طلبة من جامعة شيكاغو الأمريكية يزورون الزاوية البصيرية للتعرف على الدين والثقافة الإسلامية وتعلم اللغة العربية

طلبة من جامعة شيكاغو الأمريكية يزورون الزاوية البصيرية للتعرف على الدين والثقافة الإسلامية وتعلم اللغة العربية

محمد كسوة 

قام وفد من طلبة جامعة شيكاغو الأمريكية، رفقة مجموعة من الأساتذة والمؤطرين، بزيارة للزاوية البصيرية ومدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق الكائن مقرها ببني عياط إقليم أزيلال، وذلك يوم الاثنين الماضي 15 يناير الجاري.

وتأتي هذه الزيارة بتنسيق بين المركز اللغوي الثقافي بمراكش ومؤسسة محمد بصير للدراسات والبحوث والإعلام، تحت شعار “شعوبا للتعارف والتواصل”، وتهدف إلى التعرف على الدين والثقافة الإسلامية وتعلم اللغة العربية، وشارك فيها حوالي 30 طالبا من جنسيات مختلفة، وبحضور الأستاذة المشرفة الدكتورة ألكساندرا أنزيد كولاروڤا جامعة شيكاغو،

والأستاذ حمزة وايمان مدير المركز اللغوي الثقافي بمراكش، فؤاد أرسموك مدير الموارد البشرية، نور الدين فكري منسق البرامج الخارجية، أميمة اووش منسقة الأسر المغربية بذات المركز.

وبهذه المناسبة ألقى الشيخ مولاي إسماعيل بصير شيخ الطريقة البصيرية والمشرف على مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق كلمة رحب من خلالها بجميع الزوار لهذا الصرح العلمي التربوي الذي ناهز القرنين على تأسيسه. والذي دأب على استقبال من يقصده من جميع الجنسيات والديانات السماوية سواء لطلب المعرفة أو التربية والسلوك او البحث العلمي أو للاستطلاع.

وأضاف مولاي إسماعيل أن استقبال هذه الثلة الخيرة من الشباب اليافع المتطلع للتعرف على ثقافة الغير واشباع فضوله المعرفي، تحت عنوان “مدخل إلى الثقافة الإسلامية”، متمنيا أن يكون مدخل صدق ومخرج صدق.

وأشار شيخ الطريقة البصيرية أن يلفت الانتباه الشعار الذي اختارته الأستاذة المشرفة على البرنامج “شعوبا للتعارف والتواصل”، ملفت للانتباه ويعتبر ترجمة لقول الله تعالى في سورة الحجرات الآية 13: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” والتي تحمل في طياتها أهدافا سامية، ومصالح اجتماعية ومعاملات إنسانية، تبشرنا بالسعادة إن نحن طبقناها في مسيرتنا الوجودية، وأن نحيا حياة طيبة تشع استقامة، وتواضعا ومساواة بين أفراد البشر، “لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى”.

وأكد مولاي إسماعيل أن هذه الآية الكريمة تحث الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم على التعارف والاتصال، وإحياء الروابط الإنسانية من أجل زرع المحبة وتنميتها في النفوس، وتقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، التي تخلق مجتمعا فاضلا متماسكا ومتمسكا بمكارم الأخلاق ، لا كبر فيه ولا كبرياء ولا بغض ولا حسد ولا تفاخر بأعراق وأنساب؛ ففضل الإنسان يتلخص في تقواه وصفاء سريرته ومدى قدرته على استيعاب الآخر .

وأوضح رئيس محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام أن بلدنا المغرب بقيادة ملوكه العلويين سار على هذا الدرب من أجل تحقيق هذه السعادة في أسرته الصغيرة (نفسه وشعبه)، وأسرته الكبيرة (العالم بأسره)، فكان السباق إلى الاعتراف باستقلال أمريكا بل أول دولة تعترف بذلك الحق المسلوب، حتى ينعم الشعب الأمريكي بالسلم والسلام، ويضرب بذلك المثل عن سماحة الإسلام وتعايشه ونبذه العنف. وكذلك هو حال جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي آخى جميع دول العالم وسالمها بل ومد يده حتى للخصوم من أجل مراجعة المواقف واستغلال الوقت فيما يعود على الأمم بالخير والصلاح. 

ومن جهته أكد الأستاذ حمزة حمزة وايمان مدير المركز اللغوي الثقافي بمراكش أن زيارتهم إلى هذا الفضاء المقدس نادرًا ما يشهده الغرباء، حتى المغاربة منهم، شاكرا القائمين على الزاوية البصيرية على جعل هذا اللقاء ممكنًا.

وقال وايمان إن موضوع هذه الزيارة ينطلق من قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنْ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير”, مبينا أن في هذه الاية تتجلي أهمية القرآن في ربط جسور الحوار الثقافي والتفاهم بين الثقافات والمعرفة الذاتية من خلال التفكير في أن أولئك المختلفين عنا.

وأشار إلى أن هذا الحوار و التفاعل بين الحضارات يعتمد بالاساس على الاحترام المتبادل، و كمثال لهذا الاحترام، يوضح الضيف بأن جامعة شيكاغو الأمريكية ومؤسسة التعليم العتيق للزاوية البصيرية يمثلان نظامين تربويين مختلفين، يبين مدى اختلاف و جهات النظر بالعالم بأسره، و هي فرصة كبيرة للتعلم و الاطلاع على امور جديدة من خلال هده الزيارة. 

و أوضح أنه نادرا ما ترى مؤسسة تربوية تحافظ على هويتها و ليست تقليدا للنظم التربوية الغربية، وهي مؤسسة تمثل حضارة معرفة لازيد من 1000 سنة.

وقام بتقديم الطلبة الزوار القادمين من إحدى أرقى الجامعات الأمريكية وفي تخصصات متنوعة ومهمة منها العلوم السياسية، الاقتصاد، الرياضيات وعلوم البيولوجيا و غيرها. و هي تخصصات تفرز افكارا وأبحاثا تساهم بشكل كبير في تشكيل و توجيه السياسة في العالم.

وختم بإبراز أهمية حفظ و دراسة القران الكريم وباقي العلوم الشرعية وهو الأمر الذي يهدف إلى تقريب الطلبة من حياة الرسول صلى عليه وسلم الدي كان ” قرانا يمشي” و الاقتداء به.

وفي النهاية تمنى لو يتمكن من دعوة إخوانه وأخواته بالزاوية لزيارة احدى المدارس او الجامعات الأمريكية ليعيشوا تجربة تقافية وفلسفية مختلفة.

وفي تصريح للدكتورة ألكساندرا أنزيد كولاروڤا أستاذة بجامعة شيكاغو الأمريكية، أكدت من خلاله اعتزازها بهذه الزيارة التي جعلتهم يعيشون جزءًا من الحياة اليومية في الزاوية البصيرية وفي هذه المدرسة القرآنية، حيث أتيحت لهم الفرصة للانغماس حقًا في الحياة اليومية للطلاب لاكتشاف رصيدهم المعرفي الكبير وتمكنهم من تلاوة القرآن واطلاعهم على مجالات علمية أخرى.

ونوهت بهذه الزيارة التي ستمكن الطلبة الأمريكيون من رؤية كيفية ممارسة الإسلام يوميًا بدلاً من التعرف عليه في الفصل الدراسي، وهو أمر مفيد للغاية.

وعبر الأستاذ حمزة وايمان عن سعادته لهذه الزيارة التي استمتع فيها الضيوف كثيرا، وحصولهم على بركة الزاوية البصيرية والمدرسة البصيرية، واستفادتهم عقليا وروحيا، فهي زيارة ممتازة تعرف من خلالها الطلبة الامريكيون عن تاريخ تعليم القرآن الكريم في المغرب وهو نموذج فريد من نوعه للتعليم عند المسلمين، لا يوجد إلا في المغرب.

وشكر خادم الطريقة البصيرية على كرم الضيافة، متمنيا التوفيق والنجاح لطلبة مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق، ليتحملوا مسؤولية تبليغ الرسالة المحمدية للعالم الذي هو في امس الحاجة إلى المسلمين وقيم الإسلام.

وفي ذات السياق بين الأستاذ فكري نور الدين، منسق البرامج الخارجية بالمركز اللغوي الثقافي بمراكش في تصريح له أن المدرسة البصيرية حافظت على الطريقة العتيقة في تعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وهو من الثرات اللامادي الذي يجب المحافظة عليه.

وأضاف أن هذه الزيارة تأتي بمبادرة من المركز الثقافي اللغوي بمراكش وبتنسيق مع مؤسسة محمد بصير للدراسات والإعلام، تحت شعار الآية الكريمة “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، فهؤلاء الطلبة الذين قدموا من مختلف أنحاء العالم واجتمعوا في جامعة شيكاغو الأمريكية ويمثلون مختلف التخصصات والانتماءات الدينية والعرقية، زاروا الزاوية البصيرية بهدف التعرف على الثقافة الإسلامية والوقوف على هذا النموذج الحي والمثالي الذي تشتغل عليه مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق.

وأوضح أن المركز الثقافي اللغوي بمراكش يسهر على برنامجين هما البرنامج اللغوي الانجليزي الذي يعنى بتعليم اللغة للمغاربة، وبرامج خارجية تستقبل من خلالها وفودا بالمغرب قادمين من أمريكا وغيرها من الدول لدراسة اللغة العربية وكذا الدارجة المغربية ودراسة الثقافة المغربية بصفة عامة، والاطلاع على كيفية تعليم القرآن والكتابة على اللوح ومراحل تدريس القرآن الكريم في الكتاب.

وأشار إلى أن الهدف العام لزيارة هؤلاء الطلاب للمغرب، والتي ستستمر على مدار تسعة أسابيع هو التعرف على الإسلام والثقافة الإسلامية من خلال مجموعة من النماذج، موضحا أن الطلبة الأمريكيون انبهروا بالمجهودات التي يبذلها القائمون على الزاوية البصيرية ومدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق في إيواء وإطعام وتعليم هذا العدد الكبير من الطلبة من مختلف الأعمار.

وفي تصريح للدكتور عبد الهادي بصير، عضو مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام، أكد من خلاله أن الزاوية البصيرية تشرفت باستقبال وفد من طلبة من جامعة شيكاغو الأمريكية من أجل التعرف والتواصل مع الثقافة الإسلامية المغربية عن قرب.

وقال إن الزاوية البصيرية وفقت إلى حد كبير في إبراز الهوية المغربية للزوار من جميع النواحي؛ ضيافة وكرما وعلما وتدينا وسلوكا، وكانت هذه الزيارة مناسبة للوقوف على طرق تحفيظ القرآن والمناهج المتبعة في ذلك.

وقال مولاي عبد الهادي بصير إن الطلبة الأمريكيون أثارت فيهم هذه الزيارة مجموعة من التساؤلات حول بعض المسائل التي استغربوا لها أحيانا، مضيفا أنهم تأثروا بهذه الزيارة التي تخللتها زيارة مختلف مرافق المدرسة، والتعرف على طرق تدريس القرآن الكريم والعلوم الشرعية بالإضافة إلى قراءة للقرآن الكريم بطريقة جماعية على عادة المغاربة او فردية ووصلات إنشادية.

وختم بالتأكيد على أهمية هذه التجربة الحية التي تؤكد على عراقة المغرب وتاريخه، ومدى حب هؤلاء الطلبة للمغرب والمغاربة ملكا وشعبا الذي عرف عنه السلم والتسامح والانفتاح على جميع دول العالم سواء من باب الاستثمار أو العمل الدبلوماسي وهي إحدى ثمار جهود جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *