خلق الابتسام
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً…اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، عزّ جاهك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، هدى الله به البشرية، وأنار به أفكار الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد، عباد اللهِ فإنّي أوصيكم ونفسي بتقوى الله العزيز الغفّار والسيّرِ على نهجِ النّبيِ المختار والثّباتِ على شرعه إلى الممات، والعمل بعمل الأبرار.
أحبتي في الله : خطبتنا اليوم سنخصصها لسلوك إنساني عظيم ما أحوجنا إليه ،هذا السلوك كان ملازما لخير البشر ألا وهو الابتسامة فعن عبـد الله بن الحـارث بن جزء قال: ( ما رأيت أحـدًا أكثر تبسـمًا من رسـول الله- صلى الله عليه وسلم ) رواه الترمذي ، وفي صحيح البخاري عن قيس عن جرير- رضي الله عنه- قال: ” ما حجبني النبي- صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي وفي رواية: ” ولا رآني إلا ضحك ”
فالابتسامة هي لغة لا تحتاج إلى ترجمة ، وهي أجمل شيء في الوجود ، وسلاح للحياة والعقل ؛ بل هي مفتاح ٌ للقلوب ، فعلها لا يكلف شيئا ، ولا تستغرق أكثر من لمحة بصر لكن أثرها يخترق القلوب ، ويسلب العقول ، ويذهب الأحزان ، ويصفي النفوس ، ويكسر الحواجز مع بني الإنسان ، فعلها الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وتعبَّد بها خلق كثيرٌ ممن سار على نهجه . فمعاملة الآخرين فن يتطلب استعدادات خاصة ومقومات وأسلوب تربية وخبرة ومعرفة وقراءة مزاج الناس ؛ كل ذلك معاً يكون فن أصول المعاملة , وإذا تعلم المرء هذا الفن وأدركه فإنه بذلك يكون قد امتلك قلوب البشر , ويؤكد علماء النفس في هذا المجال أن انفعالات الإنسان وحركاته, تعكس ملامح كثيرة من أعماق شخصيته , وهذه الانعكاسات لها تأثير مباشر على من نتعامل معهم في حياتنا اليومية , فذاك الذي له البشاشة والابتسامة والحركة المرحة , يطبع بدون قصد روح المرح والتفاؤل والابتهاج على كل من حوله , فيتمنى الجميع لقاءه دائماً . فلا شيء يضاهي الابتسامة المشرقة, فهي سر من أسرار الجاذبية وطريق مختصر بين القلوب احبتي في الله
إن أساس العلاقة بين بني البشر مع بعضهم البعض قائمة على التعارف والتعاون والتآلف قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، وإن علاقة المسلم مع أخيه المسلم إلى جانب ذلك قائمة على التراحم والإخاء والترابط والمعاملة الطيبة والسلوك الحسن، قال تعالى مذكراً المؤمنين بنعمته عليهم: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» ( صحيح مسلم، ج4، ص1999)، وهذه العلاقة إذا قامت على هذه القيم والمفاهيم وكانت خالصة لوجه الله فإن صاحبها مأجورٌ عليها ومجزيٌ بها في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ . لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43].
