رائدة كان يحاول من خلالها إخراج أهل الصحراء المغربية من البداوة إلى المدنية؛
للأسف الشديد استمر البروليزاريو في تزويرهم للحقائق حول عمنا سيدي محمد بصير ولم يهمهم طوال هذه الفترة إلا تحقيق مصالحهم الضيقة، وصاحب الحاجة أعمى كما يقال…وجدناهم زوروا الكثير من المقالات المكتوبة حوله من قبل مفكرين عرب وإسبان، واختلقوا رسائل ونسبوها إليه ونتحداهم أن يدلوا لنا بأصولها مكتوبة بخط يده…
استمر هذا التزوير للتاريخ في حق عمنا الفقيد محمد بصير، إلى أن أطل عهد الملك الشاب المتنور جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي أرسى دعائم الدولة المغربية الديموقراطية الحديثة الضامنة لحقوق الأفراد، حيث شهدت بلادنا تحولات مباركة في  مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، وإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة مع الماضي، زد على ذلك الحرية التامة التي أصبحنا نرفل تحت ظلالها، حيث لم يعد هنالك شيء من قبيل المحرم أو الممنوع على المواطن الخوض فيه أو مناقشته،…
كل هذه الأمور المستجدة التي تبعث على الارتياح شجعت عشيرة أهل البصير للتحرك من جديد لتصحيح التاريخ المتعلق بابنها المجاهد سيدي محمد بصير بشكل علني، وطالبت في كل مناسبة تنظمها حوله كل عام، مختلف الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية وأهل الضمائر الحية بمساعدتها في البحث عنه والكشف عن مصيره. وبالفعل ومن خلال الاحتفال بذكرى أحداث انتفاضة الزملة التاريخية، أتيح للزاوية البصيرية تصحيح التاريخ المتعلق بابنها المجاهد صاحب الذكرى، وتوضيح النوايا الحقيقية لحركته المسماة :” الحركة الوطنية لتحرير الصحراء”، وذلك من خلال عرض وثائقه الشخصية ورسائله المكتوبة بخط يده، والكلام عن سيرته الذاتية الصحيحة، والاستماع لمداخلات رفاقه في الكفاح الذين أدلوا بشهاداتهم حوله وحول المقصود من حركته، فتبين من كل ذلك وبما لايدع مجالا للشك، بأن حركته السرية المقاومة تعد أول حزب سياسي صحراوي ذو توجه وطني أصيل، وفي هذا الجانب أهيب بالباحثين والمهتمين الاطلاع على الكتب التي طبعتها الزاوية حول أعمال الندوات الوطنية والدولية المنعقدة حول المجاهد الفقيد بصيري، وتصل اليوم إلى خمسة كتب وفيها سيجد القارئ كل شيء عنه، غير أننا قريبا بحول الله سنصدر كتابا خاصا حوله من إصدارات ومطبوعات الزاوية البصيرية، سنتحدث فيه عن كل مايتعلق به من ولادته إلى أن اختفى في الصحراء.
وأحب في هذا الصدد أن أنبه إلى أنه كان من توصيات الندوات السابقة في مدينة العيون وببني أعياط بالزاوية البصيرية، أن يسمى حي الزملة بالعيون باسمه تخليدا ليوم انتفاضته الوطني، كما كان من التوصيات المقترحة أن يدمج ما يتعلق بتاريخ محمد بصير كمقاوم وطني في المقررات الدراسية لجهة الساقية الحمراء ووادي الذهب ولجهة تادلة أزيلال، وذلك اعتبارا للتاريخ المشترك للفقيد ذي الأصول الصحراوية، المزداد ببني اعياط بأزيلال، والذي فُقِد اثناء أحداث انتفاضته بالعيون عام 1970م، كما كان من التوصيات الأخيرة في ندوة 17يونيو2013م أن تسلط المزيد من الأضواء على هذه القضية الوطنية البحث عن مصير الرجل، وأن يحظى بالمزيد من العناية التي تليق به كوطني مقاوم ومن بينها تسمية أحد الشوارع الرئيسية بالعيون وأزيلال وغيرها بإسمه وإطلاق إسمه على إحدى الثانويات ببني اعياط، ونأمل أن تنفذ هذه التوصيات والمقترحات وغيرها في القريب العاجل لما سيكون لذلك من أثر معنوي ملموس على عائلته الصغيرة( آل بصير) وعائلته الكبيرة ساكنة الصحراء المغربية؛

2. علاقة المقاوم بالتصوف قائمة الذات باعتباره واحدا من ابناء زاوية الشيخ سيدي ابراهيم البصير فكيف تزاوجون في نفس الوقت بين السعي نحو ابراز موقع  المرحوم ضمن أسرة  المقاومة وإبراز موقع الزاوية في الدراسات المتعلقة بالحركات الصوفية؟
الفقيد محمد بصير نشأ نشأته الأولى وسط جو صوفي صافي سني مليء بالحيوية والنشاط الديني، داخل زاوية والده العارف بالله الشيخ سيدي إبراهيم، الممتلئة بالمريدين والطلبة والأيتام والأرامل والزوار من كل الجهات، الذين يشتغلون طول وقتهم بالمحافظة على الصلوات بالجماعة، وبالذكر والتعلم وقراءة القرآن وتزكية أنفسهم، وبذل الخير والنفع لخلق الله، ومن أراد الاطلاع على تاريخ الزاوية البصيرية كحركة صوفية ودورها الرائد في التربية والتعليم والجهاد والإطعام والإيواء وغيرها من الأدوار الطلائعية، فليطلع على ما كتبه العلامة المؤرخ سيدي محمد المختار السوسي في الجزء الثاني عشر من المعسول، وماكتبه الشيخ محمد المصطفى بصير –الأخ الشقيق للفقيد محمد بصير- في كتاب النزر اليسير وكتاب الاغتباط، ولا أظن أحدا يشك في مدى تأثير البيئة الأولى التي نشأ فيها الفرد على مسار حياته، فالعوامل الوراثية والبيئية والعائلية لها الأثر الكبير على شخصية الإنسان، كل إنسان، فهو ابن بيئته، وابن فواعله التربوية والوراثية، فلا عجب أن نجد فقيدنا الغالي سيدي محمد بصير يعيش قمة الخلق الكريم والفضائل الروحية والنفسية والسلوكية والكمالات الأخلاقية والعقلية، وهذا بعينه ما شهد به ميكيل أورثيت، رئيس مصلحة المخابرات الاسبانية بالصحراء المغربية قبل الانسحاب الإسباني من الصحراء المغربية، عندما عدد الصفات والشمائل التي كان يتميز بها الفقيد حين شارك في إحدى الندوات المنظمة حوله، وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه الأستاذ رفائيل الإسباني الذي عاش أيام الانتفاضة في الصحراء المغربية، وعرف بصيري عن قرب، وقال في مداخلته الموثقة عندما دعوناه في السنة الماضية للمشاركة في ذكرى الفقيد: “ولم أستطع أن أفهم شيئا عن ما كان يقوم به بصيري آنذاك في الصحراء، إلا بعدما استدعيت لأكون اليوم معكم في هذا اللقاء الذي نظمته الزاوية، فرأيت الزاوية وعرفت المهمة التي تقوم بها الزاوية، لقد فهمت ماذا كان يفعل بصيري آنذاك، واليوم فقط استطعت أن أربط ما كان يفعله بصيري بما شاهدته اليوم في الزاوية”، زد على هذا دراسته بجامعة ابن يوسف بمراكش، وجامعة الأزهر بالقاهرة، وكلتاهما جامعتان إسلاميتان عتيدتان، يتخرج منهما الطالب وقد امتلأ علما وفهما وحلما وتقوى، وفي هذا المقام يطيب لي أن أذكر المهتمين بواحدة من رسائله، وهو حينذاك بالقاهرة، إلى أخيه الشيخ سيدي محمد الحبيب بصير رحمه الله، وفيها يعزيه في وفاة أخيهم سيدي الحاج عبد الله بصير رحمه الله، الخليفة الأول لوالدهم على الزاوية، وفيها يوصيه خيرا بالزاوية والمريدين والضعفاء وغيرهم، وفي هذه الرسالة يظهر توجهه الصوفي بشكل قوي، رغم أنه كان موسوعي المعرفة والثقافة، له باع طويل في علوم الشريعة والتصوف والسياسة وعلم الاجتماع والتواصل وغيرها.
وفيما يخص جهاده ومقاومته، فمعروف عن السادة الصوفية خصوصا، والعلماء العاملين عموما، أنهم عندما يلاحظون التكالب الأجنبي النصراني على دولة الإسلام والمسلمين، ولا من يصده ويرده، فإنهم يبادرون بأنفسهم، انطلاقا مما توفر لديهم من إمكانيات ذاتية، فيصدون العدوان ويدودون عن بيضة وحوزة الإسلام، وهذا كثير شهير تواترت روايته في التاريخ المغربي عن صوفية وعلماء المغرب في الشمال وفي جبال الريف والأطلس والحوز وسوس والجنوب وأغلب المناطق المغربية، وفي هذا الإبان الذي ارتحل فيه الفقيد سيدي محمد بصير إلى الصحراء المغربية، كانت إسبانيا تحتل شمال وجنوب المغرب وتنفد فيهما مخططاتها الاستعمارية،… وسيدي محمد بصير، شاء الله له أن يحمل مشعل الجهاد في الجنوب المغربي، وكل همه هو دحر الاستعمار وإخراجه، وفي هذا المقام أتذكر قول الدكتور علي الشامي متحدثا عن سيدي محمد بصير في كتابه “الصحراء الغربية عقدة التجزئة في المغرب العربي وفيه قال:”وأصبح السكوت عنده خيانة، والنضال الصامت والمدروس بات أمرا ملحا، وبالتالي يجب العمل وتأسيس حركة صحراوية مستقلة عن الجماعة ومناهضة للوجود الإسباني “، ويقول أحد الكتاب الإسبان لا أتذكر اسمه الآن:”إن تصفية بصيري من قبل الإسبان كانت هي النقطة المفصلية التي كسرت الثقة بين الإسبان وأهل الصحراء”، وهذه الكلمات تحمل أكثر من دلالة لمن تمعن فيها.

3. أغلب الوثائق التي تؤرخ لفترة مقاومة سيدي محمد بصير بالصحراء قبل المسيرة الخضراء موجودة بالارشيف الاسباني فما هي مساعيكم من أجل استردادها؟
الموجود من أرشيفه بإسبانيا هو ما كانت تكتبه عنه المخابرات الإسبانية آنذاك من خلال متابعتها اليومية لأنشطة حركته وتحركات المنخرطين الصحراويين معه، والذين بلغ عددهم في يوم انتفاضته الشهيرة حوالي سبعة عشرة ألفا، ومتابعتها أيضا لكل ما يصدره من توجيهات لأتباعه ومحبيه، ووصلت هذه الوثائق في مجموعها إلى حوالي مليون وخمسمائة وثيقة كما ذكر الكاتب الإسباني توماس باربولو في كتابه” التاريخ المحظور للصحراء الإسبانية” ، وحسب بعض أبناء عمومتنا المقيمين في إسبانيا، فإنهم حاولوا عدة مرات النبش في دهاليز الأرشيف الإسباني فحيل بينهم وبينه، خصوصا عندما يعلمون بأن الطلب يتعلق بملف بصيري، وهنا أحب أن أنبه إلى أن إسبانيا أيضا زورت الكثير من التاريخ المتعلق بهذا المقاوم المغربي، للتغطية على جريمتها النكراء، حيث سجنته وعذبته وأخفته، ونشرت بأنه فر من السجن حينا، وأنها سلمته للمغرب حينا آخر، وأنها أخذته إلى جزر الكناري، وأنها وأنها …وكل ذلك للتمويه ولكسب الوقت، وكل الدلائل تشير إلى أنها هي المسؤول الأول عن قضية اختفائه القصري، وهنا نتساءل أما آن لها الأوان أن تتحلى بالشجاعة لتقول كلمة الحق في هذا الملف؟.
