كلمة الشيخ اسماعيل بصير بمناسبة الملتقى العلمي السادس

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد و على اله وصحبه

أتشرف أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع الأطر الإدارية والتربوية بمدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق، وطلبتها وطالباتها أن أرحب بكم جميعا وأقول:

يا ضيفنا  لو زرتنا لوجدتنا نحن             الضيوف و أنت رب المنزل

قد بشرت بقدومكم ريح الصبا               أهلا بكم يا زائرين و مرحبا

يسعدني أن أتقدم إليكم بالشكر الجزيل والامتنان الكبير على تلبيتكم لدعوتنا، وتجشمكم لمشاق السفر، وإن ذل هذا على شيء فإنما يدل على صدق المحبة وصفاء السرائر، إن مشاركتكم لنا في هذا الملتقى العلمي السادس للـتـعـــليم العتيق للمنطقة الوسطى بالمغرب والــــذي ننظمه بتنسيق وشراكة وتعاون مع مديرية التعليم العتيق لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية تحت شعار: “التربية الدينية بين الأصالة والانفتاح” لهو أصدق  تعبير عن إخلاصكم ووفاءكم للمهمة النبيلة التي إنتدبكم  المولى عز وجل لها، ألا وهي بناء الأجيال الصاعدة حاضر هذه الأمة ومستقبلها الزاهر.

ما كنت آهلا فهم رأوني                    لذالك آهلا فصرت آهلا

أيها الحضور الكرام.

مساهمة من مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق في إثراء النقاش العلمي الهادف إلى بلورة رؤية واضحة المعالم لمشروع تجديد  برامج ومناهج ومقررات التربية الدينية في المغرب،واستجابة للتعليمات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله التي أصدرها لوزيري جلالته الشريفة في الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتربية الوطنية يوم السبت 6 فبراير 2016م بمدينة العيون بالصحراء المغربية أثناء ترأسه للمجلس الوزاري، حيث أصدر جلالته أمره المطاع ب: “ضرورة مراجعة مناهج وبرامج ومقررات تدريس التربية الدينية سواء في المدرسة العمومية، أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية كبرى للتربية على القيم السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات و الحضارات الإنسانية وضرورة أن ترتكز هذه البرامج والمناهج التعليمية على القيم الأصيلة للشعب المغربي على عاداته وتقاليده العريقة القائمة على التشبت بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها وعلى التفاعل الإيجابي و الانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات  العصر”.

وتفعيلا للمقاصد السامية لهذه الدعوة المولوية المنيفة الرشيدة في دفع كل الشبهات عن تعليمنا الديني، يشرف مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق، أن تحتضن أشغال هذا الملتقى السادس لمدارس التعليم العتيق بالمنطقة الوسطى، والذي استدعي لمقاربة محاوره صفوة من العلماء  والأساتذة والأكاديميين الباحثين، وهدفنا الأسمى من تنظيم هذا الملتقى تحت هذا الشعار، هو الخروج برؤية واضحة المعالم، للنهوض بمنظومتنا التعليمية الدينية وتجديدها وجعلها أكثر فاعلية وإيجابية بتكوين أجيال متوازنة في شخصيتها وسلوكها اليومي، ومتمسكة بأصالتها الحضارية، وثوابتها الدينية والوطنية، ومنفتحة على مستجدات العصر وتحدياته، شخصية على بصيرة بالعلوم العصرية، قادرة على مواكبة التحديات بنور الإيمان، والرقي في مقامات الإحسان بفضل التربية السلوكية التي تتلقاها صفية نقية بمؤسساتنا التعليمية العتيقة، والتي تحتاج اليوم إلى نهضة علمية على مستوى المناهج والطرق والوسائل التربوية والبيداغوجية تثمينا للدعوات المتواصلة لأمير المؤمنين حفظه الله وخلد في الصالحات ذكره في النهوض بهذا التعليم الذي امتاز به المغاربة في مختلف العصور، فلم يفتر أمير المؤمنين حفظه الله على الدعوة باستمرار إلى العناية بهذا التعليم وإصلاح برامجه ومناهجه التعليمية كما جاء في خطابه السامي حفظه الله بتاريخ 10 ربيع الأول 1425 هـ الموافق ل30 أبريل 2004م بالدار البيضاء والذي قال فيه جلالـــــــته أعزه الله :” وفي هذا السياق، حرصنا على تأهيل المدارس العتيقة، وصيانة تحفيظ القرآن الكريم، وتحصينها من كل استغلال أو انحراف يمس بالهوية المغربية، مع توفير مسالك وبرامج للتكوين، تدمج طلبتها في المنظومة التربوية الوطنية، وتجنب تخريج الفكر المنغلق وتشجع الانفتاح على الثقافات”. انتهى كلام جلالة الملك نصره الله.

وفعلا فإن رؤى جلالة الملك نصره الله النيرة تتحقق الآن بخطا ثابتة  بفضل الجهود الجبارة التي يبذلها أطر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مركزيا وجهويا وإقليميا، ومختلف مدارس التعليم العتيق المنتشرة ربوع مملكتنا الشريفة، حيث اتخذوا من هذه التوجيهات السامية إطارا مرجعيا فحققوا نتائج تربوية وعلمية مثمرة استفاد منها الطلبة المغاربة والطلبة الأجانب من إخواننا الأفارقة وغيرهم، بفضل ما يتمتعون به من إيمان راسخ لتكوين أجيال صالحة، نافعة لبناء مستقبل زاهر لهذا البلد الأمين.

أيها الحضور الكرام.

إن تواجدكم اليوم في رحاب مدرسة  الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط، لهو إغناء لهذا الحوار الهادف حول التربية الدينية وليعبر أصدق تعبير عما يحفل به بلدنا المغرب من طاقات علمية وتربوية وأخلاقية عالية، تتجاوب مع كل خطوات الإصلاح للارتقاء بمستوى ناشئتنا باعتماد أسلوب مؤسس على الوسطية و الاعتدال لا ينكر جهود الأجداد الخيرين، ولا يجافي مسيرتهم المباركة في الحفاظ على ثوابت الأمة و أصالتها في توازن بين حاجات العقل و مطالب الروح، تعليم يستشرف المستقبل  و ينتشل الأمة اليوم من ضنك البعد عن روح الدين الصحيح، و الإنغماس في تطرف المتطرفين و غلو الغالين.

فالله نسأل أن يسدد أعمال هذا الملتقى و يكلله بالنجاح، وأن يوفق السادة العلماء المحاضرين إلى حسن البيان لبسط قضايا وإشكالات محاور شعار هذا اللقاء العلمي السادس لمدارس التعليم العتيق.

وفي الختام أجدد الترحاب بضيوفنا الكرام جميع الأساتذة المتدخلين سائلا الله لهم كامل التوفيق والسداد، كما نسأله عز وجل أن يجازي عنا خيرا مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله و نصره الذي بنظرته الثاقبة الحكيمة يأمر المتخصصين في كل مجال من المجالات باقتراح الجديد من أجل نفع الأمة المغربية والنهوض بها وتحقيق مفاخرها بين الأمم .

كما نشكر جناب معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ومديرية التعليم العتيق بها على تفضلها بالموافقة على التنسيق معنا لتنظيم هذا الملتقى العلمي، وكل الشكر والامتنان لسعادة عامل صاحب الجلالة على إقليم أزيلال على دعمه الدائم المستمر لكل الأنشطة العلمية والثقافية والدينية التي تنظمها المدرسة والزاوية البصيرية فله منا كامل الشكر والتقدير.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *