مجمل انتقادات السلفية الحشوية على السادة الصوفية والرد عليها
الحمد لله تعالى الدائم العطاء والجود، الموجود قبل كل موجود، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، ملأ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله عظمت جميع خصاله، صلوا عليه وعلى آله، صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله.
لا يخفى على أحد أن أهل السنة والجماعة يتعرضون إلى هجمة شرسة، فعلى مستوى الفقه أنشأوا لنا ما يسمى باللامذهبية بهدف تدمير الفقه الإسلامي، لأن المالكية والشافعية والأحناف والحنابلة جمعوا الأمة على أضيق دوائر الخلاف، وبالنسبة للمذاهب فقد صار لكل مسلم مذهبه، فكان عدد المذاهب بعدد المسلمين،…وبخصوص العقائد أنشأوا لنا العقائد السلفية بدل العقائد الأشعرية والماتردية، وسعوا ليقنعوا الناس أن مذهب السلفية هو مذهب السلف الصالح.
وينبغي أن نفرق بين السلف الصالح وبين السلفية الحشوية، وأنا لا أسميهم السلفية وإنما أطلق عليهم الحشوية، ﻷن سيدنا الحسن البصري سماهم الحشوية، لماذا يسمون بالحشوية ﻷنهم يعيشون على حشا الحياة، على حشا الحلقات، على حشا الأمة، فالأمة تأخذ معارك التنمية، وهم يخوضون معارك أخرى في تكفير الناس وتبديعهم وتفسيقهم، الحرب على عقائد الأشاعرة الحرب على فقه أهل السنة، والحرب على تصوف أهل السنة.
وﻷن هذا الملتقى يتحدث عن التصوف، فسأقتصر على نقاط بعينها ليكتشف الناس ما هي معالم هذه الحرب، وأنا لن أرد على هؤلاء السلفية الحشوية من كتب أهل السنة، سأرد عليهم إن شاء الله من كتبهم.
التهمة الأولى التي يتهمون بها التصوف، هي تهمة وحدة الوجود، فهم زعموا أن الله في السماء، ووحدة الوجود لها معان عديدة، لها معنى صحيح وهو أن كل هذا الوجود صادر عن الواحد، السماء صادرة عن الواحد، والأرض صادرة عن الواحد، كل الخلق صادر عن الواحد، وهذا معنى صحيح، ولها معنى باطل وهو امتزاج الله مع خلقه، كما اعتقد النصارى في التثليث، كما اعتقد المسيحيون أن عيسى هو ابن الله، فالحشوية يتهمون أهل التصوف وابن عربي بوحدة الوجود وهم في عقائدهم يعتقدون أن الله يحل في السماء، فالله عند السلفية موجود في السماء، والسماء خلق من خلقه فكيف يحل الخالق في المخلوق، إذن من يعتقد بوحدة الوجود؟، من يعتقد بأن الله يحل في خلقه؟ أم من ينزه الله عن المكان؟، ويقول إن الله كان ولا مكان، وهو على ما عليه كان ولم يتغير عما كان، علم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون.
يقول ابن عربي في ديوانه، واسمع لهذه الأبيات الجميلة، واحكم بعقلك هل هذا الرجل يقول بوحدة الوجود أم أنه بريء من ذلك؟:
ودع مقالة قوم قال قائلهم أنه بالإله الواحد اتحدا
الاتحاد محال لا يقول به إلا جهول عن عقله شردا
وعن عقيدته وعن شريعته فاعبد إلهك لا تشرك به أحدا
هذا كلام ابن عربي، بينما العقائد السلفية تقول: أن الله موجود حقيقة في السماء كوجود النجوم والقمر، ثم يأتي ربنا في الثلث الأخير من الليل، عندهم نزول حقيقي من مكان أعلى إلى مكان أسفل، وعندما سئل إمامنا مالك رضي الله عنه وأرضاه، وكلامه عند ابن عبد البر في التمهيد بسند صحيح، سئل الإمام مالك عن النزول، قال: ينزل أمره، فهذا إمام السلفية الإمام مالك يقول: ينزل أمره، لكن الحشوية الذين يزعمون التمسلف يقولون: بأنه ينزل حقيقة كنزولك أنت من شجرة أو من الطابق العلوي أو من منبر، اتهموا الصوفية باعتقاد وحدة الوجود وهم يعتقدون بأن الله موجود في خلقه وفي السماء.
التهمة الثانية، أنهم اتهموا الصوفية بالقول بنجاة فرعون، يريدون أن يشنعوا على الصوفية عند عوام الناس، لكن عند الرجوع إلى كتبهم، وهذه مجموعة من المراجع سأقرأ منها بعض الفقرات، فقد ألفوا كتبا في فناء النار، أي أن النار تفنى، وزعموا أن كل من فيها يدخل إلى الجنة فيلتقي موسى مع فرعون.
يقول الألباني: وليس هذا فقط، وأن أهلها يدخلون بعد ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار،وبزعمهم هذا فإنه سيلتقي فرعون مع رسول الله، وأبوجهل مع رسول الله، وموسى مع من كفر بالله، ومن أراد أن يتأكد، فهذا كتاب طبعه السلفية في المكتب الإسلامي، اسمه : رفع الأسفار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار، وهو كتاب يرد على من اعتقد من الحشوية أن النار تفنى وأن أهلها يدخلون الجنة.
أما التهمة الأخرى، فهي اتهامهم للصوفية بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس هناك غلو في رسول الله، وهل يستطيع أحد أن يغلوا في رسول الله بعد أن قال له ربه: “وإنك لعلى خلق عظيم”.
وسأقرأ عيكم من كتاب حكموا فيه على الإمام البصيري بالكفر لأنه قال:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
مع أن هذا البيت له أصل في السنة، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من كتب السنة، أن الناس يوم القيامة يلوذن بآدم، فيقول: نفسي ويعتذر، ثم يلوذون بجميع الأنبياء فيعتذرون، فإذا جاؤوا إلى رسول الله ولاذوا به قال: أنا لها، أنا لها، أنا لها، وسجد تحت العرش وفتح باب الشفاعة.
وحكموا عليه بالكفر ﻷنه قال:
وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
ومن في قوله: (ومن علومك) تبعيضية، أي أن من علمك الذي أطلعك الله عليه ليلة الإسراء والمعراج، لكنهم بفهمهم حكموا على الإمام البوصيري بالكفر، لقوله: بأن الله أطلع نبيه على علم اللوح والقلم.
لكن المفاجأة أنهم مدحوا ابن تيمية بشبه هذا، وذلك في كتاب العقود الذرية في مناقب ابن تيمية لابن عبد الهادي، وهو تلميذه، طبعة الفقي، وهو مؤسس جماعة أنصار السنة في مصر، إنه يقول عن ابن تيمية: أنه أعلم الخلق منذ أن خلق الله الخلق إلى يومنا هذا، وهذا في بضع أبيات شعرية يقول فيها:
يا من حوى من علوم الخلق ما قصرت عنه الأوائل مذ كانوا إلى الآن
إن تبتلى بلئام الناس يرفعهم لأهل الفضل قد خان
إني أجزم والإسلام معتقدي وغني من ذوي الإيمان إيمان
لم ألق قبلك إنسان أسر به فلا برحت لعين المجد إنسان
هذا لم يلق قبل ابن تيمية إنسانا يسر به، لا رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا إبراهيم ولا آدم، ولا أبو بكر ولا عمر ولا علي ولا عثمان.
وهذا موجود في هذا الكتاب، وهو متوفر في المكتبات، وأنا لا أعلم كيف لا تمنع الجهات الرسمية مثل هذه الكتب التي تضلل الشباب وتعلمهم التكفير والتبديع والتجهيل والتضليل.
مسألة أخرى اتهموا الصوفية بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقعوا في بدعة الجفاء، ثم سقطوا في بدعة الغلو في ابن تيمية.
لنسمع إلى ما في كتاب مدارج السالكين، وهذه نسخة منه، يقول مؤلفه ابن القيم الجوزية عن شيخه ابن تيمية: ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمورا عجيبة، وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم، يقول عنه أنه أخبرهم بحدوث شيء قبل وقوعه، فابن تيمية يعلم الغيب، يقول: “أخبر أصحابه بدخول التتار الشام، سنة 966هـ”، أي حدد لهم السنة التي سيدخل فيها التتار الشام، “وأن جيوش المسلمين تكسر، وأن دمشق لا يكون بها قتل عام ولا سبي عام، وأن كلب الجيش وحدته في الأموال، وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة، ثم أخبر الناس والأمراء سنة 702هـ، لما تحرك التتار وقصدوا الشام أن الدائرة والهزيمة عليهم، وأن الظفر والنصر للمسلمين، وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا، فيقال له قل إن شاء الله، فيقول” إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا”.
فهذا رجل يزعم أن شيخه يعلم الغيب، ويعلم أن التتار سيدخلون إلى البلاد الإسلامية، وأنهم سينتصرون، وأنهم سينكسرون في بعض المعارك، فيقولون له: قل إن شاء الله، فيقول: أنا أقول إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، …وسمعته يقول ذلك، قال: فلما أكثروا علي قلت: “لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ أنهم مهزومون في هذه الكرة، وأن النصر لجيوش الإسلام، قال وأطعمت بعض الأمراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم”، ماذا نسمي هذا؟، ينكرون على رسول الله أن يطلعه على بعض غيبه، ولكنهم لا ينكرون على مشايخهم ادعاء علم الغيب، أوحي بعد رسول الله؟.
ثم أزيدكم مسألة أخرى، الذين يقولون بأن الصوفية يقولون بسقوط التكاليف، وهذا ما يتهم به الحشوية أهل التصوف، يعني لا يصلون ولا يصومون ولا يزكون ولا يحجون، مع أن المتصوفة هم أشد الناس تمسكا بالسنة، لكن هؤلاء يتهمونهم بسقوط التكاليف، وأنا أقرأ عليكم نصا فيه ما أطلقوه على التكاليف، هل تعلمون أن السلفية يسمون الصلاة والزكاة والحج بالتكاليف الخسيسة، أعوذ بالله .
سأقرأ عليكم الآن من مدارج السالكين الصفحة 318 ، وهنا ابن القيم يشرح كلام الهروي: «قوله: “ويطوي خستها”، وليث الشيخ عبر عن هذه اللفظة بغيرها، فوالله إنها ﻷقبح من شوكة في العين وشجا في الحلق، وحاشا التكاليف أن توصف بالخسة، أو تلحقها خسة، وإنما هي قرة عين وسرور قلب وحياة روح، ثم يقول: فلو قال يطوي ثقل التكاليف ويخفف أعباءها ونحو ذلك لعله كان أولى، وأولى، وهنا الكيل بمكيالين هذه الكلمة لو قالها ابن عربي، ماذا كانوا يقولون عليه؟، لو قالها الجنيد لو قالها مالك أو الشافعي، والله ليكفرونه ويخرجونه من الملل كلها؟ وليس من الملة فقط ، ماذا لو قالها أبو حامد الغزالي أو إبراهيم بن أدهم، ولولا مقامه في الإيمان والمعرفة والقيام بالأوامر لكنا نسيء به الظن”، رجل يصرح بأن التكاليف الإسلامية خسيسة، فيجدون له مخارج، ويؤولون كلامه ويحملونها على المحامل الحسنة، فابن القيم يصرح ويقول: لولا مقامه في الإيمان لأسأنا به الظن، حتى سوء الظن لا يجوز بهؤلاء.
لكننا نقول لهم لماذا لا تعممون حسن الظن على كل العلماء، احملوا كلام الصوفية على المحامل الحسنة، فلماذا الصوفي بمجرد أن يتلفظ بلفظة إلا ويجد سلفيا يكفره أو يبدعه أو يضلله، رغم أن كلامه قد يجد سندا في شريعة الله، قد يجد تأويلا صحيحا، قد يجد معنى جميلا.