أحب أن أقول كذلك: إننا حاولنا في السنة الماضية الذهاب لإسبانيا من أجل تسجيل دعوى رسمية لمطالبة الدولة الإسبانية بالكشف عن مصيره المجهول، ففوجئنا برفض طلب التأشيرة، رغم أننا سابقا حصلنا على تأشيرتها وتأشيرات العديد من الدول الأوربية، والسفارة الإسبانية لم تقدم على ذلك إلا بعد علمها بتنسيقنا المبدئي مع بعض المحامين الإسبان من أجل رفع دعوى قضائية في الموضوع، وفي الحقيقة صدمنا بهذا الفعل الغير اللائق الذي أقنعنا بمناورتها في الموضوع، وبأنها فعلا تخرق قوانين حقوق الإنسان، وإن كانت تتبجح بضمانها، أو التبجح بانتقاد حقوق الإنسان في الصحراء المغربية بين الحين والآخر، فملف عمنا محمد بصير يعد من الانتهاكات الأولى لحقوق الإنسان في الصحراء المغربية من قبل إسبانيا، ونحن اليوم نتمنى أن نجد من يساعدنا من الهيئات الوطنية والدولية لطرق أبواب المحاكم الدولية لمساءلة إسبانيا في الموضوع، خاصة أنه اليوم لايزال على قيد الحياة العديد من الجنرلات ومن مسؤولي الجيش الإسباني الذين كانوا في الصحراء عام1970م، فموضوع كهذا لا يستحق أن يسكت عنه أو أن يجعل من الأمور الثانوية التي يتذكرها الواحد منا في يوم 17يونيو فقط.   

4 ما هو موقف السلطات المغربية ككل من الزاوية ومن فقيدها سيدي محمد بصير؟
الزاوية البصيرية منذ انطلاقتها الأولى من الصحراء المغربية – أي منذ حوالي مائتين وخمسين سنة- إلى أن استقر بها الأمر في بني اعياط بأزيلال، بايعت كل ملوك الدوحة العلوية الشريفة، وكانت دائما وأبدا تعتبر البيعة عقدا سياسيا واجتماعيا وروحيا ودينيا وربانيا وسماويا متكاملا، وكانت دائما في علاقة وطيدة ووثيقة بالسلطات المغربية، والكثير من الملوك العلويين أنعموا على الزاوية وشرفائها بظهائر شريفة، وهنا أذكر الظهير الشريف المنعم به من قبل السلطان مولاي عبد العزيز، وظهير السلطان مولاي عبد الحفيظ، وظهير السلطان مولاي يوسف، وظهير السلطان محمد الخامس رحمة الله عليهم، ونتمنى أن يتفضل ويتكرم مولانا الإمام أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله ونصره على الزاوية البصيرية بهذا الظهير الشريف إحياء لسنة سلفه الحسنة، لما في ذلك من خير عميم وفضل كبير يوثق أواصر التلاحم بين العرش والشعب، ويبقى التاريخ ما تعاقب شاهدا على ذلك.
ومن جهة أخرى فإن المطلع اليوم على علاقة الزاوية البصيرية بالسلطات المغربية المحلية والإقليمية وغيرها، يجد والحمد لله هذه العلاقة لاتزداد إلا رسوخا، فالزاوية تعتبر فاعلا جوهريا في قضايا المجتمع المختلفة، منخرطة بشكل إيجابي في التجاوب مع اهتمامات المواطنين، ومساهمة في إيجاد حل لهمومهم ومشاكلهم المختلفة، ولا يحصى عدد المرات التي ساهمت فيها الزاوية في إيجاد حلول للكثير من مشاكل الساكنة التي استعصى حلها على السلطات سواء في بني اعياط أو في غيرها من القبائل المجاورة، أو حتى في مختلف القبائل التي توجد فيها فروع للزاوية في الكثير من الأقاليم الأخرى.
أما الشق المتعلق بموقف السلطات المغربية من الفقيد محمد بصير، فإننا بقدر ما نتأسف على الحيف الذي طال هذا الملف حوالي ثلاثين سنة، حيث لم يسمح لعائلته بالكلام في الموضوع وتصحيح التاريخ المتعلق به، فإننا استبشرنا خيرا بمطلع هذا العهد الزاهر للملك محمد السادس حفظه الله، الذي في عهده أعيدت الأمور إلى نصابها الصحيح، حيث تفضل وتكرم برعايته السامية المولوية على كل الندوات الوطنية والدولية المنعقدة حول الفقيد محمد بصير منذ 2008م، وفي نظرنا إن في هذه الالتفاتات المولوية رد اعتبار كبير للفقيد ولعائلته.

5. كيف انقضت البوليزاريو على الرمز سيدي محمد بصير الذي كان يشكل امتدادا لجيش التحرير من أجل استكمال الوحدة الترابية واعتبرته كواحد منها تحتفل به كل سنة؟
البوليزاريو تعتبر محمد بصير زعيمها الروحي في تشكيل كيانها المزعوم دون دليل تعتمد عليه، اللهم إلا تزوير التاريخ، ونظرا لمصلحتها في ذلك سخرت منه الأساس الأول في دعم مزاعمها، فظلت تروج الأباطيل في هذا الموضوع كما أشرت سابقا، واستغلت صمت العائلة البصيرية التي كانت ممنوعة من الكلام لأسباب يعلمها الجميع أشرت إلى بعضها سالفا.
وبخصوص احتفالها به كل سنة، فذلك في نظرنا ما هو إلا تكريس لما كانوا يروجونه حول الفقيد من تاريخ مزور يريدون أن يجعلوا منه الأصل، ويأبى الله إلا أن يفضحهم ويكشف باطلهم، لذلك فاحتفالاتهم به تعد في نظرنا احتفالات شكلية تفتقر إلى الأدلة والوثائق الأصلية للفقيد، وهي كلها بحوزتنا والحمد لله، وتشهد على عكس ما يروجون له من كونه زعيم الانفصاليين، ويكفي هنا أن أذكر بشهادات الكثير من قياداتهم التي شاء الله لها أن تعود وتقول الحقيقة، وشهدوا أن تلك الاحتفالات تكون عبارة عن مهرجانات فلكلورية لا تقدم فيها وثائق أو أي شيء يشهد على صحة مايدعون حول الفقيد محمد بصير، وهنا أذكر شهادة الوالي محمد علي العظمي وشهادة سيداتي ولد الغلاوي وشهادة بلالي نور الدين وغيرهم.
وأحب أن أختم بشيء مهم جدا، مادامت البوليزاريو تدعي أن محمد بصير رائدها الأول في الانفصال عن الوطن الأم لماذا لم تطالب بفتح تحقيق حقيقي في الموضوع مع إسبانيا للكشف عن مصيره المجهول طوال هذه الفترة؟ ولماذا تم استثناؤه من عملية تبادل الأسرى التي تمت بينهم وبين إسبانيا في تندوف عام 1974م؟، هي بحسب علمنا لم تتحرك اليوم إلا بعدما تحركت عائلته في السنوات الأخيرة، وتحركاتها هذه نعدها مناورة جديدة للتشويش على قضية محمد بصير، ولن نسمح لها بأي وجه كان بتبنيه، وكل مطالباتهم مردودة عليهم، وعلى إسبانيا إذا كانت منصفة التجاوب مع أفراد عائلته لا غيرهم.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *