لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
الخطبة الأولى
الحمد لله الكريمِ المنَّانِ، جليلِ النعم جزيلِ الإحسان، ذي الفضلِ العظيم، والخيرِ العميم، أحمدُه تعالى بما هو له أهلٌ منَ الحمدِ وأُثني عليه، وأستغفرُه منْ جميع الذنوبِ وأتوبُ إليه،وأومنُ به وأتوكَّلُ عليه، مَنْ يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريك له، القائلُ في كتابه الكريم: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقِه ومصطفاه وحبيبُه، كان الكرمُ مِنْ سجاياه الحميدة، وبسطُ اليدَين بالسخاءِ من صفاته الملازمة العظيمة، – صلى الله عليه وسلم – وبارك عليه، على آلِه وصحبِه، وعلى كلِّ مَنِ اهتدى بهديِه، واستنَّ بسُنَّتِه إلى يوم الدين.
أما بعد؛
َأيُّهَا الْمُسْلِموْنَ أحبتي في الله ، اعلموا رعاكم الله ان الإنفاق في كل طريق يرضي الله تبارك وتعالى والكرمُ والجودُ كلها منْ مكارمِ الأخلاق، ومنْ أفضلِ الصفاتِ على الإطلاق، أوصى اللهُ بها نبيَهُ العظيم، وحثنا عليها في كتابهِ الكريم، وجعلها من دلائلِ الإيمان، وشرَّفها بالذكرِ في القرآن، قال اللهُ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ، والكرمُ مِنَ الأخلاقِ العريقة، والقِيَمِ النبيلة، عرفَها منذُ الأزلِ أصحابُ النفوسِ العظيمة في تعاملاتِهم، وجعلوها دليلَ الرفعةِ والفخار، لما فيها مِنَ الإيثار، وعُلُوِّ الهممِ والأقدار، سُئِلَ أحَدُهُم عنِ الكرمِ فقال: “هو التبرُّعُ بالمعروفِ قبلَ السؤال، والرأفةُ بالسائلِ مع البذل”، وحينما جاءَ الإسلامُ أضفى على الكرمِ معاييرَ جديدة، ووجَّههُ نحوَ مقاصدَ ساميةٍ رشيدة، فاتجهَ بهِ إلى القيمِ الروحية، والمعاني الدينية، فلم يعدِ الباذلُ يرجو الفخرَ والثناء من الورى، وإنما غايتهُ الثوابُ والجزاءُ في العقبى، يقولُ النبيُ – صلى الله عليه وسلم – : ((إنَّ اللهَ تعالى جوادٌ يُحبُ الجود، ويُحِبُّ معالي الأخلاقِ ويكرهُ سفسافها)).
فقد بنفق الإنسان نفقة يظنها صغيرة حقيرة فإذا جاء يوم القيامة وجد تلك الصدقة الصغيرة كأمثال الجبال، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال : ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل)). ولا تعجب فأنت تتقرب إلى أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وثبت في الأحاديث الصحيحة أن الصدقة تطفئ غضب الله سبحانه، وأنها تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، وأنها تطفئ عن أهلها حر القبور. فأين الذين انغمسوا في الخطايا من تلك الصدقات التي تطفئها؟! وأين الخائفون من غضب الرب؟! وأين الخائفون من حر القبور؟! ألا يتقون ذلك بالصدقات؟! أين الطامعون في فضل الله؟! أين المشتاقون إلى الجنة؟! إلى هؤلاء جميعًا أسوق قول الله تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. كان ابن عمر يقرأ القرآن فمرّ بهذه لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ، قال: ففكرت فيما أعطاني الله فما وجدت شيئًا أحب إليّ من جاريتي رُميثة، فقلت: هي حرة لوجه الله. قال مولاه نافع: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.
واستمع إلى قصة أبي طلحة عندما سمع هذه الآية: قال أنس كما في الصحيحين: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب ماله إليه بيرحاء، وهو بستان يانعُ الثمار عذبُ الماء، حتى إن رسول الله كان يدخله أحيانًا يشرب من مائه الزُلال، قال: فلما نزلت هذه الآية لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ذهب أبو طلحة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ، وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها ـ يا رسول الله ـ حيث أراك الله، فقال : ((بخٍ بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح)).
ومِن أبي طلحة ننطلق إلى طلحة بن عبيد الله أحد المبشرين بالجنة: أخرج الطبراني بإسناد صحيح عن سُعدى زوجة طلحة رضي الله عنه قالت: دخل عليَّ طلحة يومًا وهو خاثر النفس، فقلت له: ما لك كالح الوجه؟! ما شأنُك؟! فقال: المال الذي عندي قد كثُر وأكربني، فقالت: وما يُغمّك؟ ادع قومك ـ تعني فاقسمه بينهم ـ، فدعا طلحة قومه فقسم المال بينهم حتى لم يبق منه شيء، وكان أربعمائة ألف درهم.
أحبتي في الله :
اعلموا يرحمكم الله أن للكرمِ في ظلِّ الإسلامِ آدابٌ وسلوكيات، يجبُ على المنفقِ أنْ يتحلى بها، ويتمسكَ بها كُلُّ باذلٍ جواد، وهذهِ الآدابُ هي التي تحددُ نظرةَ الإسلامِ للكرم، فيسودُ الحبُ والوئام، ويعمُ الخيرُ وينتشرُ السلام، وتختفي مظاهرُ الأثرةِ والأنانية، وتزولُ منَ النفوسِ الأحقادُ والكراهية، ويتلاشى الحسدُ والشقاق، ويَحِلُ مَحِلَّه الودُّ والوفاق، ومنَ الآدابِ التي حثَ الإسلامُ عليها، وأمرَ المسلمينَ أنْ يتصفوا بها؛ الإنفاقُ منْ طيبِ المال، يقولُ سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ، وروي عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قال: قالَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -:((منْ تصدقَ بعدلِ تمرةٍ منْ كسبٍ طيبٍ ولا يقبلُ اللهُ إلا الطيب، وإنَّ اللهَ يتقبلها بيمينهِ ثم يُرَبِّيها لصاحبهِ كما يُرْبي أحدُكُم فَلُوَّه-وهوَ ابنُ الناقةِ الصغير- حتى تكونَ مثلَ الجبل))، فالباذلُ أو المعطي إنَّما يعمد إلى طيبِ مالهِ وأجوده، يمنحُ إخوانَهُ المعسرين، فيعطي الفقراءَ والمحتاجين، ويمنحُ المعوزينَ المساكين، من فضلِ اللهِ ربِّ العالمين.
أحبتي في الله ،
لقد حثَّ الإسلامُ على المبادرةِ بالعطاء، وتعجيلِ الإنفاق، وأوجبَ على المعطي أن يبادرَ السائلَ بالبذل، فقدْ روي عن جابر-رَضِيَ اللهُ عَنْه- قال: ((ما سُئِلَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – عنْ شيءٍ فقالَ: لا)). فالتؤدةُ محمودةٌ في كلِ شيءٍ إلا في اصطناعِ المعروف، فإنَّ التؤدةَ فيهِ تنقيصٌ له، قالَ عمرُ بن الخطاب رضي اللهُ عنه: ((لكلِ شيءٍ شرف، وشرفُ المعروفِ تعجيله))، فطلاقةُ الوجه وطيبُ اللقاءِ يملأُ نفسَ المعطي رحمة، ويملأُ نفسَ المتلقي بِشراً وأمنا، فالموسرون لا يسعون الناس بأموالهم، ولكنْ يسعهم منهم بسطُ الوجهِ وحُسنُ الخُلُقِ وقد جاءَ في الحديث: ((تبسُمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقة))، وقد حرصَ الإسلامُ على مكارمِ الأخلاق، وسعى إلى تأكيدِ القيمِ والمُثُلِ العُليَا في المجتمع، فدعا المنفقَ إلى الزُهدِ فيما بينَ يديه، وحثهُ على الإنفاقِ بما لديه، لأنه يفنى وينفد، والرغبةُ فيما عندَ اللهِ أبقى وأخلد، ولأنه سبحانه باقٍ خالدٌ لا يُضِيعَ أجرَ منْ أحسنَ عملا، فلا يجدُ المنفقُ حرجاً فيما يبذله، ولا يشعرُ بضيقٍ فيما ينفقه، قال تعالى: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، فإذا فَطِنَ المسلمُ إلى هذهِ الحقيقةِ فإنه ينصرفُ عنِ الطمعِ في الدنيا، ويزهدُ فيما فيها، ويتعلقُ بالآخرةِ ويطلبُ ثوابها وخيرها، فيتضاءلُ عندهُ الكثير، فلا يأسى على ما بذل، ولا يفرحُ بما حصلَ وكسب، فينفقُ بسخاوةِ نفس، وطيبِ سريرة، وطلاقةِ وجه.
أحبتي في الله
إنَّ نقاءَ الجوهرِ وعُلو الهمةِ يرفعُ منزلةَ صاحبهِ ويُعلي شأنه، إذا ما أدركَ القيمةَ الحقيقيةَ منْ وراءِ ذلك، بأنْ يوجهَ همتَهُ وإمكاناتهُ إلى الغايةِ النبيلة، والمقاصدِ الشريفةِ التي تهدُفُ إلى خيرِ الإنسانِ وسعادةِ البشرية، وهي تلكَ الأهدافُ التي عنى الإسلامُ بتحقيقها، وصرفَ الهمةَ إليها، يقولُ النبيُ – صلى الله عليه وسلم – : ((تجدونَ الناسَ معادن، فخيارهم في الجاهليةِ خيارُهم في الإسلامِ إذا فقهوا))، وكلُ منْ تعلقَ بشيءٍ منْ هذهِ الخِلال، وتخلقَ بطرفٍ منْ تلكَ الخصال، وصفَ بقدرِ ما بلغَ ونال، وقدْ وصفَ اللهُ سبحانه أنبيائهُ بالكرمِ، فقال:(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) ، وقال تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) ، والكرمُ اسمٌ من أسماءِ اللهِ تعالى، وصفةٌ منْ صفاتهِ عزَّ وجل، لأنهُ هوَ الذي انفردَ بالملكِ والغنى، ((فهوَ سبحانه إذا عُصي غفر، وإذا اطَّلعَ أمهلَ وسَتر، وإذا وعدَ وفى، لا يضيع منْ لجأ إليه، ولا يسلم من توكلَ عليه، يداهُ مبسوطتانِ بالخيرات، ولهُ خزائنُ الأرضِ والسماوات، لا يُنازعُ في قسمةِ رزقه، ولا يُراجعُ في تدبيرِ خلقه، فهو الكريمُ بالإطلاق)). ومن ضروبِ الكرمِ الإيثار، وهوَ صفةُ المتقينَ الأخيار، والمؤمنينَ الأطهار، وهوَ أعلى مراتبَ الكرم، يقولُ الله سبحانه: (وَالَّذِينَ تبوءوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
أَيُّهَا الإخوة الأفاضل:
لقد عَظَّمَ الإسلامُ الكرمَ والجود، وأبغضَ كُلَّ بخيلٍ شحيحٍ كنود، وغرسَ حُبَّ البذلِ في نفوسِ أتباعه، لما فيهِ منْ خيرٍ وفضل، فهوَ يصونُ وجهَ المحتاجِ عن المسالة، ويحفظُ من مذلةِ الحاجة، وينأى بهِ أنْ يُرِيقَ ماءَ وجههِ في طلبِ المسألة، ومنَ الناسِ أعطَوهُ أو مَنَعُوه، تجملاً معه أو سخروا به، رقوا لحالهِ أو جفوهُ واستغلظوا له، فقدرَ المسلمونَ قيمةَ العطاء، طمعاً في الثوابِ منْ ربِ الأرضِ والسماء، فحرَصُوا على التنافسِ فيه، والتسابقِ إليه، وبهذهِ الروحُ تَفَهَّمَ المُسلِمُونَ القيمةَ الحقيقيةَ للثروةِ والمال، قيل: ((ما جَمعتَ من المالِ فوقَ قُوتِكَ فإنما أنت فيهِ خازنٌ لغيرك))، ويروى أنَّ عبد الله بن أبي بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْه- كان ينفقُ على أربعينَ داراً من جيرانهِ عن يمينهِ، وأربعينَ عن يساره، وأربعينَ أمامه، وأربعينَ خلفه، ويبعثُ إليهم بالأضاحي والكسوةِ في الأعياد)).
أحبتي في الله ،
لقد حثَ الإسلامُ على حسنِ الضيافة، وإكرامِ الضيف، لما فيهِ من بذلٍ للمودة، وإظهارٍ الحب، وتقويةٍ للروابطِ بين المسلمين، وتدعيمٍ لأواصرِ المحبةِ في القلوب، فجعلَ إكرامَ الضيفِ من دلائلِ الإيمان، رويَ أنَّ رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قال: ((من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليكرم ضيفه، جائزته يومٌ وليلة، والضيافةُ ثلاثةُ أيام، فما زادَ بعد ذلكَ فهوَ صدقة)). ومن أدبِ الضيافةِ الصدقُ في البذل، وعدمُ الرياء، ومجانبةُ المنِ والأذى، والإخلاصُ لله، قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، ولقد عنيَ الإسلامُ بالجارِ أشدُ عناية، واهتمَّ برعايته، ودعا إلى تفقده، وتلمُسِ حاجته، والمحافظةُ عليه وحمايته، وتحقيقُ الأمنِ والسعادةِ له، روي عن أبي شريح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)) قيلَ: من يا رسولَ الله؟ قال: ((الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه))، فالاهتمامُ بالجارِ يبدأ من الجانبِ الإنساني والوجداني، وهو الذي يُزكي النفوس، ويثيرُ نوازعَ الرحمةِ والخيرِ فيها، بأن يُعينَ الجارُ جارَه إذا احتاجَ معونته، فلا يؤذيهِ بمظاهرِ الثراءِ والنعيمِ حتى لا يزيدَ من آلامهِ ومعاناته، يقولُ النبيُ – صلى الله عليه وسلم – : ((ليسَ المؤمنَ الذي يشبعُ وجارُه جائعٌ إلى جنبه))، وكذلكَ أكدَ الإسلامُ رعايتهُ للأرحام، ودعا إلى توثيقِ صلة الرحم، والاهتمامِ بذوي القرباتِ والإحسانِ إليهم، فالمسلمُ يثابُ بالإنفاقِ على أهلهِ وذوي قرابته، يقولُ الرسولُ – صلى الله عليه وسلم – : ((إذا أنفقَ المسلمُ نفقةً على أهلهِ وهو يحتسبها كانت له صدقة)). وقد أوصى القرآن الكريم ذوي الفضلِ من المؤمنينَ بتفقدهم ورعايتهم ، قال تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أنَّ سعادةَ المجتمعِ وأمنَه رهينٌ بمبدأِ التكافل، فاسعَوا إلى الإنفاقِ والبذلِ والعطاء، وتلمسوا حاجةَ إخوانكم فاقضوها حتى تسودَ روابطُ المحبةِ والإخاء خاصة ورمضان الكريم على الأبواب وكم من إخوة لنا في الله هم في أمس الحاجة إلى مساعدتهم خلال هذا الشهر الفضيل ، يقول تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
