كلمة مولاي اسماعيل الملتقى العاشر للقراءات القرآنية 21-04-2018

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الرحيم الرحمن، الكريم المنان، الذي أنزل القرآن، وخلق الإنسان، وعلمه البيان، وألهمه التبيان، وحمله ما لم يحمله السماوات والأرض والجبال من الأوزان، قولا ثقيلا وأقوم قيلا، وأمره أن يرتله ترتيلا، ويتلوه عذبا سلسبيلا، تم صلاة ربي وسلامه على سيد ولد عدنان، من تلقى الوحي وبيانه، وعالج شدته بحلم ورزانة، حتى طمأنه ربه فقال إنا علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرآناه فاتبع قرآنه، وعلى آله وصحبه الذين ارتووا من الوحي بكلتا  اليدين، حتى كانوا أعلاما في سماء القرآن دون مين، وعلى من اقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد ،

السادة العلماء المشاركون في الملتقى العلمي العاشر للقراءات القرآنية،

السادة علماء وشيوخ القراءات القرآنية الحاضرون معنا في هذا الملتقى

السادة الأساتذة والباحثون في هذا الفن،

أبنائي الطلبة والطالبات،

نرحب بكم على طريقة أهل القرآن، المرتقين للدرجات في الجنان ، قائلين : “ادخلوها بسلام آمنين”، فقد حللتم أهلا ونزلتم سهلا، ولأنتم أقمن بقول الشاعر :

تحيا بكم كل أرض تنزلون بها

لأنكم في بقاع الأرض   أمطار

وتشتهي العين فيكم منظرا حسنا

لأنكم في عيون الناس أزهار

أيها السادة والسيدات الحضور الأفاضل؛

إن العلم يشرف بشرف المعلوم، ولاشك أن كتاب الله أشرف وأعظم ما يمكن أن يتعلمه الإنسان، فنيله شرف في الدنيا وشفاعة في الآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:”اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه”، وقال صلى الله عليه وسلم: “يؤتى بالقرآن وبأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تتقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة”، بل إن تعلم القرآن يكسب صاحبه كمال الخيرية ، قال صلى الله عليه وسلم: ” خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، وبالقرآن تعلو المراتب ويحوز المرء مراتب الفضل، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: ” إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين”، يرفع  به من اتبعه وتدبره، ويضع من أعرض عنه، بل إن من  حفظ القرآن الكريم فقد استدرج النبوة بين جنبيه، إلا أنه لايوحى إليه، فكيف بمن أضاف إلى الحفظ جمع رواياته، فلاشك أنهم أكثر رفعة وسؤددا، كيف لا وقد حوت صدورهم مجمل رواياته حفظا وضبطا ورسما.

أيها الحضور الكرام،

انطلاقا من هذه المكانة المتميزة التي يحظى بها أهل الله وخاصته، تأتي عناية مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام بالقرآن الكريم وأهله، وقد وصلنا اليوم إلى الملتقى العلمي العاشر للقراءات القرآنية بعدما أرسى والدنا المشمول برحمة الله سيدي محمد المصطفى بصير أولى لبنات هذا العمل المبارك، لتستمر المؤسسة في هذه السنة الحميدة، وجعلها مناسبة سنوية لصلة الرحم مع أهل القرآن وتكريمهم والتعريف بهم وبسط الحديث وفصل القول في هذا الفن، فن القراءات القرآنية الذي أضحى ينتشر فوق التربة المغربية، بل إن المغاربة تفننوا فيه وأبدعوا وأصبحت لهم مدرسة قرائية قائمة انضافت إلى الخصوصية المغربية، وزادها إشعاعا عناية واهتمام ملوك الدولة المغربية الأماجد بهذا الفن، لاسيما ملوك الدولة العلوية الشريفة، ولنا في مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأعز أمره خير دليل، فقد أعطى أمر جلالته بإنشاء إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، وقناة محمد السادس للقرآن الكريم، وإنشاء جائزة أهل القرآن، وأسس معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية.

أيها السادة الأفاضل،

إن مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام و في إطار أنشطتها العلمية، تحتفل اليوم بأهل القرآن وبشيوخ القراءات، واتخذت لهذا الملتقى العاشر شعار:” الاجتماع على القراءة وأثرها في الحفاظ على ثوابت الأمة المغربية“، واستضافت ثلة من الشيوخ والأساتذة الأفاضل لمعالجة هذا الموضوع وفتح مغالقه، ولا أريد أن أستبق الأحداث، بل سأترك لهم المجال فسيحا لعرض مادتهم العلمية القيمة .

وختاما لا يسعني إلا أن أرحب بالسادة العلماء القراء والمقرئين، الذين حجوا تلبية لدعوة إخوة لهم يحبونهم في الله ابتغاء مرضاته ، وجزى الله عنا الجميع خيرا، وجعل حسنات هذا الملتقى في صحيفة سلفنا الصالح الذين لاأخفيكم أنهم جاهدوا لتعلم القرآن وتعليمه، أكثر من جهادهم لأنفسهم ومن تعلق بهم ، فنفثوا هذا الخير في روعنا وعاهدناهم على أن نترك الاهتمام به حتى نلقاهم  ـ إن شاء الله ـ في موقف “للذين أحسنوا الحسنى وزيادة”.

كما نضرع إلى الباري جل في علاه أن يجعل سر وبركة ومدد هذا الملتقى حصنا حصينا وملاذا آمنا لأمير المومنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي نسأل الله عز وجل أن يكلأه بعين عنايته ، وأن يقر عين جلالته بولي عهده المولى الحسن، وأن يحفظه في صنوه الرشيد المولى رشيد وعائلته الملكية الشريفة، إنه سميع قريب والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *