فضل شهر محرم وتذكير بالزكاة
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله دبَّر بحكمته شؤون العباد، وأوضحَ بفضله سبيلَ الرشاد، وقهرَ بحُجَّته أهل العناد، أحمده – سبحانه – وأشكره ونِعمُ ربنا بالشكر تزداد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزَّه عن الأشباه والأنداد، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله خصَّه ربُّه بالمقام المحمود والحوض المورود في يوم المعاد، صلَّى الله وسلَم وبارَك عليه وعلى آله الطيبين الأسياد، وأصحابه البَرَرَة الأمجاد، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم التناد، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا مُتطاوِل الآماد.
أما بعد:
فأُوصيكم – أيها الناس – ونفسي بتقوى الله – عزَّ وجل -، فاتقوا الله ، وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة: 281]، فمن اتَّقى الحسابَ تورَّعَ في الاكتِساب، ومن قنِع باليسير هانَ عليه العسير، والأيامُ تُبلِي الأفعال، وتمحُو الآثار، وتُميتُ الذكرَ فاجتهِدوا في فعلٍ لا يَبلى، وذكرٍ لا يُنسَى، وآثارٍ لا تُمحَى؛ من الإيمان والإخلاص، وبذل المعروف، وحبِّ الناس؛ فقد جُبِلَت القلوب على حبِّ من أحسنَ إليها، وبلينِ الكلامِ تدومُ المودَّة، وبحُسن الخُلُق يَطيبُ العيشُ، وبخفضِ الجَناح تستقيمُ الأمور، وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت: 34، 35].
أحبتي في الله
إن من نعم الله – تعالى – على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم ليوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، فما كاد ينقضي موسم الحج المبارك إلا وتبعه شهر كريم هو شهر الله المحرم، وهو أول
شهور السنّة الهجرية، ومن أعظم الشهور وأفضلها، وأحد الأشهر الحُرُم التي ذكرها الله – عز وجل – في كتابه بقوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلـــــــــــــــــــــــ
السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي “أن الله حرم الأشهر الحرم الأربعة وهي الثلاثة المتوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، والشهر الرابع المفرد: رجب، والواضح أن هذا التحريم كان مع فرض الحج في أشهره المعلومات منذ إبراهيم وإسماعيل، وعلى كثرة ما حرف العرب في دين إبراهيم، وعلى شدة ما انحرفوا عنه في جاهليتهم قبل الإسلام؛ فإنهم بقوا يعظمون الأشهر الحرم هذه؛ لارتباطها بموسم الحج الذي كانت تقوم عليه حياة الحجازيين، وبخاصة سكان مكة كيما يكون هناك السلام الشامل في الجزيرة الذي يسمح بالموسم، والانتقال إليه، والتجارة فيه”.
وقد ورد في شهر محرم نصوص تدل على فضله، وفضل الأعمال الصالحة فيه من صوم ونحوه.
من النصوص الواردة في فضل شهر محرم قوله – تعالى -: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}، وفي هذه الآية بيان أن الله – سبحانه – وضع هذه الشهور، وسماها بأسمائها على هذا الترتيب المعروف يوم خلق السموات والأرض، وأن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء، ونزلت به الكتب، وأنه لا اعتبار بما عند العجم، والروم، والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها، ويجعلون بعضها ثلاثين يوماً، وبعضها أكثر، وبعضها أقلّ.
{مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} هي: “ذي القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب: ثلاثة سرد، وواحد فرد”، وشهر محرم من الأشهر الحرم التي ذُكرت في الآية.
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ – رضي الله عنه – عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ((إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)).
ومن فضل شهر محرم أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أضافه إلى الله – عز وجل – فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَفْضَلُ
الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)) ، و”هذا الحديث فيه تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم”، وأن أفضل أوقات صوم التطوع بعد رمضان هي
أيام شهر محرم الذي أضافه الله – تعالى – إليه تشريفاً وتعظيماً، وهذا ظاهر من حديث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -، فإن الصيام من أفضل الأعمال عند الله – تعالى -.
ومن فضل شهر محرم أن فيه يوم عاشوراء الذي يذكر النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فضله في حديث أَبِي قَتَادَةَ – رضي الله عنه – فيقول: ((وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)).
أحبتي في الله
إن المسلم العاقل اللبيب هو الذي يستغل مواسم النفحات الربانية، والمنح الإلهية؛ كي يكثر من الطاعات والخيرات فيها، خاصة وأن الأجور فيها قد تكون مضاعفة.وإن مما ينبغي على العبد القيام به في هذا الشهر أمور منها:
أولاً: الصيام لحديث أَبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ))9 قال أبو الطيب السندي: “أفضل الصيام بعد رمضان عند الإطلاق صيام المحرم، وعند تعظيم رمضان صيام شعبان”10.
ثانياً: تحري صيام التاسع والعاشر منه فعَنْ بْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ))11، وقال: ((وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ))12.
ثالثاً: الإكثار من الدعاء، والتزود من الطاعات، واستغلال هذا الموسم الرباني.
أحبتي في الله
إن اتباع السنة والهدي النبوي في أعمال شهر محرم وغيره من أعمال الطاعات هو المطلوب من العبد المسلم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قد بيَّن لأمته الكيفية الصحيحة لأداء أي عبادة أو شعيرة من شعائر الدين، ونحن في شهر محرم نجد أن هناك عبادات ونوافل وردت عن النبي – عليه الصلاة والسلام -، ووردت أيضاً الكيفية التي كان يؤدي بها تلك الشعائر، إلا أننا
نجد اليوم أمورا ابتدعها البعض ظناً منهم أنها من الدين وهي ليست كذلك، ومنها ما ابتدعه الشيعة كبدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاء المراثي وغيرها من المظاهر الدخيلة على الدين الاسلامي والذي هو براء منها ومنها ما يقوم به البعض من مظاهر الغبطة والفرح والسرور نكاية في سيدنا علي كرم الله وجهه وبغضا لآل بيته وهي من المظاهر التي لا تؤدي الا الى مزيد من الفرقة والاحتقان .
وبين هاتين البدعتين نجد أن الله – عز وجل – قد هدى ووفق أهل السنة فامتثلوا ما جاء عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – من الصوم، مع مراعاة عدم التشبهة باليهود في صيامهم له، وابتعدوا عن ما أحدثه الشيطان من البدع الباطلة التي لم تثبت عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا عن أصحابه في القرون المفضلة، ولا التابعين، فلله الحمد والشكر على أن وفقنا أن نكون من أهل سنة نبيه – صلى الله عليه وآله وسلم -، ووفقنا إلى اتباعه، والسير على نهجه وخطاه. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ، ولا اعتصامي ، ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا برُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، وما سمعت أذنٌ بِخَبر
اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير .
إخوة الإيمان
في هذه الخطبة الثانية المباركة أبيت إلا أن أذكركم أحبتي في الله واذكر نفسي بضرورة إخراج الزكاة والتي تعد شرعيتها ثابتة في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على ذلك.
ونظرا لأهميتها فقد قُرنت الزكاة في غير ما آية من كتاب الله بالصلاة، في مثل قوله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءاتُواْ الزَّكَو [الزمل:20]. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت”.
فاتقوا الله تعالى، وأدوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم، التي رزقكم ، ولا تكونوا ممن تساهلوا في هذا الركن العظيم، ولا تكونوا من الذين لا يؤدون زكاة أموالهم ، وتذكروا أحبتي في الله أن الله سبحانه وتعالى أخرجكم من بطون أمهاتكم، لا تعلمون شيئاً، ولا تملكون لأنفسكم نفعاً ولا ضراً، ثم يسر الله لكم الرزق، وأعطاكم ما ليس في حسابكم، فقوموا أيها المسلمون بشكره، وأدوا ما أوجب عليكم، لتبرأ ذممكم، وتطهروا أموالكم واحذروا الشح والبخل بما أوجب الله عليكم، فإن ذلك هلاككم، ونزع بركة أموالكم.
أحبتي في الله
إن الذين بخلوا على الله عز وجل، ولم يؤدوا هذا المقدار البسيط، الذي أوجبه الله عليهم في أموالهم، ألم يقرأوا الوعيد بالنيران في كتاب الله عز وجل لمن بخل بما آتاه الله، قال الله عز وجل: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءاتَـاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ السَّمَـاوتِ وَلأرْضِ وَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180]. وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـاذَا مَا كَنَزْتُمْ لانفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34، 35]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الآية الأولى: “من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثّل له شجاعاً أقرع ـ وهي الحية الخالي رأسها من الشعر، لكثرة سمها ـ مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، يأخذ بشدقيه، يقول: أنا مالك، أنا كنزك” رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم في تفسير الآية الثانية: وَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. قال عليه الصلاة والسلام: “ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي فيها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فتكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد” رواه مسلم.فاتقوا الله أيها المسلمون:يا من تتهاونون في دفع زكاة أموالكم، تأملوا الحديث .. فوالله لا يحمى على الذهب والفضة، في نار كنار الدنيا، إنما يحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا، بتسعة وستين جزءاً.
أحبتي في الله ،
يا من آمنوا بالله ورسوله، يا من صدّقوا بالقرآن، وصدقوا بالسنة، ما قيمة الأموال التي تبخلون بزكاتها، وما فائدتها، إنها تكون نقمة عليكم، وثمرتها لغيركم. إنكم لا تطيقون الصبر على وهج الحر أيام الصيف، فكيف تصبرون على نار جهنم، فاتقوا الله عباد الله، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها نفوسكم، تنجون من عذاب ربكم.فبـادروا بزكـاة المـال إن بها للنفس والمال تطهيراً وتحصينـاً ، ألم تروا أن أهل المـال في وجـل يخشـون مصرعهـم إلا المزكين ، فهل تظنـون أن الله أورثكــم مالاً لتَشْقَوا بـه جمعاً وتخزينـاً ، أو تقصروه على مرضاة أنفسكم وتحرموا منـه معتداً ومسكينـاً .
واعلموا أيها الأحبة أن الزكاة لا تنفع، ولا تبرأ بها الذمة، حتى يخرجها الإنسان على الوجه المشروع، وحتى توضع في الموضع الذي وضعها الله فيه، وهم الأصناف الثمانية التي ذكرها الله في كتابه، في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَـاتُ لِلْفُقَرَاء وَلْمَسَـاكِينِ وَلْعَـامِلِينَ عَلَيْهَا وَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرّقَابِ وَلْغَـارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللَّهِ وَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].
فهؤلاء ثمانية أصناف وهم أهل الزكاة. وسنكتفي بهذا التذكير أحبتي في الله وسنحاول في خطب مقبلة أن نتطرق إلى موضوع الزكاة بالتفصيل انشاء الله .
هذا و صلوا و سلموا على إمام المرسلين و قائد الغر المحجلين فقد أمركم رب العالمين في محكم التنزيل حيث قال عز قائلاً عليما : { إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنو صلوا عليه و سلموا تسليما} اللهم صلّ على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد و بارك على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد و ارض اللهم عن خلفائه الراشدين و عن أزواجه أمهات المؤمنين و عن سائر الصحابة أجمعين و عن المؤمنين و المؤمنات إلى يوم الدين و عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين و انصرهم على عدوك و عدوهم يا رب العالمين . اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوما و اجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما و لا تدع فينا و لا معنا شقياً و لا محروما . اللهم إنا نسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى . اللهم إنا نسألك أن ترزق كلاً منا لساناً صادقاً ذاكرا و قلباً خاشعاً منيبا و عملاً صالحاً زاكيا و علماً نافعاً رافعا و إيماناً ثابتاً راسخا و يقينا صادقاً خالصا و رزقاً حلالاً طيباً واسعا يا ذا الجلال و الإكرام. اللهم أعز الإسلام و المسلمين ووحد اللهم صفوفهم و أيد راية المؤمنين و اكسر شوكة أعدائهم و اكتب السلام و الأمن للعالم الإسلامي في كل ربوعه و اجعل العزة و الرفعة للإسلام و جموعه . اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحةِ والعافية، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، واجمَع به كلمةَ المسلمين على الحق والهُدى يا رب العالمين.اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام
اللهم ربنا إسقنا من فيضك المدرار و اجعلنا من الذاكرين لك في الليل و النهار المستغفرين لك بالعشي و الأسحار. اللهم أنزل علينا الغيث و لا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثا غدقاً طبقا نافعاً غير ضار تنبت به الزرع و تدر به الضرع و تحيي به الأرض الموات حتى لا يدع وادياً إلا أساله و لا مصراً للمسلمين إلا أعشبه .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب الله . ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . ربنا ظلمنا نفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين . اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات إنك سميع قريب مجيب الدعاء .
اللهم وفِّقنا للتوبة والإنابة، وافتح لنا أبوابَ القبول والإجابة، اللهم تقبَّل طاعاتنا ودعاءَنا، وأصلِح أعمالنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتُب علينا، واغفر لنا، وارحمنا يا أرحم الراحمين.اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلَك.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس: 85]، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار [البقرة:201].سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.