واختم هذه الخطبة بقوله تعالى في سورة البقرة “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) ۞ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)صدق الله العظيم
اقول قولي هذا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى
الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ :
أحبتي في اللهِ ، إن المال الذي آتاه الله بني آدم، إنما أعطاهم إياه فتنة، أي: اختبارًا وابتلاء، لينظر هل يحسنون التصرف فيه أم لا، حيث قال سبحانه: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ).
فَمِن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة، ولذائذه التي لا تزيده من الله إلا بعدًا، فهذا يكون ماله وبالًا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ )).
ومِن الناس مَن يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء محرم، ولا في شيء مفيد أو مستحب، فهذا ماله ضائع عليه، وهو نادم عليه يوم الحساب شديدًا، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (( نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ )).
ومِن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله، فيما يُقرِّبه إليه، وعلى حسْب شريعته، فهذا ماله خيرًا له، حيث قال الله سبحانه: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا }.
إن المال النافع للعبد هو المال الذي قدمه لآخرته، فأنفقه وفق شرع الله تعالى، إما في نفقة واجبة أو بِرٍّ وإحسان ومعروف مستحب، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه – رضي الله عنهم -: (( أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ )).
وصحَّ عن عبد الله بن الشِّخير – رضي الله عنه -: (( أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ }، قَالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ؟))
أحبتي في الله :
أحسنوا إلى أنفسكم فتصدقوا ولا تبخلوا، وإياكم أن تحتقروا قليل الصدقة، فتردَّكم أو تُضعفَكم عن الإنفاق في وجوه البرِّ، وميادين الإحسان، فإن قليل الصدقة ولو كان نصف تمرة يَحْجب عن النار، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلاَ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ )).وصحَّ عن عائشة – رضي الله عنها -: (( أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَقِيَ مِنْهَا» ؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا»)).
أحبتي في الله
إن الإحسان إلى ضعفاء المسلمين المحتاجين لَمِن أعظم أسباب النصر على الأعداء، ودفع البلاء عن الأمة، وجلْب الرزق، وكشف كُرب يوم القيامة، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آمرًا وموصيًا ومبشرًا: (( ابْغُونِي الضُّعَفَاءَ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُم)).وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ )).
أحبتي في الله :فإن كنتم أهل معاملات تجارية مع الناس في أيِّ نوع يعود عليكم بالمكاسب المباحة فطهروا هذه المكاسب بالتصدق بشيء منها لعلَّ الله يُخفِّف عنكم بالصدقة بعض ما يحصل منكم، فقد صحَّ عن قيس بن أبي غَرَزَة – رضي الله عنه – أنه قال: (( كُنَّا نَبِيعُ بِالْبَقِيعِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ))
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا ).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
وأسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من المنفقين في سبيله، والشاكرين لنعمائه، والصابرين على أقداره، اللهم اجعل ما أنعمت به علينا معونة لنا على الخير، وبارك لنا في أقواتنا ومساكننا ومراكبنا، وقنعنا بما رزقتنا، ولا تحرمنا خير ما عندك من الإحسان بشر ما عندنا من الإساءة والعصيان، وادفع عنا وعن المسلمين كل شر ومكره، وأصلح فساد قلوبنا، وسددنا في الأقوال والأفعال، وأجرنا من خزي الدنيا والآخرة، اللهم ارفع الضر عن المتضررين من المسلمين، اللهم ارفع عنهم القتل والاقتتال، وارفع عنهم الخوف والجوع، وارفع عنهم الأوبئة والأمراض.اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .
اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .اللهم ، خذ بيده، و احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واحفظه بعزّك الّذي لا يضام. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.اللَّهُمَّ رَبَّنَا اجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ..
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
الدكتور عبد الهادي السبيوي