فهذا الشيخ بلكبير رحمه الله، وهو أحد كبار علماء التصوف في العقيدة والفقه بالجزائر، أول ما التقيت به قال لي يا ولدي، وأراد أن يعلمني حسن الظن، ماذا تقول في رجل قال لزوجته أنت : ربي؟، فتعجبت، ولم أجد جوابا، قال لي هذا رجل صالح، لأن الرجل قال لزوجته نحن عندنا أطفال أنا أنفق وأنت ربي، كلام طيب، فعندما سألني، لم أتحدث أخذت بمقولة : إذا جالست العلماء فاحفظ لسانك، وإذا جالست الأولياء احفظ قلبك، وهذه الكلمة: “أنت ربي” لو قالها رجل لوجد حشويا يكفره.
قد تتعجبون كيف يكون للحشوية كرامات؟ وأنا أرجوا ان تذكروني بأبيات قالها على ما أظن الإمام الرفاعي عندما زار قير الرسول صلى الله عليه وسلم:
في حالة بعد الروح كنت أرسلها تقبل الأرض عني وهي نائمة
فامدد يمينك كي تحضى بها شفتي
فقال المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وسلم، مد يده فقبلها بحضور الحجاج وهم ينظرون، فهذه كرامة، يجوز أن تصدقها ويجوز ألا تصدقها.
وأثبتن للأولياء الكرامة ومن نفاها فانبذن كلامه
ولكن كرامة بعينها لا بد أن تثبت بالسند الصحيح، فمن أنكرها لا شيء عليه، ولكن لاحظوا جيدا أن السلفية أجمعوا جميعا على أن هذه من المنكرات وأن هذا بدعة وكيف لسول الله أن يمد يده، وكيف لرسول الله أن تخرج يده من قبره، وكيف لرجل أن يقبل يد رسول الله؟ وقالوا هذا بدعة، وهذه خرافة، والآن سأقرأ عليكم ماذا قالوا هن مشايخهم، ابن مندى وهو أحد كبار مشايخ الحشوية، انظروا ماذا ذكروا من كراماته: “وحكي لي عن أبي جعفر الهمداني، رئيس حجاج خرسان، انه قال: سألت بعض خدم تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابن ما يزيد عن مائة سنة، وقلت له هل رأيت هنا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: نعم، لقد رأيت رجلا عليه ثياب بيض دخل الحرم وقت الظهر فانشق حائط التربة، فدخل الرجل فيها وبيده محبرة وكاغط وقلم، فمكث ما شاء الله أن يمكث (يعني داخل قبر رسول الله)، ثم انشق فخرج فأخذت بديله وقلت له بحق معبودك إلا تقول لي من أنت فقال لي أنا أبو عبد الله بن مندة، أشكل علي حديث فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابني.
أيها الناس، هؤلاء يعتبرون خروج يد رسول الله فقط ليقبلها الإمام الرفاعي من المنكرات ودخول رجل بكامل جسده، بلحمه وعظمه وسحمه، إلى قبر رسول الله من الكرامات، فهذا ما يقولنه لأتباعهم، كراماتنا بدعة وبدعهم كرامات.
السلفية اتهموا الصوفية بالدجل والدروشة والخرافة، وسعوا ليصورا أهل التصوف بأنهم لاعبي دف، تسمونه هنا بالمغرب البندير، والعتاريس والطعام، والجان الأحمر، ثم جاءوا بأعظم من ذلك، يفتي أحد كبار مراجعهم، ولا أسميه، أن الأرض لا تدور، وأن من يعتقد أن الأرض تدور يقتل وماله لبيت مال المسلمين، والفتوى موثقة بالدليل القاطع في كتابي “قاموس البدع الحشوية”.
وانظروا كيف سيتحمرون عقول الناس، فقد طبعوا كتاب “جذور البلاء أسباب الفتن والزلازل”، لمحمود بن إمام بن منصور أبو معاذ ويقول هذا الكتاب عن أسباب الزلزل فيقول: «ومن أسباب الزلازل جماعة الدعوة والتبليغ، وهي من الجماعات التي لها انتشار كبير في جميع البلاد وكانت سببا كبيرا من أسباب الفتن والزلازل”، تصورا طفلا يكبر على هذا المعتقد ويقع زلزال ببلده فيموت أبوه أو أمه فماذا سيفعل؟، سيقتلهم ﻷنه يرى أن كل تبليغي سبب الزلزال.
وإذا كان أهل الدعوة والتبليغ من أسباب الزلازل فلربما أنتم معشر الصوفية سبب كل الكوارث، وربما البراكي، فتصورا كيف يستحمرون عقول الناس.
زارني أستاذ من جامعة فرنسية، فلما رأى ذلك تعجب وسألني كيف لمسلم أن يومن بهذا؟ قلت إنهم يومنون بذلك.
وأذكر لكم اسما، وابحثوا عنه في الإنترنيت، إنه ابن حميد، وهو من شيوخ السلفية، له حوالي 120 كتابا منشورة في كل العالم، حتى في المغرب وعندنا أيضا في الجزائر، كان هذا الرجل يفتي بتحريم الكهرباء، ﻷنها لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن سأذكر لكم عجيبو من العجائب: سجنته السلطات السعودية، ولما خرج من السجن صرح للصحافة أنهم عذبوه، لكن السلطات انكرت ذلك، فقال والله لقد عذبوني حيث وضعوني في زنزانة فيها كهرباء، فهو يعتبر ان الكهرباء عذاب، زلذلك عندما سجنوه مرة أخرى وضعوه في خيمة ليس بها كهرباء.
وهو كان يرى تحريم ركوب السيارات العصرية ، وكان يفتي أيضا بتحريم استعمال الغاز في الطبخ، ﻷنه حرام، وعلى الناس في بلده السعودية استعمال الحطب، وفوق هذا فقد ألف كتابا يفتي فيه بتحريم التعليم في المدارس والثانويات والجامعات.
وأتساءل لماذا مثل هذه الكتب تباع في المكتبات، وكيف لا يحجز عليها؟ وأنا أفتي وأتحمل مسؤولية هذه الفتوى وإذا سألني ربي فسأجيب، أنا أفتي بمايلي: أفتي بتحريم هذه الكتب وبمنعها، وأقول إنها أخطر من المخدرات.
وإذا كانت الحكومات العربية والإسلامية والعالم يعلن الحرب على المخدرات، فهذه الكتب أخطر من المخدرات، فأعلنوا الحرب على هذا الفكر ﻷن هذا الفكر التكفيري هو الذي أدى إلى اغتيال المسلمين في كل مكان، وإن السلفية ينكرون أنهم تكفيريون، ولهذا سأقرأ عليكم مقطعا من كتاب الدعوة السلفية عنوانه “منهاج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع” لابن سحمان، فيه: سئل ابن سحمان عن سكان الجزيرة العربية مسلمون أم كفار؟ فأجاب: «أن من في جزيرة العرب لا نعلم ما هم عليه جميعهم، بل الظاهر أن غالبهم وأكثرهم ليسوا على الإسلام”.
وفي سؤال آخر: «سئل عن كل مسلم في العالم الإسلامي فأجاب: وأما من لم يكن في ولاية إمام المسلمين ولا ندري بجميع أحواله وما هم عليه لكن الغالب على أكثرهم ما ذكرناه أولا من عدم الإسلام”، فهو بهذا يكفر 55 دولة مسلمة لم تبايع الحاكم السعودي، ويقولون نحن لا نكفر المسلمين.
ورشيد رضا طبع هذا الكتاب وحذف هذه العبارة، ﻷنه استنكرها واستعظم أن توجد في الكتاب، لكن السلفية الحشوية أعادوا طبع الكتاب وحذروا من الطبعة التي نشرها رشيد رضا، وقالوا إنها طبعة مزيفة لا يعتمد عليها، ﻷنه حذف هذه العبارة.
اسمعوا إلى ما يقوله عن ابن حنيفة، الإمام الوادعي كان يعمل حارس عمارة في السعودية، ثم بقدرة قادر أصبح من كبار المحدثين، وسئل شيخنا عن أبي حنيفة، سألته امرأة بالهاتف، هل هو من أهل السنة؟ فقال: قلت: لا ولا كرامة”.
وكان الفقي يسمي الإمام الجليل أبو حنيفة النعمان بن ثابت بـ”أبو جيفة”، وكانوا يسمون الإمام مالك بـ”الإمام الهالك”، هكذا ينظرون إلى علماءنا ويكفرون الصوفية.
زد على ذلك أنهم اتهموا الصوفية بالخمول، وقالوا إنهم دعاة للخمول وولاء للاستعمار، وكذبتهم الأحداث، الأمير عبد القادر الجزائري، الذي أعلن 17 سنة معركة شرسة ضد الاسنعمار الفرنسي، كان صوفيا، وهذا الإمام الحداد شيخ الطريقة الرحمانية، كان صوفيا، ووقف فوق المنبر، وعمره 83 سنة، وقال: سألقي بفرنسا إلى البحر، وفي صلاة الفجر وجد 120 صوفيا
أعلنوا الحرب على فرنسا، واستقلت الجزائر، وبعد أن وقف الإمام الحداد أمام الحاكم الفرنسي بعد أن قبضوا عليه، وحكموا عليه بخمس سنوات من السجن، قال: أرادوها خمسا وأرادها الله خمسا، أي خمسة أيام، فنات بعد خمسة أيام، ولما نام على فراش الموت، قال لأتباعه: إذا سمعتم الرصاص في قبري باعلموا أني أحارب فرنسا.
الإمام الخطابي وجل رجال الجهاد في المغرب هم صوفية، النساء الصوفيات كلالة فاطمة سومر هزمت عشرة جنرالات فرنسيين، كانت صوفية، الإمام السنوسي الذي أعلن الجهاد على الاستعمار الإيطالي كان صوفيا، سيدي عمر المختار كان صوفيا، النقشبندية صوفية، فالإمام شامل، منذ 400 سنة يعلن الحرب على الشيوعية كان صوفيا، وحيثما ذهبت في مشارق الأرض ومغاربها إلا وجدت أن الذين أعلنوا الحرب على الاستعمار هم صوفية، ولكن اليوم هناك فتاوى تدعوا اليوم إلى وجوب طاعة الحاكم الكافر، عندنا فتاوى موثقة في كتابي، منها أنهم أفتوا بوجوب الخروج على الحاكم المسلم وعدم طاعته، وأما الحاكم الكافر فأفتوا بوجوب طاعته.
لما احتلت أمريكا العراق وجعلت عليه حاكما نصرانيا وهو بريمر، فأفتوا الحشوية أن الحاكم الكافر يجب طاعته وعدم الخروج عليه.
لما احتل الاتحاد السوفياتي أفغانستان قالوا بأن الجهاد ضد الروس فرض عين، وعندما احتلت أمريكا أفغانستان قالوا الجهاد لا يجوز. الاحتلال نفسه، إذا احتلتك روسيا الجهاد حلال، وإذا احتلتك أمريكا الجهاد حرام.
ولقد اتهموا الصوفية أيضا بشرك القبور، إذا زار المسلم قبر ولي صالح هذا سنة، ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البقيع مرتين في الأسبوع، الذي هو مكان دفن الصحابة الذين هم أولياء الله، وإذا لم يكن هؤلاء هم أولياء الله فمن يكون؟
فإذا اقتدى المسلم بنبيه وزار قبور الصالحين يكون قد أحيى سنة، لكن السلفية حكموا على الصوفية بالشرك وقالوا إن زيارة الأضرحة شرك، والتمسح بها شرك، وتقبيلها والجلوس عندها شرك، ولكن اسمعوا لما تعلق الامر بقبر ابن تيمية ماذا قالوا، وهم الذين قالوا بأن شد الرحال لقبر النبي صلى الله عليه وسلم بدعة؟
في كتاب “الرد الوافر على من سب شيخ الإسلام ابن تيمية كافر”، الطابع زهير الشاويش تلميذ الألباني وناصره، المكتب الإسلامي، يقول عن قبر ابن تيمية في الصفحة 135: أخبرني علي بن عبد الكريم بن سراج الدين البغدادي الأصل المزي أخبرني بشيء غريب، قال كنت شابا وكانت لي بنت أصابها رمد، وكان لنا اعتقاد في ابن تيمية وكان صاحب والدي ويأتي إلينا يزور والدي، فقلت في نفسي لآخذن ترابا من قبر ابن تيمية ولأكحلها به، فإنه طال رمدها ولم يفد فيها الكحل، فجئت إلى القبر، قبر ابن تيمية، فوجدت بغداديا جمع من التراب صررا فقلت ما تصنع بهذا؟ قال أخذته لوجع الرمد أكحل به أولادا لي، وقلت وهل ينفع ذلك؟ قال نعم، وأنه جربه، فازددت يقينا فيما كنت قصدته، فأخذت من تربة قبر ابن تيمية فكحلتها وهي نائمة فبرأت.
فانظر انه لما تعلق الأمر بالبقيع حكموا علينا بالشرك مع أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان تراب المدينة فيه شفاء، وكان رسول الله يعالج أصحابه بتراب المدينة، ﻷن الشافي هو الله، وعلج بالأسباب ما شئت، مادام أنك تعتقد أن الشافي هو الله تعالى. ولما تعلق الأمر بقبر ابن تيمية قالوا بان ترابه يعالج من الرمد.
ومما تاهموا به الصوفية، أن التصوف قد أخذ أصوله من الهندوس، ورضوا لأنفسهم أنهم يأخذوا العقيدة عن اليهود.
لقد أثبت في كتابي بالدليل القاطع أن العقيدة السلفية هي عقيدة يهودية، تسربت إلى المعتقد الإسلام من خلال الأحبار الذين أسلموا كوهب بن منبه وعبد الله بن سلام ونوفل البكاري الذين كانوا يرون ما تعلموه من التوراة، لا على أنه من كلام رسول الله لكن على أنه مما قرأوه في التوراة، فلما جاء رواة الحشوية نقلوه على أنه من كلام رسول الله.
فتسرب ذلك إلى المعتقد الحشوي، وانا الآن أقرأ عليكم عقيدتين يهوديتين، من كتاب “إبطال التأويلات” ﻷبي يعلى الفراخ، يقول عنه الإمام التميمي الحنبلي لقد بال على الحنابلة بولة لا تغسلها مياه البحار، يقول في الصفحة 73: روى قتادة عن النعمان عن فلان عن فلان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله لما قضى خلقه استلقى ثم رفع إحدى رجليه على الأخرى” الله يستلقي ويضع رجلا على رجل ثم قال لا ينبغي ﻷحد من خلقي أن يفعل هذا” هذه العقيدة قالها اليهود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قالها اليهود نزل قول الله تبارك وتعالى: (ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب)، أي ما مسنا من تعب، عقيدة يهودية تسربت إلى المعتقد الحشوي، وهم ينشرونها اليوم على أنها من عقائد السلفية.
وهذه عقيدة أخرى ذكرها في الصفحة 19: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، وهذه كلها أكاذيب، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رأيت ربي في صورة شاب على وجهه فراش، وفي رجليه نعلان” أربي يلبس الحذاء؟ أعوذ بالله، وعندهم الله يلبس الملابس، روى أبو بكر الخلال عن الحسن، وهذه كلها أسانيد مكذوبة، قال الأسود بن عامر شادان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رأى ربه جل ثناؤه جعدا قططا أمرد – يعني ان الله أمرد ليس له لحية – في حلة حمراء” لكنه بعد صفحة واحدة يقول: “في حلة خضراء”، وذكر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: “رأيت ربي في حلة خضراء في صورة شاب عليه تاج” أالله يضع تاجا يلمع منه البصر، هذه عقيدة، ثم يقول إن الله خلق الملائكة من نور صدره، هكذا يصف الله أن له صدرا وأن له فخذ وأن له إبهام وأنه يجلس على العرش وأنه يستلقي وأنه يضع رجلا على رجل وأنه يلبس النعل، هذا هو إله الحشوية أما المسلم فيعتقد كما علمه القرآن (قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد)، ونعتقد كما علمنا القرآن (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
وزعموا ان الصوفية يقدسون مشايخهم، ويقدسون كتبهم، وهنا أقرأ عليكم كتاب الشرح السنة للبابهاي وهو إرهابي ولكن يطول الزمن طبعوا الىن كتبه على أنه من كبار أهل السنة، تصورا إرهابي مغربي أو إرهابي جزائري بعد 600 سنة، تاتي جماعة وتطبع كتبه على أنه فضيلة العلامة، وهو إرهابي وأقرأ عليكم من كتابه حيث يقول عنه: “فمن أقر بما في هذا الكتاب وآمن به واتخذه إماما ولم يشك في حرف منه ولم يجحد حرفا واحدا فهو صاحب سنة وجماعة كاملا اكتملت فيه السنة، ومن جحد حرفا مما في هذا الكتاب أو شك في حرف منه أو شك فيه او وقف فهو صاحب هوى، ومن جحد أو شك في حرف منه فكانما جحد أو شك في القرآن”.
فهل هناك غلو أكبر من هذا، فهذا قد فاق كتاب الأخباروتجاوزه.
في كتاب “نقد السنة” للدارمي، يقول عن رب العالمين أنه يستقر فوق بعوضة بعد أن قالوا إنه يجلس على العرش، أما في هذا الكتاب فالله يجلس على حوت، وفيه عن شخص اسمه سمحج، زعموا أنه صحابي من الجن، سأل النبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: على حوت من نور يتلجلج”، فهذه الكتب التي تنتشر بين الشباب تقول أن الله يجلس على يعوضة وأنه تعالى يجلس على حوت.
فلو شئت أن آتيكم بألف مرجع من كتب السلفية كلها قائمة على البدعة، تقدس ما لا يجوز تقديسه، وتضلل وتكفر وتبدع ما يجب تقديسه.
ومما اتهموا به الصوفية الغلو في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعم الغلو هو، أمامي كتاب يزعم جواز الزنا على نساء رسول الله، الكتاب اسمه “نوال المنى في إثبات عصمة أمهات وأزواج الانبيا من الزنا” للشيخ نسيب الرفاعي، ذكر مناظرة بينه وبين شيخه ولا أسميه في هذه المحاضرة، يذكر له بالدليل حسب زعمه جواز الزنا على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو هذا مبحث يجوز البحث فيه، أهذا كلام يقال؟ وما يفيد المسلم أن يبحث: هل تجوز السرقة عن عمر بن الخطاب؟ هل يجوز لخالد بن الوليد ان يكون خائنا؟ فهؤلاء قد أفضوا إلى ربهم، ورضي الله عنهم ونزل القرآن يترضى عنهم، فياتي السلفية ليفتحوا بحث هل يجوز الزنا على نساء رسول الله؟ فيقول أيزني أبو بكر، قال نعم، قال وابنته مثله.
فعندما نعلن الحرب على هؤلاء الحشوية ونحذر المسلمين منها، فنحن نعلم خطورة هذا الفكر على الشعوب الإسلامية.
أجدد في الختام شكري لكم على حسن الإصغاء والبشاشة وعلى كرم الضيافة، وأنا لا أعد نفسي في بلدي الثاني، بل هذا بلدي الأول حيث ما سمعت لا إله إلا الله فاعلم أنك في بلدك الأول، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.