لذلك حرص الإسلام على تدعيم هذه العلاقة بين المسلمين بكل الوسائل والطرق وفي جميع الأحوال والظروف ولعل من أعظم هذه الوسائل التي تقوي علاقة المسلم مع أخيه المسلم وتجعله محبوباً بين الناس هي إخلاص العمل لله والتقرب إليه بالأعمال الصالحة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم: 96]، ومن هذه الوسائل التبسم وطلاقة الوجه فالبسمة آية من آيات الله تعالى ونعمة ربانية عظيمة، إنها سحر حلال تنبثق من القلب وترتسم على الشفاه فتنثر عبير المودة، وتنشر نسائم المحبة وتستلّ عقد الضغينة والبغضاء لتحلّ الألفة والإخاء وكما قال ابن عيينة رحمه الله: “البشاشة مصيدة القلوب”. وأوصى ابن عمر رضي الله عنه ابنه فقال: “بنيّ إن البر شيء هيّن وجه طليق وكلام ليّن”، ولقد أرسى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم خلق البسمة والبشاشة وعلّم الإنسانية هذه اللغة العالمية اللطيفة بقوله وفعله وسيرته العطرة فكان صلى الله عليه وسلم بسّام الثغر طلق المحيا، يحبه بديهة من رآه، ويفديه من عرفه بنفسه وأهله وأغلى ما يملك! لقد كان تبسمه لأهله وأصحابه بذراً طيباً آتى أكله ضعفين، خيراً في الدنيا وأجراً في الآخرة.. أما الخيرية العاجلة؛ فانشراح القلب وراحة الضمير، ومنافع صحية أخرى أثبتها الأطباء على البدن، يقول الأطباء:الابتسامة يلزمها تحريك ست عضلات في الوجه، أما العُبُوس والتكشير، فيلزمه تحريك اثنتين وسبعين عضلة.فالابتسامة حركة سهلة، لا تكلفك أدنى مشقةٍ، وسهَّلها الله – تعالى – لحكمة جليلة، وهي نشر السرور، وتقريب الأوصال، وطرد الضغائن ويتبع البسمة مصالح اجتماعية وشرعية من تأليف القلوب وربطها بحبل المودة المتين وترغيبها لحب الدين، فالبسمة بريد عاجل إلى الناس كافة لا تكلفنا مؤناً مالية أو متاعب جسدية بل تبعث في ومضة سريعة يبقى أثرها الحميد عظيما في النفوس! والخيرية الآجلة؛ الثواب المثبت في جزاء الصدقة وبذل المعروف، فالتبسم في وجه المسلم صدقة فاضلة يستطيعها الفقير والغني على حدّ سواء. ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق». تلك الابتسامة التي جعلت جرير بن عبدا لله البجلي رضي الله عنه ينتبه لها ويتذكرها ويكتفي بها هدية من الرسول العظيم فيقول: “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي” (رواه البخاري) فهذه الابتسامة المشرقة التي يشرق بها وجه النبي صلى الله عليه وسلم أجل عند جرير من كل الذكريات، وأسمى من كل الأمنيات، كانت تعلو محياه تلك الابتسامة المشرقة المعبرة، فإذا قابل بها الناس أسِر قلوبهم ومالت إليه نفوسهم وتهافتت عليه أرواحهم.. والابتسامة عبادة وصدقة، «فتبسمك في وجه أخيك صدقة » (رواه الترمذي)، وما أكثر ما فرطنا في هذه العبادة وما أكثر ما بخلنا في هذه الصدقة فهي السحر الحلال وهي إعلان الإخاء وعربون الصفاء ورسالة الود وخطاب المحبة تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقط على ركام العداوة فتزيلها، وتقطع حبل البغضاء، وتطرد وساوس الشحناء، وتغسل أدران الضغينة، و تمسح جراح القطيعة… وإذا كان نبي الله سليمان عليه السلام قد تبسم لنملة صغيرة في وادٍ مترامي الأطراف عندما سمعها تحذر قومها من جيشه كما قال تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:19]، فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الصراعات وما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته والزوجة في وجه زوجها في زمن كثرة فيه المشاكل الاجتماعية فلا ترى إلا عبوس الوجه وتقطيب الجبين وكأنك في حلبة صراع من أجل البقاء، وما أحوجنا إلى تلك الابتسامة من مدير في وجه موظفيه فيكسب قلوبهم ويرفع من عزائهم بعيداً عن العنجهية والتسلط والكبرياء… ما أحوجنا إلى البسمة وطلاقة الوجه وانشراح الصدر ولطف الروح ولين الجانب من عالم رباني منصف يسعى لجمع الكلمة ووحدة الصف، بدلا من الفتاوى الجائرة الظالمة في نبش فتن الطائفية والمذهبية، وتوسيع هوة الخلاف والنزاع والشقاق، وتضليل الناس وتبديعهم وتفسيقهم بل والتعرض للعلماء والدعاة الربانيين بالغمز واللمز والاستطالة في أعراضهم… وما أحوجنا إلى الابتسامة الصادقة من ذلك المسؤول في وجه من يقوم برعايتهم وخدمتهم من غير ما خداع أو كذب أو تزوير، أو وعيد أو تهديد فتحبه قلوبهم وتلهج بالثناء الحسن والدعاء له ألسنتهم. أتي رجل فقير من المسلمين إلى عمر بن الخطاب فقال: يا عمر الخير جزيت الجنة *** أكس بنياتي وأمهنه وكن لنا في ذا الزمان جنة *** اقسم بالله لتفعلنه فتبسم عمر قائلاً: وإذا لم أفعل يكون ماذا؟ قال الرجل: أبا حفص غداً عني لتسألنه *** يوم تكون الأعطيات منة وموقف المسؤول بينهنه *** إما إلى نار وإما إلىجنة فخلع عمر الجلباب الذي كان يلبسه وقال: خذ هذا ليومٍ تكون الأعطيات منة.
أحبتي في الله: ما أجمل أن نبتسم في وجوه الأيتام والأرامل والمعوزين والمحتاجين في أمتنا، فندخل السرور إلى نفوسهم ونمد يد العون لهم ونرسم البسمة على شفاههم ،وإن ذلك لمن أحب الأعمال وأعظمها أجراً عند الله. قتل عبد الله بن حرام الأنصاري رضي الله عنه يوم أحد وحمل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو ملفوفٌ في ثيابه مقَطع بالسيوف، لكن في سبيل الله فأخذ ابنه جابر يبكي والصحابة يهدئونه؛ فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جابر وقال: «ابك أو لا تبك والذي نفسي بيده ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته» (رواه مسلم 2174)، وقال صلى الله عليه وسلم لجابر يوماً بعد ذلك: «يا جابر ما لي أراك منكسراً»، اسمع إلى التعازي والمواساة وما أحسنها! فقال جابر: “يا رسول الله، استشهد أبي وترك عيالاً وديناً، فقال: «صلى الله عليه وسلم (أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي تمن علي أعطك، قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون (صحيح الترمذي 3010)، فجعل الله روحه وأرواح إخوانه في جوف طير خضر كما في الحديث: لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل المعلقة (صحيح مسلم 1887). عند ذلك تبسم جابر .
وما أحوجنا إلى الابتسامة من ذلك التاجر فيكسب القلوب وتحل عليه البركة ويكثر رزقه وتدركه رحمة ربه فقد روى البخاري دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة حيث قال: رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى (رواه الألباني) وفى رواية بشره بالمغفرة حيث يقول صلى الله عليه وسلم: }غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى سهلاً إذا اقتضى (أخرجه أحمد عن جابر- حديث رقم 4162 – صحيح الجامع) ويقول الصينيون فى حكمة يرددونها: “إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح متجراً” بل تقوم كثير من الدول المتقدمة والشركات العالمية بإنفاق ملايين الدولارات من أجل تدريب موظفيها على الابتسامة في وجه الزبائن والعملاء ،وهم بذلك يرجون ثواب الدنيا فكيف بالمسلم عندما يتخلق بهذا الخلق فيجمع بين ثواب الدنيا والآخرة وصدق الله إذ يقول في المؤمنين وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]. أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه….
