فوائد رمضان الروحية والنفسية والصحية والاجتماعية -1-
د/عبد الهادي السبيوي
إن الحمد لله نَحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إِليـــــه، ونَعوذ بالله من شرورِ أَنفسنا ومن سيِّئات أَعمالنا، مَن يَهد الله فلا مضل له وَمن يُضْلل فلا هادي له، وأَشهد أَن لا إِله إِلاَّ الله وحده لا شريـــــك له ولا شبيه ولا مثل ولا ند له، ولا حد ولا جُثة ولا أَعضاء له، أَحد صمد لَم يلــد ولَم يولد ولَم يكن له كفوا أحد، وأَشهد أَن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنــــا وقُرة أَعيننا محمدا عَبده ورسوله وصفيه وحَبيبه، من بعثه الله رَحْمــــــــة
للعالمِين هاديا ومبشِرا ونَذِيرا. اللهم صل وسَلم عَلى سيدنا محمـــــد وعلى آله وصفوة صَحبه.
أَما بعد
عِباد الله فَإِني أُوصِيكم ونفسِي بِتَقوى اللهِ العلي العظيم وأَستفتح بالذي هو خَيْر وإِن خَيْر الكَلام كلام الله. يَقُولُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّــذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالفُرْقَانِ فَمَن شَهِـــــدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (۱۸٥)﴾
أحبتي في الله
ونحن في بداية هذا الشهر الفضيل تعالوا بنا نجلس إلى رمضان، ونتأمل أسراره وأحكامه تعالوا بنا نقف مع درره وفوائده ، نقف وقفات تربوية من أسرار الصيام استنباطاً لحكمه ، فمن تأمل الصيام وأن الله جعله الركن الثاني من أركان الملة، وشرعه على جميع الأمم ولم يخصنا به ولا أهل الكتاب من قبلنا كما هو الشأن في بعض الأحكام مصداقا لقوله سبحانه وتعالى [ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ] (البقرة 183) ،وإن دل هذا على شئ فانما يدل على أن به من الفوائد التي تعود على الإيمان والحياة ما يستحق النظر والتأمل.
ففي الصيام طهر لقلوبنا و صفاء لأرواحنا , ونقاء لضمائرنا وقرب من خالقنا وبارئنا , فالصوم مدرسة روحية كبرى فيها يتخلص العبد من كل ما علق به من أمراض و علل و أسقام , فيها يتخلق العبد بالأخلاق الكريمة و العواطف النبيلة , شعاره الحلم و العفو والصفح و كتم الغيظ , و الانفاق و البذل و العطاء , الذي هو ديدن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم و الذي هو كمال الايمان وتمام الاسلام .وللصيام فوائد كثيرة لا تعد ولا تحصى فمنها ما هو روحي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو صحي .
فأما الفوائد الروحية و النفسية لمدرسة الصيام . وخصوصا في شهر رمضان فتتجلى في تهذيب النفس وصقلها و تدريبها تدريبا إيجابيا ومتوازنا ومقنعا للفرد والمؤمن كما أن هذه المدرسة تساعد الإنسان على ضبط شهواته و تقوية إرادته وعزيمته ، كما تعلمه حسن التحكم في السلوك و الشعور بالمسؤولية ومعرفة قيمة الآخرين و تقوية الحس الداخلي وتنمية الضمير و ممارسة الصبر كخصلة حميدة ومثمرة و مجاهدة النفس في كافة الاتجاهات ناهيك عن تنمية الدوافع الإيمانية والأخوية من الرحمة وحب الفقراء وهذا من شأنه تحقيق الاطمئنان والراحة النفسية الكاملة وبالتالي القدرة على مواجهة الحالات النفسية المؤلمة
عباد الله
اعلموا أن رمضان مدرسة للاختبار،حيث يمسك الصائم عن الأكل والشرب والشهوة، وهذا اختبار من الله للعبد بصبره وبعبادته وتركه ما نهاه الله عنه لوجهه سبحانه، وتحمله الأوامر وقيامه بها، انه اختبار للإيمان وللنية وللصبر، وبمعنى أعم اختبار لحقيقة إسلامه واستسلامه لله؛ لأن الحياة بالنسبة للمؤمن كلها اختبار، فمن وطّن نفسه على اختبار الصيام، وأدرك أسراره، وذاق لذة النجاح فيه عرف نتيجة الاختبار في باقي شؤون الحياة.
كما أن رمضان يورث محبة الله في قلب المؤمن، فإنه إذا رأى كرم ربه وجزيل عطاياه في رمضان، زادت محبته سبحانه، والمحبة ركن في الإيمان وهي أساس الأعمال، فيقبل المؤمن على العمل محباً له متمسكاً به متقناً لأدائه، ففي رمضان يتكرم المولى بالمغفرة لمن صام ولمن قام وفطر صائماً، والحسنة تُضاعف فيه ما لا تتضاعف في غيره، واختص الله بأجر الصائم دون غيره، وما ذاك إلاّ محض فضل منه سبحانه وتعالى.
كما أن رمضان يربي الناس على تجديد النية والاحتساب، ويُؤخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: ” من صام رمضان إيماناً واحتساباً ” فجاء رمضان يؤكد قضية النية وتجديدها في الصيام وفي السحور وفي الإفطار، فيتربى المسلم على تجديد النية في الأمور الإيمانية والعبادات بل حتى في الأمور العادية من أكل وشرب، ولا يخفى أثر النية على الأجر المترتب على العمل وعلى النفع به في الدنيا.
وفضلا عن كل ذلك ففي رمضان يرتبط الناس بكتاب ربهم سبحانه، فتزداد صلة المسلم بكلام ربه قراءة وسماعاً وتأملاً وتدبراً، وبذلك يزداد إيماناً وتقى وصلاحاً. عباد الله كما ذكرت في اول الخطبة فان لمدرسة الصيام فوائد لا تعد ولا تحصى وما تطرقت اليه بخصوص الفوائد الروحية ما هو الا غيض من فيض لان الفوائد الروحية لمدرسة الصيام مهما حاولت تعدادها فلن احصرها جميعها في خطبة واحدة .
احبتي في الله
فكما ان للصيام الاثر الايجابي من الناحية الروحية والنفسية فان له ايضا فوائد صحيه وقد اثبت العلماء والباحثون حقيقة ذلك ومن فوائده
يقول تعالى في كتابه الكريم [ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون] (البقرة 184)
فهل اكتشف العلم الحديث السر في قوله تعالى [ وأن تصوموا خير لكم ]؟؟؟ إن الطب الحديث لم يعد يعتبر الصيام مجرد عملية إرادية يجوز للإنسان ممارستها أو الامتـناع عنها، فإنه وبعد الدراسات العلمية والأبحاث الدقيقة على جسم الإنسان ووظائفه الفسيولوجية ثبت أن الصيام ظاهرة طبيعية يجب للجسم أن يمارسها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة، وأنه ضروري جدا لصحة الإنسان تماما كالأكـل والتنفس والحركة والنوم، فكما يعاني الإنسان بل يمرض إذا حرم من النوم أو الطعام لفترات طويلة، فإنه كذلك لا بد أن يصاب بسوء في جسمه لو امتنع عن الصيام.
وفي حديث رواه النسائي عن أبي أمامة ” قلت: يا رسول مرني بعمل ينفعني الله به، قال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له” وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني ” صوموا تصحوا ” والسبب في أهمية الصيام للجسم هو أنه يساعده على القيام بعملية الهدم التي يتخلص فيها من الخلايا القديمة وكذلك الخلايا الزائدة عن حاجته، ونظام الصيام المتبع في الإسلام – والذي يشتمل على الأقل على أربع عشرة ساعة من الجوع والعطش ثم بضع ساعات إفطار – هو النظام المثالي لتنشيط عمليتي الهدم والبناء، وهذا عكس ما كان يتصوره الناس من أن الصيام يؤدي إلى الهزال والضعف، بشـرط أن يكون الصيام بمعدل معقول كما هو في الإسلام، حيث يصوم المسلمون شهرا كاملا في السنة ويسن لهم بعد ذلك صيام ثلاثة أيام في كل شهر كما جاء في سنة النبي صـلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد والنسائي عن أبي ذر رضي الله عنه: “من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه [ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ]، اليوم بعشرة أيام.
وهكذا فان من فوائد الصيام الصحية الوقاية من الأورام ذلك ان الصيام يقوم مقام مشرط الجراح الذي يزيل الخلايا التالفة والضعيفة من الجسم، فالجوع الذي يفرضه الصيام على الإنسان يحرك الأجهزة الداخلية لجسمه لاستهلاك الخلايا الضعيفة لمواجهة ذلك الجوع، فتتاح للجسم فرصة ذهبية كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه، كما أنه يستهلك أيضا الأعضاء المريضة ويجدد خلاياها، وكذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثيـر من الزيادات الضارة مثل الحصوة والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها.
كما يحمي الصيام من السكر وهو ما أكده المختصون ، فهو خير فرصة لخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، وعلى هذا فإن الصيام يعطي غدة البنكرياس فرصة رائعة للراحة، فالبنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية وذهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم أخيرا يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر. وقد أقيمـت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر باتباع نظام الصيام لفترة تزيد على عشر ساعات وتقل عن عشرين كل حسب حالته، ثم يتناول المريض وجبات خفيفـة جدا، وذلك لمدة متوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر ودون أية عقاقير كيميائية.
كما يعتبر الصيام أيضا وبلا مبالغة أقدر طبيب تخسيس وأرخصهم على الإطلاق، فالصيام يؤدي حتما إلى إنقاص الوزن، بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام في وقت الإفطار، وألا يثخم الإنسان معدته بالطعام والشراب بعد الصيام، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ إفطاره بعدد من التمرات لا غير أو بقليل من الماء ثم يقوم إلى الصلاة، وهذا الهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر المـوجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة إلى الدم، وفي نفس الوقت يعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد.
أما لو بدأت طعامك بعد جوع بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها ويتحول جزء منها إلى سكر يشعر الإنسان معه بالشبـع، وفي هذا الوقت يستمر الإنسان في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة، بل يصبح وبالا على الإنسان حيث يزداد معه بدانة وسمنة، وهذا ما لا يريده الله تعالى لعباده بالطبع من تشريعه وأمره لعباده بالصوم.
كما أن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد، مما يعمل على:
– زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية
– التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في الجسم مثل مرض الصدفية.- تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الذهنية. فمع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة .
كما أكد الكثير من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية – وأغلبهم غير مسلمين- أن الصوم يقي من جلطة القلب والمخ لأنه ينقص من الدهون في الجسم و بالتالي يؤدي إلى نقص مادة “الكوليسترول” فيه .وهي المادة التي تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ.
ولا نندهش إذن عندما نستمع إلى قول الحق سبحانه وتعالى [ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ] فكم من آلاف من البشر جنت عليهم شهيتهم المتوثبة دائما إلى الطعام والشراب دون علم و لا إرادة، ولو أنهم اتبعوا منهاج الله وسنة النبي محمد بعدم الإسراف في الأكل والشرب ، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر لعرفوا لآلامهم وأمراضهم نهايـة، ولتخففت أبدانهم من عشرات الكيلوجرامات
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هدانا للإسلام ووفقنا لإدراك شهر الصيام والقيام ، أحمده سبحانه وله الحمد في البدء والختام والصلاة والسلام على خير من صلى وصام وعلى آله وصحبه الكرام .
أما بعد :
احبتي في الله ، اذا كان لرمضان فوائد روحية ونفسية وصحية فانه لا يخلوا ابدا من الفوائد الاجتماعية ذلك ان مدرسة الصيام تعود على النظام و الاتحاد و حب العدل و المساواة , و ايجاد عاطفة الرحمة , وتنمية روابط الألفة و المسارعة الى الاحسان و التسابق الى الخيرات, وصون المجتمع من الشرور و المفاسد.
فالصائم حين يكف نفسه من ضروريات الحياة , يدرك ما يعانيه الفقير المحروم من الجوع و الحرمان, وما يشعر به البئس و المحتاج من الفاقة و العوز, فترق نفسه وتفيض بالحنان والعطف ويلين قلبه فيتفجر بالجود و السخاء, ولذلك فان أفضل الصدقة صدقة رمضان, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : من فطر صائما على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان وصلى عليه جبرائيل ليلة القدر .
وقد ورد في السنة مايدل على أن للانفاق في هذا الشهر فضلا على الانفاق في بقية الشهور , يدل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود الناس في رمضان فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل رمضان أطلق كل أسير, و أعطى كل سائل وفرج عن كل مكروب .
وعن النبي صلى اله عليه وسلم أن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها, وباطنها من ظاهرها, قالوا لمن هذه يا رسول الله, فقال : لمن طيب الكلام, واطعم الطعام, وأدام الصيام, و صلى بالليل والناس نيام وقد جعل الله رمضان وقتا لإفاضة الخير والبر على عباده أضعاف ما يفيضها في غيره, فكانت الصدقة فيه أعظم اجرا وأكثر ثوابا منها في غيره, ولذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل ؟ فقال : صدقة في رمضان .
وفي هذا حث على الإكثار من الصدقة فيه, وتحريض على مزيد الإنفاق في أيامه ولياليه على البائسين المعوزين.
فعن معاذ بن جبل رضي اله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال لي : يا معاد ألا أدلك على أبواب الخير, فقلت بلى يا رسول الله فقال: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار…) ومعنى أن الصوم جنة بالضمة على حرف الجيم :أي وقاية وستر من المعاصي .
اخوتي في الله
ادعوكم ونفسي إلى الاستفادة من فضائل هذا الشهر العظيم واحذروا من التفريط في هذا الشهر العظيم فأيامه معدودة وساعاته محدودة ولا تكن من أولئك الذين جعلوا رمضان موسم للهو والعصيان ، إحذروا من الغفلة والإعراض عن الرحمات والنفحات الإلهية قال تعالى :{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى .
فكم تتألم النفوس المؤمنة وتتقطع حسرة على ما تراه من شباب المسلمين الذين اجتمعوا على اللهو وقتل الأوقات في ليالي رمضان الفاضلة كم من الحرمات لله تنتهك ومعاصي يجاهر بها في ليالي رمضان المباركة والله المستعان . فيا خسارة المفرطين ويا ندامتهم يوم وقوفهم بين يدي رب العالمين عند سؤاله لهم {ماذا أجبتم المرسلين } . فاجتهد أيها الأخ المبارك في اغتنام أيام العمر ولياليه وتذكر اخي المسلم اختي المسلمة أن هذه الدنيا أيام معدودة وأنفاس محدودة ولا يدري متى الرحيل فاستعدوا احبتي في الله و تزودوا مادام في العمر فسحة وعيشوا يومكم ولا يطول أملكم فإن الموت يأتي على غرة ،فاعملوا ما يجلب لكم في ذلك اليوم المسرة ، وتذكروا بأن التعب والنصب يزول ويثبت عند الله سبحانه وتعالى الأجر وفقنا الله وإياك لكل خير وفقنا الله وإياك لكل خير .
عباد الله هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل في علاه “إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد، وارض اللهم عن أمهات المؤمنين، وسائر الصحابة والتابعين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب . اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة، و اجعله لدينـــــــــــك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .. اللهمّ خذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، وأحفظه بعزّك الّذي لا يضام، وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ.وَالابكار اللهم اجعل مكان اللوعة سلوة، وجزاء الحزن سرورا، وعند الخوف أمنا، اللهم إهدِ حيارى البصائر إلى نورك، وضلال المناهج إلى صراطك، والزائغين عن السبيل إلى هداك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل صيامنا في رمضان صيام الصائمين و قيامنا فيه قيام القائمين ، و نبهنا فيه عن نومة الغافلين ، واعف عني يا عافياعن المجرمين .اللهم قربنيا فيه الى مرضاتك ، وجنبنا فيه من سخطك ونقماتك ،ووفقنا فيه لقراءة آياتك ، برحمتك يا أرحم الراحميــن
اللهم ارزقنا فيه الذهن والتنبيه ، وباعدنا فيه من السفاهة والتمويه ، واجعل لنا نصيبا من كل خير تنزل فيه ، بجودك يا اجود الأجودين .
اللهم قونا فيه على إقامة أمرك ، و أذقنا فيه حلاوة ذكرك ، و أوزعنا فيه لأداء شكرك بكرمك ، واحفظنا فيه بحفظك و سترك يا ابصر الناظرين .
اللهم لا تؤاخذنا فيه بالعثرات ، و اقلنا فيه من الخطايا و الهفوات ، و لا تجعلنا فيه غرضا للبلايا و الآفات بعزتك يا معز المسلمين .
اللهم ارزقنا فيه طاعة الخاشعين ، و اشرح فيه صدورنا بإنابة المخبتين ، بأمانك يا أمان الخائفين .
اللهم وفقنا فيه لموافقة الأبرار ، وجنبنا فيه مرافقة الأشرار ، وآونا فيه برحمتك إلى دار القرار يا إله العالمين.
اللهم افتح لنا فيه أبواب الجنان ، و أغلق عنا فيه أبواب النيران ، ووفقنا فيه لتلاوة القران يا منزل السكينة في قلوب المؤمنين .اللهم إنا نسألك ألسنة ذاكرة صادقة، وقلوباً سليمة، وأخلاقاً مستقيمة برحمتك يا رحمـن. اللهم يا حي يا قيوم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، وأصلح لنا أعمالنا وأقوالنا، وحسّن أخلاقنا وطهر قلوبنا وافتح لأدعيتنا الإجابة، وتقبل دعائنا يا سميع يا مجيب.
ربنا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.