خلق الاعتراف بالجميل
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً. أرسله الله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعيناً عميا، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين من ربه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسيلماً كثيراً..
أما بعد
أحبتي في الله ، أيها المؤمنون
لقد حرص الإسلام على بناء شخصية المسلم وفق قيم وأخلاقيات رفيعة حتى تستقيم حياته، ويؤدي رسالته في الحياة، ويسهم بفاعلية في بناء ونهضة مجتمعه، ويواجه بقوة وصلابة كل التجاوزات الأخلاقية عملاً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .والإسلام في بنائه الأخلاقي للإنسان جاء بكل ما هو راقٍ ومتحضر، وسما بأخلاق أتباعه فوق كل الصغائر، ورسم للإنسان حياة راقية تغلفها كل المعاني الإنسانية.
ونحن من خلال هذا الباب نسبح في بحر الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة لنذكر الأجيال الجديدة من أبناء المسلمين أن رقيهم وتحضرهم وإنسانيتهم العالية تكمن في أخلاقيات الإسلام، وأن ما نعانيه الآن في معظم مجتمعاتنا العربية والإسلامية من انفلات أخلاقي وبلطجة سلوكية سببه الرئيسي ضعف الوازع الديني، واختفاء قيم وأخلاق الإسلام من حياتنا .
فالاعتراف بالجميل والشكر من الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي ينبغي أن يتخلق بها المسلم ويحرص عليها وفاء لحق الله عز وجل واعترافاً بفضل أصحاب الفضل من الناس.
والشكر كما يعرفه علماء الأخلاق هو المجازاة على المعروف، والثناء الجميل على من يقدم الخير والإحسان، فهو يعني الاعتراف بالفضل لأهل الفضل، والثناء على المحسن بذكر إحسانه.
ويقابل هذه الصفة الحميدة صفة من الصفات المذمومة والمنتشرة – للأسف الشديد -بين الناس، هذه الصفة هي من الصفات التي تُسبِّب غضب الله – تعالى – وإعراض الخلق، بل هي دليلٌ على ضعف الإيمان وسوء الأخلاق، وتجلب لِمَن اتَّصف بها الشقاء ونكد البال وسوء الحال.
هذه الصفة هي ، نكران الجميل ، ومعنى نكران الجميل هو: ألا يعترف الإنسان بلسانه بما يقرُّ به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أُسديَت إليه.
وقد دعا ديننا الحنيف إلى الإقرار بالجميل وتوجيه الشكر لِمَن أسداه إلينا؛ حتى تسود العلاقات الطيبة في المجتمع، بل أُمِرنا بالدعاء له حتى يعلم أننا قد كافأناه؛ فعن عبدالله بن عمر قال – رضي الله عنهما -: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ فَأعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ فأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ))؛ حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين.
وفي حديث آخر وجَّه النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه؛ فعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ))؛ رواه أَبُو دَاوُدَ.
أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا ولا يجدون إلا نكرانًا، فهذا دليلٌ على خِسَّة النفس وحقارتها؛ إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران، بل إنها على الدوام وفيَّة معترِفة لذوي الفضل بالفضل.
أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمرُّدًا:
إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الْكَرِيمَ مَلَكْتَهُ ♦♦♦ وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ اللَّئِيمَ تَمَرَّدَا
أحبتي في الله
مَن لم يشكر الناس لم يشكر الله؛ فقد جاء في الحديث: عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – أنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المنبر: ((مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ))؛ رواه أحمد في مسنده ج4/ص278 ح18472. لذلك فإن الذين يسيؤون للمحسنين ،
و لا يقدرون أعمالهم ، بل ويتفننون في الإساءة اليهم ، هؤلاء يقترفون في نظر الشرع أكبر جريمة لأنهم يمنعون الماعون ، فهم ناكرون للجميل والمعروف ليس ذلك فقط وإنما يكونون سببا في ثني الآخرين عن القيام بأفعال الخير والإحسان ، فمثلا لو أن إنساناً استلف مالاً من محسن وتوانى في رده فقد قطع هذا الخير ، ولو أن إنساناً استلف مالاً وأداه بالتمام والكمال في الوقت المناسب فإنه سيشجع المحسنين على إقراض الناس ومساعدتهم ، ولو تطوع أشخاص لوجه الله وقاموا بإصلاح مسجد او ترميمه او تنظيفه او العناية به او بمحيطه ووجدوا الثناء والشكر من المصلين بدل سوء الظن بهم ، فتأكدوا أحبتي في الله أنهم سيستمرون في تطوعهم ، وسيبدلون المال والوقت والجهد ، لأن في شكرهم والثناء عليهم تشجيع لهم ، ولكن إذا أحْبِط عملهم او سُفِّه او أسئ فهمه فتأكدوا حينها أنهم لن يتطوعوا أبدا لفعل الخير، وقس على ذلك كل عمل جليل سواء قام به شخص عادي ، او مسؤول، او موظف، او أستاذ ، او طبيب او رجل أمن ، فمن المفروض فينا جميعا أن نشجعهم على المزيد من البدل والعطاء ، وذلك من خلال استحساننا لعملهم واعترافنا بجميلهم ، وليس بالتقليل من أهميته، رب قائل إن ذلك واجبهم ومسؤوليتهم، أجل ، ولكن هذا لا يمنعنا من شكرهم ولا يمنعنا من الاعتراف بجليل عملهم ، ليكون اعترافنا محفزا نفسيا ومعنويا لهم ، ولذلك فإذا لمسنا انعدام الفضائل في المجتمع ونأي الناس عن المبادرات الخيرية الإحْسانية فلا تتعجبوا ، لان السبب واضح وجلي وهو أن الذين قدموا هذه الفضائل تَنَكَّر الناس لهم ولم يعبؤوا بهذا العمل الطيب ، بل وفي أحيان كثيرة يصبحون حديث المجالس بالسوء ، تلوكهم الألسن ويتم التشكيك في مصداقيتهم والتجريح في شخصهم ، وفي نبل أعمالهم .
هذا ان لم يُنعَثُوا بالمتزلفين أو الوصوليين أو ما شابه ذلك من النعوث التي تترك الأثر العميق في نفوسهم ، وتكون سببا مباشرا في ثنيهم عن مبادرتهم لفعل الخيرات ، ولذلك فليست البطولة أن تعمل عملاً صالحاً ، إنما البطولة أن تصون هذا العمل الصالح من أن ينحرف أو من أن يتوقف ومن هنا كان الاعتراف بالجميل جميلا ، لقوله تعالى :﴿وَلَا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (237)﴾ سورة البقرة).
أحبتي في الله
ان أخلاق المؤمن تقتضي منه أن يشجع الناس على فعل الخير ، أن يشجعهم على متابعة هذا العمل ، لأن الذي يسيء للمحسنين كأنه يسد هذا الباب ، وورد هذا في القرآن الكريم تحت صياغة ويمنعون الماعون ، يمنعون المعونة يمنعون القرض الحسن ، يمنعون الخدمة ، بل ويستذلون ببعض الأمثال الشعبية “ما دير خير ما يطرا باس ..” في دعوة صريحة للتوقف عن فعل الخيرات وعدم الترغيب فيها . وهذا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال
(كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ، ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا : أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟)
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نرد الجميل إلى أهله، وكيف نعترف بفضل كل صاحب فضل، وكيف نلتزم بالخلق الحسن ونقدم الشكر لكل من ابتسم في وجهنا وقدم لنا معروفا أو هدية حتى ولو كانت وردة .
وطريق ذلك كله هو حسن الخلق مع الناس والاعتراف بالجميل وتقديم الشكر لهم، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من لا يشكر الناس لا يشكر الله )
ورسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال هذا التوجيه الكريم يلفت نظرنا إلى أن قيمة الشكر لها منزلة كبيرة وأهمية بالغة، لدرجة أنها إذا لم تتحقق في علاقات بعضهم مع بعض فإنها بالتالي لا تتحقق في علاقات الإنسان بالله.
أيها الأحبة الكرام
إن الاعتراف بفضل الآخرين علينا عندما يكون لهم فضل خلق إسلامي كريم علمنا إياه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، والشكر هو وسيلة أو أداة الاعتراف بالفضل لأهل الفضل والثناء على المحسن بذكر إحسانه، وقد قرن الله في القرآن الكريم الشكر له بالشكر للوالدين في قوله تعالى أن اشكر لي ولوالديك وهذا يبين لنا أن ما يقدمه الوالدان من فضل لأبنائهما وسهر على تربيتهم وعناء في توفير الحياة الكريمة لهم أمر يجعله جديرا بأن يكون قرينا لشكر الله، وحقوق الشكر التي علمنا إياها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ليست قاصرة على جانب المال، وإنما تشمل كذلك سائر الجوانب الأخرى، فإذا كان الإنسان في صحة وعافية شكر ربه عليها، وساعد الضعفاء بها، وشارك في صنائع المعروف، ومناحي الخير والبر، وإذا كان في جاه أدى حقوق هذا الجاه مساعدة للناس، وتواضعا معهم، منتهجا منهج الحق والعدل، فلا يحيد ولا يضن بجاهه على ذوي الحاجات ولا يستغل هذا الجاه في منفعة شخصية، أو بطش بالضعيف، وإنما يتخذه وسيلة إلى كل بر، وإذا كان على درجة من العلم طبق بالعمل، وازداد في علمه، وعلم غيره، وهدى الناس وأرشدهم إلى ما فيه صلاح دنياهم وأخراهم من غير أن يخالطه رياء، أو حب في الظهور وهكذا الحال في كل نعمة ينعم الله بها عليه، ويؤدي واجب الشكر حيالها قولا وعملا، وتطبيقا وسلوكا.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على فضيلة الشكر و الاعتراف بالجميل وكانت أبرز وصاياه إلى أصحابه رضوان الله عليهم شكر الله، فقد قال لمعاذ بن جبل: لا تنس أن تقول بعد كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، فأول من يتجه الإنسان إليه بالشكر إنما هو الله سبحانه وتعالى الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، ومنح وأعطى، وإليه يرجع الفضل كله، والنعم كلها، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار، ثم يأتي بعد ذلك شكر الوالدين اللذين هما سبب الوجود وتحملا في سبيل الإنسان ما تحملا ولأهمية شكرهما والإحسان إليهما والتأدب معهما جاءت وصية القرآن بشكرهما بعد شكر الله تعالى فقال سبحانه: أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير ثم يأتي شكر الناس، ولذلك كان التوجيه النبوي الكريم من لم يشكر الناس لم يشكر الله..
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
في سياق حديثنا عن نكران الجميل وعدم الشكر وتفاعلا مع ما مورس من عنف لفظي وجسدي في حق احد الأساتذة الأجلاء من طرف تلميذ ارعن من تلاميذه وصل إلى درجة سحل أستاذه أرضا وتصويره من طرف بعضهم بالفيديو ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي نكاية في الأستاذ، في مشهد مرعب يندى له الجبين وفي أبشع صورة لنكران الجميل ومشهد حرك النفوس وأصاب الأخلاق والمبادئ في مقتل .
مشاهد لا أخلاقية جعلت الخاص والعام يقول اللهم ان هذا منكر ويضع يده على قلبه من هول ما رأته عيناه ويتساءل أي حضيض هذا وصلناه ؟ والى أين نحن سائرون ؟ وأي زمن هذا الذي عشنا فيه لنرى الأستاذ او المربي او المدير يعنف ويضرب ويسحل من طرف المتعلم ؟.أين القيم ؟ أين الأخلاق ؟ أين دور الآباء والأسر ؟ أين ذلك التصرف الطائش من قول شوقي رحمه الله
قــم للمــعلم وفــه التبجـيــلا كاد المعلم ان يكون رسولا
أعلمت اشرف او أجل مــــن الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا
أحبتي في الله
إن من باب اعترافنا بجميل الأساتذة على أبنائنا وبناتنا بل وفضلهم عليهم وعلينا ان نعلم أبنائنا وبناتنا ونربيهم على احترام مربيهم وأساتذتهم وعدم التطاول عليهم بالقول او الفعل .
ولنتذكر أيها الأحبة الكرام انه في عصور نهضة الأمة ورفعتها كان للمعلم وللعلماء الحظ الأوفر من الرعاية والتكريم اعترافا بجميل صنيعهم .
فهذا زيد بن ثابت رضي الله عنه حضر جنازة فلما أراد ان ينصرف أخذ عبد الله بن عباس بركاب زيد ( وهو الحديدة التي يضع فيها قدمه ليركب الدابة) فقال له زيد: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنا هكذا نصنع بعلمائنا.
وكان الإمام أبو حنيفة لا يمد رجليه ناحية بيت معلمه حماد رحمه الله احتراما له ، وبين بيت أبي حنيفة وبيت معلمه المسافة الطويلة.
وكان الإمام الشافعي رحمه الله إذا جلس في مجلس الإمام مالك رحمه الله يقلب الأوراق برفق شديد حتى لا ينزعج معلمه الإمام مالك.
أما الربيع بن سليمان فيقول عن نفسه: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له.
وهذا هارون الرشيد الذي حكم نصف العالم والذي كان يخاطب السحابة العابرة فيقول : ( أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك ) … يطلب من الإمام العالم الأصمعي أن يؤدب له ولديه وأن يعلمهما ، وفي ذات يوم مر هارون الرشيد فرأى الأصمعي يغسل قدمه والذي يصب له الماء هو ابنه ، ابن هارون هو الذي يصب للأصمعي الماء حتى يغسل الأصمعي قدمه .. طلب هارون الرشيد الأصمعي وقال له : إنما دفعت به إليك لتعلمه وتؤدبه أفلا طلبت منه أن يصب الماء بإحدى يديه وأن يغسل قدمك باليد الأخرى؟.
وهذا الخليفة المأمون كان قد طلب من الفراء أن يعلم ولديه النحو، وفي يوم من الأيام أراد الفراء أن يقوم من مجلسه فتسابق الولدان إلى نعل الفراء أيهما يقدمه له فاختلفا فيمن يفعل ذلك ، وأخيراً اتفقا على أن يقدم كل منهما واحدة ..ورفع الخبر إلى المأمون ، فاستدعى الفراء وقال له :من أعز الناس ؟ قال: لا أعلم أعز من أمير المؤمنين. قال : بلى، إن أعز الناس من إذا نهض من مجلسه تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضي كل منهما أن يقدم له فردا، فظن الفراء أن ذلك أغضب الخليفة فاعتذر بأنه حاول منعهما فأبيا، فقال المأمون : لو منعتهما لعاتبتك …إلى أن قال: وما وضع ما فعلاه من شرفهما بل رفع من قدرهما…
وقد ذكرت بعض وسائل الإعلام أن إمبراطور اليابان سُئل ذات يوم عن أسباب تقدم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب: بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير.
وذكر أن القضاة في ألمانيا حينما طالبوا بأن تتم مساواتهم في الرواتب بالمعلمين، ردت عليهم المستشارة أنجيلا ميركل مستنكرة بقولها الشهير: كيف أساويكم بمن علموكم؟.
فاحرصوا أحبتي في الله على ضرورة تربية أولادكم منذ نعومة أظفارهم على خلق الاعتراف بالجميل ، علموهم ان احترام الأستاذ والمربي ومن هو اكبر منه إنما هو اعتراف بأفضالهم عليه علموهم حسن التعامل معهم وتوقيرهم وتقديرهم، فهم بمنزلة الآباء اغرسوا في قلوب الأبناء والبنات حبهم وتوقيرهم وإجلالهم لأن في ذلك خير كثير، وذكروهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول : “ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ”.
هذا، وصلّوا وسلّموا على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل في علاه “إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”.اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد، وارض اللهم عن أمهات المؤمنين، وسائر الصحابة والتابعين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب . اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة، و اجعله لدينـــــــــــك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .. اللهمّ خذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، وأحفظه بعزّك الّذي لا يضام، وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة .
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهاراً. اللهم اسق عبادك و بهيمتك وانشر رحمتك و احيي بلدك الميت , اللهم اسقنا الغيث و لا تجعلنا من القانطين يا ارحم الراحمين اللهم اسق عبادك و بهيمتك وانشر رحمتك و احي بلدك الميت , اللهم اسقنا الغيث و لا تجعلنا من القانطين يا ارحم الراحمين اللهم اسق عبــادك
و بهيمتك وانشر رحمتك و احي بلدك الميت , اللهم اسقنا الغيث و لا تجعلنا من القانطين يا ارحم الراحمين.اللهم حبب الينا الاعتراف بالجميل والْإحسان ، وَ كَرِّه إلينا الجحود والعصيان ، اللهم اجعلنا ممن إذا أعطِي شكر وإذا ابتُلي صبر وإذا ظُلِم غفر.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
الدكتور عبد الهادي السبيوي