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله: لقد أجريت العديد من البحوث والدراسات العلمية حول الابتسامة وفوائدها الصحية والنفسية بالنسبة للإنسان فتوصلوا إلى أن الابتسامة تحفظ للإنسان صحته النفسية والبدنية و تساعد على تخفيف ضغط الدم وتعمل على تنشط الدورة الدموية بل و تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية، والابتسامة تساعد المخ على الاحتفاظ بكمية كافية من الأوكسجين، ولها آثار ايجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ، وتزيد الوجه جمالاً وبهاء، وتعمل على التخفيف من حموضة المعدة وزيادة إفرازات الغدد الصم مثل غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية، كما أنها تقهر الأرق والكآبة. وإلى جانب هذه الفوائد الصحية للابتسامة فإنها أيضاً باب من أبواب الخير والصدقة، قال صلى الله عليه وسلموا تبسمك في وجه أخيك لك صدقة{ رواه الترمذي)، وهي سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم وزرع الابتسامة على وجوههم قال صلى الله عليه وسلم:لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه (رواه الحاكم). و فيها ترويح للنفس وإجمام للروح ودواء للهموم وذهاب للغموم وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة (رواه الطبراني في الكبير)، وهي مظهر من مظاهر حسن الخلق التي يدعوا إليها الإسلام، فلا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق (رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان)، وفيها تأسٍّ بسيد الخلق وأعظمهم خُلُقا وأكثرهم ابتسامة. عباد الله: لقد كان رسولكم صلى الله عليه وسلم يبتسم وهو ينظر إلى مستقبل هذه الأمة وحتى وهو في منامه فعن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت: “نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم فقلت: ما أضحكك، قال:«أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها» (البخاري)، بل كان يعلم بالخير لأمته فيفرح لها ويستبشر ويتبسم بل ويضحك. فقد تبسم الرسول صلى الله عليه وسلم رضاً وارتياحاً وفرحاً، خاصة بعدما رأى ما سره مما ينتظره يوم القيامة، فعن أنس رضي الله عنه قال: “بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ سورة الكوثر، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي سبحانه وتعالى عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم. بل لقد ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا وهو ينظر إلى أمته وهي في الصلاة خلف أبي بكر رضي الله عنه وكان قد أنهكه المرض -صلى الله عليه وسلم- فلما رأى أمته على هذه الحالة تبسم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك” لقد أراد أن يودع الدنيا وهو يبتسم ينظر إلى أمته وهي في الصلاة ومحراب العبادة فيختم بها حياته”(رواه البخاري).
أحبتي في الله : لنتعلم فن التبسم بصدق ولننشر ثقافة الوجه الطلق والسماحة والسعادة بيننا وفي مجتمعاتنا ففي ذلك الضمان الأكيد لحياة سعيدة وعلاقة أخوية مترابطة ولنتأسى بأعظم رسول -صلى الله عليه وسلم- ولنستشعر الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ثم اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولاً كريماً تنبيهاً لكم وتعليماً وتشريفاً لقدر نبيه وتعظيماً: {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56].
أحبتي في الله اعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاة والسلام على نبيِّهِ الكريم فقال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنك حميد مجيد، اللهم بارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهُمَّ إنّا دعوناكَ فاسْتَجِبْ لنا دُعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتوفّنا وأنت راضٍ عنّا، اللهمَّ من أحييته منّا فأحيهِ على الإسلام ومن توفّيتهُ منّا فتوفَّهُ على كاملِ الِإيْمان، اللهمّ لا تدعْ لنا في يومنا هذا ذنّبًا إلا غفرته ولا مريضًا إلا شفيته يا أرحم الرّاحمين، يا أرحم الرّاحمين، يا أرحم الرّاحمين، استُر عوراتنا وءامن روعاتنا واجعلنا من عبادك الصّالحين، اللهُمَّ إنّا نسألك التُّقى والنَّقى والعفافَ والغِنى، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك الصّالحين، اللهُمَّ اجعلنا من عبادك المتخلقين بأخلاق نبيك المصطفى وشمائله العظيمة. اللهُمَّ أكرمنا برؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم في المنام وشفِّعه فينا، اللهُمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنَّك سميع قريبٌ مجيب الدعوات.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، . اللهم اسقنا سقيا نافعة واسعة تزيد بها في شكرنا، وتوسع فيها على فقرائنا وتحيي بها أرضنا، أنت الحي فلا تموت وأنت القيوم فلا تنام بك نصول ونجول وعليك التكلان.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .
اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .اللهم ، خذ بيده، و احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واحفظه بعزّك الّذي لا يضام. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول ويا خير مأمول..
عباد الله:اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.