دلالات عيد الأضحى
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا نِدَّ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله، أرسله الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً وهّاجاً وقمراً منيراً. صلى الله وسلم عليه ما لاحت النسائم وما غرّدت على الأيك الحمائم وعلى آله وأصحابه بدور الهدى والتُّقى وشموس الإخلاص والنّقى.
أما بعد عباد الله، أوصي نفسي وإيّاكم بتقوى الله العظيم، وأحثّكم على طاعة الله الكريم، وأستفتح بالذي هو خير، فخير الكلام كلام الله عزّ وجل، وأفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقتسم إلا بعظيم،وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه.
عباد الله فبأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور جليلة ومن بينها :
1- التوبة الصادقة :فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة
3- البعد عن المعاصي:فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، واعلم أخي العزيز أن لهذه الأيام أفضالا كثيرة ومنها :
1- أن الله تعالى أقسم بها:وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا:فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران.
5- أن فيها يوم النحر :وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها :قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
إذا تبين لكم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، فحري بكم أن تخصوا هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرصوا على مجاهدة انفسكم بالطاعة فيها، وأن تكثروا من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة
2- الصيام :وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
3- الصلاة:وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً،
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)
5- الصدقة وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254
وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير لا الحصر ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وعدم إيذاء المسلمين وغيرها من الأعمال الصالحة الجليلة التي ما فتئ الدين الحنيف يوصينا بها.
فاللهم اجعلنا من أهل الخير والعمل الصالح، واغفر لنا ولوالدينا وإخواننا في الإيمان، يا رحيم يا رحمن، يا كريم يا منان، والحمد لله ذي الفضل والإحسان. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الذي دعانا في غير ما آيةٍ من كتابه، إلى التفكّر والاعتبار، وإلى التذكّر والاستذكار، كلُّ ذلك ليتجدّد لنا الإيمان وتقوى فينا الهمّةُ والعزيمةُ للثّبات على العبادة والدّوام على الطّاعة.
بعد أيام قلائل سيحل عيد الأضحى المبارك والذي يذكرنا بقصة من قصص القرآن الكريم، إنها قصة البلاء المبين، قصة تحدثنا عن موقف مؤثر لنبيين كريمين من أنبياء الله تعالى، وكيف كانت شدة امتثالهما وصبرهما وتسليمهما لأوامر الله تعالى، قصة سيدنا إبراهيم مع ولده إسماعيل عليهما السلام.
فإذا كنا أمة الإسلام، نتذكّر اليوم نبي الله إبراهيم عليه السلام فعلينا أن نتذكر ملته.
– الملة التي أمر الله جل وعلا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم باتباعها واقتفاء أثرها، قال تعالى:﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 123].
– الملة التي أمر ربنا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: الآية 161].
فقول الله حق، وخبره صدق: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: الآية 95].
فملة إبراهيم عليه السلام، ليست في الذبائح والأضاحي، ثم نتركها في سائر السبل والنّواحي..
فمن ذلك النّور العظيم لملة إبراهيم عليه السلام، أدعوكم معاشر المؤمنين والمؤمنات لنقتبس شهابا قبسا، بل شهبا نستنير بها الطريق، عل وعسى أن نكون إلى الله من المتقربين، ولملة إبراهيم من المتبعين..
فالعيد في الإسلام يمثل هوية المسلمين، لذا يجب عليهم أن يتميزوا فيه عن غيرهم من الأمم، فلا يستوردوا فيه ما يعكر ويكدر صفو تميُزهم، كالحفلات الماجنة والعادات الغربية في المأكل أو الملبس أو الاجتماع..
فأعيادنا ينبغي أن تحقق الغاياتِ المشروعة والأهداف، يجب على المسلمين أن يعظموا شعائر الله في أعيادهم، من العبادة والذكر وصلة الأرحام وإصلاح ذاتِ البين والتكافل الاجتماعي، ينبغي أن يتحقق مبدأ الأمة الخيِّرة الفاضلة التي قال عنها ربنا جل جلاله: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.. ﴾، وبذلك يكون العيد فرصة لإعادة أواصر البنيان الاجتماعي من جديد، وتهيئة للأمة الإسلامية لاستئناف مسيرتها في قيادة البشرية إلى السبيل القويم.
فالعيد معاشر الصالحين والصالحات، مظهر من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره ينطوي على حكم عظيمة، ومعانٍ جليلة، وأسرار بديعة، لا تعرفها الأمم الأخرى شتى أعيادها.
– فالعيد في معناه الديني، شكر لله تعالى على تمام العبادة وتمام الهدى، قال ربنا جل وعلا: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: الآية 185].
– والعيد في معناه الاجتماعي الإنساني، يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والسعادة، ويوم الفقراء يلقاهم الأغنياء باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والتقوى والرحمة، ويـومُ عامـة المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويجدد فيهم أواصر الحب ودواعيَ القرب، فتتناسى النفوس أضغانَها، وتتقاربُ القلوب وتتصافى وتتصافح وتجتمع بعد افتراق على الألفة والمحبة.
– العيد هو يومُ تذكيرٍ لأبناء المجتمع بحق الفقراء والمحتاجين، فتلتقي فيه قوة الغني وضعفٌ الفقير على محبة ورحمة وعدالة، عنوانها “أحسن كما أحسن الله إليك”، فتشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعمُّ النعمةُ كل أسرة.
– العيد هو اليوم الذي تتسع وتمتد فيه روح الجوار، وتظهر فيه فضيلةُ الإخلاص، ويُهدي الناسُ بعضُهم إلى بعض هدايا القلوب المُخلصةِ المُحِبة، حتى يرجع البلد الواحد، بل الأمة بأكملها وكأنها لأهلها دارٌ واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، وفي ذلك كله إحياء وتجديد للصلة الاجتماعية وإحياءها بين أفراد الأمة الإسلامية لقول ربنا سبحانه: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾[الأنبياء: الآية 92]..
فكم هو جميل أن تظهر أعياد الأمة بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها حيث يطغى الشعور بالإخاء قويا متمثلا في قول الحق سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: الآية 10].
فالأمة الخيرة السعيدة هي التي تسمو أخلاقها في العيد إلى أرفع ذروة، ويمتد شعورها الإنساني إلى أبعد مدى، وذلك حينما يبدو في العيد أفراد الأمة متماسكين متعاونين متراحمين، حتى لَيَخفقَ فيه قلب كل واحد بالحب والبر والرحمة، ويتذكر أبناؤها مصائب إخوانهم حين تنزل بهم الكوارث والنكبات، لقول الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم:(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
عبادَ الله!… تَذَكَّرُوا وأنتم تذبحون الأضحية في منازلكم، تَذَكَّرُوا أن أناسا آخرين تعذر عليهم اقتناء أضحية العيد ، تذكروا ان هناك يتامى وأرامل يتضورون جوعا ولا قبل لهم باقتناء الأضحية والفرحة مع بقية الناس ، تذكروا دور الأيتام ودور العجزة
تذكر في صبيحة العيد أيها الأب وأنت تقبل أولادك، تذكر كم من أرملة توالت عليها المحن، وكم من يتيم يبحث عن عطف الأبوة الحانية ويتلمس حنان الأم، بل أمله من يمسح رأسه ويخفف بؤسه، تذكر الآباء والأمهات الذين حُرموا فرحة العيد، تذكر في العيد وأنت تأوي إلى ظلك الظليل، ومنزلك الواسع، وفراشك الوثير تذكر إخوانا لك يفترشون التراب، ويتضورون في العراء، واستحضر حينما تأسى جراحهم، وتسعى لسد حاجاتهم، أنك إنما تسد حاجتك وتأسو جراحك، لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: الآية 71].
فها قد جاءتك الفرصة أخي المسلم أختي المسلمة ، ها قد جاءتكم جميعا لتزرعوا الابتسامة على محيا إخوانكم من الفقراء والمعوزين ، ها قد جاءتكم الفرصة للتقرب إلى الله سبحانه بالعمل الصالح وما اجله من عمل ، تخيل نفسك أخي في الله لو تعلق الأمر بأبنائك وبناتك تخيل إحساسك وأنت تقف عاجزا عن شراء أضحية العيد وعن شراء ملابس لأطفالك الصغار ، ضع نفسك أيها الأب وضعي نفسك أيتها الأم مكان تلك الأم المعوزة الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة ، ولا تجد غير دموعها وقلة حيلتها.
و ختاماً أقول : إخواني الأغنياء إن المال الذي بأيديكم هو مال الله، وهبه الله سبحانه إليكم من فضله وكرمه، وجعله أمانة في أيديكم، وهو قادر إن شاء أن ينزعه منكم أو يدمره تدميراً، واعلموا ان الله قد جعلكم مستخلفين على هذا المال وقوامون عليه، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ.. ﴾ [الحديد: 7]، وقال عز وجل ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33]. و تذكروا حديث الرسول الكريم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”
وتذكروا أن ما تقدمونه اليوم تجدونه غدا عند الله حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
واعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاة والسلام على نبيِّهِ الكريم فقال *إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّـونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا َسْلِيمًا*
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْـــــــدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَــةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ
اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا ،اللهـم وفق وانصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس لما تحـب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة ،اللهم انصر من نصره واخذل من خذله واحفظه في ولي عهده الأمير مولاي الحسن وأنبته نباتا حسنا وشد أزره بأخيه المولى الرشيد وباقي الأسرة العلوية الشريفة
.اللهمَّ أنت الحليم فلا تعجل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تذل،وأنت المنيع فلا تُرام، وأنت المجير فلا تُضام ، وأنت على كل شيء قدير.اللهمَّ لا تحرمنا سعة رحمتك، و سبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عنا مواهبك لسوء ما عندنا، ولا تُجازنا بقبيح عملنا، ولا تصرف وجهك الكريم عنا برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهمَّ لا تحرمنا ونحن ندعوك… ولا تخيبنا ونحن نرجوك.اللهمَّ اغفر لنا ما قدمنا و ما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا ارحم الراحمين اللهم انا نسألك بمحمد الحمد , لبيك غاية القصد،لبيك سبيل الرشد .
اللهم اجعلنا في هذه العشر من ذي الحجة وفي كل يوم مثلها من سائر الأيام ممن حقق آياتك بإتقان،وارزقنا الفوز بفضلك، ودار الإقامة في ظلك، واسلكنا الخط المستقيم وأبعدنا من نار الجحيم واعد علينا من بركات هذه الأيام المباركة بأتم النعم وأغزرها وأزكى الحكم وأزهرها اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وثبتنا على معرفتك وأحسن اجتماعنا بأهل الإحسان وألحقنا بإخواننا الذين سبقونا بالإيمان يا رحيم يا رحمان .
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
د/عبد الهادي السبيوي