صبر النبي صلى الله عليه وسلم
د/عبد الهادي السبيوي
الخطبة الأولى:
الحمد لله يحبُّ الصابرين، ويُبشِّرهم بصلواتٍ منه ورحمةٍ ويُثنِي عليهم فيصِفُهم بالمُهتدين، أحمده – سبحانه – حمدَ عباده الصابرين الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادةً نرجو بها الفوزَ والنجاةَ يوم الدين، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله خاتمُ النبيين ، وإمامُ الصابرين وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله – عباد الله -، وراقِبوه، واعلَموا أنكم مُلاقوه ﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [النحل: 111].
أيها المسلمون!أحبتي في الله ،
ما زلنا في السيرة العطرة للمصطفى صلى الله عليه وسلم ومــا يزال الحديث عن عظمته، هذه العظمته التي تبهر العقول، وتخلب الألباب، وتحير الأفكار. ، لقد بنى رسالة أرسى من الجبال، وأسس مبادئ أعمق من التاريخ، وبنى جداراً لا يخترقه الصوت.إنه صلى الله عليه وسلم حيثما توجهت في عظمته وجدت عظمته. وسنحاول بحول الله في هذه الخطبة المباركة أن نقف عند جانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، علني وإياكم أحبتي في الله أن نأخذ العبرة منه وان نتأسى بخلقه الكريم ويكون قدوتنا ونبراسنا في هذه الحياة المليئة بالآفات والمصاعب ، سأحدّثكم اليوم إخوة الإيمان بإذن الله عزّ وجلّ عن صبره صلى الله عليه وسلّم . فهو الذي صبر وتحمّل في سبيل نشر هذا الدين العظيم وتحمل ما لا يمكن لإنسان قط أن يتحمله من الأذى . والصبر هو التزام الإنسان بما يأمره الله به فيؤديه كاملا، واجتناب ما ينهاه عنه، وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد، الصبرُ هو حبسُ النفسِ وقهرُها على لذيذٍ تُفارقُه أو مكروهٍ تتحملُه، فالصابرُ يجاهدُ ويعصي نفسَه، ليطيعَ ربَّ العباد . والصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه، أن تصبر ولا تشتكي إلى أحد، فالشكوى إلى الله، ولا يرفع الضر إلا الله، ولا يجيب دعاء المضطر إلا الله، ولا يغنيك من الفقر إلا الله، ولا يشافيك من المرض إلا الله، ولا يجبر مصيبتك إلا الله، فلذلك كان عليه الصلاة والسلام لا يشكو همومه وغمومه إلا على الله.، وقد ذكرَ الصبرُ في القرآنِ في أكثرِ من تسعينَ موضعا، مرةً يمدحُ اللهُ الصابرين، ومرةً يخبرُ اللهُ بثوابِ الصابرين، ومرةً يذكرُ اللهُ عز وجل نتائجَ الصابرين، يقولُ لرسولِه (صلى اللهُ عليه وسلم): فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً. أحبتي في الله إن الحديث عن صبره عليه الصلاة والسلام ، هو في حقيقة الأمر حديث عن حياته كلها ، وعن سيرته بجميع تفاصيلها وأحداثها ، فحياته صلى الله عليه وسلم كلها صبر ومصابرة ، وجهاد ومجاهدة ، ولم يزل عليه الصلاة والسلام في جهد دؤوب ، وعمل متواصل ، وصبرٍ لا ينقطع ، منذ أن نزلت عليه أول آية ، وحتى آخر لحظة في حياته . لقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيعة ما سيلقاه في هذا الطريق منذ اللحظة الأولى لبعثته ، وبعد أول لقاء بالملك ، حين ذهبت به خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل ، فقال له ورقة : يا ليتني كنت حياً إذ يخرجك قومك ، فقال له عليه الصلاة والسلام : ( أو مخرجي هم ؟ ) ، قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي . فوطن نفسه منذ البداية على تحمل الصد والإيذاء والكيد والعداوة . ومن المواقف التي يتجلّى فيها صبره عليه الصلاة والسلام ، ما تعرض له من أذى جسدي من قومه وأهله وعشيرته وهو بمكة يبلغ رسالة ربه ، ومن ذلك ما جاء عند البخاري أن عروة بن الزبير سأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط ، فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ، ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ . وفي يوم من الأيام كان عليه الصلاة والسلام يصلي عند البيت ، وأبو جهل وأصحابٌ له جلوس ، فقال بعضهم لبعض: أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد ، فانبعث أشقى القوم فجاء به ، فانتظر حتى سجد النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه على ظهره بين كتفيه ، فجعلوا يضحكون ويميل بعضهم على بعض ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه ، حتى جاءته فاطمة فطرحت عن ظهره الأذى
وأشد من ذلك ، الأذى النفسي المتمثّل في ردّ دعوته وتكذيبه ، واتهامه بأنه كاهن وشاعر ومجنون وساحر ، وادعاء أن ما أتى به من آيات ما هي إلا أساطير الأولين ، ومن ذلك ما قاله أبوجهل مستهزئا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } ( الأنفال : 33 – 34 ) ، وقد حدَّث صلى الله عليه وسلم عن موقف من مواقف الأسى والكرب ، حين يبلغ بالإنسان الحد أن ينسى نفسه وهو في غيبوبة الهم والحزن ، وذلك بعد أن ضاقت عليه مكة فخرج إلى الطائف يطلب النصرة ، فقد روى البخاري ومسلم أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقالت : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال : ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال فسلم علي ، ثم قال : يا محمد فقال : إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين (وهما جبلين بمكة ) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) . ويبلغ الأذى قمته فيُحاصر صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات في شعب أبي طالب ، وتهجم عليه الأحزان المتوالية ، فيفقد زوجته خديجة التي كانت خير ناصر ومعين بعد الله عز وجل ، ثم يفاجأ بموت عمه الذي كان يحوطه ويدافع عنه ، ويضاعف حزنه أنه مات على الكفر ، ثم يخرج من بلده مهاجراً بعد عدة محاولات لقتله واغتياله ، وفي المدينة يبدأ عهداً جديدا ًمن الصبر والتضحية ، ، وحياة فيها الكثير من الجهد والشدة ، حتى جاع وافتقر ، وربط على بطنه الحجر ، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة: ((ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يُعيِّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح (8) ، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه)) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قد أُخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أوذيت في الله وما يُؤذى أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي ول بلالطعامٌ يأكله ذو كبد ، إلا شيء يواريه إبط بلال ) رواه الترمذي . فيا أهل الموائد الشهية! يا أهل التُخم والمرطبات! والمشهيات والملابس! رسول الإنسانية وأستاذ البشرية، يجوع حتى ما يجد دقل التمر وحشف التمر: تمر عليه الثلاثة الأيام والأربعة في بيته، فلا يجد ما يشبع بطنه لا يجد التمر، ولا يجد اللبن، ولا يجد خبز الشعير، وهو راضٍ برزق الله وبنعيم الله، ينام على الحصير، ويؤثر الحصير على جنبه، وينام على التراب في شدة البرد، ولا يجد كساءً ، بيته من طين؛ إذا مد يده وصلت إلى السقف، وإذا اضطجع فرأسه في جدار،ٍ وأرجله في جدار، لأنها دنيا ، فرعون على منبر الذهب، وفي إيوان الفضة، ويلبس الحرير، وكسرى في عمالة الديباج، وفي ميزانية الدرر والجواهر، ومحمد صلى الله عليه وسلم، على التراب ورغم كل ذلك كانت سلوته صلى الله عليه وسلم : فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:55]. أتى جبريل بمفاتيح خزائن الدنيا، وسلمها إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقال: {أتريد أن يحول الله لك جبال الدنيا ذهباً وفضة؟ قال: لا. أشبع يوماً وأجوع يوماً حتى ألقى الله}. الله اكبر حضرته سكرات الموت، قالوا: تريد الحياة؟ تريد أن تبقى؟ ونعطيك ملكاً عظيماً مثل ملك سليمان أو يقاربه، قال: {لا. بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى}.أيُّ عظمةِ هذه! وأي إشراقٍ هذا صلى الله عليك وسلم يا حبيب الله . أحبتي في الله يا أمة الإسلام فما بدر وأحد والأحزاب وتبوك وحنين وغيرها من غزواته وسراياه التي بلغت مائة غزوة وسرية ، إلا صفحات مضيئة من صبره وجهاده صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن يخرج من غزوة إلا ويدخل في أخرى ، حتى شُجَّ وجهه الشريف ، وكسرت رباعيته ، واتهم في عرضه ، ولحقه الأذى من المنافقين وجهلة الأعراب ، بل روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمة ، فقال رجل من الأنصار : والله ما أراد محمد بهذا وجه الله ، قال ابن مسعود : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فتمعر وجهه وقال : ( رحم الله موسى ، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) . ومن المواطن التي صبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، أيّام موت أولاده وبناته ، حيث كان له من الذرية سبعةٌ ، توالى موتهم واحداً تلو الآخر حتى لم يبق منهم إلا فاطمة رضي الله عنها جميعا ، فما وهن ولا لان ، ولكن صبر صبراً جميلاً ، مات ابنه ابراهيم بين يديه؛ وعمر ابنه سنتان، فكان ينظر إلى ابنه الحبيب القريب من القلب، ودموع المصطفى صلى الله عليه وسلم الحارة تتساقط كالجمان، أو كالدر على خد ابنه، وهو من أصبر الناس يقول: {تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون}. ماتت خديجة امرأته، وزوجته العاقلة الرشيدة، الحازمة، المرباة في بيت النبوة، التي كانت تؤيده وتنصره، ماتت وقت الأزمات، ماتت في العصر المكي، يوم تألبت عليه الجاهلية، وكانت ساعده الأيمن، يشتكي إليها من كثرة الأعداء، ومن الخوف على نفسه، فتقول: {كلا والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتعين الملهوف، وتقري الضيف، كلا والله لا يخزيك الله أبداً} فتموت في عام الحزن، فيكون من أصبر الناس؛ لأن الله يقول له: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:55]. ولم يكن صبر النبي صلى الله عليه وسلم مقتصراً على الأذى والابتلاء ، بل شمل صبره على طاعة الله سبحانه وتعالى حيث أمره ربّه بذلك في قوله : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } ( الأحقاف : 35 ) ، وقوله : { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } ( طه : 1322 ) ، فكان يجتهد في العبادة والطاعة حتى تتفطّر قدماه من طول القيام ، ويكثر من الصيام والذكر وغيرها من العبادات ، وإذا وكان شعاره في ذلك : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد كانت وقائع سيرته صلى الله عليه وسلم مدرسة للصابرين ، يستلهمون منها حلاوة الصبر ، وبرد اليقين ، ولذة الابتلاء في سبيل الله تعالى .أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصابرين ومن السعداء، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً. والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة. أخي المسلم أختي المسلمة فليكن قدوتك محمّد صلّى الله عليه وسلّم وإذا ابتليت بمصيبة أو حلّت بك نكبة أو فاجعة فكن صابرًا محتسبًا ولا تفتر عن ذكر الله وقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم ، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تعترض على حكم الله وقضائه وقدره فإن لله ما أعطى ولله ما أخذ ولا تتسخّط على الله فإنك تعيش في ملك الله وتأكل من رزق الله ولا تستغني طرفة عين عن الله . واعلم أخي في الله أن الصبر أنواع كثيرة، فمنها: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على المرض، والصبر على المصائب، والصبر على الفقر، والصبر على أذى الناس.. إلخ. الصبر على الطاعة لأنها تحتاج إلى جهد وعزيمة لتأديتها في أوقاتها على خير وجه، والمحافظة عليها. يقول الله -تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28]. ويقول تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} [طه: 132]. ثم هناك الصبر عن المعصية: وذلك بمقاومة المسلم للمغريات التي تزين له المعصية، وهذا يحتاج إلى صبر عظيم، وإرادة قوية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله عنه، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله -عز وجل-) [الطبراني]. وهناك أيضا الصبر على المرض: فإذا صبر المسلم على مرض ابتلاه الله به، كافأه الله عليه بأحسن الجزاء، قال صلى الله عليه وسلم: (من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده، وكتمها ولم يشْكُهَا إلى الناس، كان حقًّا على الله أن يغفر له).[الطبراني وصبر المسلم على مرضه سبب في دخوله الجنة، فالسيدة أم زُفَر -رضي الله عنها- كانت مريضة بالصَّرَع، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها بالشفاء. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيكِ). فاختارت أن تصبر على مرضها ولها الجنة في الآخرة. [متفق عليه]. ويقول تعالى في الحديث القدسي: (إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر، عوضتُه منهما الجنة) [البخاري]. الصبر على المصائب: المسلم يصبر على ما يصيبه في ماله أو نفسه أوأهله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضتُ صَفِيهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) [البخاري]. الصبر على ضيق الحياة: المسلم يصبر على عسر الحياة وضيقها، ولا يشكو حاله إلا لربه، وله الأسوة والقدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين. الصبر على أذى الناس: قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم إذا كان مخالطًا الناس ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) [الترمذي]. إن الله سبحانه وتعالى قد أعد للصابرين الثواب العظيم والمغفرة الواسعة، يقول تعالى: {وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 155-157]. ويقول: {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10 ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أُعْطِي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر) لأجل هذا أخي في الله ، إذا رأيت الباطل يتحدى، وإذا رأيت الطغيان يتعدى فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً وإذا قلَّ مالك، وكثر فقرك وعوزك، وتجمعت همومك وغمومك وغلبك الزمان وتكالبت عليك المصائب فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً وإذا مات أصحابك، وقلَّ أحبابك، وتفرق أنصارك فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً .وإذا كثر عليك الأعداء، وتكالب عليك البغضاء، وتجمعت عليك الجاهلية الشنعاء فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً .إذا وضعوا في طريقك العقبات، وصنفوا لك المشكلات، وتهددوك بالسيئات، وأقبح الفعلات فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:55].إذا مات أبناؤك وبناتك، وتفرق أحباؤك وأقرباؤك: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:5]. إذا أصبت بمرض، أو بحادث، أو بكارثة، أو فقدت عملك : فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إذا لم يهبك الله زوجا أو أبناءا أو بنات فاصبري أيتها المؤمنة المحتسبة اصبري صبرا جميلا ، إذا تنكر لك أولادك أو بناتك فاصبر صبرا جميلا وادعو الله لهم بالهداية . فكل مصيبة تهون إلا مصيبة الدين، كل مصيبة سهلة إلا يوم يتخلى الله عنك، فتصبح بعيداً عن الله، كل شيء سهل إلا يوم يصبح الإنسان فاجراً متنكراً للمسجد، وللمصحف، ولذكر الله، كل شيء سهل إلا هذا الدين، لا يفوتك من قلبك. اللهمّ إنا نسألك أن تجعلنا من الصابرين القانتين وأن تثبّتنا على الرضى بحكمك وقضائك ونسألك أن ترحمنا وتغفر لنا وتتوفّانا على كامل الإيمان هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] |
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، ، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذُل الطغاة والظلَمة وسائر أعداء الملَّة والدين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر
والتقوى، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحةِ والعافية، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، واجمَع به كلمةَ المسلمين على الحق والهُدى يا رب العالمين.اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وفِّقنا للتوبة والإنابة، وافتح لنا أبوابَ القبول والإجابة، اللهم تقبَّل طاعاتنا ودعاءَنا، وأصلِح أعمالنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتُب علينا، واغفر لنا، وارحمنا يا أرحم الراحمين.اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلَك.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس: 85]، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار [البقرة:201].سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.